رواية ظنها دمية بين أصابعه (الفصل الأول إلى الخامس والأربعون) بقلم الكاتبة سهام صادق
المحتويات
على طاولة المطبخ وشرعت في إعداد طعام الفطور لها وللصغير الذي أخذ ينظر لها ويستمع إلى حوارهم
سما يزيد جمبي فخدي بالك من الكلام لاني فاتحه المايك عشان بحضر الفطار
ازدادت ضحكات سما وهتفت بمشاكسة
يزيد يا حبيبي مش طنط زوزو قمر
ابتسم الصغير وهو ينظر نحو زينب
أه قمر
سمعتي وعلى فكرة اتقدم ليك عريس بس مش هحكيلك عنه غير لما اشوفك بڪره عند جدو
عريس!!! وعلى كده أنا موقعي إيه من الإعراب بالنسبة ل سما هانم
ابتسم عزيز عندما وجد عزيز سائقه يقف جوار السيارة وينتظره
قولت كفايه اجازة لحد كده أنا بقيت كويس ولا أنت استغنيت عني يا عزيز بيه
اقترب منه عزيز يربت على كتفه قائلا
تفتكر قدر استغنى عنك يا عزيز وياريت بقى تبطل عزيز بيه أنت دلوقتي عم مراتي
المقامات محفوظة يا عزيز بيه
تنهد عزيز بيأس منه فهو حتى قبل إرتباطه ب ليلى كان دائما يطلب منه نداء اسمه مجردا لكنه كالعادة يخبره أنه لا يستطيع
فأسرع عزيز قائلا
أول طفل ليك و ليلى هناديك باسمه وبكده إن شاء الله هنحل المشكلة
ابتسامة عريضة ارتسمت على شفتي عزيز وقد داعب الحديث من جماله قلبه المشتاق بأن يحمل طفله من ليلى
قالها عزيز عندما استقل سيارته وقد قرر الجلوس بالأمام مما أدهش عزيز السائق لكنه لم يعلق
إن شاء الله يا بيه البيت يتملي عليك بالولاد والبنات
إيه حكاية التليفون اللي دايما مغلق دا هي الشبكة وحشه أوي عندكم يا عزيز
طالعه بحيره دون فهم ليواصل عزيز كلامه
اصل اغلب الوقت تليفون ليلى بيكون مغلق
تليفونها فيه مشكلة وقالت وهي راجعه من المصنع هتروح تصلحه وتشوف فيه إيه
مصنع
تساءل عزيز بدهشة ليتوتر عزيز العم وهو يرمق سيده بنظرة سريعة
هو أنت يا بيه مش موافق على شغلها في المصنع
رغم شعور عزيز بالڠضب لأنها لم تخبره بذهابها إلى العمل إلا أنه تمالك نفسه وقال
معلش يا بيه أنت عارف الشغل المكان الوحيد اللي ليلى بتلاقي نفسها فيه وأنا بصراحة مقدرش افرض رأيي عليها وأجبرها على حاجة
حرك عزيز رأسه ثم أخرج زفيرا طويلا وقال
روح على المصنع يا عزيز
ابتسمت ليلى عند دلوفها حجره المكتب التي تجمعها بزملائها
صباح الخير
بابتسامة بشوشة طالعها بسام بعدما رفع عيناه عن الأوراق التي أمامه
صباح الخير يا ليلى
اقتربت ليلى من طاولة مكتبها وقد تعلقت عيني بسام بها وتساءل على أمل ألا تأتي سلوى اليوم ويكون لديه فرصه ليصارحها
بمشاعره نحوها
هي سلوى مش هتيجي
إلتفت ليلى جهته بعدما وضعت حقيبتها على طاولة المكتب
قالت اخوها هيجبها لأنها ملحقتش باص الشغل
أماء بسام برأسه وهو يتنهد
هو استاذ عادل جوه في مكتبه
تساءلت وهي تتذكر رؤيتها له في عقد قرانها ليبتسم بسام قائلا
استاذ عادل واخد اجازة يومين لأن مراته تعبانه
ثم أردف بمزاح
الحمدلله كده مفيش ضغط شغل
سلوى يا سلوى استنى
هتفت بها إحداهن بالممر المفتوح عليه مكاتب الموظفين واقتربت منها
فيه إيه يا عبير انجزي أنا متأخرة خلينى ألحق امضي
ابتسامة واسعة ارتسمت على شفتي الواقفة
يا ختي متقلقيش اتأخري براحتك ما أنت مين قدك زميلة ليلى هانم
بإستياء ردت سلوى عليها بعدما عقدت ساعديها أمامها
ليلى هانم
بدهشة قطبت عبير حاجبيها بعدما انتبهت أن سلوى مثلهم لا تعرف أمر عقد قران عزيز الزهار على ليلى
معقول متعرفيش باللي حصل لا يا سلوى حقك تزعلي ده انتوا على طول سوا
بضيق هتفت سلوى بعدما ضجرت من حديثها المبهم
ما تخلصي يا عبير فيه إيه
عادت الابتسامة تشق ثغر عبير ثم حركت إصبعها على شاشة الهاتف قبل أن تضعه أمام عيني سلوى التي اتسعت بذهول
عيب بجد لما نكون زمايل ومنعرفش بالخبر غير من تهنئة رؤساء الأقسام
بأعين صارت جاحظة وبصوت خرج متقطع رددت
سلوى
ڪتب ڪتاب عزيز الزهار و ليلى محمود
عندك حق تنصدمي زينا ليلى دي مطلعتش سهله بس إزاي عرفت توقع عزيز بيه
رفعت سلوى عيناها إليها ومازالت الصدمة تسيطر على ملامحها لا تصدق ما قرأته ورأته
تحركت من أمام عبير التي وقفت تلوي شفتيها بتهكم
دي شكلها اټصدمت فيها فعلا
ابتسمت ليلى عندما رأت سلوى أمامها فأخيرا أتت وس تستطيع إخبارهم بعقد قرانها والإعتذار منها ومن بسام لأنها أخفت الأمر عليهم لكنها ستخبرهم بمبرر مقنع حتى يلتمسوا لها العذر ويتفهموا الأمر
أتأخرتي كده ليه يا سلوى
قالتها ليلى وهي تنهض ووقفت وراء طاولة مكتبها ثم التقطت أنفاسها
أنا عندي ليكم خبر
تعجب بسام وركز انتباهه معها لتقترب سلوى منها وقد خرج صوتها أخيرا
ليلى هانم مرات عزيز بيه الزهار معقول عايزه تقول لينا خبر مهم يا ترى هو ده الخبر
غادرت الډماء ملامح بسام الذي صډمه ما سمع لتنظر إليها ليلى وهي لا تستوعب كيف علمت بأمر عقد قرانها
أنت عرفتي يا سلوى
بتهكم ردت سلوى وهي تنظر نحو بسام الذي وقف مصډوما لا يستطيع التفوه بشئ
المصنع كله بقى عارف اصل التهنئة نازله على صفحة المصنع مع صوره حلوه للعيلة
أرادت ليلى أن تتحدث وتوضح لها الأمر لكن سلوى فاجأتها عندما اجتذبت يدها
فين الدبلة ولا خاېفة نحسدك يا ليلى هانم صحيح يطلع من تحت السواهي دواهي
دخل عزيز المصنع وعلى محياه ابتسامة وقد أقبل عليه العاملين لتهنئته وإخباره كم هم سعداء بهذا الخبر
أخيرا دخل غرفة مكتبه ودلف ورائه السيد رفعت يتحدث معه عن بعض الأمور الخاصة بالإنتاج وحاجتهم لأنواع أقمشة جديدة
إن شاء الله يا أستاذ رفعت هتناقش مع نيهان و متقلقيش فيه دفعة جديده من الأقمشة قريب هنستلمها
ابتسم السيد رفعت له
الف مبروك مره تانيه يا فندم
ابتسم عزيز واتجه نحو مكتبه قائلا بود
الله يبارك فيك يا أستاذ رفعت
كاد أن يتحرك السيد رفعت ويغادر لكن توقف مكانه مبتسما
ياريت تبعتلي مدام ليلى
اكيد طبعا يا فندم
غادر السيد رفعت غرفة المكتب ليجلس عزيز على مقعده مسترخيا منتظرا قدومها
يتبع
ظنها دمية بين أصابعه
ظنها دمية بين أصابعه
الفصل الرابع والأربعون
هل صار يفقد صبره من شدة اللهفة هل صارت امرأة تفقده عقله متى حدث هذا وكيف حدث لا جواب لديه إلا أنه أصبح رجلا عاشقا وما عاهد نفسه يوما بعدم الوقوع فيه حدث دون إرادته
تحرك عزيز في غرفة مكتبه بدون هوادة وهو يخلل أصابعه بين خصلات شعره ولولا تحكمه في إنفعالاته لڪان غادر مكتبه واتجه نحو القسم الذي تعمل به لقد مرت ساعة تقريبا منذ أن أخبر السيد رفعت بالمرة الأولى أن يرسلها إلى غرفة مكتبه استدعاها مرتين لكنها حتى الآن لم تبالي بطلبه
زفر أنفاسه بقوة متوعدا داخله لها على أفعالها الحمقاء التي تفقده صوابه اتخذ قراره فهو سيذهب لها وكاد أن يتحرك لكنه استمع إلى طرقة ضعيفة على باب الغرفة ثم دخولها
تلك النيران المشټعلة في بؤبؤي عينيه تحولت تماما إلى القلق واقترب منها بفزع عندما لاحظ انتفاخ جفنيها وإحمرارهما
ليلى أنت بټعيطي
أخفضت عيناها وقد خانتها دموعها أمامه ليجتذبها إليه واضعا يده أسفل ذقنها حتى يرفع رأسها لتطالعه
إيه اللي حصل عشان ټعيطي كده ليلى ردي عليا
ارتجفت شفتيها مع علو صوت شهقاتها ليخرج صوتها
أخيرا متقطعا
أنا مش وحشة يا عزيز مكنش قصدي حاجة ليه
سلوى فهمتني غلط
تجمدت ملامح عزيز وقد تركها تخبره بما دفعها لتلك الحالة المزرية
تنهيدة طويلة خرجت منه وهو يضمها إليه لا يصدق أنها بتلك الهشاشة
آه يا ليلى آه قوليلي أعمل فيكي إيه دلوقتي
قالها وهو يشد من ضمھا إليه فهي جعلته يتخيل العديد من الأمور المفزعة وبالنهاية يكون هذا الأمر هو السبب
أنا مكنش قصدي
قالتها وهي تبتعد عنه ثم رفعت عيناها لتتعلق بعينيه وتواصل كلامها بنبرة باكية
مبحبش حد يزعل مني ولا يشوفي وحشة
ابتسم عزيز فهو أمام طفلة صغيرة تنتظر من والدها أن يؤكد لها بأنهم السيئون وليست هي
مين يقدر يقول على حبيبتي وحشه حبيبتي مفيش منها اتنين
هل نبض قلبها پجنون الآن!! أم بسبب بكائها تسارعت دقات قلبها
مد عزيز يديه نحو وجهها ليمسح دموعها العالقة بأهدابها قائلا بصوت رخيم
عمري ما كنت صاحب عمل مش حكيم ولا بطرد موظف عندي إلا إذا كان خاېن للأمانه لكن قوليها أنت بس
هل يخبرها أنها إذا أرادت طرد سلوى سيفعل هذا على الفور
لا لا ده مجرد كلام اه وجعني لكن حرام نقطع رزق حد
قبل أن تنطق ما قالته كان يتوقع ردها اتسعت ابتسامته وهو يحرك أصابعه على خديها المنتفخين كالأطفال
متأكده
ردت بدون تفكير
أرجوك يا عزيز متعملش ليها حاجة أنا لما بكون زعلانه بحكي كل حاجة وأنا حكتلك عشان أنت يعني
توقفت عن الكلام وارتبكت ليتساءل بعبث
عشان أنا إيه يا ليلى
تهربت بعينيها بعيدا فهي لم تعتاد بعد على تلك الكلمة
قولي يا ليلى بدل ما اتحرك وانفذ القرار
سحب يديه عن خديها وكاد أن يتحرك نحو طاولة مكتبه لتخرج أحرف الكلمة من بين شفتيها
جوزي مش صاحب المصنع
أرخى جفنيه قليلا ثم تنهد ونظر إليها ليجدها تخفض رأسها وتفرك يديها بتوتر
ضاقت حدقتاه بحيره وهو يحدق بيدها الخالية من دبلة زواجهم
فين الدبله يا ليلى
توترها الزائد جعله يعلم الجواب دون حاجة للتفسير
طبعا معندكيش رد
أسدلت أهدابها بحرج فهل لديها تبرير مقنع له
نفسي أفهم عقلك بيفكر إزاي يا ليلى
ببراءة هتفت
مش عارفة
وآه مثل آهات كثيرة يخرجها قلبه وتنحبس بين طرفي شفتيه
انفلتت تنهيداته بقوة فازدرت لعابها ونظرت إليه
تعالي يا ليلتى
فتح لها ذراعيه في دعوة صريحة منه للحظة ترددت لكن قلبها الذي ذاق حلاوة قربه دفعها نحوه ضمھا إليه فاستكانت على صدره وأغلقت عينيها
بعد وقت
كانت تجلس جواره على الأريكة الموجوده في غرفة مكتبه وتمسك بيدها كأس من العصير البارد ترتشف منه
نتكلم دلوقتي بهدوء تمام وهتغاضى حاليا عن موقف دبلة الجواز اللي معصبني عشان عارف لو اتكلمنا فيه هتطلعي زعلانه
أومأت له برأسها مثل طفلة مذنبة أمام والدها فطالعها عزيز ثم تنهد وقال
أولا زميلتك ملهاش حق تعاتبك بالطريقة دي اه تزعل بس توصلك إحساس إنك وحشه وخبيثه اعتقد إن الصفات دي فيها لأن الإنسان بيعكس صورة نفسه
بتوتر أجابته مؤكدة على كلامه
هي دايما بترمي ليا كلام بيضايق
زوى ما بين عينيه وتساءل
زي إيه
ارتبكت وهي تبتلع رشفات العصير ثم وضعت الكأس على الطاولة أمامها
ليلى مش قولنا هنتكلم بهدوء لأنك دلوقتي بتتكلمي مع
متابعة القراءة