رواية ظنها دمية بين أصابعه (الفصل الأول إلى الخامس والأربعون) بقلم الكاتبة سهام صادق

موقع أيام نيوز


كلمات تذمرها المعتادة وأردات النهوض من الطاولة والتقدم نحو الأمام لتكون قرب نيرة 
شهد سيبي ايد بنت عمك واقعدي متتحركيش من مكانك 
مطت شهد شفتيها بامتعاض وتركت ذراع ليلى التي ربتت على يدها قائلة 
تعالي اقعدي مكاني يمكن تعرفي تشوفي العريس والعروسة 
تأففت شهد قائلة بحنق بعدما أشاحت عيناها عنهم 

حتى لو قاعدت مكانك مش هشوف حاجة إحنا قاعدين على تربيزات الدرجة التالتة 
شهد 
هذه المرة خرج صوت عزيز الذي وصله حديث ابنته بوضوح وواصل كلامه بحزم 
كلمة زيادة وهقول يلا نروح 
امتعضت ملامح العم سعيد وهزت عايدة رأسها بقلة حيلة من طباع ابنتها التي صارت تتغير ونظرت إليها لتصمت حتى لا ينفذ والدها حديثه 
أنا بقول فعلا نقوم نروح عشان ولا تعرف تشوف حاجة من الفرح 
قالها العم سعيد وهو ينظر لابنة شقيقته التي قابلت نظراته لها بملامح عابسة 
مالكم في إيه يا جماعه إيه يا شهد مزعلينك ليه 
ارتفع صوت نيرة بتساؤل وقد عادت لهم وقررت الجلوس بينهم قليلا لتستمتع بقربهم وحديثهم 
احتل التوتر وجوههم ونظروا إليها 
فستانك جميل أوي 
هتفت بها ليلى وهي تنظر نحو نيرة التي اتسعت ابتسامتها من مجاملتها اللطيفة ونسيت أمر تساؤلها 
وأنت كمان فستانك جميل يا ليلى وطالعه زي القمر 
التمعت عينين العم سعيد بالبهجة عندما وجد زينة البيت كما يسميها تجلس جواره 
هقعد جنب الراجل العجوز ده عشان نختار سوا العروسه اللي هنخطبها ليه 
انشقت شفتي العم سعيد بابتسامة واسعة وأشاح وجهه عنها باستحياء 
عروسة إيه اللي عايزة تشوفيها ليا ف العمر ده يا ست البنات 
كتموا صوت ضحكاتهم عندما رأوا توتر العم سعيد حينما أشارت له نيرة على امرأة تقاربه بالعمر 
إيه رأيك في العروسة القمر دي 
مش كبيره عليا شويه 
لم يتمالكوا حالهم بعد ما تفوه به العجوز وارتفعت صوت ضحكاتهم 
أخذت سمية تدور حولها لتبحث عن ابنتها لتعرفها على إحدى صديقاتها لتمتقع ملامحها وهي تراها تجاور العجوز الذي تبغضه 
لم تتحمل رؤية المشهد وكادت أن تتحرك نحو طاولتهم لتجد بيسان ابنة زوجها تقترب منها 
استرخت ملامح سمية قليلا وابتسمت وأسرعت بتعريف بيسان لصديقتها بعدما قربتها منها 
بيسان بنت جوزي 
رمق نيهان بخبث عزيز الذي عادت عيناه تتعلق مجددا نحو طاولة عائلة العم سعيد 
ابتسم عزيز عندما رأهم يكممون أفواههم بأيديهم حتى لا ترتفع أصوات ضحكاتهم 
خفق قلبه وهو يجدها تخفي وجهها بكلتا يديها من شدة الضحك ولا يعلم لما أتته هذه اللحظة رغبة في جذبها من بينهم والإبتعاد بها لتكون ضحكتها له وحده 
أسرع بخفض عيناه ومحاولة الإنشغال بضيوفه وقد أتت عائلة الحاج عبدالرحمن لحضور حفل الزفاف 
ابتسم عزيز عند رؤيتهم ورحب بهم بحفاوة شديدة فشعرت السيدة هويدا زوجة الحاج عبدالرحمن بالسعادة ونظرت نحو أميمة شقيقتها التي توردت وجنتاها بالخجل 
ازدادت ملامح سمية امتعاضا من اهتمام عزيز الزائد بهؤلاء الذين تراهم لا يناسبوا مكانتهم الحالية 
التهي عزيز للحظات عن تلك التي لم يعد يتمالك لهفة قلبه عند رؤياها لكن عندما عادت عيناه تستقر عليها مرة أخرى وجد معتز زوج ابنة شقيقه ينضم إليهم ويشاركهم الضحك 
اشتعلت نيران قلبه عندما وجدها تبتسم إلى معتز وتومئ برأسها له على حديث ود لو التقطته أذنيه ولم يشعر بساقيه وهما يتحركان نحو الطاولة التي يجلس عليها العم سعيد وعائلته وقد ترك إلى نيهان مهمة الترحيب ببعض الضيوف 
عندما تعلقت عينين السيدة عايدة به نهضت على الفور من مكانها لتبارك له وعلى محياها ارتسمت ابتسامتها الطيبة 
الف مبروك يا عزيز بيه 
جميعهم نطقوا بها وقد انتظر سماع صوت واحد صار يطرب أذنيه ويخفق معه قلبه العطش 
أطرقت ليلى رأسها بخجل وهمست بصوت خفيض بالكاد التقطته أذنيه 
مبروك يا عزيز بيه 
عقبالك يا بيه خلاص بقى مبقاش فيه حجة 
قالها العم سعيد ونظر نحو نيرة التي تمنت داخلها أن يتزوج عمها ويرتاح قلبها عليه في غربتها 
أنت عايز تجوزني وخلاص يا راجل يا عجوز 
ثم أردف بمزاح جعل الجميع يبتسم إلا ليلى التي شحبت ملامحها 
الفرح مليان اهو عندك اختارلي بقى عروسه وعايزاها تكون زي القمر 
تعلقت عيناه نحو ليلى عقب حديثه لكن احتضان نيرة لذراعه وتحريك وجهه نحوها جعله ينظر لها دون أن ينتبه لشحوب تلك الوقفة 
إذا كان كده نقعد ونختار بقى سمية هانم النهاردة عازمة كل سيدات المجتمع الراقي 
بصوت خاڤت تساءل عزيز العم بعدما وجد زوجته و ليلى تتهامسان 
مالكم يا عايدة!
ردت عايدة على الفور وكادت أن تنهض 
ليلى عايزة تروح الحمام يا عزيز هقوم معاها نشوف الحمام فين 
خليكي أنت أنا هروح معاها 
أرادت ليلى أن تخبرهم أنها تستطيع الذهاب بمفردها لكن عمها أصر على اصطحابها فهي لا تعرف أين يقع مكان المرحاض 
تحركت عينين عزيز نحوها بعدما تحركت وقد احتل الفضول عينيه 
رغب بسؤال عايدة إلى أين ذهبت هي و عزيز ولكنه تمالك نفسه ونظر لهم وابتسم قائلا 
هروح أشوف الضيوف معتز تعالا معايا عايز اعرفك على صديق ليا 
انسحب عزيز وتحرك ورائه معتز فنظرت لهم نيرة بلطف وقالت
سمية هانم شكلها عايزاني 
ابتسم العم سعيد لها وفعلت مثله عايدة أما شهد كانت منشغله في التقاط بعض الصور إلى نفسها 
بعد أكثر من ساعتين 
كانت عائلة العم سعيد تدلف مسكنهم بعدما انتهى العرس 
ألقت عايدة حذائها عن قدميها فور أن دلفت 
أخيرا قلعتك يا ساتر عليكي جذمة خنيقة كويس إنك مبتطلعيش غير في المناسبات 
هروح أخد علاجي وأنام 
قالها العم سعيد وهو يتحرك نحو غرفته وقد تحركت ليلى و شهد نحو غرفتهما 
فور أن دلفت شهد الغرفة ألقت بجسدها على الفراش وهي تتثاوب 
أنا مش قادرة اغير هدومي لما اصحي هغيرها 
نظرت إليها ليلى وهي تزيل حجابها لتحرر خصلات شعرها قائلة
مش هتعرفي تنامي مرتاحة يا شهد استنى اساعدك ونامي بعد كده 
تحركت ليلى نحوها والتقطت ذراعيها لتنهضها لكن
شهد ذمت شفتيها بعبوس 
وفيها إيه لما انام بالفستان 
لم تتركها ليلى رغم تذمرها وبعد وقت كانت تزفر أنفاسها بقوة وهي تنظر نحو شهد بعدما ساعدتها في تبديل ملابسها 
احتضنت شهد وسادتها وقبل أن تغلق عيناها لتذهب في سبات عميق قالت
بحبك يا لولو 
انفرجت شفتي ليلى بابتسامة عذبة ونظرت إليها ثم اتجهت إليها مرة أخرى لترفع الغطاء الخفيف لتغطيها 
ألقى عزيز سترته على الفراش وبضيق أخذ يزيل رابطة العنق التي يكره ارتدائها تحرك نحو المرحاض بعدما خلع قميصه فهو بحاجة إلى حمام دافئ يريح عضلات جسده المتشنجة 
مر بعض الوقت 
ليتحرك نحو الفراش بعد أن جفف خصلات شعره 
لأول مرة ينظر إلى فراشه ويستوحش وحدته عليه 
جلس على الفراش يمسح على غطائه وقد اخترق طيفها مخيلته تخيلها معه على الفراش يستنشق عطرها ويضمها إليه يقتطف تلك الثمار من شفتيها ليغرق معها في بحور الهوى عقله أخذه إلى خيالات لم يظن نفسه يوما أنه سيرغبها مع امرأة ستمتلك قلبه 
فلو كان فكر ف الزواج من قبل كان العقل من سيتخذ القرار لكن الآن هو عاد كالمراهق الذي يهوى ويحلم بفتاته 
تنهيدة طويلة خرجت من بين شفتيه ثم فتح عينيه ليتمكن من طرد طيفها والعودة إلى رشده 
حبيت يا عزيز وقعت في الشئ اللي قولت مستحيل تعمله ويوم ما تحب تحب بنت صغيرة في دور بنت أخوك 
هز رأسه بيأس وأطرق رأسه 
ليه شايفها صغيره أوي عليك 
خاطبه عقله ليغير له تلك الصورة التي تشبث بها فهو يراها صغيرة عليه رغم أن من بعمرها متزوجات ولديهن أطفال 
ترضى لبنت اخوك تتجوز راجل في سنك يا عزيز من حقها تتجوز شاب في سنها مش راجل كلها شهور ويكون على مشارف الأربعين 
حدقت بسقف الغرفة بشرود لتخرج تنهيدة عميقة من شفتيها ثم تقلبت على الفراش في محاولة يائسة منها للنوم 
ما زال الحديث الذي دار اليوم عن زواجه يخترق حصون

قلبها الضعيف بلوم خاطبة حالها 
هتنسي إزاي يا ليلي تفتكري هتتحملي يوم ما تشوفي ست تانيه جنبه 
لم تتحمل تخيل المشهد فأسرعت بغلق جفنيها بقوة حتى تطرد ذلك المشهد الذي تخيلته 
آه حملت ألم صاحبتها خرجت منها لتنهض من على الفراش وتتجه نحو الخزانة 
التقطت ما يمكنها ارتدائه على منامتها الضيقة لتغادر الغرفة بخطوات هادئة بطيئة حتى صارت قرب القطة التي كانت تنعم بدفئ مسكنها الصغير 
وضعت علبة الحليب جانبا ونظرت إليها 
يا بختك يا بوسي عارفه تنامي في سلام 
فتحت القطة عينيها وخرج صوت موائها بخفوت 
تفتكري يا بوسي هكون قد قرار البعد وهقدر اعيش وحيدة 
ابتلعت ليلى غصتها لقد اعتادت على حياتها هنا مع عائلة عمها الذي كانت ترفض قربه وستكون كاذبه إذا لم تعترف أنها غفرت جرمه في حقها عندما كانت صغيره 
مكنتش عايز اجي اعيش هنا ودلوقتي مش قادرة ارجع مدينتي من تاني 
خرجت القطة بوسي من مسكنها الصغير وجلست أمامها وتثاءبت قبل أن يخرج موائها مرة أخرى 
أنت حاسة بيا يا بوسي مش كده قوليلي اعمل إيه لما يتجوز تفتكري هقدر انساه يا بوسي بسهولة 
انتصبت ليلى في وقفتها بعدما أنهت الحديث الذي يثقل فؤادها أمام القطة ولا تستطيع إخبار أحد به واستدارت برأسها جهة شرفة غرفته لتخرج تنهيدة طويلة منها وهي تعود بعينيها نحو مسكن عمها 
أطرقت رأسها تخبر حالها أنها تستحق هذا الألم لأنها عشقت رجلا لن يراها يوما فهي ليست إلا فتاة سمح لها بالعيش في منزله ووجد عمل لها بمصنعه إكراما لخدمات عمها له 
عزيز بيه مش ليكي يا ليلى قريب نيرة هتجمعه مع الدكتورة الجامعية عمة صاحبتها هي دي اللي تناسبه 
استيقظ عزيز من غفوته القصيرة على رنين هاتفه 
ليقطب حاجبيه بحيرة وهو يرى رقم سيف أجاب على الفور بقلق بعدما وجد أن الساعة تدق الرابعة صباحا 
سيف في إيه مالك مستشفى !! طيب أنا جاي ليك حالا 
نهض من على الفراش وأسرع بالتقاط ملابسه ليرتديها بعجالة حتى يتحرك نحو المشفى 
الدهشة احتلت ملامح ليلى التي كانت تتحرك بالحديقة عندما رأته يصعد سيارته في هذا الوقت 
لم تستطيع النوم تلك الساعات القليلة قبل ذهابها للعمل فعقلها كان مشغولا منذ مغادرته فجرا 
انتظرت قدوم العم سعيد من الڤيلا بلهفة وتركت البيض الذي تخفقه عندما استمعت إلي صوته وهو يتحدث مع زوجة عمها ويخبرها أن العروس الجديدة فقدت الجنين وقد غادر السيد عزيز فجرا ليذهب إلى المشفى بعد اتصال سيف به 
شعرت ليلى بالراحة وزفرت أنفاسها بارتياح واقتربت منهم 
لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم زعلت عليها وعلى سيف بيه يا سعيد 
قالتها عايدة بحزن حقيقي فامتقعت ملامح العم سعيد 
ما يمكن خير له يا عايدة أنا الجوازة العجيبه ديه مش عجباني 
هزت عايدة رأسها له ييأس من أفعاله وتدخله فيما لا دخل لهم به 
يا سعيد ملناش دعوه سيف بيه بيحب مراته وبيزعل عليها اي كلمة منك ممكن تزعله أنا قولتلك ومليش دعوه بعد كده 
أشاح سعيد عيناه عنها ونظر نحو ليلى الواقفة 
اطمني يا لولو البيه مفيهوش حاجة 
خرجت الكلمات من فم العم سعيد بتلقائية فهي من أخبرته بمغادرة سيده
 

تم نسخ الرابط