رواية ظنها دمية بين أصابعه (الفصل الأول إلى الخامس والأربعون) بقلم الكاتبة سهام صادق

موقع أيام نيوز


لو اتحققت هقول خلاص اخدت كل حاجه 
وبنبرة تحمل الحب واصل كلامه وقد لمعت عيناه بالدموع 
نفسي اشوف صالح زي زمان نفسي اجوزه واشوفه سعيد أنا ظلمته يا نائل لكن اعمل إيه عيشت طول عمري هدفي مصلحة العيلة وترابطها 
ثم أخفض رأسه بخزي وآسف 
سامحني على كلامي أخر مرة معاك الكلام خاني 
أول ما نجيب قالي إنك عايز تشوفني جيتلك على طول 

قدم شاكر إعتذاره الذي قليلا ما يقدمه 
اعتبرني مقولتش حاجه وشغل حفيدتك عندي يا نائل لو حابب إنها تشتغل في شركتي 
أنا موافق يا شاكر على عرضك لو لسا فعلا عايز حفيدتي لحفيدك 
انتفض عزيز من المقعد الذي جلس عليه للتو جوار حارس الأمن الذي قدم له كوب الشاي حتى يثرثروا قليلا بالحديث 
خروج سيده من باب المعرض بتلك الطريقة وصوت صراخه عبر الهاتف بأحدهم جعل عزيز يسرع خلفه في قلق 
إيه اللي حصل يا عزيز بيه 
تساءل عزيز السائق وهو يحاول إلتقاط أنفاسه من شدة فزعه 
بسرعه يا عزيز في حريق في المصنع 
قالها عزيز ثم أسرع بالتحرك نحو سيارته 
مصنع ليلى 
خرجت الكلمات من فم عزيز بتقطع وقد وقف مكانه وارتعش جسده من الذعر 
القلق الذي كان يحتل قلب عزيز على عمال مصنعه تضاعف حتى أنه لم يشعر بنفسه وهو يقود سيارته بسرعة قصوى وجواره جلس عزيز سائقه يمسك هاتفه بأيدي مرتعشة ويحاول الإتصال ب ليلى 
مش بترد
تساءل عزيز بنبرة تحمل القلق وهو ينظر ل عزيز سائقه الذي أخذ يهز رأسه له وقد ثقل لسانه عن الكلام 
خرجت زفرات عزيز بقوة وهو يضرب بوق السيارة حتى تفسح له السيارة الأخرى الطريق 
أنا مصدقت رجعتلي يا عزيز بيه 
سقطت دموع عزيز العم بعدما خرجت الكلمات من فمه 
وكلما كان عزيز العم يتحدث كان عزيز يزيد من سرعة سيارته 
أخيرا وصل عزيز المصنع وقد اصطف العمال بالخارج وأتت الشرطة وسيارات الإسعاف وارتفع الدخان بغزارة من المصنع 
يتبع 
بقلم سهام صادق
الفصل السادس عشر
بقلم سهام صادق
وقف عزيز العم كالتائه وقد تدفقت الدموع من مقلتيه وفقد القدره على الحركة وثقل لسانه وبصعوبة خرج صوته بتحشرج 
ليلى 
دارت عيناه بين الجموع ثم رفع يده ليضعها على موضع قلبه محاولا إلتقاط أنفاسه 
لحظات مرت عليه كالدهر وهو واقف مكانه ينظر هنا وهناك باحثا عنها 
لقد عاد به الزمن للوراء عاد به لحظة هرولته في رواق المشفى وهو يسأل هنا وهناك عن الحاډث الذي حدث على الطريق وتم نقل شقيقه وزوجته على اثره 
ضاعت جميع الأصوات من حوله واخترقته ذكريات الماضي بقسوته ولم يعد يسمع شئ مما يدور ولم ينتبه حتى على صوت رجال الشرطة بأن يبتعدوا حتى تتمكن رجال الإطفاء والإسعاف من إتمام عملها 
لو سمحتوا يا حضرات ارجعوا ورا شوية خلينا نشوف شغلنا 
قالها أحد رجال الشرطة ثم أطلق زفيرا قويا بعدما يأس من ذلك التجمهر الذي حدث 
تراجع عزيز بخطواته بعدما تحامل على نفسه وقد عادت عيناه تدور هنا وهناك إلى أن خفق قلبه وانسابت دموعه على خديه ولسانه
أخذ يردد بالحمد 
هرول نحو ليلى التي وقفت على بعد منه وفي يدها زجاجة ماء وتحاول مساعدة إحدى زميلاتها بارتشاف القليل من قطرات الماء 
ليلى
صاح بها عزيز ثم اجتذبها إلى حضنه دون أن يمهلها لحظة لتستوعب شئ 
أبعدها عنه
حتى ينظر إلى ملامح وجهها الذي غطاه القليل من الرماد المتطاير 
أنت كويسه فيك حاجه حصلك حاجه 
مسح على خديها وهو يتمتم بعبارات متقطعة وقد تجلى الخۏف الذي سيطر عليه منذ أن علم بحريق المصنع فوق ملامحه 
اشفقت ليلى على حال عمها فهو لا يستطيع إلتقاط أنفاسه 
عمو أنا كويسه مفيش حاجه 
عادت عيناه تفيض بالدمع وهو يتأمل كل إنش بها 
يعني مش حاسه حاجة بټوجعك 
تساءل عزيز وعيناه تتجولان على ملامحها وقد ازدادت رعشة يديه التي أحاطت وجهها 
أسرعت ليلى بإلتقاط يديه تحتويهما داخل كفيها الصغيرين وعلى محياها ارتسمت ابتسامة خفيفة 
صدقني يا عمو أنا كويسه المبنى بتاعنا كان بعيد عن مصدر الحريق 
الحمدلله الحمدلله أنا أول ما عزيز بيه قالي الخبر جيت جري معاه 
قالها عزيز وهو يلتفت حوله يبحث عنه 
ارتفعت دقات قلب ليلى عندما علمت بوجوده وأخذت عيناها تدور بالمكان 
في نفس اللحظة التي كانت عيني ليلى
تبحث عنه كان مثلها يبحث عن شئ ضائع منه لا يعترف به قلبه الذي شاخ من الوحدة 
انتبه على أسئلة أحد أفراد الشرطة وقد عاد بتركيزه معهم 
عزيز بيه هناك أهو الله يعينه على مصيبته هروح يا بنتي أقف معاه 
تمتم بها عزيز وقد وقعت عيناها أخيرا عليه بعدما أشار عمها ناحيته 
نظر عزيز لها ولصديقتها التي استردت أنفاسها أخيرا 
شعر عزيز بالتردد لتركها لكن ليلى أسرعت قائلة 
متخافش عليا أنا كويسه 
ابتعد عزيز العم متجها نحو سيده الذي وقف يدلك جبينه وعيناه
مسلطه على بوابة المصنع وقد خرج أخر عامل بسلام 
لم يكن يهمه الخسائر التي تكبدها بقدر سلامة كل عامل لديه 
عزيز بيه الموضوع في شبهة جنائيه مش معقول قضاء وقدر 
نظر عزيز نحو ضابط الشرطه ثم تحرك من أمامه قائلا 
اعذرني يا حضرت الظابط دلوقتي العمال عندي أهم 
ليلى تفتكري هيقللوا عددنا بعد اللي حصل في المصنع 
قالتها سلوى وقد عادت الډماء لوجهها واستطاعت تجاوز مشهد النيران التي كانت قريبة منها والتي اندلعت بعدما دوى صوت انفجار شئ بداخل مصنع الإنتاج 
لم تنتبه ليلى على كلام سلوى فلم يكن عقلها إلا منشغلا مع ذلك الذي اختفى عن أنظارها 
ليلى أنت سمعاني 
أغمضت ليلى جفنيها لثواني ثم فتحتهما واستدارت بجسدها نحو سلوى التي أردفت بعدما انتهت من سعالها 
خلينا نمشي وجودنا مبقاش ليه داعي 
وسرعان ما أدركت سلوى ما غفلت عنه وواصلت كلامها 
هو عمك هيوصلك يا ليلى ولا هيفضل موجود مع عزيز بيه 
انتبه عزيز على صوت عزيز سائقه بعدما صار على مقربة منه 
استدار عزيز جهته وقد ضاقت عيناه في حيرة وقلق وهو لا يرى ليلى معه 
بنت أخوك كويسه يا عزيز اطمنت عليها 
حرص باختيار الكلمات بعناية عند سؤاله وقد خشي أن تفضحه نبرة صوته القلقة 
الحمدلله يا عزيز بيه اهي هناك واقفه مع زميلتها أنا قولت أجي اطمن عليك وأشوفك لو محتاج مني حاجة 
تحركت عينين عزيز بلهفة نحو الجهة التي أشار ناحيتها عزيز سائقه 
زفرة ارتياح خرجت منه دون أن يدرك وحتى يخفي هذا الشعور الذي تجلى بوضوح على ملامحه وضع يده على كتف عزيز سائقه وربت عليه قائلا بنبرة رجولية خشنه 
روح ليها يا عزيز وشوفها لو محتاجه دكتور 
اتجهت أنظار عزيز العم نحوها في قلق لم يغادر عيناه 
طيب وأنت يا بيه هسيبك لوحدك 
متقلقش عليا بنت أخوك محتاجاك أكتر مني 
ولم يكن أمام عزيز العم إلا الرضوخ إلى ما يحثه عليه سيده وقد أتى مدراء المعارض التي يمتلكها عزيز والتجار الذين يتعامل معهم ليساندوه في مصابه 
تلقفتها ذراعي عايدة فور أن دلفت من باب المنزل وقد نهش القلق قلبها منذ أن علمت بالحريق 
الحمدلله إنك كويسه متعرفيش كنت عامله إزاي من ساعة ما سمعت الخبر 
ابتعدت ليلى عنها حتى تطمئنها أنها بخير ولكن شهد وقفت بينهم واحتضنتها 
كده يا لولو تخضينا عليكي 
والله أنا كويسه مفيش حاجه 
قالتها وهي تربت على ظهر شهد التي رفعت عيناها إليها وتساءلت 
هو فعلا فيه عمال ماتوا وإصابات كتير زي ما شوفت على النت 
كادت أن تتحدث لكن دلوف العم سعيد إلى المنزل وصياحه بحنق من الأقوال الكاذبة التي تشوه سمعة سيده جعلهم ينفجرون من شدة الضحك 
هو من امتى الخرفان بتاعكم دا بيقول حاجة صح 
التقط ذراع شهد ودفعها نحو والدها الذي ضمھا إليه ثم واصل
كلامه وتساءل بإهتمام 
أنت كويسة يا بنتي مال وشك أصفر كده لا أنا لازم اعملك شوية مية بسكر 
لم ينتظر العم سعيد أن يسمع شئ وأسرع نحو المطبخ لينفذ ما قاله 
عناية وإهتمام حظت بهما هذه الليلة 
لكن هو هل سيجد أحدا يرعاه حين عودته !! 
هذا ما كانت تتساءل به ليلى داخلها كلما وجدت العم سعيد يتجه من منزلهم الصغير إلى منزله الصخم 
في الساعة الثانية عشر بعد منتصف الليل
اتجهت زوجة عمها إلى غرفتها لتنام بعدما اشتد النعاس عليها ومثلها فعلت شهد حتى تستطيع الإستيقاظ باكرا ومراجعة أحد دروسها قبل الذهاب إلى المدرسة 
لم يبقى سوى
عمها الذي جلس بالصاله يتابع إحدى
القنوات الإخبارية وينتظر مجئ سيده ليطمئن عليه 
أما العم سعيد استمر حاله بين هنا وهناك 
تقلبت ليلى على فراشها وهي تنظر إلى الساعة المعلقة على الجدار فلم يتبقى سوا عشر دقائق ويصبح عقرب الساعة عند الواحدة صباحا 
أغمضت عيناها لعل النوم يرحم أجفانها ولكنها لا تستطيع النوم والقلق ينهش فؤادها نحوه 
انتفضت فجأة من على الفراش بعدما استمعت لصوت بوق السيارة وسرعان ما كانت تغادر فراشها وتتجه نحو النافذة 
ألقت بنظرة سريعة نحو شهد التي تضع رأسها كعادتها أسفل الوسادة عند نومها 
سمعت صوته وهو يخبر عمها أنه بخير ولكنها لم تتمكن من رؤيته انتظرت على أمل أنه سيتجه نحو غرفة مكتبه لكن مع مرور الوقت ضاع أملها ووجدت العم سعيد يغادر المنزل ويتجه نحو مسكنهم 
عيناها ارتفعت للأعلى فور أن انتبهت على إضاءة غرفته 
استمرت عيناها في تحديقها نحو شرفة غرفته إلى أن غلبها اليأس وأغلقت النافذة ببطئ وأزاحة الستار 
صوت عمها والعم سعيد بالخارج جذب سمعها 
فأسرعت بالتحرك نحو باب الغرفة تسترق السمع على حديثهم 
ما أنت عارف عزيز بيه يا عزيز مش بيحمل حد همومه مقالش ليا غير دعواتك يا راجل يا طيب 
الخساير جامدة الأقمشة أغلبها اتحرق 
قالها عزيز لشقيق زوجته العم سعيد فهذا ما سمعه عندما كان يقف بين عمال المصنع أثناء وجوده 
دي عين وصابته ما هو ما شاء الله كل يوم في الطالع 
ألقى العم سعيد كلامه ثم أردف بتحسر بعدما ابتلع حبة دوائه التي يتناولها قبل نومه 
نفسي يسمع كلامي ويتجوز لو كان متجوز دلوقتي كان لقى ست مستنياه وخففت عنه 
عاد العم سعيد لنفس الحديث الذي كلما كف عن التكلم عنه وجد شئ يفتحه 
أغلق عزيز التلفاز ثم تثاءب قائلا 
تصبح على خير يا سعيد 
أسرعت ليلى بالإبتعاد عن باب الغرفة وسرعان ما كانت تضع يدها على موضع قلبها الذي أخذ يخفق بقوة 
أصر نائل اليوم على عدم تناوله وجبات طعامه وهو راقد على الفراش ومهما حاولت زينب إقناعه لكن لم تجد منه إلا الرفض 
وضعت زينب الأطباق على الطاولة وقد أعدت له وجبته الخاصة التي وصفها الطبيب وأعدت لنفسها صنف طعام
أخر 
كانت عيناه معها كلما تحركت إلى أن أتت بالخبز وجلست على يمينه تهتف بمرح تخفي خلفه ۏجع يراه في عينيها التي تفضحها 
كده الأكل هيكون ليه طعم عشان سيادة اللوا رجع ينور السفره 
ابتسم نائل بعدما نظر إلى طعامه الذي لم يلقى إستحسانه 
دلوقتي الاكل هيكون ليه طعم على السفرة ومن شوية لا يا جدو أنت تعبان كنت عايزانى أكل وجبتي اللي بتضحكي بيها عليا على السرير 
أنا يا جدو 
تساءلت ببراءة بعدما أسبلت جفنيها فأردف نائل
 

تم نسخ الرابط