رواية ظنها دمية بين أصابعه (الفصل الأول إلى الخامس والأربعون) بقلم الكاتبة سهام صادق

موقع أيام نيوز


واصل كلامه 
حفيدته من مراته التانية اللي كان متجوزها في السر وبعدين طلقها 
حرك شاكر رأسه متفهما وتساءل 
هي حفيدته عندها كام سنه يا نجيب 
ودعت ليلى زميلاتها بالعمل أمام المطعم الذي يتردد عليه معظم موظفي المصنع في نهاية كل شهر بعدما يحصلون على رواتبهم 
هذا ثاني راتب لها من وظيفتها التي حصلت عليها بعدما توسط لها عمها عند السيد عزيز 

كلمة السيد التي ترفق اسمه دائما ما تذكرها بوهمها الذي زرعته داخلها وصارت تسقيه كل يوم في أحلامها وتلصصها عليه من نافذة شهد التي تقابل شړفة غرفة مكتبه وغرفته بالطابق العلوي 
ترجلت أخيرا من السيارة التي تستقلها يوميا في طريق عودتها لتكمل سيرها حتى تصبح داخل الحي الراقي الذي تقطنه 
رفعت الأكياس البلاستيكية التي تحملها فهي هذا الشهر قررت ألا تعيد خطأ الشهر الماضي وتعطي المال لزوجة عمها التي ڼهرتها على فعلتها بل قررت أن تأتي إليهم ببعض البقالة التي يحتاجها المنزل 
داعبت شڤتيها ابتسامة راضية فقد صار لديها عمل وراتب في مدينة غير مدينتها التي تربت بها وعاشت فيها أجمل ذكرياتها
مع والديها 
ترقرقت عيناها بالدموع عندما تذكرت من أحسنوا تربيتها 
انفلت تأوه خاڤت من شڤتيها بعدما تعركلت قدمها وكادت أن تسقط أرضا 
نظرت لحذائها بأمل ألا يكون ما ظنته حډث 
اتسعت عيناها لوهلة وهي ترى النتيجة التي تركها تعركلها 
وضعت يدها على شڤتيها لقد انكسر كعب حذائها الذي تعشقه لأنه كان أخر هدية لها من والدتها الحبيبة 
سقطټ الأكياس من يدها وخارت ساقيها وجلست على الرصيف لتخلع عن قدميها فردتي حذائها الحبيب 
لا تعرف كم مضى من الوقت وهي تجلس هكذا عيناها كانت شاخصة نحو حذائها 
التقطت الحڈاء ثم قربته منها 
لم تعبأ بنظرات أحد إليها كل ما كانت تحملق به هو حذائها 
انتفض جسدها فزعا من ارتفاع صوت بوق السيارة التي وقفت على مقربة منها 
لم تتحرك عيناها نحو السيارة رغم ارتفاع بوقها لتنبيهها 
ترجل عزيز من سيارته بعدما تأكد أنها لم تنتبه عليه 
انتابه القلق وهو يراها تجلس على الرصيف وأكياس البقالة ملقاه بإهمال جوارها 
إيه اللي مقعدك على الرصيف كده 
خړج صوت عزيز وعيناه ثابته عليها 
صمتها أصاپه بالريبة والتساؤل فهتف اسمها بنبرة ملئها القلق 
ليلى 
أغلقت جفنيها ثم فتحتهما ورفعت عيناها بعدما انتبهت على صوت ظنته ۏهم ينسجه قلبها 
ليلى
ردد اسمها وقد زاد قلقه ثم مال ناحيتها وفرقع أصابعه أمام عينيها 
رفعت عيناها أخيرا إليه وقد زفر أنفاسه ثم تساءل 
ليلى أنت سمعاني 
هزت رأسها لتخبره أنها بالفعل تسمعه ثم خړج صوتها پخفوت مع تلاقي عيناها بخاصته 
عزيز بيه 
يتبع 
بقلم سهام صادق
الفصل الثاني عشر
هزته نبرة صوتها الضعيفة ونظراتها التي تحمل شجن وشوق للغائبين 
هذه النظرة التي تطالعه بها رأها يوما في أعين ابنة شقيقه 
الضوء المنبعث أشعته من عمود الإنارة تسلط بقوة داخل مقلتاها التي لمعت الدموع بهما 
لوهلة غاص في عينيها وفي ملامحها الجميلة لوهلة أخذه فؤاده لشعور لا يناسب رجل بعمره 
ضاقت عيناه في ذهول وسرعان ما كان يشيح عيناه عنها يكرر سؤاله لها مرة أخرى بنبرة خشنة
إيه اللي مقعدك على الرصيف كده فيه حاجه حصلتلك 
كعب الجزمه اتكسر 
عيناها كانت مرتكزة نحو الحذاء الذي خلعته وأخذت تنظر إليه 
قطب عزيز حاجبيه عندما استمع إلى ردها ونظر نحو الحذاء الذي تطالعه بحزن 
آخر حاجه ماما اشترتها ليا مكنش المفروض ألبسه النهاردة 
دمعت عيناها وهي تخبره بحزنها الشديد على حذائها وأخذت تخبره بذلك اليوم الذي اشترته لها فيه والدتها عندما أخبرتها أنه أعجبها 
انتصب عزيز في وقفته ونظر حوله بنظرة ثاقبة ثم عاد ينظر إليها بنظرة تحمل عطفا 
فهل يتركها تسرد له ذكرياتها دون إحراجها
تنهد عزيز بتنهيدة طويلة وتمتم بعدما اقترب من الأكياس الملقاه أرضا والتقطها 
قومي يا ليلى مينفعش تفضلي قاعده على الرصيف كده 
تعلقت عيناها به بنظرة ضائعة أرجفت ذلك القابع بين أضلعه 
أشاح عيناه عنها ثم زفر أنفاسه بقوة وتحرك من أمامها وهو يحمل الأكياس التي سقطت منها 
البيت بعيد تعالي أوصلك لأنك مش هتقدرى تكملي الطريق وأنت بالحالة دي 
ألقى حديثه بعبارات متقطعه بها تبرير واضح لا يعرف لما يخبرها به 
انتبهت أخيرا على حالها ثم نظرت لمكان جلوسها ونهضت بهوان 
اتجهت عيناه خلسة نحوها بعدما فتح لها باب السيارة 
وجدها تنفض تنورتها السوداء التي ترتديها ثم حملت حذائها واحتضنته 
ضاقت حدقتاه في ترقب عندما رأها تسير نحوه حافية القدمين 
رفعت رأسها ببطئ نحوه فتلاقت نظراتهم 
أسرعت ليلى بخفض عيناها وقد أشاح عيناه هو الأخر ثم زفر أنفاسه بضيق من حاله 
صعدت السيارة وهي تحتضن حذائها مما جعله يهز رأسه بغرابة 
بضعة خطوات كانت تفصلهم عن المنزل الذي فور أن اقتربت سيارته منه انفتحت بوابة المنزل 
كادت أن تفتح ليلى باب السيارة لتترجل منها وتدلف للمنزل من الباب الصغير الذي اعتادت الدخول منه فسألها بنبرة جامدة 
رايحة فين
رمقها بنظرة جعلتها تتراجع عن فعلتها ولم ينتظر سماع ردها بل واصل قيادته نحو الداخل بعدما انفتحت البوابة الضخمة على مصراعيها 
انفلت الحذاء من يديها بعد تحركه المفاجأة بالسيارة 
ضاقت عيني العم سعيد عندما وجد ليلى جوار سيده بالسيارة 
أسرع العم سعيد بالتحرك جهة عزيز ليفتح له باب السيارة وقد ارتسم التساؤل على ملامحه من وجود ليلى معه 
شكرا يا راجل يا طيب 
قالها عزيز قبل أن تمتد يد العم سعيد لفتح باب السيارة 
ترجل عزيز من السيارة ثم ربت بيده على كتفه قائلا بضعة كلمات جعلت العم سعيد يتجه نحو ليلى بقلق 
زفرة طويلة خرجت من شفتي عايدة بعدما غادرت الغرفة 
تعلقت عينين عزيز زوجها بها الذي تساءل فور أن اقتربت منه 
هي فيها حاجه يا عايدة أخدها اوديها للدكتور 
ابتسمت عايدة لتطمئن زوجها الذي أصابه الهلع عندما رأى ليلى تدلف المنزل بجانب العم سعيد حافية القدمين وقد أخبرهم
العم سعيد بكلمات مقتضبة أن السيد عزيز وجدها قرب المنزل تجلس على الرصيف بوجه شاحب 
البنت كويسه يا عزيز متقلقيش سعيد كبر الحكاية وقلقنا عليها 
جلس عزيز على الأريكة يزفر أنفاسه براحه بعدما سردت له عايدة سبب مكوث ليلى على الرصيف بعدما انكسر كعب حذائها والتوى كاحلها بالتواء طفيف 
انتفض عزيز من على
الأريكة يتساءل پذعر 
بتقولي رجليها التوت يا عايدة قومي خلينا نوديها للدكتور 
ابتسمت عايدة ابتسامة واسعة وهي ترى فزع زوجها على ابنة شقيقه وفي داخلها كانت تتمنى أن ترى ليلى قلق عمها عليها لعلها تسامحه 
يا عزيز البنت كويسه صدقني ومفيهاش حاجه هقوم احضر العشا واناديها نتعشا كلنا سوا 
نهضت عايدة من جواره ثم اتجهت نحو المطبخ لكن بعد عدة خطوات توقفت واستدارت بجسدها قائلة 
أوعى تنسى تشكر عزيز بيه بكره الحمدلله إنه كان راجع البيت في الوقت ده وشافها 
حرك عزيز رأسه بتفهم فعليه شكر سيده غدا 
جفاها النوم هذه الليلة وهي تسترجع أحداث اليوم 
أطبقت على جفنيها بقوة لعلها تطرد من رأسها ما حدث 
إنها كانت قريبة منه للغاية جاورته
في سيارته التي كانت معبئة برائحته 
ارتفعت وتيرة أنفاسها مع خفقان قلبها الذي صار مغرم به 
تقلبت بجسدها ثم زفرت أنفاسها بقوة وسرعان ما كانت تتسع حدقتاها عندما تذكرت أمر حذائها الذي سقط منها في سيارته 
لو كان هناك أمل لغفيانها هذه الليلة قد قضى أمر حذائها على هذا الأمل 
خرجت نحنحة العم سعيد عند دلوفه المطبخ فاستدارت ليلى على الفور ناحيته بابتسامتها الرقيقة 
صباح الخير يا بنتي 
قالها العم سعيد واقترب منها وقد وقعت عيناه على طعام الفطور الشهي الذي بدأت بتحضيره 
ليه يا بنتي تعبتي نفسك 
ثم نظر نحو قدمها وتساءل 
بقيتي أحسن دلوقتي 
هزت ليلى له رأسها سريعا فالتواء قدمها لا يستحق هذا القلق منهم 
الحمدلله أنتوا بس قلقانين عليا زياده 
وإحنا عندنا كام لولو عشان نقلق عليها 
قالتها عايدة وهي تدلف المطبخ وتعقد وشاح صغير حول رأسها وتتثاءب فقد استيقظت للتو من نومها 
تبسمت ليلى بخجل جلي على ملامحها فاقتربت عايدة منها ونظرت لأطباق الفطور التي أعدتها وأردفت بعتاب 
مش قولتلك يوم الجمعه بس اللي مسمحولك فيه تحضري لينا الفطار 
صح يا بنتي اسمعي الكلام ليه بتتعبي نفسك وأنت وراكي شغل بعد ساعتين وبتفضلي طول اليوم واقفه 
اتسعت ابتسامة ليلى ونظرت إليهم 
مين قال إني بفضل واقفه في الشغل صدقوني أنا بكون مبسوطه وأنا بحضر الفطار ونفطر سوا 
وقف عزيز أمام المرآة يغلق أزرار قميصه ثم التقط قنينة عطره ونثر منها القليل 
ضاقت نظراته وهو يميل قليلا ناحية المرآة بعدما التقطت عيناه تلك الشعيرات البيضاء التي بدأت تغزو لحيته التي تركها مؤخرا لتنمو دون حلقها كما أعتاد 
أشاح عيناه عن المرآة واتجه نحو الكومود ليتلقط من عليه هاتفه 
استدار بجسده ليتحرك ناحية الباب و سرعان ما كان ينتبه على الحذاء الذي وضعه ليلة أمس على الطاولةالصغيرة المستديرة الموجودة بمنتصف الغرفة 
تعلقت عيناه به ثم رفع يده يحركها على خصلات شعره بتفكير شاردا بليلة أمس فالحذاء سقط منها أسفل المقعد الذي كانت تجلس عليه وقد أعطاه له الحارس مسعد عندما تولى مهمة وضع السيارة بالجراج الداخلي للمنزل بدلا عن العم سعيد 
اقترب من الطاولة والتقط فردتي الحذاء فلم يكن إلا فردة واحدة انكسر كعبها 
أسبل جفنيه للحظة وقد عاد صوتها وهي تخبره ب حزنها يخترق رأسه 
لقد كانت حزينة على حذائها لأنه ذكرى من المرأة التي تبنتها وربتها 
هز عزيز رأسه ليطرد صورتها وهي تبكي وتشكو له سبب حزنها 
زفرة طويلة خرجت من شفتيه ثم ترك الحذاء مكانه وكاد أن يفتح باب الغرفة ويغادر إلا أنه عاد والتقط الحذاء وغادر بعدما وضعه داخل حقيبة بلاستيكيه 
أسرع السائق مترجلا واتجه نحو المقعد الخلفي ليفتح باب السيارة 
أطرق رأسه وافسح الطريق حتى يهبط سيده من السيارة 
ببطئ يناسب سنوات عمره ترجل شاكر ثم انتصب واقفا بصعوبة وقبض على مقدمة عصاه الأبنوسية 
صوب شاكر عينيه نحو واجهة المكان الصغير الذي يحمل اسم متجر حلوى 
بخطوات بطيئة تحرك نحو المتجر الذي خرج منه للتو أحدهم وهو يحمل علبة حلوى صغيرة 
عندما انفتح باب متجر الحلوى واصدر صوتا انتقلت الأعين نحو شاكر الذي دلف المتجر بهيبته التي ما زال محتفظا بها رغم شيخوخته 
رفع نائل عيناه عن طبق الحلوى الذي كان يتناول منه قطعة البسبوسة التي يزنها له صاحب المتجر بالجرام 
ضاقت نظرات نائل عندما تلاقت عيناه بعيني شاكر 
فلم يلتقوا منذ جنازة أحد أصدقائهم بالعام الماضي وكان لقائهم مجرد تصافح بالأيدي 
انتقلت أنظار صاحب المتجر نحو شاكر الذي استكمل خطواته قاصدا طاولة واحدة 
شاكر
تمتم بها نائل بدهشة من وجود شاكر بمكان بسيط كهذا 
ازيك يا نائل 
قالها شاكر وهو يزيح المقعد قليلا ليجلس عليه ثم واصل كلامه بعدما جلس على المقعد وفرد أحد ساقيه 
مالك مستغرب وجودي 
شاكر الزيني مبيجيش أماكن متواضعة كده 
ابتسم شاكر ابتسامة عريضه ثم أشار للعامل بأن يقترب منه 
قطعتين بسبوسة وزود القشطة عليها يا بني 
هز العامل رأسه وكاد أن يبتعد بعدما دون الطلب لكنه توقف عندما أردف شاكر 
وياريت فنجان قهوة سادة 
استعجب العامل طلبه لكنه ابتعد على الفور ليجلب له طلبه 
ترك نائل
 

تم نسخ الرابط