رواية ظنها دمية بين أصابعه (الفصل الأول إلى الخامس والأربعون) بقلم الكاتبة سهام صادق
المحتويات
شوكته جانبا ثم مسح شفتيه بالمحرمة المطوية جانب طبقه وعلى محياه ارتسم التساؤل
كنت قريب من هنا وأنا عارف كويس
إنك بتحب تقعد هنا تشرب
قهوتك قولت أدخل يمكن أقابلك فيه واهو الصدفة جمعتنا
لم يترك شاكر ل نائل لحظة لتساؤل أخر عن هذه الصدفة العجيبة بل استطرد بالكلام
اخبارك إيه يا نائل بتشوف رشوان المۏت اخد بعضنا واللي فاضل مننا إما راح قريته يعيش فيها وسط اهله وحبايبه أو الدنيا اخدته وسط أحفاده وولاده
العمر جري بينا يا نائل
حال الدنيا يا شاكر ربنا يحسن خاتمتنا
أمن شاكر على دعائه بصوت خاڤت
آمين
وضع العامل طبق الحلوى والقهوة أمام شاكر وقد تساءل وهو ينظر نحو نائل
تؤمر ب حاجة تاني يا سيادة اللواء اجبهالك
لم يعترض شاكر لأنه يعلم تماما صفات صديقه
بدأ شاكر بتناول حلوى البسبوسة وارتشاف القهوة متلذذا بمذاقهم
بقالي كتير مأكلتش بسبوسة جميله بالشكل ده كل تعليمات الدكاتره ممنوع ممنوع
ضاقت عيني ليلى بدهشة بعدما وجدت العم سعيد يزيحها جانبا من أمام الموقد ويلتقط من يدها الملعقة التي كانت تقلب بها للتو الطعام الذي فاحت رائحته
اتسعت ابتسامة ليلى واختفت الدهشة من ملامحها بعدما استمعت له وتساءلت بنبرة سعيدة
يعني الطعم عجبك
التف لها العم سعيد برأسه يرمقها بنظرة مستنكرة بسبب سؤالها
من امتى عمك سعيد بيمدح حاجة مش عجباه
قالتها عايدة عندما دلفت إلى المطبخ وقد عادت للتو من الڤيلا ثم جلست على أحد المقاعد الموجودة بالمطبخ
مش عارفة من غيرك يا ليلى كنت عملت
إيه
دلكت عايدة ساقيها من الإرهاق فالتمعت عيني ليلى بحب لها وقبل أن يخرج الكلام من شفتيها كان العم سعيد يتمتم باستنكار لتدليل شقيقته لابنتها التي لا تعاونها بشئ
هزت عايدة رأسها بيأس من شقيقها الذي لا يترك حديث إلا وأنبها على تدليلها لوحيدتها
البنت في ثانوية عامه يا سعيد
رمقها سعيد بنظرة ممتعضة فأسرعت ليلى قائلة بحنين
أنا لما كنت في الثانوية ماما مكنتش بتخليني أعمل حاجة في شغل البيت الأكل كان بيجيلي على السرير
تنهدت عايدة ونظرت إلى شقيقها بنظرة لائمة فأشاح عيناه عنها لكن سرعان ما كان يعيد بصره نحوليلى يهتف بحماس
مش كفايه على البسلة كده على الڼار اللحمة هتتهري جواها ومش هتعجب عزيز بيه
السيد عزيز
هكذا تمتمت ليلى داخلها وتعلقت عيناها بالعم سعيد الذي بدأ بسكب الطعام في الطواجن الفخارية
لا تعرف لما عادت ذكرى تلك الليلة التي وجدها فيها تجلس على الرصيف وتنظر لحذائها بشرود تخترق عقلها
ارتفعت سخونة وجنتيها وتوترت عندما تقابلت عيناها بعيني عايدة التي قالت
عزيز بيه لو اتعود على أكل ليلى هيطالب بيه كل يوم
عشان تعرفي إن بقى فيه منافس معاك يا عايدة
تمتم بها العم سعيد ثم استطرد
يلا يا لولو دخلي الطواجن في الفرن عشان ميعاد عشا عزيز بيه بعد ساعه
وما كان من عايدة إلا أنها نظرت نحوهم بنظرة ملئتها السعادة
إيه ده يا راجل يا طيب
تساءل عزيز عندما وقعت عيناه على الطعام الذي وضعه العم سعيد على الطاولة
نظر العم سعيد نحو ما وضعه وقد فاحت رائحة الطعام
أحلى طاجن بسلة باللحمة ممكن تدوقه من ايد الشيف لولو
لولو !
ارتفع حاجب عزيز وهو يتمتم بالاسم فأسرع العم سعيد قائلا
الشيف ليلى
يا راجل يا طيب مش قولتلك عايز عشا خفيف
قالها عزيز وهو يحدق بالطعام الذي لم يلقى استحسانه
أنت مش شايف نفسك يا بيه تقول عليا إيه دلوقتي
نيرة هانم لما تنزل أجازة
ثم واصل كلامه
دي موصياني على أكلك لا يا بيه أنت لازم تتغذا
اتغذا بالدهون دي شيل الأكل يا راجل يا طيب وبلاش تتصرف من دماغك
فين أكل عايدة
دوق بس معلقة واحكم بنفسك
اضطر عزيز مرغما أن يتذوق الطعام بعد إصراره عليه
أسرع العم سعيد بإخفاء ابتسامته الواسعة التي ارتسمت على ملامحه بعد رؤيته إلتهام عزيز للطعام
بالهنا يا بيه
ضاقت عيني عزيز ثم رفع رأسه إليه
عجبك كده أهو أنا مش قادر اتنفس
صحة على قلبك يا بيه
حرك عزيز رأسه بقلة حيلة من أفعال هذا العجوز الماكر
لولا الأكل طعمه حلو مكنتش أكلت
مش قولتلك ليلى نفسها حلو في الأكل يا بخت اللي هتكون من نصيبه
خرجت أميمة من مكتب عزيز بعدما قدمت له قهوته التي صارت من مهامها
عزيز بيه عايزك يا استاذ جابر
رفع جابر عيناه
عن الأوراق التي أمامه ثم نهض وهو يحمل أحد الملفات في يده
بعد وقت
كان السيد جابر يغادر الغرفة ومعه نفس الملف الذي دخل به
طالعته أميمة وقد اقترب منها يضع الملف أمامها
عزيز بيه موكل ليكي المهمة دي يا أميمة
اندهشت أميمة من كلامه و ارتسمت الحيرة على ملامحها وهي تتساءل
مهمة إية يا أستاذ
جابر
صعدت أميمة الدرجات الرخامية القليلة المؤدية إلى مدخل المعرض الذي يتكون من عدة طوابق وعلى وجهها جلي الإرهاق بوضوح بسبب ذهابها إلى ذلك المكان الذي كلفها الأستاذ جابر بالذهاب إليه بعدما أبلغها أن هذا ما أمر به السيد عزيز
توقفت عن سيرها عندما استمعت إلى عامل التوصيل يخبر الحارس الواقف عند باب المدخل بأنه يريد تسليم الطرد الذي يحمله للسيد عزيز الزهار
اقتربت أميمة منهم وتساءلت
طرد إيه اللي أنت عايز تسلمه ل عزيز بيه
زفر العامل أنفاسه بضجر من اسألتهم الكثيرة
يا فندم أنا مش مطلوب مني افتح الطرد وأعرف إيه جواه كل اللي عليا إني اوصله للمكان المدون فيه عنوان صاحب الطرد
انصرف عامل التوصيل بعدما أخذت منه أميمة الطرد وأخبرته أنها سكرتيرة السيد عزيز ووقعت فوق إيصال الإستلام
نظر إليها السيد جابر عندما دلفت الغرفة وعلى وجهها كالعادة تتوهج ابتسامتها الهادئة
الحمدلله العريس والعروسه استلموا فرشهم ومبسوطين أوي عزيز بيه مختار ليهم أحسن حاجة
طالعها السيد جابر وهو يومئ برأسه تأكيدا على كلامها
عزيز بيه طول عمره بيختار أحسن حاجه ما دام طالعه لله
تقدمت أميمة من المكتب الخاص بها الذي يقبع على يمين مكتب السيد جابر ثم وضعت ما تحمله عليه وسرعان ما كانت تزفر أنفاسها بقوة وهي تتذكر أمر الطرد
عزيز بيه جوه في مكتبه يا استاذ جابر
تعلقت عينين السيد جابر بها ثم بالطرد الذي حملته فور أن وضعته على طاولة مكتبها
هو الطرد ده ل عزيز بيه
سألها السيد جابر فحركت أميمة رأسها إليه ثم أجابته بكلمات مقتضبه عن أمر هذا الطرد الذي تجهل ما بداخله قبل أن تتجه لمكتب عزيز
شكرا يا أميمه
تمتم بها عزيز بعدما أعطت له أميمة الطرد وتراجعت بخطواتها وقد عرف على الفور ما بداخله
لا تعلم لما انتابها الفضول لتعرف ما بداخل هذا الطرد لكن سرعان ما كانت تخفض رأسها وتخبره بامتنان الأشخاص الذين قدم لهم مساعدته في فرش شقتهم الزوجية
رفعت رأسها قليلا لكن سرعان ما أخفضتها هاربة من مشاعرها نحو هذا الرجل الذي يوما بعد يوم يزيد تقديرها وإحترامها له
ابتسامته الجميلة لحيته الخفيفة مع تلك الخصلات البيضاء القليلة التي نبتت بها زادته وقارا وجاذبية
كل هذا كان يطرق رأس أميمة عندما أخفضت عيناها هذه المرة نحو الأوراق التي أمامها بعدما عادت إلى مكتبها
أرجع عزيز ظهره للوراء يستند على ظهر مقعده بعدما غادرت أميمة غرفة مكتبه
تعلقت عيناه بالعلبة التي أمامه وقد أسدل أهدابه شاردا في مظهرها وهي تسير إليه حافية القدمين وتضم حذاءها بذراعيها ودموعها تلمع في مقلتيها تدعوها بأن تحررها
أرخى جفنيه لوهلة سابحا في تأمل طيفها وقد علقت عيناه بالحذاء الذي أخرجه من علبته
عيناه اتسعت في ذعر ليلقي الحذاء داخل العلبة ويغلقها
رفع كفه يمسح به وجهه زافرا أنفاسه بقوة متمتما
إيه اللي بتفكر فيه دا يا عزيز يوم ما تفكر في ست تفكر في بنت عمرها من عمر ولاد أخوك
تنهيدة طويلة خرجت منه ثم نهض من مقعده يمسح على وجهه مرة أخرى لضيقه من حاله
غادر المعرض في الوقت الذي يعلم فيه أنه ربما
يصادفها بالطريق ويعطيها ذلك الحذاء الذي قام بإصلاحه وينتهي هذا الأمر
وللمرة الثانية بهذا اليوم ينهر نفسه على ما يفعله فها هو يبطئ سرعة سيارته بالطريق المؤدي إلى الڤيلا لعله يراها وهي تسير كما صادفها من قبل
ضاقت حدقتاه ثم اتسعت عندما وجدها تدلف من الباب الصغير الذي يجاور البوابة الضخمة للڤيلا
زفر أنفاسه بقوة وهو يدق بوق السيارة بقوة لتنفتح البوابة له
أخيرا عبرت السيارة للداخل ولم تكن عيناه إلا مع تلك التي تسير جهة الحديقة الخلفية للمنزل
أسرع عزيز بالترجل من سيارته بعدما لم يجد أمامه إلا أنه عليه إعطائها حذائها ليتوقف رأسه عن التفكير بأمر هذه الفتاة
ليلى
صوته أوقفها مكانها وببطئ استدارت بجسدها تنظر جهة الصوت
الذهول ارتسم على محياها السيد عزيز ينادي اسمها ويقترب منها
تراجعت للوراء بتوتر ثم أخفضت رأسها وسرعان ما رفعتها عندما قال
اتفضلي
تعلقت عيناها بالعلبة التي يمدها لها وقد جلى التساؤل بوضوح في عينيها
تناولت منه العلبة بحرج ترفع عيناها إليه
أشار نحو العلبة التي أعطاها لها ثم تنحنح وخرجت نبرة صوته بخشونة
تقدري تفتحيها لما تدخلي
قالها عزيز ثم صوب عيناه جهة المنزل الذي تسكنه مع عائلة عمها داخل أسوار منزله
نظرت له ثم هربت بعينيها بعيدا وتساءلت
ممكن أعرف إيه جواها
عزيز بيه
ارتفع صوت العم سعيد عندما وجد سيده يقف في الباحة الأمامية للمنزل وأمامه ليلى التي عادت للتو من عملها وعلى
ما يبدو أن طريقها تقاطع مع سيده
تراجعت ليلى خطوة للوراء ثم أطرقت رأسها نحو العلبة التي تحملها
اقترب منهما العم سعيد ثم نظر نحو العلبة التي تحملها ليلى بفضول ولكنه لم يتساءل
عن اذنكم
تمتمت بها ليلى بصوت خفيض ثم أسرعت جهة المنزل تحت أنظار عزيز
كنت محتاج حاجه من ليلى يا عزيز بيه
انفرجت شفتي عزيز قليلا ليتكلم لكن العم سعيد أردف بنبرة يملئها الحماس وقال
شكلك كنت عايز تشكرها على طاجن البسلة باللحمة بتاع امبارح مش قولتلك بتعمله أحسن من عايدة
ابتسم عزيز ثم أشاح عيناه بعيدا وتحرك من أمامه حتى يهرب من اسئلة العم سعيد
فعلا كنت بشكرها على طاجن البسلة يا راجل يا طيب
دلفت ليلى الغرفة وأسرعت بغلق الباب ورائها
نظرت إلى فراش شهد وفراشها المرتب ثم زفرت أنفاسها
من حسن حظها أن زوجة عمها ما زالت بالڤيلا وعمها مندمجا في مشاهدة التلفاز أما شهد ما زالت في درس الأحياء الذي تتأخر به دائما
متابعة القراءة