رواية ظنها دمية بين أصابعه (الفصل الأول إلى الخامس والأربعون) بقلم الكاتبة سهام صادق
المحتويات
عن السير بالحديقة بعدما اجتذبها المشهد لتضيق حدقتاها بشك وهي ترى أعين عزيز عالقة بها إنها تعرف تلك النظرة تماما
وضع العلبة الضخمة بالمقعد الخلفي لسيارته ثم نظر ورائه بعدما ألقى عليه أحد كباتن الطائرات التحية
استقل سيارته التي يتركها في جراچ المطار كلما كان في رحلة عمل ثم انطلق بها وقد أصدرت إطاراتها صريرا
تنهيدة عميقة خرجت منه وقد احتل الضيق ملامحه
لقد جعله شاكر نسخة منه يتجمل ويتلاعب حتى يصل إلى هدفه و للأسف عروسه تؤكد له يوما بعد يوم بأنها العروس المناسبة له
أتاه صوتها اللاهث وكأنها كانت آتيه ركضا
صالح أنت وصلت بالسلامة
ابتسم دون أن يشعر ولكن سرعان ما اختفت ابتسامته بعدما أخذت تخبره عن إعجابها الشديد بثوب الزفاف الذي أرسله لها
وبصوت خاڤت وخجل وقد وقفت سما ابنه عمها أمامها ترمقها بنظرة ضيقة
أنا فرحانه أوي يا صالح بالفستان ذوقك جميل
تجمدت عيناه على الطريق لقد فعلها السيد شاكر أكمل رسم الدور ببراعه ليجمل صورته أمام عروسه
تمالك نفسه حتى يستطيع إخراج صوته بنبرة هادئة
أخذت تخبره عن مدى إعجابها بالثوب وسرعان ما تداركت ثرثرتها الكثيرة عن الثوب دون أن تسأله عن حاله ورحلته
أنا اسفة إن الكلام اخدني ومقولتكش حمدلله على السلامة
الله يسلمك يا زينب
بكلمات مقتضبة سريعة أنهى مكالمته معها ليلتف برأسه نحو علبة ثوب الزفاف يرمقه بسخرية
توقفت قدماها عن السير عندما التقطته عيناها وهو يقف أمام السيارة وفي حضنه ابنة شقيقه التي رأت صورتها من قبل وعلمت بوصلها ليلة أمس
نظرت نحو عمها الذي كان يسرع في مسح زجاج السيارة الأمامي
أين هي وأين هذا الرجل الذي تعيش داخل أسوار منزله لأن عمها سائقه
إنها تفتخر بعائلتها الصغيرة التي أتت عليهم كضيفة وراضيه بوضعهم ووضعها لكنها تعلم كيف تسير الحياة
ابتسم عمها لها عندما انتبه على قدومها فأسرعت إليه لتعطيه جزدانه
تعالي يا لولو
هتف بها عمها فقالت
نسيت المحفظة على الترابيزة قولت الحقك
قبل ما تخرج
قالتها ثم ألقت التحية عليهم
صباح الخير
التمعت عينين عزيز وضجت عيناه بلهفة عند رؤيتها
صباح الخير
رد عزيز عليها تحيتها ثم نظر لابنة شقيقه التي أخذت ترمق ليلى بنظرة فاحصة
دي ليلى يا نيرة بنت اخو عمك عزيز
رفعت ليلى عيناها نحو نيرة التي هزت رأسها وخرج ترحيبها بإقتضاب لم تقصده
اهلا يا ليلى
تلاشت ابتسامة ليلى بعدما شعرت بالإهانة من حديثها المقتضب
دي بقى نيرة هانم يا لولو
قالها عمها وهو ينظر لها فعادت ليلى ترسم ابتسامتها بصعوبة على محياها
لاحظ عزيز الأمر وقد شعر بالضيق من عدم ود ابنة شقيقه مع ليلى رغم أنها ودودة ولطيفة بطبعها
أنا متأكد إنكم لما تتعرفوا على بعض هتكونوا صحاب يا نيرو
قالها عزيز فاماءت برأسها
اكيد يا عمو
وسرعان ما كانت تخرج شهقتها وأسرعت نحو الداخل وهي تتمتم
شوف عمال تتكلم وخلتني انسى علبة السندوتشات بتاعتك
هز رأسه بيأس ونظر نحو ليلى و عزيز سائقه
شايفين بعد العمر ده كله اروح الشغل بعلبة سندوتشات
ألقاها بدعابة حتى يرى ابتسامتها لكنها استدارت بجسدها ورحلت بعدما هتفت بخفوت
عن إذنكم عشان الحق الشغل
تعالى يا عم سعيد شوف البيه كان عايز ينسى السندوتشات اللي احنا جهزناها ليه
هتفت بها نيرة وقد آتى ورائها العم سعيد
وقف يبتسم على أفعال ابنة شقيقه والعم سعيد لكن عقله كان مشغولا مع تلك التي ابتعدت
رفع عيناه لأعلى بعدما استمع إلى تمتمت والدته
ما شاء الله طالعه زي القمر
عيناه تعلقت به وقد تأبطت ذراع جدها ونزل بها بخطوات متمهلة من أعلى الدرج
شعور غريب شعر به وقد انحبست أنفاسه وهو يتأمل تفاصيلها
التهمها بنظراته ولن ينكر أنه راضي تماما هذه المرة على أمر زواجه لكن عناده مع جده هو المسيطر في هذا الزواج
غامت عيناه بذكريات الماضي الموحشة لتعود له الحقيقة مجددا
إنها العروس التي اختارها له جده لإنجاب طفل سليم ليحمل اسم عائلة الزيني كما اختار له سارة ابنة عمه من قبل ليحصل على نسل ممتد من دمائه
يتبع
سهام صادق
ظنها دمية بين أصابعه
الفصل الثاني والعشرين الجزء الأول
نظرت ليلى إلى أكواب العصير بابتسامة راضية ثم حملتها وخرجت من المطبخ وقد ارتفعت أصوات ضحكاتهم عاليا
تقدمت منهم وعلى محياها ارتسمت ابتسامتها الرقيقة لتتجه نيرة بأنظارها نحوها
عرفتي منين إني بعشق عصير الفراوله
ابتسمت ليلى وهي تمد لها يدها بكوب العصير ثم انتقلت بعينيها نحو زوجة عمها وسرعان ما كانت تتجه نيرة هذه المرة بأنظارها نحو عايدة السعيدة بزيارتها لهم في مسكنهم
اكيد طبعا عايدة
قالتها نيرة التي تحب دوما منادتها باسمها ثم مدت يدها نحو عايدة الجالسة جوارها لتلتقطها بحب
لا وكمان عملتلك كيكة الشيكولاته شوفتي غلاوتك عندها
قالتها شهد ثم مطت شفتيها بعبوس
لكن تيجي عند شهد وكل حاجه تتأجل
ارتفعت ضحكاتهم على تذمرها الطفولي وقد ڼهرتها
عايدة التي صارت تيأس من أفعالها الطفولية
قولي بقى إنك غيرانه مني
قالتها نيرة وهي تنظر نحو ليلى التي ابتسمت
دلوقتي مبقتش أنا بس اللي بشاركك في عايدة فيه ليلى كمان
ازداد عبوس شهد فارتفعت ضحكات نيرة على عبوسها تركت نيرة مشروبها ونهضت من جوار عايدة واتجهت إليها لتخرج من جيب سترتها علبة صغيره بها سلسال من الذهب يشبه ما ترتديه حول عنقها
وقعت عيني شهد على السلسال الصغير وسرعان ما كانت تخرج شهقتها دون تصديق
ده شبه بتاعك
ابتسمت نيرة وهي ترى سعادتها وقد أسرعت شهد باحتضانها بعدما تمعنت بالنظر إلى السلسال بنظرة فرحة
هو إحنا عندنا أغلى منك يا شوشو
أنا بحبك اوي يا نيرة البيت ملهوش طعم من غيرك
نظرت نيرة إلى عايدة و ليلى وقد أخذوا يتابعون المشهد بصمت ثم غمزت إليهم قبل أن تتمتم بمرح
مش من شوية كنتي مستكتره دلع عايدة ليا الكام يوم اللي قعداهم معاكم
أنا قولت كده
أشارت شهد نحو حالها واصطنعت البراءة وسرعان ما كانت ترتفع أصوت ضحكاتهم مرة أخرى
انضم إليهم العم سعيد الذي صارت ملامحه هذه الأيام مبتهجة لعودة البهجة للمنزل
هروح اقطع الكيكة
قالتها ليلى بعدما تذكرت أمر الكعكة التي أعدتها
عايدة إلى نيرة
ابتسم العم سعيد وهو ينظر نحو ليلى التي نهضت للتو واتجهت نحو المطبخ
اتعرفتي على لولو وحبتيها يا ست البنات
قالها العم سعيد فابتسمت نيرة ونظرت إليه
وبقينا صحاب كمان
كانت السعادة تتجلى على ملامح ليلى وهي تقطع الكعكة وتستمع إلى حديثهم عنها
امتعضت ملامح العم سعيد عندما تذكر وجود سمية بالڤيلا وقد كثر تواجدها منذ عودة سيف
مالك يا راجل يا عجوز كشرت فجأة ليه
تساءلت وهي تنظر إلى عايدة التي انشغلت في حياكة أحد الأثواب وقد هزت لها رأسها بيأس من عدم فهمها لأحوال شقيقها
تنهيدة طويلة خرجت من شفتي العم سعيد ثم أخذ يضرب كفوفه ببعضهما
مش عجباني جوازة سيف بيه من الخوجاية بقي يسيب بنات بلده ويروح يجبلنا واحده لا نعرف ليها اصل ولا فصل كان عقله فين
حدجته نيرة بعدم رضى فهي لم يعجبها طريقة زواج شقيقها وقد أخفي زواجه عنهم لينكشف كل شئ فجأة
نقول إيه يا عم سعيد النصيب
هو صحيح هيعمل ليها فرح
تساءلت شهد وقد أصرفت نظرها أخيرا عن السلسال الذي ارتدته
اه يا شهد مصمم إن الناس كلها تعرف بجوازه ده غير الهانم عايزه تعمل الفرح اللي وعدها بيه
تجهمت ملامح العم سعيد الذي لم يبتلع حتى اليوم تلك الزيجة وسرعان ما كان يخرج منه الكلام دون ترتيب
ما دام الباشمهندس اتجوز يبقى لازم تقنعي عزيز بيه يتجوز يا ست البنات أنا قلبي تعبني معاه
توقفت ليلى مكانها وقد اختراق الكلام أذنيها غادرت تلك السعادة التي كانت تحتل ملامحها منذ لحظات وانحبست أنفاسها وهي تتخيل اليوم الذي سيتزوج فيه سيد هذا المنزل
بحاول أقنعه يا عم سعيد حتى إني اقترحت عليه عمة واحده من صحباتي دكتوره جامعيه ومن عيلة كبيره ومناسبه اجتماعيا ليه
تهللت أسارير العم سعيد عندما استمع إلى مواصفات العروس التي وقع الإختيار عليها
أنت من جهة وانا من جهة و نيهان بيه كمان معانا لحد ما نقنعه ده يوم المنى يوم ما اشوف البيه مع عروسته
ابتسمت عايدة كما ابتسمت شهد وقد تمنوا هم أيضا هذا اليوم لكن سرعان ما تلاشت تلك السعادة التي احتلت ملامح شهد وهي تفكر في حالهم عند يصبح لهذا المنزل سيدة هل ستعاملهم مثلما يعاملهم السيد عزيز أم سيحدث مثلما تسمع وترى في المسلسلات
ارتعشت يدي ليلى وأغمضت عيناها بقوة حتى تستطيع طرد تلك الدموع التي علقت بأهدابها
مالك يا لولو واقفة عندك كده ليه
تساءل عمها الذي دلف للتو إلى المسكن واندهش من وقوفها وقد اتجهت أعينهم نحوها بعدما انتبهوا على صوت عزيز
انتهى العرس الذي حضره العديد من رجال المال والسلطة وقد تم إقامته في أفخم فنادق البلد
اختفت تلك البهجة التي كانت تحتل مقلتي زينب عندما أتت لحظة وداع جدها وإدراكها أنها ستذهب لمنزل آخر تعيش فيه
حضنها نائل بقوة وقد سقطت دموعه وقد تأثر شاكر ووالدي صالح بالأمر
يا نائل زينب في عنينا
قالها شاكر الذي كانت السعادة تحتل ملامحه فقد تحقق مراده أخيرا
وكمان يا راجل يا شايب ده ربع ساعة بالعربيه تكون عندها أو هي عندك يلا يا صالح خد مراتك
ابتعد نائل عن حفيدته بعدما اجتذبه هشام ابنه البكر وقال مازحا لعله يداري حقده
هتخليها ټعيط ومتروحش مع جوزها يا سيادة اللوا
أنا عايزها تروح معايا
تمتم بها نائل بصدق وجذب يد زينب وقد وقف جميع أفراد العائلة مدهوشين من فعلته
اجتذب صالح ذراع زينب التي صارت محاصرة بينهم وكل منهم يجذبها نحوه
اعذرني يا نائل باشا خلاص بقت بتاعتي
توردت وجنتي زينب من شدة الحرج بعد تصريح صالح بملكيته لها وقد ابتسم نائل بعد حديثه
احتل المقت بعض الأوجه فابنة أسامة ابتسم لها الحظ وحظت بزيجة تتمناها الكثير من العائلات
ربت نائل على كتف صالح بعدما نظر نحو حفيدته الغالية
حطها في عينك يا بني دي امانتي ليك
ولم تكن الكلمة إلا جمر ملتهب وضع على قلبه
تنهيدة عميقة حررتها ليلى من أسفل الغطاء الذي غطت به كامل جسدها حتى لا تنتبه شهد على بكائها الذي رثت به حالها بعد
متابعة القراءة