رواية ظنها دمية بين أصابعه (الفصل الأول إلى الخامس والأربعون) بقلم الكاتبة سهام صادق
المحتويات
تفاجأ اليوم أن منزل القطه الذي صنعه كان يقابل شرفة مكتب سيده
أنا إزاي مأخدتش بالي وأنا بعمل قفص القطه الله يسامحك يا سعيد بقى تعمل قفص القطة قدام مكتب البيه
تمتم بها العم سعيد بحنق من حاله فانتبه عزيز على نفسه واستدار ناحيته
مفيش مشكله يا راجل يا طيب أنا مش متضرر من ده الجنينه واسعه
انتفض قلب عزيز وتلاشى اللين الذي احتل ملامحه عند رؤياها وقال بلهفة أخفاها سريعا
قولتلك يا راجل يا طيب أنا مش متضرر من ده القطه خلاص اتعودت على المكان بتاعها
أراد العم سعيد الإعتراض مجددا لكنه قاطعه قائلا
روح ارتاح يا عم سعيد أنت النهاردة طول اليوم واقف على رجليك ولا أنت مبتتعبش يا راجل يا عجوز
نظرة ڼارية رمق بها عزيز تلك التي اقتربت منه لتلقي عليه تحية الصباح بلغتها
تجاهلها عزيز واتجه نحو غرفة مكتبه فاستدارت كارولين نحو سيف الذي دلف للتو من باب المنزل وقد شاهد الأمر
ما الأمر سيف
قولتلك اطلعي غيري هدومك هنا مش زي أمريكا
تأففت بصوت مسموع وتحركت من أمامه نحو الأعلى فرمقها وهو يظفر أنفاسه بقوة ثم تحرك نحو غرفة مكتب عمه
صباح الخير
هتف بها سيف وهو يغرز أصابعه في خصلات شعره وقد شعر بالحرج مما حدث
بصوت تخلله الجمود تمتم عزيز
صباح النور
فهم مراتك قوانين بيتنا يا ابن الزهار ولا عيشتك بره نستك الأصول وعوايدنا
أخفض سيف رأسه بحرج شديد فملابس كارولين كانت بالفعل غير لائقة لترتديها أمام عمه
أنا آسف يا عمي ومعلش اعذرها هي لسا متفهمش نظام حياتنا ومع الوقت هتتأقلم
لم يعجب عزيز رد ابن شقيقه فأشاح عيناه عنه
هز سيف رأسه ثم أخذ يحرك يده على عنقه بتوتر متمتما بصوت خاڤت
حاضر
أسرع عزيز السائق بصعود السيارة بعدما أشار له عزيز بالتحرك نحو عملهم
الوجوم الذي احتل ملامح عزيز كان واضحا هذا الصباح فتنحنح عزيز السائق حرجا وسأله
أنت كويس يا عزيز بيه
رفع عزيز عيناه عن هاتفه ونظر له
ابتسم عزيز وهو يتحرك بالسيارة ببطئ نحو البوابة
بخير يا عزيز بيه وقريب هتفك الجبس
عبرت السيارة بوابة المنزل وانغلقت البوابة بعد خروجها
عاد عزيز لتصفح هاتفه لكنه رفع عيناه بعدما تمتم عزيز سائقه بالكلام
شكل ليلى متأخرة على شغلها
قالها عزيز السائق وهو ينظر نحو ابنة شقيقه التي تسرع بخطواتها نحو الطريق الرئيسي لتجد مواصلة تأخذها إلى الحافله التي تقلها للمصنع
أقف ليها يا عزيز أنا رايح المصنع
أوقف عزيز السيارة وقد ابتعدت قليلا عن مكان ليلى واستدار برأسه متسائلا بدهشة
أنت كانت قايل إننا هنروح معرض الزهراء النهاردة
هرب عزيز بعينيه بعيدا عنه حتى لا يرى تلك اللهفة التي تضج بعينيه عند سماع اسمها أو رؤيتها
افتكرت إني عندي اجتماع مع مهندس الإنتاج في المصنع
حرك عزيز رأسه بتفهم وابتسم وهو يطلق بوق السيارة حتى تتوقف ليلى عن سيرها
اقتربت ليلى منهم وقد علت الدهشة ملامحها من وقوف السيارة جانب الطريق
فتح عزيز زجاج السيارة ونظر لابنه شقيقه وقد أخذت تزفر أنفاسها بقوة بسبب سيرها بخطوات سريعة
تعالي يا ليلى نوصلك في طريقنا عزيز بيه رايح المصنع
ارتبكت ليلى ونظرت إلى عمها وهي لا تعرف بما تجيبه فتلك المرة التي ذهبت فيها إلى المصنع معهم انتشر الحديث ولم يرحمها البعض من اسئلته عن مدى تقارب عمها من السيد عزيز
أنا هاخد مواصله من على أول الشارع وإن شاء الله هلحق باص الشركة
اخترق حديثها سمع عزيز وتوقفت يده على شاشة هاتفه وأخذ يتساءل داخله هل رفضت بالفعل عرض توصيلها
يا بنتي وليه تتعبي نفسك في المواصلات وإحنا رايحين المصنع
قطب عزيز حاجبيه وارتكزت عيناه عليها
نظرت نحوه بنظرة خاطفة التقطتها عيناه وكادت أن تتحدث فقاطعها قائلا بعدما عاد يصطنع الإنشغال بهاتفه
عمك كلامه صح أنت في طريقنا وممكن متلحقيش الباص
نظرت له ثم إلى عمها بقله حيله
يلا يا ليلى عشان منأخرش عزيز بيه
صعدت السيارة بعدما لم تجد ما تخبر به عمها دون حرج
خفق قلبه الخائڼ لوجودها قربه ولم يجد إلا اصطناع العبوس حتى لا ينفضح أمره وتظهر مشاعره
وفي حضورها كانت أنفاسه تسلب وفي حضوره كانت الحقيقة تتجلى بوضوح أمام عينيها
أين هي و أين هو
وضعت زينب الحقائب الكثيرة التي تحملها جانبا وجلست على أحد المقاعد تزفر أنفاسها بتعب
كانت السيدة حورية مثلها تضع ما تحمله جوار مقعدها
برضوه مصصمه منتغداش سوا
شعرت زينب بالحرج منها فهي لا تستطيع تناول الطعام دون جدها وقد وعدته أنها ستأتي قبل الرابعة عصرا ليتناولوا طعامهم سويا
سامحيني يا طنط وعدت جدو نتغدا سوا
ابتسمت حورية بحبور وربتت على يدها بمحبة حقيقية
ولا يهمك يا زينب أنا مش عارفه هتعملي إيه لما تبعدي عنه
ابتسامة واسعة ارتسمت على شفتي زينب عندما تذكرت ما أخبرها به صالح في إحدى مكالمتهم القليلة
صالح قالي تقدري تروحي ليه على طول لأنه اغلب الوقت بيكون في شغله
لا
تعلم لما عندما نطقت هذا الكلام شعرت بشعور سئ عكس وقتما أخبرها فعمله يأخذ كل وقته وهذا ما حدث عندما ذهب لمهمة التدريب التي يرأسها هو
هو الشغل دايما واخد كل وقته
تساءلت بها بخجل فنظرت لها حورية وهي لا تعرف بما تخبرها
للأسف شغل صالح متعب وهو بيحب شغله اووي ف دايما حاطه في المرتبة الأولى في حياته
نظرت إليها زينب ثم فركت يديها معا وقد تحرر أخيرا الكلام من شفتيها
حتى مكالمتنا قليله ومبعرفش اوصل ليه لما بكون عايزه اكلمه واسأله عن حاجة
لم تعرف السيدة حورية كيف تجيبها ولم يخلصها من هذا الحرج إلا قدوم النادل
استطاعت السيدة حورية رسم ابتسامتها الجميله وقد أخفت داخلها ڠضبها من تصرف ابنها فحتى المكالمات الهاتفيه يحرم الفتاة منها
خلينا نشرب حاجة ترجع لينا نشاطنا ونلحق نخلص قبل الساعه تلاته عشان متتأخريش على نائل بيه
في الوقت الذي تعلم فيه محادثة ابنها لصغيره كانت تقف قرب الصغير منتظرة إنهاء محادثتهم
التقط السيدة حورية الهاتف من يد نعمات بعدما أنهى صالح حديثه مع صغيره وأخبره أنه يحبه بشده وسيعود قريبا
اندهشت نعمات من تحرك السيدة حورية بالهاتف للخارج واتجهت نحو غرفتها
قولي اخر مرة كلمة فيها خطيبتك كان امتى
لم ينطق صالح بكلمة لأنه بالفعل لا يتذكر أخر مكالمه كانت لهم ربما كانت بالأسبوع الماضي
البنت بعد اسبوع هتكون مراتك عارف يعني إيه مراتك
مساء الخير يا دكتورة حورية
ببرود ألقى صالح عليها السلام فامتقعت ملامحها پغضب
والله خسارة فيك البنت ديه للأسف المرادي في عنادك مع جدك أنت الخسران يا صالح
رسالتك وصلت يا دكتورة
زفرت حورية أنفاسها بقوة وهتفت بيأس منه
هترجع امتى فرحك بعد اسبوع يا استاذ
تحرك صالح بالغرفة التي يقيم بها وأخذ يفك أزرار قميصه ثم جلس على الفراش بإرهاق
هنزل بعد يومين
صالح لآخر مرة بسألك لو مش عايز زينب قول حرام تظلم البنت معاك
نظر لها صالح طويلا لتقطع صمته قائله بدهاء
أنا شايفه إن البنت بقت متردده في موضوع جوازكم وأنت اللي هتكون خسران
تلك النيران التي رأتها السيدة حورية في أعين ابنها قبل إنهاء المكالمه جعلتها تتأكد أن ما يفعله ما هو سوى عناد مع جده تتمنى أن يفيق منه قبل فوات الأوان
ضحك نائل من قلبه وهو يضمها لأحضانه بعد مزاحها له بأنه دوما سيظل الرجل الأول الذي امتلك قلبها
طيب و صالح هيكون إيه يا بنت أسامة
توقفت زينب عن الضحك بعد سؤال جدها فضاقت حدقتي نائل بحيرة عندما رأي صمتها وقد انتابه الشك
مالك يا زينب اوعي يكون حفيد شاكر زعلك في حاجه أنا أصلا عايز افركش الجوازة ديه البيه بدل ما تتعرفوا على بعض الشهر ده قام سافر مهمة تدريب كان أجلها او وكل المهمة ديه لغيره
ابتعدت زينب عن أحضان جدها وكادت أن تتحدث لكنه أشار إليها بالصمت
هاتي التليفون بتاعي خليني اكلم جده
يا جدو اسمعني
قولت هاتي تليفوني
قطع نقاشهم ارتفاع رنين هاتفها نظر لها جدها بعدما التقطت الهاتف وقد التمعت عيناها باللهفة لرؤيتها اسمه
مالك يا بنت أسامة
أخفضت زينب عيناها بخجل من نظرات جدها ونهضت من جانبه وتحركت
ده صالح يا جدو هدخل اكلمه
رمقها نائل بنظرة طويلة بعدما ابتعدت عنه وزفر أنفاسه بقوة حفيدته وقعت في غرام هذا الرجل رغم افتقار لقائاتهم
ما انت مجرب الحب يا نائل بيجي من غير ميعاد ياريت يا زينب حظك يكون احسن من اللي اتسميتي على اسمها ويعرف ابن الزيني قيمتك
نظرت لها عايدة بأسف وهي تراها منهمكة في تحضير صنف الطعام الذي طلبه السيد سيف منهم
سامحيني يا ليلى حتى يوم اجازتك مش سيباكي ترتاحي فيه ولا تخرجي زي البنات
الټفت ليلى نحوها بعدما انتهت من سكب محتوى الصنف الغربي في وعاء الطهي و ارتسم العبوس على ملامحها
هو ليه مش مصدقين إني بكون مبسوطه وأنا بساعدكم
بنت أصول يا بنتي الله يرحم اللي احسن تربيتك واللي جيتي من صلبهم
قالها العم سعيد بعدما دلف المطبخ واستمع إلى ردها الذي أبهج قلبه
سعيد أمتى هتيجي البنت اللي هتساعدني
يومين وهتيجي يا عايدة اختيار خدامة أمينة في الزمن ده بقى صعب اووي
واصلت عايدة تحريك الملعقة في إناء الطعام وردت قائلة
أفراد البيت رجعوا يزيدوا تاني يا سعيد وانا وأنت الصحة مبقتش زي زمان
هز سعيد برأسه فقد عاد الغائب لهم بعروس لا يرى فيها خيرا
مر الوقت الي أن جاء وقت تقديم الطعام وقد انسحبت ليلى وعادت إلى المسكن لتسرع في تحضير الطعام لهم
عندما تعلقت عينين كارولين بصنف الطعام الذي اشتهته هللت بسعادة
رائحته شهية حبيبي اشتقت لهذا الطعام
طبعت قبلة خفيفة وسريعة على شفتيه أتى عليها عزيز الذي لم يعجبه الأمر
امتعضت ملامح العم سعيد أما عايده أشاحت عيناها واستكملت مهمتها في وضع أطباق الطعام
اكل عايدة كله يفتح النفس تسلم ايديكم
قالها عزيز بعدما جلس على مقعده فابتسم سيف واقترب من عايدة ليقبل رأسها
تسلم ايدك
ابتهجت ملامح عايدة وربتت على خده بحب
بالهنا والشفا بس صنف الطعام اللي طلبته مني مخصوص مش أنا اللي عملاه
لم ينتظر العم سعيد إكمالها لكلامها وقال بفخر وهو ينظر لهم
ليلى هي اللي عملته
ظنها دمية بين أصابعه
الفصل الحادي والعشرين
تحولت ملامح وجهه إلى الوجوم بعدما سقط كلام العم سعيد علي مسامعه
شعور سئ اقتحم فؤاده عندما علم أنها مازالت تستمر بطهي الطعام وكأنها خادمة في منزله
هو لا يعتبر عائله العم سعيد خدم لديه ولكن مساعدتها ل عايدة بالمطبخ من وقت لأخر صارت تزعجه خاصة منذ أن بدأت تغزو قلبه وأفكاره
أنت مش قولت في واحده هتيجي تساعد
متابعة القراءة