رواية ظنها دمية بين أصابعه (الفصل الأول إلى الخامس والأربعون) بقلم الكاتبة سهام صادق
المحتويات
وتأتي بعد الساعة الثامنة
تنهيدة طويلة خرجت منها ثم اتجهت نحو فراشها وجلست عليه لتفتح غطاء العلبة
التمعت عيناها بالدموع وهي ترى كعب الحذاء تم إصلاحه
دلف عزيز غرفة مكتبه وقد اقتحمه شعور الضيق من حاله
اجتذب خصلات شعره بضيق ثم أطلق زفيرا طويلا إنه لا يصدق فعلته
أخذ يدور بالغرفة دون هوادة إلى أن اقترب من شرفة غرفة مكتبه وأزاح الستار جانبا وقد ظن أنه سيهرب من اقتحامها لرأسه هذه الليلة
يتبع
بقلم سهام صادق
الفصل الثالث عشر
كفاية يا سعيد
قالتها عايدة وهي تحاول إبتلاع طعامها بعدما سيطرت عليها نوبة من الضحك بسبب احتقان وجه ابنتها وعبوسها
بكره هتقول دكتوره شهد جات دكتوره
شهد راحت
وطول ما أنت مسكالي في ايدك البتاع اللي شبه التليفون ده هنقول دكتوره
كفايه بقى يا سعيد بلاش تناكف فيها بنتي وأنا عارف انها هترفع راسي
قالها عزيز الذي خرج عن صمته ودافع عن صغيرته
إن شاء الله هتكوني أشطر دكتوره يا شهد
تمتمت بها ليلى وهي تنظر نحو شهد التي التمعت عيناها بسعادة فهذا حلمها الذي تنتظره بشوق
صحيح يا عايدة عزيز بيه شكر ليلى بنفسه على طاجن البسلة مش قولتلك ضاعت عليكي
هربت ليلى بعينيها بعيدا وتخضبت وجنتاها تكسوها حمرة خجل خفيفة
لولو أنت اتكسفتي ولا إيه
صاحت بها شهد بملاطفة فازداد توتر ليلى التي ازدردت لعابها
أبيه عزيز مش بيمدح في حاجه غير لو كانت عجبته فعلا
شكلها راحت عليكي يا دودو
هزت عايدة رأسها يائسة من ابنتها وشقيقها
متحاولوش تعملوا فتنة بيني وبين ليلى أنا عايزاها أشطر مني في كل حاجة
التمعت عينين عزيز بحب عندما تلاقت عيناه بأعين عايدة زوجته
أسرعت ليلى بالنهوض من مقعدها خشية أن يسألها العم سعيد عن تلك العلبة التي كانت تحملها عندما رأها واقفة معه
أنا هعمل شاي
ألقت كلمتها واتجهت نحو المطبخ هاربة من حصارهم
ابتسم عزيز وهو يشيعها بنظرات حانية
بلاش تحرجوها انتوا عارفينها بتتكسف من أي كلمه
قالها عزيز قاصدا بكلامه كلا من شقيق زوجته العم سعيد وابنته
أنا رايح الڤيلا أشوف عزيز بيه
هقول ل عزيز بيه إنك هتعمليله طاجن ورق عنب يا لولو
أثارت زيارات شاكر الريبة داخل نائل لكن مع الوقت تلاشت شكوكه بعدما بدأ شاكر يخبره بوحدته
فجدران قصره صارت بلا روح بعد ۏفاة حفيدته ورحيل صالح من المنزل وأخذ صغيره معه حتى والدي صالح ذهبوا للعيش بالمزرعة وتركوا إدارة المشفى لابن شقيق حورية زوجة ابنه
اجتمع نجيب و شاكر اليوم في منزل نائل الذي قلما فضل الخروج من المنزل
جيبنا أكلة السمك معانا وقولنا نيجي ناكلها معاك يا نائل
قالها نجيب الذي دلف إلى الداخل وخلفه شاكر الذي اتبعه سائقه يحمل أكياس الطعام
مكنش ليه لزوم كل ده
تمتم بها نائل وهو ينظر إليهم بعدما تحركوا نحو طاولة الطعام ووضعوا الطعام عليها
ما أنت مرضتش تقبل العزومة قولنا نجيلك بالأكل
تحرك نائل نحوهم ونظر نحو الطعام وهو يهز رأسه بيأس
ما أنا قولتلك يا شاكر مبخرجش كتير عشان زينب
هي فين زينب صحيح
تساءل شاكر عنها وقد تعلقت عينين نجيب بهما
نزلت تشتري حاجة وزمانها راجعه
يبقى نستناها عشان تتغدا معانا
هتف بها نجيب وقد أغلق علب الطعام ثم سحب أحد المقاعد وجلس عليه
تفاجأت زينب عند دلوفها من باب الشقة وصياحها باسم جدها بوجود أصدقائه معه
أسرعت بوضع يدها على شفتيها حرجا بعدما وجدت أنظارهم عليها قائلة بصوت خفيض
مكنتش فاكرة إن عندنا ضيوف يا جدو
هو إحنا برضوه ضيوف
يا زينب
قالها نجيب الذي نهض من مقعده وأسرع بفتح علب الطعام بعدما بدأ الجوع يطرق أبواب معدته
ارتسمت الحيرة على ملامح زينب ونظرت إلى جدها الذي ابتسم إليها
جدك شاكر و جدك نجيب عزمينا على الغدا هاتي الأطباق والشوك وتعالي
شوك إيه يا نجيب مالها ايدينا
قالها شاكر ببساطة وقد رمقه نجيب بنظرة ضاحكة
شاكر الزيني نزل من عرش ولاد الذوات وهياكل بايده
اسكت يا راجل يا شايب
بنتي هاتي الأطباق لأننا مش هنخلص من تريقتهم على بعض
استمرت ضحكاتهم أثناء تناولهم وجبة الغذاء وقد استعاد ثلاثتهم ذكريات تخرجهم من الكلية الحړبية وعملهم سويا بالجيش ولكن شاكر لم يستمر طويلا في خدمته العسكريه واستقال
أحلى شاي بالنعناع بتعمله زوزو
قالها نائل عندما تقدمت حفيدته بأكواب الشاي الذي تصاعدت أبخرته واقتربت منهم لتناولهم الأكواب
تسلم ايدك يا بنتي
تمتم بها شاكر بنبرة لطيفة ثم تناول منها الكوب وارتشف منه ليتمزج بمذاقه ويمدحه
ارتفعت زاوية شفتي نجيب بدهاء بعدما بدأ يفهم نوايا صديقه وتقربه من عائلة نائل
أخدت علاجك يا جدو
لطم نائل
جبينه بخفة بعدما ذكرته بالدواء الذي يتناوله بعد الغذاء
برضوه نسيت أعمل فيك إيه
تمتمت بها زينب ثم أسرعت لتجلب له حبة الدواء
لم تنزاح عينين شاكر عن زينب التي فور أن ابتلع نائل حبة الدواء وارتشف الماء قالت
بالشفا يا حبيبي
رقيقة جميلة هادئة والأهم خصالها جيدة هذا ما يريده في زوجة حفيدة
مش كفاية عليا المادة اللي بذاكرها
توقفت ليلى عن حياكة أزرار بلوزتها وارتفعت ضحكاتها من تذمرها
ممكن تكون عايزه تشرب مية أو بردانه يا شهد
ما أنا حطيتها جوه كرتونه يا ليلى
نهضت ليلى من على الفراش وقد تركت ما بيدها جانبا
خلاص هخرج أشوفها
لو عرف إن فيه قطة برا هياخدها ويحطها قدام البوابة أصله مبيحبش القطط
استمرت القطه في مواءها فهزت شهد رأسها بيأس
القطه دي مصممه تفضحنا النهاردة مع خالي
انا هخرج أشوفها
لااا استني افتحي الشباك أسهل هي تحت الشباك
قالتها شهد بعدما عادت لډفن رأسها في كتابها الذي يأست من فهم صفحاته
أنت حطاها تحت الشباك بتاع أوضتنا
تساءلت ليلى واقتربت من النافذة ثم أزاحت الستار لفتحها
ده ءأمن مكان ليها من خالي واهو خير تعمل شړ تلاقي
ارتفعت قهقهة ليلى على فكاهة ابنة عمها وفتحت النافذة وقد نست تماما أن ترتدي شئ فوق منامتها بل وغفلت عن إرتداء وشاح رأسها
حسابك معايا عسير يا معتز بقى هي دي الأمانة اللي سلمتها ليك
شعر معتز بالحرج وهو يستمع إلى توبيخ عزيز وقد تحولت عيناه نحو نيرة التي كانت تستمع إلى عتاب عمها لهم
صدقني يا عزيز بيه مكنتش عايز أخبي عليك اللي حصل بس اقول إيه نيرة صممت مقولش ليك عشان متقلقش
زفر عزيز أنفاسه بقوة لا يصدق أن ابنة شقيقة أخفت عليه أمر إجهاضها
أسرعت نيرة بإلتقاط الهاتف من زوجها تهتف بإعتذار مجددا
أنا آسفة يا عمو أنا مكنتش عايزه أخبي عليك وفي نفس الوقت مش عايزه اقلقك عليا
هو أنا عندي أغلى منك ومن أخوكي يا نيرة
جلي الحزن بوضوح على ملامح نيرة وقد أطرقت رأسها بخزي من فعلتها
هشوف حجز النهاردة وبكرة إن شاء الله هكون عندك في كندا
يا عمو قولتلك إني بقيت كويسه دلوقتي و معتز واخد باله مني كويس الحكاية عدا عليها اسبوع
زفر عزيز أنفاسه بضيق بعدما عادت تخبره بالمدة التي أخفت عنه فيها ما حدث لها
هجيلك كندا يا نيرة ولما اجي عتابي هيكون على جوزك
أنهى عزيز المكالمة معهم ثم ألقى الهاتف على مكتبه وأغلق جفنيه بإرهاق
نهض من فوق مقعده واتجه نحو الشرفة التي تحتل غرفة مكتبه
أزاح الستار قليلا ليفتح النافذة وقد اخترق أذنيه صوت تلك التي انحنت بجسدها نحو القطة لتلتقطها وترفعها من أسفل النافذة
القمر هذه الليلة كان في تمام إكتماله وقد تسلط ضوئه نحوها
ضاقت عيناه بنظرة التهمت تفاصيل تلك التي ضمت القطه إلى حضنها ثم أسرعت بغلق نافذة الغرفة
لولا ظلام الغرفة لكان أمره قد ڤضح عيناه ظلت للحظات عالقة بنافذة تلك الصهباء التي ظهرت له اليوم بفتنتها
أسرع عزيز بإزاحة الستار وابتعد
عن الشرفة يمرر أنامله فى خصلات شعره پعنف يكاد يقتلعهم
أطبق على جفنيه وهز رأسه ثم أخذ يتمتم ب الإستغفار
لا يصدق أنه بعد هذا العمر يقف كالمراهق يتأمل تفاصيل امرأة من وراء نافذته
معقول يا عزيز معقول تقف زي المراهق تبحلق فيها
ضيقه من حاله لم يستطيع إخماده وقد صعد إلى غرفته ليجهز حقيبة سفره وقد قرر داخل نفسه أنه حين عودته سيلفت نظر العم سعيد للأمر
في الصباح الباكر
صباح الخير يا بيه
قالها العم سعيد وقد استدار عزيز نحوه بعدما سحب فنجان قهوته بعدما امتلئ
هتشرب قهوة على الريق دقايق والفطار هيكون جاهز
أسرع العم سعيد نحو البراد ليفتحه ويقوم بتحضير الفطار لكن توقفت يد العم سعيد أمام حبات البيض قبل أن يلتقطهم
متحضرش حاجة يا عم سعيد أنا هشرب قهوتي وهروح المعرض أخلص شوية حاجات مع أستاذ جابر وهطلع على المطار
مطار أنت مسافر يا بيه
ارتشف عزيز من فنجان قهوته ثم أطلق زفيرا طويلا
نيرة
وقبل أن يواصل عزيز كلامه كان العم سعيد يقترب منه بلهفة ويتساءل
مالها نيرة يا عزيز بيه
تنهد عزيز ثم تجرع ما تبقى من قهوته دفعة واحدة
الطفل نزل الهانم مرضيتش تقولنا عشان مش عايزانا نقلق عليها
احتل الحزن ملامح العم سعيد بعدما أخبره بفقدها للطفل
ليه كده يا نيرة هانم قلبي كان حاسس إن فيها حاجه صوتها من يومين مكنش عاجبني وهي بتسألني عليك وبتوصيني على أكلك
وضع عزيز الفنجان الفارغ في حوض الجلي ثم اتجه إلى خارج المطبخ قائلا وهو يسرع بخطواته متجها لأعلى
خلي عزيز يجهز العربية عشان يوصلني المعرض وبعدين ياخدني للمطار
إدارة المدرسة اتصلت واشتكت من سلوك ابنك
قالها السيد شاكر وهو يطرق بعصاه وينظر نحو حفيده الذي وقف قرب الدرج منتظرا أخذ طفله
صالح أنا بكلمك
نوال اطلعي شوفي الولد اتأخر فوق ليه
تمتم بها صالح وقد تحركت الخادمة لأعلى لتنفذ أوامره
استنى يا نوال عندك
توقفت الخادمة مكانها تنظر إليهم في حيره
روحي المطبخ يا نوال
خرج صوت شاكر پحده وهو يرمق صالح الذي أشاح عيناه بعيدا عنه
ومتطلعش ليه تاخد ابنك بنفسك ولا خلاص حرمت على نفسك وجودك في القصر
القصر ده مملكتك أنت يا شاكر بيه
تجهمت ملامح شاكر واحتدت نظراته وقد أخذ يدق الأرض بعصاه بقوة من شدة غضبه
كل اللي بملكه
ملكك أنت يا صالح أنا بعمل كل ده
لم يكمل شاكر كلامه وقد سقطت العصاه منه وارتفع صوته بتهدج
أنت وريثي
استدار صالح ناحيته بفزع واتجه إليه بعدما احتل القلق عيناه
جدي رد عليا أنت كويس
التقط شاكر أنفاسه بصعوبه وقد صدح صوت صالح بصړاخ
عم حسن عم حسن اتصل بالدكتور بسرعه
ولم تكن اللهفة التي رأها شاكر في عيني صالح قبل سقوطه في غيبوبة مؤقته إلا إشارة له بأن حفيده ما زال يحبه مهما أظهر له غير ذلك
فتح شاكر عيناه بعد وقت وقد وجد صالح نائم على المقعد قربه وقد جلي الإرهاق بوضوح على ملامحه الوسيمة
انفرجت شفتي شاكر
متابعة القراءة