رواية ظنها دمية بين أصابعه (الفصل الأول إلى الخامس والأربعون) بقلم الكاتبة سهام صادق
المحتويات
الإصبع
ضحك العم سعيد وانسابت دموعها شوق
أنا مش عارف كان عقل عزيز بيه فين لما وافق يجوزك بعيد عننا
وهل نسى العم سعيد رفض عزيز التام ل معتز لأنه يعيش بعيدا عن الوطن ولكن الصغيرة هي من أصرت وألحت ولم يكن بيد عزيز شئ إلا الموافقة بعدما أدرك أن ابنة شقيقة تحبه
عندما صمتت نيرة عن الكلام أدرك عزيز بفطنته تأثر حبيبة قلبه بكلام العم سعيد
ابتسمت نيرة ثم عاد صوتها يرتفع بتلذذ وشوق ل طعام عايدة
ريحة محشي عايدة وصلت ليا كندا أول ما انزل مصر لازم عايدة تعملي كل الأكلات اللي بحبها
انتهت المكالمة التي أبهجت قلب العجوز سعيد ورسمت البسمة على وجه عزيز رغم شعوره بالشوق إليها
وضع العم سعيد أطباق الطعام وقد أسرع عزيز في إلتقاط أحد حبات الكوسة يلتهمها
ابتسم العم سعيد برضى وهو يراه يأكل بشهية وقرر العودة إلى المطبخ إلى أن ينتهي سيده من تناول وجبته
كان عزيز يقف بالمطبخ مع العم سعيد ينتظره أن ينتهي من صنع كوب الشاي له
حقيقي تسلم إيد عايدة النهاردة المحشي معمول بمزاج
ما ليلى كانت بتساعدها النهاردة وعملت خلطة المحشي
قالها العم سعيد وهو يناول عزيز كوب الشاي
ثم استطرد بكلامه وقد لمعت عيناه بفخر
يوم اجازتها بتحب تساعد عايدة
بصراحه من ساعة ما جات بتساعد
عايدة في شغل البيت البنت عزيزة النفس أوي يا عزيز بيه
سعل عزيز بشدة ثم أسرع بوضع كفه على فمه بعدما اختنق وهو يرتشف من كوب الشاي
سلامتك يا بيه
قالها العم سعيد بقلق ثم أسرع بجلب محرمة ورقية له
خد اشرب شوية مية
التقط منه عزيز كأس الماء وارتشف منه القليل ثم تنحنح وجلي حنجرته قائلا
اتجه عزيز نحو غرفة مكتبه وأغلق الباب ورائه سامحا لأنفاسه بالتحرر
حتى طعامها صارت معدته تهواه ألا يكفيه أنها بدأت تخترق رأسه
أغلق جفنيه ثم زفر أنفاسه بقوة وكعادته رفع يده نحو خصلاته يغرز أصابعه فيها
ظل للحظات واقف بتخبط بمنتصف الغرفة إلى أن تمكن من السيطرة على أنفاسه الهائجة واتجه نحو مكتبه ليبدأ في شغل عقله بأعماله
كان يغلق الأوراق التي أمامه وأيضا الجهاز اللوحي الذي يعمل عليه ثم فرك جفنيه وقد داهمه التثاؤب وشعر بتشنج عضلات جسده
نهض من مقعده وأغلق إنارة المصباح الصغير الذي يوضع على سطح مكتبه واتجه بخطواته نحو باب الغرفة ثم أغلق الأنارة بالكامل
خطواته التي كانت تتجه للخارج من الغرفة إنعرجت للداخل مرة أخرى
اقترب من نافذة شرفته ورغم مقاومة عقله له إلا أن شيئا داخله كان يدفعه لأن يزيح ستار الشرفة قليلا ويمنح عيناه حرية التأمل
ارتسمت الخيبة على محياه وهو يرى الشرفة مغلقة بإحكام حتى إنارة الغرفة مغلقة وقد كان يمني نفسه برؤيتها
اتسعت حدقتاه في صدمة أيعقل أن الأمر وصل به لهذا الحد
شكلك اټجننت يا عزيز
في اليوم التالي
وعلى طاولة الفطور التي ملئها العم سعيد بكل ما هو يفتح شهية سيده
ليه كل ده يا راجل يا طيب ليه محسسني إني مكنتش باكل حاجه
أسرع العم سعيد بتحريك طبق الفول لوضعه أمامه
وشك أصفر وبهتان
ارتفعت قهقهة عزيز من كلام العم سعيد
اه لو نيرة سمعتك دلوقتي
اكيد هي كمان ضعيفه ووشها بقى أد اللقمه
سعل عزيز بشدة بعدما توقفت لقمة الطعام بحلقه ليلتقط كأس الماء الذي أمامه ويبتلعه دفعة واحدة
أنت مشكله يا راجل يا طيب
أنهى عزيز طعام فطوره الشهي الذي لا يقارن مع أي طعام أخر
تحرك لمغادرة المنزل لكنه توقف عن حركته وقد عاد القرار الذي اتخذه يطرق رأسه
في حاجة يا بيه
تساءل العم سعيد بعدما انتبه على توقفه
أغمض عينيه ثم فتحهما وقد أوشك الكلام على الخروج من شفتيه لكنه ابتلعه في اللحظة الأخيرة
هو لا يستطيع إخبار
العم سعيد بأن تتوقف تلك الفتاة عن صنع الطعام له
مافيش حاجه يا عم سعيد
أسرع عزيز بخطواته واتجه نحو سيارته التي وقف
عزيز سائقه قربها
التقط نائل حديث حفيدتيه عن المدرسة التي تبعد عدة أمتار عن مسكنهم وقد أعلنت إدارة المدرسة عن حاجتها لمعلمات يجيدون اللغة الفرنسية
ليه متقدميش يا زينب قوليلي سبب مقنع يخليكي متقدميش والمدرسة قريبة منك يعني مفيش حجة
اسيب جدو لمين
أشاحت زينب عينيها عن ابنة عمها حتى لا تلتقط نظرة عيناها الکسيرة التي تحمل قلة حيلتها
خدي منها الورق وقدمي ليها أنت يا سما
قالها نائل وهو يتقدم منهن ثم بدأ يسعل قليلا
انتفضت كلا من زينب و سما واتجهوا ناحيته وعلى وجههن ارتسم القلق
مالك يا جدو
أنا كويس مش من مجرد شوية كحة هتخافوا عليا
ثم أردف بحزم وهو ينظر نحو سما التي التقطت يده ليستند عليها
زي ما قولتلك خدي أوراقها يا سما وقدمي ليها
بس أنا معنديش خبرة ومشتغلتش قبل كده
هذه كانت تبريراتها الدائمة التي تخبرهم بها دون مجازفة ثم تؤكد لهم بأنها تحب الجلوس بالمنزل ولا ترغب بالعمل
مالكيش دعوه بيها يا سما وقدمي ليها سامعه
حركت الأخرى له رأسها بموافقة ثم تساءل نائل بعدما جلس على الأريكة
هي المدرسة دي دولية مش كده
أكدت له سما باماءة من رأسها لتهتف زينب بعدما رأت جدية جدها بأمر تقديمها لهذا العمل
يا جدو أنا مش عايزة أشتغل
قطع نائل كلامها ونظر نحو حفيدته
اعرفيلي مين مديرها يا سما حاولي تجبيلي
معلومات عنه
جميع المعلومات عن هذه المدرسة كانت تعطيها سما لجدها قبل أن تقدم زينب أوراقها لهذه الوظيفة
بتقول مين يقدر يساعد حفيدتي شاكر
قالها نائل بملامح ممتعضة بعدما أخبره نجيب بالشخص الذي يستطيع التوسط له ثم واصل كلامه
شوفلي حد تاني من معارفنا يا نجيب أقدر أطلب منه المساعدة دي
للأسف مفيش غير شاكر يا نائل
كاد أن يتحدث نائل باعتراض من طلب هذا الأمر من شاكر مرة أخرى بعدما أظهر نواياه
يا نائل صدقني شاكر مكنش يقصد اللي أنت فهمته زينب عجبته أخلاقها وكان عايزاها
توقف نجيب عن الكلام بعدما وجد نائل يتمتم بحزم
اقفل السيرة دي يا نجيب أنا اكتر واحد عارف شاكر كويس
تنهد نجيب ثم أطرق رأسه ليفكر في شخص أخر يستطيع خدمة نائل بأمر وظيفة زينب
أخذ نائل من وعدا ألا يخبر شاكر
بهذا الأمر لكن
نجيب كعادته كان لسانه يخونه ويخبر شاكر بحديثهم
يعني مش عايز مساعدتي طول عمره نائل كرامته عزيزه عليه
بضعة زفرات أخرجها شاكر بتمهل وهو يطرق بعصاه أرضا
متقولوش إني عرفت حاجه يا نجيب وأنا هستخدم اتصالاتي واتوسط للبنت
ترجلت من سيارة الأجرة بعدما نقدت السائق أجرته
اليوم لم تستقل الباص الذي يخصصه المصنع لموظفينه كعادتها فليلة أمس قضتها هي و شهد يشاهدان أحد الأفلام المعروضة وقد غفت متأخرة
أسرعت بخطواتها نحو بوابة المصنع تنظر بعد كل عدة ثواني لساعة يدها
يا مصطفى أنا مش بأيدي حاجه اعملها ليك أنا زيي زيك هنا حتت موظف غلبان
قالها الحارس الواقف عند بوابة المصنع لصديقه الذي يعمل بالداخل
ليه الظلم ده يا سالم ده هو اسبوع بس اللي غيبته وكنت قايل ل عاشور يبلغ استاذ أحمد ياخدلي اجازة
منه لله مكنتش عارف إنه مبلغش حد سبب غيابي
ثم صاح بنبرة بائسة قد تخللتها الصدمة
يا عالم والله كنت محجوز في المستشفى
ربنا يعوض عليك يا مصطفى
طأطأ مصطفى رأسه بقلة حيلة وهز رأسه بحزن
يعني مفيش أمل أرجع
ثم رفع رأسه وأغمض عينيه لوهله ليفتحهما بعد برهة
لله الأمر من قبل ومن بعد
توقفت ليلى عن سيرها بعدما استمعت لحديثهم الذي جذب انتباهها
أصابها الضيق وهي ترى قلة الحيلة في أعين ذلك الشاب
الذي أثقلته هموم الحياة
لو عرفت اتوسطلك عند استاذ أحمد مش هتأخر يا مصطفى
حياها الحارس سالم برأسه عندما انتبه على مرورها ثم مضت بطريقها وقد جلى التأثر بوضوح على ملامحها
لا تعرف لما استمر حديثهم يطرق رأسها طيلة دوامها
انتهى وقت الدوام وقد كانت أول المغادرين من قاعة العمل
استاذ سالم
انتبه الحارس على صوتها وقد اقتربت منه ليلى
لترتسم على محياه ابتسامه واسعة
أهلا أنسة ليلى
قالها سالم بلطف ونظر إليها منتظرا معرفة سبب ندائها له
بتوتر تساءلت ليلى بعدما نظرت نحو المبنى الذي يغادر منه زملائها بالعمل
هو إيه حكاية صاحبك
أطلق سالم زفراته بضيق
مصطفى ده دايما الحظ معاند معاه والله يا استاذه ليلى الغلب مش راضي يسيبه واهو اتطرد من الشغل
بعبارات وجيزة أخبرها سالم بحكاية صديقه
اقتربت منهم سلوى زميلتها وقد ارتسمت الدهشة على ملامحها
هو في حاجة يا ليلى
نظر سالم إلى ليلى التي أسرعت على الفور بخلق كذبه حتى لا تفضح الأمر
انسيال الفضة بتاعي وقع مني فجيت اسأل سالم عليه
هز لها سالم رأسه بتفهم فهي لا تريد الإفصاح عن أمر
صديقه وقد شعر بالأمل لعودة صديقه للعمل لأن ما تغافل عنه منذ عملها هنا تذكره اليوم عزيز سائق صاحب المصنع عم ليلى
طيب يلا عشان نلحق أول كرسيين في الباص
هتفت بها سلوى وهي تجذب ذراع ليلى نحو حافلة العمل ليستقلوها
رفع عزيز عيناه عن صور الأثاث التي أتم مصنعه تصميمه عندما وضعت أميمة فنجان القهوة أمامه
نظر إلى الوقت في ساعة يده فموعد إنصرافها من عملها مر عليه ثلاثون دقيقة
أنت لسا مروحتيش
تساءل عزيز وقد تراجعت أميمة بخطوتان إلى الوراء ثم أخفضت رأسها
قولت أعملك قهوتك الأول وبعدين أمشي
قالتها بنبرة خجله ثم أردفت بصوت خفيض أقرب للهمس
أنا عارفه إن فنجان القهوة بتاعي بيظبط دماغ حضرتك
ابتسم عزيز فهو لن ينكر هذا الأمر وقال بعدما التقط فنجان القهوة
بصراحة أه بتظبطلي دماغي شكرا يا أميمة
رفعت عيناها التي سبحت في تأمله وسرعان ما
كانت تدرك فداحة إثمها الذي تسقط فيه دون إرادتها
غادرت أميمة غرفة المكتب ثم أسرعت بالتقاط حقيبتها من على طاولة مكتبها تحت نظرات السيد جابر الذي تعجب من مغادرتها بتلك السرعة
إنها تفر هاربة من مشاعرها التي صارت تتضح لها يوما بعد يوم
عادت ليلى من عملها وهي تفكر في أمر ذلك العامل الذي أرادت مساعدته
ابتسم العم سعيد عندما وقعت عيناه عليها وقد كان يخرج من المنزل متجها نحو الڤيلا
راجعة بدري النهاردة
تساءل العم سعيد فابتسمت ليلى
الطريق مكنش زحمة النهاردة
طيب يلا ادخلي ارتاحي واوعي تمدي ايدك في المطبخ أنا النهاردة عملتلكم مسقعة على الطريقة اليونانية
قالها ثم هز كتفيه بتفاخر
ضحكت ليلى وقد ضحك هو الأخر
هي على الطريقة المصرية بس لازم امدح نفسي يا لولو بس أوعي تفتني عليا
انصرف العم سعيد من أمامها فتعلقت عيناها به الكلام كان على طرفي شفتيها لكنها لم تستطع النطق به
زفرت أنفاسها بتنهيدة ثم تحركت نحو الداخل
بعد تناول وجبة العشاء
حاولت التحدث معه وطلب مساعدته لكن لم تسنح لها الفرصة وقد علمت بأي وقت تستطيع الحديث معه
بالصباح الباكر وكالعادة يكون
متابعة القراءة