رواية ميراث الندم (الجزئين) بقلم أمل نصر
المحتويات
كل اللي عليكي انا زينة انا زينة وانا ميكلش معايا الكلام ده عايز نتيجة
اعتلى الاعتراض ملامحها رغم مجاهدتها الا ټنفجر به فهي لا ينقصها شيء حتى تجد منه هذه المبالغة في صب حنقه بها
يعني انا اعملك ايه اكتر من كدة باخد برشام وماشية على علاج هخلج مثلا استغفر الله العظيم يارب ولا اشتريه من السوج
ارتفع طرف شفته بسخرية تخلو من المرح واسلوبها وهذه النبرة الجديدة منها لا تعجبه بل يرى فيها لمحة من تمرد لن يسمح بها ابدا
شايف حسك علي واتعلمتي تتمجلتي على كلامي اسمعي يا بت عشان انا عارف زين جوي ان امك هي اللي بتعبي مخك بالكلام عليا بس هي متعرفنيش ولا تعرف لسة ڠضبي احسنلك يا غالية تخلي بالك معايا
لان مرة تانية لو اتكرر استخفافك ده متلوميش الا نفسك يا هدير عشان ساعتها هتعرفي صح مين هو عمر
حاضر مش هكررها تاني
شاطرة
تتمتم بها ليعود للتقليب على شاشة التلفاز بجهاز التحكم الذي يمسكه بيده وطاقة من الڠضب تشع منه قادرة على إحراق الغرفة بما فيها تجعل المسكينة تزداد انكماشا على نفسها تجنبا له
بداخل القاعة المظلمة إلا من ضوء الشاشة العملاقة والهدوء الذي يسيطر على معظم الحضور الا منها فقد كانت تكتم ضحكها بصعوبة كلما لمست تذمره وحنقه بعدما اجبرته ليأتي بها الى هنا بمحاولات حثيثة شملت الدلال والاستعطاف وكل اسلحتها في التأثير عليه ليجلس معها الان بوجه عابس عاقد الحاجبين بتجهم عينيه تدور في الانحاء حولها غير منتبها على الإطلاق لمشاهدة الفيلم الذي تعرضه الشاشة الفضية الان
ما خلاص بجى يا عارف وانتبه للفرجة ع الفيلم مش كفاية حاجز كرسي جمبي فاضي وانا لازجة فيكي زي الجرادة ومش سيباك نعمل ايه تاني
كتم زفرة هائلة بداخله
وابصاره اتجهت خلفها قبل ان يعود اليها ويرد ضاغطا على أسنانه بغيظ
ما هي دي المشكلة انك مش حاسة ولا واخدة بالك وانا عيني مراجبة الرجالة اللي محاوطانا من جميع الجهات اعمل ايه وانا شايفهم بيركزوا فيكي اكتر من الفيلم نفسه
يا عااارف ويعني انت لو شايفهم صح مركزين فيا كنت هتسكتلهم دا مش بعيد كنت عملت ڤضيحة
جذبها فجأة يهمس بوعيد
ما هما لو واحد بس كنت كسرته دلوك لكن لما يكونوا كذا واحد وانا مش ملاحق وعمال احسب اټخانق مع مين فيهم الاول دا احله ازاي
بابتسامة مستترة لتتجنب غضبه حاولت مهادنته
يبجى نركز في الفيلم يا حبيبي مدام محدش فيهم اتعرض لي ولا يجدروا وانا معايا الأسد بتاعي بس بيني وبينك يعني السيما فيها مية واحدة غيري هما بجى فاضين لنا بس
هم ان يرد عليها ولكنه انتبه لوجود اخر ما كان يتوقع حضورهم في الصف الثالث من خلفهم بجلسة اسرية بامتياز اب وام وطفلهم
يا بت اللذينة عملتيها يا نادية!
بعد انتهاء الفيلم وخروج الحضور من القاعة وقفت تستقبلها في الردهة الخارجية بتحفز وقد أكملت المشاهدة بصعوبة مع مراقبتها لهما ومشاكشاتهم لها وكأن شقيقها اتفق مع زوجته في كيدها رغم ادعاء البراءة
عقب عارف المجاور له
اموت واعرف ايه جالبك ما هم جاين ينبسطو زينا ايه اللي حصل يعني
اللي حصل ان السوسة دي جصدت تجيبه معاها بعد انا ما بعتلها ع الوتس وصورت السيما واحنا داخلين
تبسم عارف بذهول ليزيد عليها
صورتي السيما يا مچنونة ومستغربة انها جات بجوزها على هنا دوغري
دبت بقدميها على الأرض بغيظ تعبر عن قهرها
متنرفزنيش يا عارف انا بعت الصورة عشان اغيظها بعد ما طلعت هي وجوزها من غير ما تبلغني مش كان واجب برضوا يا خدونا معاهم دا زورها مصر كلها تقريبا
لم يقوى على كبت ضحكاته حتى أصبح يغطي بكفه على فمه ليتمتم بمرح
يعني انتي كان جصدك تغيظيها جامت هي اللي غاظتك مطلعتش هينة نادية دي
انت كمان هتعصبني يا عارف
تمتمت بها قبل ان تنتبه لاقترابهم منها شقيقها الذي بدت السعادة جلية على ملامحه حتى اظهرته اصغر من عمره الحقيقي يضمها بذراع ويحمل طفلها على الذراع الاخر لانت ملامحها ابتهاجا له حتى كادت ان تنسى ڠضبها لولا رؤية الابتسامة الواضحة على وجه هذه الخبيثة
فيكم الخير يا جماعة والله دا انا افتكرتكم مشيتوا وسبتونا
القى بالكلمات غازي نحوهما فجاء الرد من ابن عمه الذي اشتعلت رأسه بالمرح
واحنا نجدر يا كبير بس انتوا ليه مجولتلناش حتى كنا حجزنا التذاكر مع بعض
ما هي جات مفاجأة يا واد عمي دا انا ولا كان على بالي والله
تمتم بها غازي لتتكفل زوجته بالباقي نحو صديقتها اللدودة ببراءة
اصل انا لما شوفت الصورة اللي بعتيها وشكل السيما من برا شبطت في غازي زي العيل الصغير هو الأول كان هيرفض بس لما شافها معايا وعرف ان انتوا هنا وافج على طول والحمد لله جدرنا نلحق التذاكر
انتي مش فرحانة بجيتنا يا روح
ضيقت الاخيرة عينيها بتفحص في الرد لها
يعني انتي بتسأليني يا نادية ياريت بس تكونوا انبسطو بالڤرجة ع الفيلم ولا اللف والفسح على باقي المعالم الأساسية للبلد يا ترى ايها احلى فيهم
تبسمت نادية بوسع فمها تجيبها
والله ما اجدر احكم بأيها الأحلى اليوم كله النهاردة كان ولا الخيال يتحسب من عمري كله ولا ايه يا غازي شالله ما يحرمني منك ابدا
سمع منها ليبادلها الابتسام والرد بتناغم تام معها
ولا منك يا ام العيال عارف يا ولد عمي حاول تفسح مرتك انت كمان دي اختي وانا عارفها ټموت في الفسح والقراية في الكتب
قال الأخيرة بغمزة بطرف عيناه قابلتها هي بعبوس دون مواربة وكأنها عادت طفلة تغضب على أتفه الأسباب فجاء الرد من زوجها
ومالوا يا عم الحج دا انا ازورها مصر كلها ملحجناش المرة دي نلحق المرة الجاية ولا ايه يا ست روح
كورت فمها بضيق لتحتج
وأيه اللي يمنع المرة دي بكرة ناخد اليوم كله يا عارف وانا هجولك على اسامي أماكن جديدة واحلى كمان
توجهت بالاخيرة بمغزى نحو نادية التي لم تفتر ابتسامتها ولو لحظة ليأتيها الرد من شقيقها
بكرة مينفعش يا غالية احتمال بسيوني الدكتور يكتبله على خروج وانا وعدته انه هيفضل في شقتي طول مدة متابعته لحد ما ربنا يتم شفاه على خير ويرجع البلد يعني لازم نفضولوا الشقة ونسافر ودلوك يدوب نروح ونريح جسمنا عشان التعب اللي مستنينا ياللا بجى
حاضر يا مچنونة في اول فرصة هاخدك وافسحك لما تشبعي انا شكلي اتغشيت لما افتكرتك كبيرة وعاجلة
في صباح اليوم التالي
وعلى فراشها الذي لم تغادره منذ يومان الا للضرورة القصوى حتى أثارت القلق بقلب المرأة العجوز وقد ذهب ظنها أن ما اصابها هو مرض عضوي بتفكيرها المحدود فبماذا كانت ستخبرها هي اذن
ف الحقيقة المؤلمة والكتمان هما اكبر الأسباب لما اصابها من وهن ولكنها اليوم تشعر ببعض التحسن حتى انها تخلت عن التسطح والنوم وقد كانت جالسة في هذا الوقت تتأمل من شرفتها المفتوحة على مصراعيها اعداد الطيور التي تتقافز على اغصان الشجرة التي رمت بفروعها لداخل الشرفة واصواتهم تعزف الحانا ما اروعها بخيال الأم الملكومة يراودها احساس مچنون ان بعض هذه الطيور تسكنها الارواح وربما كان فقيدها من ضمنهم لذلك دائما ما تراقبهم وتبحث عنه من بينهم هي تعلم انه حولها حتى ان لم تراه ومع ذلك تركض خلف هذا الأمل الضئيل
سليمة
صدح الصوت من مدخل الغرفة بعدما طرقت صاحبته على الباب وحينما لم يأتيها الرد اضطرت لدفع الباب والولوج لداخل الغرفة حاملة صنية الطعام مثل كل صباح
تاني يا برضوا يا مرة عمي تاعبة ومحملة
تمتمت بها قبل ان تنهض لتتلقفها منها لتبزغ ابتسامة صافية على وجه المرأة معبرة عن فرحها
يا ماشاء الله عيني باردة عليكي مدام جومتي من على سريرك يبجى اتحسنتي النهاردة يا بتي
وضعت سليمة صنية الطعام على الفراش ثم اقتربت لتقبل المرأة
وتطمئنها بامتنان
الحمد لله يا مرة عمي انا والله ما عارفة اتشكرك ازاي يومين وانتي تطلعي بصنية الوكل لحد عندي كل وجبة تعبتك معايا ومش عارفة اودي وشيي منك فين
بادلتها سکينة قبلتها ثم خطت معها بخطواتها البطئية حتى جلست معها على فراشها لتخاطبها بحنو
تعبك راحة يا نور عيني انا فرحتي بس الاقيكي ترجعيلي زي الاول شديدة وجوية متعودتش خالص على تعبك ولا ضعفك يا بنيتي
تتحدث برقة اجبرت سليمة على السؤال الملح
هما عيالك طلعوا ليه كدة يا مرة عمي وانتي وعمي الله يرحمه اطيب خلق الله
فهمت المرأة العجوز لمقصدها فتبسمت بحرج تجيبها
ومين جالك ان عيالي كلهم عفشين انتي عيشتي واتربيتي وسطيهم نعيمة دي معاهم معاهم عليهم عليهم طول عمرها تابع لاختها واختها دي جلبت من ساعة ما اتجوزت وبعدت عينينا مع انها ما كنتش عفشة معايا ولا مع ابوها
قاطعتها سليمة
لا يا مرة عمي دي اول مرة هتكلم معاكي بصراحة بس هويدا طول عمرها پتكرهني وانا حاسة بكدة من وجت ما كنا عيال صغيرين رغم انها دايما بتحاول تظهر غير العكس بتك كانت مستكترة عليا حبكم ليا
لم تعارضها سکينة فهي الاعلم بطبيعة ابنتها الحاقدة على ابنة عمها اليتيمة والتي خصها الله بمجموعة من المميزات من جمال وأدب واخلاق عالية جعلتها محط تقدير من الجميع حتى ابنها المتمرد وقع اسير عشقها ليتزوجها من الصغر ولكن العند ورأسه اليابس في الاصرار على تطويعها بالقوة فكانت النتيجة ان خسرها وخسر معها نفسه
سكتي ليه يا مرة عمي ولا نسيتي الأهم ولدك
ردت بنظرة منكسرة ترافقها تنهيدة متعبة
مالوا ولدي ما هو خد جزاته في اعز ماليه ربنا يلطف بيه دا بجي واحد تاني خالص دلوك
هو لساتوا بيجيلك
سألتها سليمة بفضول وكان رد المرأة
بياجي يا بتي يسأل عليكي وعلى صحتك ويشوف طلباتي جبل ما يمشي بعدها رغم انه بيكابر جدامي ويعمل نفسه زين بس انا حاسة بيه بجى واحد تاني خالص اتكسر
ربنا يلطف بيه
تمتمت بها سليمة ردا لها فهي الاعلم بصحة ما تردف به المرأة ولكن ما بيدها حيلة لنجدته عليه ان ينقذ نفسه بنفسه
يعني انت دلوقتي خارج وماشي هتسيبني لوحدي في المستشفى يا بسيوني
قالتها پصدمة اجفلته قطب بغرابة لقولها ولكنه واصل ملطفا
امال عايزاني اجعد طول عمري في المستشفى يا بنت الناس مش احمد ربنا ان وصلت للمرحلة دي عجبالك انتي كمان لما تطلعي وتروحي على بيتكم
عبست تعقب بنبرة عاتبة متجنبة النظر اليه عن قصد
لا اطمن مش هتأخر كلها يومين تلاتة والدكاترة يصرحولي انا كمان بالخروج يعني يا عالم هشوفك تاني ولا لأ
تهتم به وتعاتبه ما بالها هذه الفتاة تشعره بأهميته بالنسبة لها والغريب في الأمر هو تقديره هو وعدم معارضته وكأن تاريخ ما يجمعها انه حقا وضع غريب له
اطمني يا مشمش لو جيت ولجيتك مشيتي هسأل وازوكم في بيتكم عشان اطمن عليكي
ردت بلهفة
صحيح يا بسيوني هتزورني في بيتنا بجد
طبعا يا بت الناس انتي ناسية انك انقذتي حياتك والله جميلك ده هيفضل معلج
في رجبتي لحد يوم الدين
فترت ابتسامتها بعدما اخبرها بالسبب خلف اهتمامه بها وهو الامتنان لفعلتها معه حينما دافعت وكانت سببا في إنقاذه والقبض على المچرم الذي حاول قټله فجاءت الضړبة لها وهي لم ټندم ابدا على ذلك حتى ولو تلقت الاف الضربات في الدفاع عنه
مفيش داعي تحمل نفسك
جميلة اللي حصل كان بتقدير ربنا يعني كان ممكن اوي واحدة غيري تدخل وتاخد هي الضړبة
انتي طيبة جوي يا مشمش
قالها بصدق تجلى في عينيه حتى اجبرها تبادله النظر بخاصتيها فيحدث بينها تواصلا ما لا يعرف له اسما ان كان اعجاب او تقدير او شيء آخر وكأنه يعرفها منذ الصغر او نشأت معه في بلدته هناك رابط يجمعهما ولا يعرفه ولكنه مستريح وسعيد به
اما في غرفته وبعد ان عرفت بخروجه من المشفى كانت في هذا الوقت تلملم اشيائه من أدوية وملابس قليلة قد اتي بها وبعض المتعلقات التي تخصه كالهاتف وسلسلة المفاتيح وتضعهم داخل حقيبة متوسطة جاء بها يوسف لهذا الغرض من اجلها والذي دخل في هذا الوقت يبشرها
انا خلصت الإجراءات يا وردتي وخدت التعليمات الكاملة عن مواعيد المتابعة وخطة العلاج اللي هنمشي عليها
ردت بامتنان
ربنا يخليك يا يوسف انا مش عارفة من غيرك كنت عملت ايه
اقترب يناغشها كعادته كلما لمس منها الاطراء على اي شيء يقدمه لها
انتي تأمري يا وردتي اتمنى بس ربنا يهديكي ويحنن قلبك عليا
يحنن جلبي كيف
سألته بعدم فهم اصبح يلازمها هذه الايام ليواصل مقربا رأسه منها
ودي محتاجة شرح يا وردتي دي حاجة كدة تتحس لوحدها توصل من القلب للقلب اااه ياما نفسي ربنا يقرب البعيد
زحفت السخونة لوجنتيها وقد اخجلها غزله الصريح لترتد برأسها للخلف في محاولة للإبتعاد قليلا عن حضوره الطاغي وهذه الدوامة التي بدأت تلفها كلما حاول تقريب المسافة بينهما لتحتج بضعف
يوسف بلاش كلامك ده مينفعش
مينفعش ليه يا ست
ردد بها مستنكرا ليطلف لهجته
انا جوزك يا حلوة وقربنا نوصل خلاص بسيوني هيخرج وان شاء الله مش هسيبه غير لما نتفق على كل حاجة النهاردة
نتفق على ايه بالظبط يا يوسف
صدح الصوت الخشن من مدخل الغرفة لينتفض الاخير ويبتعد عنها ليتلقاه مادحا بمراوغة
بسيوني باشا عيني باردة عليك يا بطل وشك منور والدموية ردت فيه عقبال يارب ما يتم شفاك على خير يارب
دلف لداخل الغرفة متقبلا ترحيبه بابتسامة مبهمة اعتلت ملامحه في الرد له
تشكر يا يوسف فرحتني يا غالي ان الواحد يرجع لطبيعته وشدته دي نعمة نحمد ربنا ونشكر فضله عليها
تمتم يوسف مصفقا بكفيه بمرح يمازحه
ايوة يا عم ونفرح بيك بقى فرح وهيصة
تأثر بسيوني بلمحة صغيرة من حياء جعلته يبتسم عن حق هذه المرة لتأمم من خلفه ورد بتمني
اللهم امين يسمع منك ربنا ويجعله عن جريب
يارب
متابعة القراءة