رواية ميراث الندم (الجزئين) بقلم أمل نصر

موقع أيام نيوز

ليست بقليلة همت لتعلو من صوتها ولكن شيئا اخر لفت نظرها كان اكثر اهمية شيئا طويل بجسد هزيل يعرج بقدمه 
الا هنا ولم تشعر بنفسها وهي تتحرك على الفور نحو الجهة التي يسير نحوها الفتى بعد ان نهض من جوار قبر تبا انه قبر مالك الذي بني حديثا وعليه يا فطة باسمه وتاريخ الميلاد والۏفاة زادت النيران بقلبها وعقلها كان كجمر ملتهب بالأفكار السوداء تتبع هذا الفتى بهدوء شديد 
تقترب وتقترب بخطواتها حتى التقطت فرصتها فور ان توقف بجوار المسقى الخيري ليرتشف من ماءه يطفئ عطشه ثم اذا انتهى ليضع الكوب في محله ليعرج بعدها بخطواته ثم يلتف للناحية الأخرى يتخذ الطريق نحو الخروح من المډفن باغتته هى بحركة سريعة لتدفعه للخلف فيصطدم ظهره بالحائط الأسمنتي وقبل ان يخرج صوته وجد نصل السکين الصغير فوق رقبته 
انتي مين يا ولية
شهق مجفلا مرددا بها ثم سرعان ما لاح على وجهه شيء اخر علمته هي بفطنتها لترفع كفها الحرة تغطي نصف وجهه فتتأكد من زوج الأعين التي أرقت منامها ليال طويلة فتصرخ به الان
انت اللي اتهجمت عليا يا حرامي بأمارة العرج اللي في رجلك واللي انا السبب فيه برضك جاوب عن سؤالي وجولي دلوك انتي مين ومين اللي كان باعتك ليا
ابتلع الفتى ريقه يردد باضطراب المفاجأة
مين اللي اټهجم ومين اللي زفت انتي شكلك مرة مچنونة واهلك طالجينك ف الشارع بعدي عني 
زادت بضعطها تهدر بشراسة
انا دلوك اتأكدت ان مالك كان شريك بس اللي عايزة اعرفة كان ليه دور في جتل اخوه ولا لاه وانت كنت شريكه فيها دي ياض
ان كان ما سبق اليها هو مجموعة من الظنون ف ان ما رأته الان على وجه هذا الغريب من شحوب حل على الفور بأعين برقت بفزع قبل ان
يستعيد وعيه فيدفعها بقسۏة على الأرض الترابية ويركض سريعا بعرجه من امامها وكأنه يهرب المۏت كل ذلك جعلها توقن تمام اليقين انه يملك جزءا كبيرا من الحقيقة ان لم تكن بأكملها
وعند مشمش
حيث كانت تؤدي عملها مع مريضها المفضل رغم تعبها من المحاولات المتواصلة معه دون فائدة انهت المطلوب منها في رعايته ثم شرعت في تقليم اظافر يده وما زال حديثها لا ينتهي معه
ظوافرك طولت اوي يا سي بسيوني طبعا ما انت هتكمل الشهر دلوقتي وانت راقد على سريرك اموت واعرف عاجبك ايه في النومة دي اختك كل يوم تبكي جمبك وتترجاك وانا شرحها مخليتش حاجة معملتهاش معاك لاجل ما تجوم وتسمعني انا بدأت ازهق على فكرة وكدة مش حلو اه ما انت لو زودت في الرقدة هتضطر اوافق على الواد محروس زميلي في المستشفى والنعمة لو حصل يا بسيوني وبعدها قومت لاكون مطينة عيشتك وابقى قول مچنونة براحتك بقى هه 
كانت مندمجة في استرسالها حتى غفلت لفترة من الوقت عن تحرك الأصابع معها لتستدرك اخيرا باستجابته مع ضغط يدها لتتوقف بعدم تصديق تراقب ازداياد انتفاض الأصبع لتصرخ مهللة
يا دين النبي انت عملتها بجد ولا بتهزر ياللهوي انت قومت صح يا بسيوني 
توقف فجأة لتصرخ به
نهارك اسود انت هترجع تاني ولا ايه والنعمة ما يحصل يا دكتور حد يلحقنا بدكتور يا بنات بسرعة الله يخليكم 
يتبع
بداية كدة حابة اعبر عن شكري وامتناني ليكم حبايبي اللي دخلوا وعزوا واللي قدروا غيابي للظرف الصعب من تعب شديد زائد حزني ع الراحلة تسلمولي يا أحلى فانز ربنا ما يحرمني منكم ابدا
الفصل الرابع عشر ج
توقف بالسيارة داخل محيط الجامعة وبالقرب من مبنى الكلية التي انتقلت اليه حديثا فقد أصبح مقرها الجديد للدراسة بفضل سعيه طوال المدة الماضية وحرصه الدائم لتهيئتها بالإندماج ف الحياة المدنية معه
وادينا وصلنا اهو يا ست ورد
تمتم مخاطبا لها بإسمها حتى تفيق من حالة الشرود التي تلبستها منذ استقلالها السيارة معه حتى انها لم تنتبه سوى على صوته لتنفض عنها دائرة الأفكار التي تلفها ثم شرعت بلملمة اشيائها بارتباك جعل الكتاب يقع منها فدنى هو يتلقفه لها وعلق بمزاح كعادته 
ما براحة يا قلبي ع الكتاب لا يتعور 
يتعور!
رددت بها من خلفه بملامح اظهرت امتعاضها لسخافة ما تفوه به
اضحكته هيئتها ليتابع بتسلية
يا كبستك يا يوسف طب جامليني بنص ابتسامة حتى لو بايخة النكتة راعي إحساساتي ع الأقل 
تمكن بطرافته ان يسحب استجابة منها بابتسامة صغيرة لكن ما اروعها لاحت على ثغرها الصغير لتنبت بقلبها ورودا وازهار ومدينة كاملة للألعاب والمرح ليتابع متغزلا
شوفتي بقى اهو وشك بينور وبتبقي زي البدر لمجرد بس ما تبتسمي ياريتك تفضلي كدة على طول 
خبئت ابتسامتها تسبل اهدابها عنه بخجل زاد عليه الحرج فهي ليست غبية لتدرك حجم ما يبذله معها من افعال كي يخفف عنها ويضكحها بالإضافة لمساندته الدائمة لها انها بالحق مدينة له لتعبر عما جال بخاطرها له بامتنان
انت طلعت جدع جوي يا يوسف بصراحة من غيرك معرفش كنت هعمل ايه 
ويعني انا كنت عملت ايه
قالها ببساطة لتزداد خجلا في الرد عليه
كل ده وبتسأل عملت إيه خبرا ايه يا يوسف هو انا جبلة عشان مقدرش ولا احس 
إلا هنا وتحفزت كل خليه من ليقترب سائلا بلهفة
حاسة بإيه قولي يا ورد 
قالها وقد تقرب برأسه منها حتى بات يأسر ابصارها بخاصتيه لتبتلع ريقها باضطراب اصابها على الفور فباتت تتطلع له بلسان منعقد وارتباك بدى جليا على ملامحها امامه وهو يحثها بنظرته لتبوح بما تشعر به وقد جذبه هذه الهالة الغريبة بها لتنسيه الشعور بالوقت او المكان يتمنى لو يتوقف الزمن بهما فلا يتركها سوى بعد ان 
انتوا بتعملوا ايه
انتفض مصعوقا يلتف بجذعه نحو صاحبة الصوت الذي صدح من خلفه ليجد ابنة خالته الثقيلة كما يلقبها دائما تدخل رأسها داخل نافذة السيارة وعينيها تطالعه بمكر مرددة للمرة الثانية
ايه يا يوسف كنت بتحطيلها قطرة في عنيها
جز على اسنانه يطالعها بتوعد يود ان يقفز من محله ويفتك بها
ودا وقت غلاستك واستخفافك يا جزمة 
تبسمت تزيد عليه بسماجة اما ورد فتداركت لتهم بالترجل مرددة بضجر
جطرة ايه وكلام فارغ ايه انتي كمان واحنا
في الجامعة وامة لا اله الا الله محاوطانا يا باي عليكي وعلى افكارك يا نانسي 
وقبل ان تحط قدميها على الأرض اوقفها الهاتف لتفاجأ بالرقم المحفوظ لديها مرددة بهلع نحوه
دا رقم المستشفى يا ترى بيرنوا عليا ليه يا يوسف
كالكورة المطاطية التي يلعب بها الطفل صغير كان قلبها يتقافز داخل اضلعها بعبث وشغب ولهفة تجاهد لأخفائها بادعاء الجدية امام الطبيب الذي كان يملي عليها بعض التعليمات الجديدة بعد انتهاء فحصه مع مجموعة الأطباء المړيض الذي استفاق اخيرا من غيبوبته وهي ټخطف النظرات نحوه كل لحظة
بلاش سرحان يا مشيرة
وانتبهي للي بقوله 
هتف الطبيب بحزم جعلها تجيبه على الفور
معاك يا دكتور والله وحفظت كل التعليمات اللي قولت عليها 
اما نشوف 
تمتم بها الطبيب بانفعال قبل ان يعود لمريضه الذي يتطلع حوله في الأجواء بتشتت بالكاد يستوعب عودته للحياة مرة أخرى فخاطبه بابتسامة مشرقة
ياللا بقى كدة شد حيلك يا بسيوني عشان تخف بالمرة وتسيب المستشفى حمد الله على سلامة رجوعك للحياة 
اوما له الاخير يستجيب بتحريك اجفانه ثم غادر الطبيب ولم يتبقى في الغرفة سواها معه
حمد الله على سلامتك يا بسيوني اخيرا سمعت كلامي وفوقت دا انا لساني اتدلدل معاك لحد ما يأست لدرجة اني كنت هوافق على الواد محروس انه يتجوزني يرضيك كدة
توسعت عينيه في النظر إليها لمدة من اللحظات ثم عقب على قولها
محروس مين وانتي مين 
شهقت امامه تزيده حيره برد فعلها
يا نهار اسود بعد دا كله ولساك بتسأل يا بسيوني
اسأل مين وفين انتي مين
للمرة الثانية يسألها عن هويتها وهي التي ظلت على رأسه لمدة تقارب الشهر بأحاديثها عن كل شيء يخصها حتى تيقنت داخلها انه يسمعها ويشعر بها كان الحزن يرتسم جليا على ملامحها حتى ابتأس هو الاخر لحالتها لتضاعف من حيرته بقولها
كنت فاكرة ان قلبك هيحس بيا وان اللي واصلني دلوقتي واصلك ما هي مش محتاجة طب ولا دوا دي دي حاجة كدة ملهاش اسم قال وانا اللي قولت انه سمع نداي ورجع على صوتي 
رجعت على صوتك!
ردد بها بسيوني بذهول ليردف بما توصل اليه عقله
يا مرك يا بسيوني ليكون فقدت الذاكرة كمان حجة دي تبجى ۏجعة 
اخوي
صدح الصوت من مدخل الغرفة ليفتر فاهه بالابتسام يتلقى حضڼ شقيقته وابنة قلبه التي القت بنفسها عليه ليضمها بذراعه الحرة يربت على ذراعها ويهون
جلب اخوكي يا بت بسيوني 
ابتعدت مشيرة لتغادر بحزن اصابها تلفت ابصار يوسف الذي دلف خلف زوجته لينتبه عليه الاخر مرددا له بحفاوة
يوسف بيه طب ما انا فاكراك أنت كمان اها امال ايه الحكاية امال
حمد الله على سلامتك يا بسيوني 
تمتم بها كرد له اما ورد فقد رفعت رأسها عن صدره تساله باستفهام
حكاية ايه
رد يجيبها على الفور باستفهام
هو انا مش فقدت الذاكرة برضوا
فقدت الذاكرة! مين جالك كدة يا واد ابوي
ناادية انتي فين
بخطوات سريعة اندفع لداخل الغرفة مرددا بإسمها حتى انتفضت عن جلستها على طرف التخت مجفلة وقد كانت تطوي بعض الثياب التي جفت بعد غسيلها لتجده متجها نحو خزانة الملابس على الفور
انا هنا بطبج الغسيل يا غازي مالك هتجلع جلبيتك ليه
رد بجيبها ويده تخرج الملابس المعلقة ليرمي بها على التخت
مسافر دلوك حالا اصلهم بلغوني ان بسيوني فاق
سمعت منه لتمتم مرددة بفرحة
بسيوني فاق يا ألف نهار أبيض يا ألف نهار مبروك وربنا فرحتني يا غازي وانا اجول وشك نور ليه
قالتها بشقاوة جعلته يلتف اليها ثم قرص على وجنتيها
بمرح
ولحجتي تاخدي بالك من وشي امتى دا انا يدوب داخل يا عفريته 
ضحكت تنزع يده عنها لتردد بابتهاج يغمرها
ودي محتاجة مفهومية يا غازي دا انت من دخلتك دلوك انا فهمت وعرفت الحيوية اللي ردت في خطوتك وصوتك كمان الحمد لله ربنا جبر بخاطرك وجبل دعواتك وجومه بالسلامة انا مكنتش اعرف انه عزيز جوي كدة عليك 
توقف ليزفر بتنهيدة ارتياح خرجت من العمق حتى استند بظهره على خشب الخرانه يخبرها
يااه يا نادية انا مهما وصفت
دلوك ولا مهما حكيت عمري ما هجدر اعبر ع اللي حاسه انا حاسس بفوجته دي ردلي رو بتزغرتي ودلوك شابطة فيا كيف العيل الصغير عشان تمنعيني اسافر دا باين الهرمونات عاملة شغل عالي معاكي
ضحكت باضطراب دون ان تفلت ذراعيها
عنه قائلة
سميها زي ما تسميها بس انا فعلا عايزاك تجعد جمبي بلاها من السفر ولا النبش في اللي فات خلينا في اللي جاي وان كان على بسيوني كلف رجالة يحرسوه لحد ما يرجع
بلطف يقارب الحزم ابعدها عنه ممسكا بأكتافها ليركز ابصاره بخاصتيها يرى فيهما ما أثلج قلبه ليلاطفها بمزاحه
طب دا برضوا كلام جلبك بجى خفيف جوي يا ام الغايب اللي يشوفك كدة يجول رايح احارب
اهتزت رأسها بعناد لتشيح بوجهها عنه قبل ان تعود اليه باستجداء قائلة
لكنك برضوا بجيت في دايرة الخطړ طول ما الشاهد المهم تبعك يبجى انت وهو مجصودين انا خاېفة عليك يا غازي
شعر انه لم يعد للكلام فائدة معها لذلك لم يجد افضل من احتوائها ليضمها اليه يدفن رأسها بوسط صدره العريض ويقبل اعلى شعرها بحنان يمتص فزعها
وانا بعد ما لجيتك خلاص والدنيا ضحكتلي بمحبتك دي تفتكري يجيني جلب اهمل ولا افرط ف نفسي 
زفر مطيرا بعد من خصلاتها
انا دلوك بس يا جلب غازي بجيت اخاڤ على غازي 
وفي داخل المجمع التجاري الشهير
شهقت فتنة تعبر عن انبهارها وهي تتأمل بباطن كفها تلك الهدية التي أتى بها اليوم اليها
يا بوي ايه الحلاوة دي يا صلاح معقول البروش الحلو ده انت جاببهولي انا 
رد بثقة بعدما ارتشف من كوب العصير امامه
ومش معقول ليه يا روحي بقى هو انتي اقل منه مثلا ولا هو في الأصل يناسب واحدة احلى ولا أشيك منك على فكرة دا مفيش منه في مصر كلها دلوقتي انا وارثه عن المرحومة تيتة ودي ورثاه عن مامتها دول هوانم وانتي متقليس ابدا عنهم
انتابها الزهو وكلماته تطربها فتجعلها محلقة في سماء وردية هذا مكانها هي بالفعل يصدق عليها القول ويقين داخلها يخبرها انه قد حان الوقت لتحصل على ما تستحقه لتقهر المتجبر ابن عمها الذي رأى غيرها امرأة غبية تناسبه 
بصعوبة كانت تجاهد لإخفاء فرحتها حتى لا يظن بها اللهفة لكن سرعان ما استدركت فداحة الخطأ الذي كادت توقع نفسها به ان قبلت هديته ف ابتعلت لتضعه داخل العلبة المخملية العتيقة وتقربها نحوه
بس انا مينفعش اجبله منك أصلي هجبله بصفة ايه
لاحت على ثغره ابتسامة ماكرة وقد علم بمغزى ما تفصده ليرواغها كالعادة
يا قلبي ما انا كمان مستعجل ع الصفة دي اكتر منك بس انا فهمتك وضعي من البداية لازم ارتب اموري الاول عشان لما اتقدملك ابقى قد القول مع والدك وأهلك انا مش أي حد يعني
عوجت فمها لتشيح بنظرها للناحية الأخرى مرددة بامتعاض
اممم ماشي ع العموم براحتك
دوت ضحكة صاخبة منه ثم حط بكفه على كفها اعلى سطح الطاولة الصغيرة بينهم لتجفل بنظرة شرسة نحوه لحق عليها ليرفعها امامها مرددا
اهي شيلتها أهي انا كان قصدي بس اصالحك بعد ما شوفتك مكشرة
زفرت تقلب عينيها ليتابع لها بمهادنة
انا كنت واضح معاكي من الأول يا فتنة معظم السيولة اللي عندي حطيتها في المشروع اللي قولتلك عليه مستني بس ترجع تتوفر معايا وانا اجي اخطفك من أهلك خطڤ حتى هو انا اطول ارتبط بالقمر 
عادت تشرق على وجهها ابتسامة اشعرته باستجابتها قبل ان تعبس فجأة تخاطبه بتحذير
بس يكون في علمك انا مش هستمر كدة كتير يعني تعمل حسابك تخلص موضوعنا في اجرب وجت انا مش فاضية للمرواح والمجي لولا بس عارفة انك داخل على حلال ما كنت ابدا سمحت لنفسي اجعد معاك على طرابيزة واحدة 
وفي جهة أخرى
اعتدل ذاك الرجل منتفضا عن تخته الذي كان متسطحا عليه ليهدر نحو محدثه عبر الهاتف الذي يتحدث به
بتجول ايه يا زفت الطين صحي كيف الجزين ده وانت كنت فين لما دا حصل انا مش منبه عليك تخلص 
وصله الصوت بلجلجة
طب ما انا حاولت كذا مرة يا بيه لكن اعمل ايه في حظي الهباب وهو ليل نهار معاه اللي يرافجه اخته والبت الممرضة
تم نسخ الرابط