رواية ميراث الندم (الجزئين) بقلم أمل نصر

موقع أيام نيوز

عمره سنوات فوق السنوات حتى انها تلجلجت متأثرة في الرد
ويعني حد جالك ان معملتش زي ما بتجول هو اللي شارد واكنها المحروسة دوكها سحرتله ولا عملته عمل يكرهو فيا انا متأكدة منها دي 
يعني سيباه العمر دا كله وهتيجي دلوك تفتكر تعمله عمل يرجعه ليها بجولك ايه ياما روحي وشوفي وراكي ايه انا مصدع وعايز انام اطلعي
هتف بها سخط ارتسم جليا على ملامحه وقد أصابه اليأس من تعنت تفكيرها في رفض الحقيقية ان زوجها قد زهد منها بالفعل مكررا نفس ما فعله بضرتها قديما يذيقها من نفس الكأس الذي اذاقت به غيرها 
توقف بسيارته على جانب الطريق بمجرد ان لمح طيفها وهي تخرج من مركز التحاليل الوحيد بالقرية تخرج بملوكية تجذب الانظار نحوها بدون تكلف تتبادل الابتسام مع شقيقة الملعۏن زوجها بوجه مشرق ينافس البدر في ضيائه
تخطته وتخطت ايام الصبر في انتظاره كيف استطاعت فعلها وهو نفسه لم يقدر برغم كل ما يفلعه تبا لها ليته امتلك خصلة الجنون ليركض نحوها
الان ويوقف السيارة التي تستقلها ليفتعل لها ڤضيحة ربما ساهمت في انفصالها من الاخر حتى يطفئ نيران صدره المشتعل منها 
زفر بيأس يعود من هذيان افكاره ليترجل من سيارته وقدميه تقوده نحو مركز التحاليل بعد مغادرتها له بفضول يستبد به من أجل المعرفة 
حتى اذا وصل دالفا بأناقته يلفت انظار الجميع اليه تحدث مع العاملات المنبهرات به
صباح الخير الدكتورة مروة صاحبة المكان موجودة ولا في اللي يسد عنيها ويسحب التحاليل بنفسه
ردت احداهن بلهفة
في امال ايه دا في المركز هنا عندنا احسن الكفاءات في سحب العينات والتحليل الدقيق جول حضرتك عاوز ايه واحنا تحت امرك 
لا ما هو مش انا اللي هسحب انا كنت جاي اخد فكرة جبل ما اجيب المدام بس انا فعلا منبهر من المستوى المركز اتطور لدرجة انه مليان بالبشر زي ما انا شايف ومن كل الفئات دا انا شايف كمان عربيات اخر موديل 
هتفت الفتاة الأولى بلهفة موضحة
ايوة دا الست روح الدهشان وبت عمها اصلهم عجبال عن السامعين تحاليلها طلعت ايجابية وحامل ما شاء الله 
حامل! مين هي اللي حامل
سألها مضيقا حاجبيه رافضا التصديق بما وصل اليه ظنه لتزيد عليه الفتاة بتأكيد
بجولك روح الدهشان يا سعادة البيه دي حتى الفرحة مش سيعاها هي وبت عمها اللي رجت المركز بالزغاريط 
آه منها دي العيون قلبوا حالي يابا
كنت مالي يابا بالهوى وعذاب لياليه
آه لففوني الكون دوخوني يابا
سهروني يابا كنت يعني أنا هعمل إيه
آه منها دي العيون قلبوا حالي يابا
كنت مالي يا با بالهوى وعذاب لياليه
آه لففوني الكون دوخوني يابا
سهروني يا با كنت يعني أنا هعمل إيه
كان يدندن بها وهو يتأنق أمام المرأة بكلمات مقصودة نحو تلك التي ترتب الفراش من خلفه تدعي التجاهل ليكن لها بالمرصاد متابعا انعكاس صورتها امامها حتى اذا رفعت رأسها بغفلة رمقها بغمزة من طرف عينيه اغاظتها لتعود لما تعمل عليه تغمغم بالكلمات الحانقة فتزداد اتساع ابتسامته ليعود بالدندنة مرة أخرى غير عابئا بالوقت ولا بما تنتظره من شئون هامة اهملها طوال الفترة الماضية وقد مر على زواجه بها أكثر من شهر وأيام من العسل لا يذكر عددها 
يناكفها وتناكفه حتى وان يلتمس منها الجفاء في معظم الاوقات ولكن دائما ما ينجح بحنكته في ان ينفذ اليها طيبة المعشر وسهلة التعامل حتى وهي في اوج ڠضبها حبيبة عمره التي اعادت لروحه الحياة 
نااادية ايه رأيك في الجلبية الجديدة
رفعت رأسها على النداء لتزم شفتيها بحنق طفولي ودلال لا تدعيه قبل ان تتحفه برأيها
زينة
تبسم بتسلية ليستمر في تمشيط شعر رأسه ثم ينثر بعطره النفاذ على جلبابه بكثافة اجبرتها على الانتباه لتحرك رأسها بعد ذلك بيأس تكمل عملها حتى اذا انتهت لتذهب بالشراشف الاتي بدلتها نحو سلة الملابس في جانب الغرفة صدرت شهقة الإجفال منها وما تمسكه بيداها قد سقط على الأرض بعدما باغتها برفعها بذراع واحد
يضمها اليه
نزلني يا غازي ايه شغل العيال ده
تبسم بتسلية يشدد على الجسد الغض مستمتعا باعتراضها
وماله شغل العيال وهو في احلى منه ولا انتي عشان جصيرة ومجياش في ربع جوزك كدة 
انا اللي جصيرة برضوا لا يا حبيبي انا طولي طبيعي انت اللي طولك مخالف عن الناس 
صدرت منها بعفوية

دون انتباه ورغم سعادته باللفظ الذي سقط سهوا منها الا أنه فضل عدم التركيز
عليه حتى لا تصدمه بالتوضيح ليردف بعدها بمشاكسة لا تخلو من الغزل
يعني عايزة
تطلعيني مش طبيعي عشان بس تنفي عنك تهمة الجصر مع ان دا أحلى حاجة فيكي وانا شايلك كدة وانتي زي البت الصغيرة وبتأمل في جوز العيون اللي مرسومة رباني سبحان من أبدع 
يربكها بل يشتتها ويبعثر كيانها في كل مرة يهاجم ويصل الى ما يبتغيه تبا له انه دائما ما يغلبها بمكره مهما اعترضت او اظهرت من احتجاج 
ابتلعت تسبل اهدابها بخفر امام بحر عينيه القاتم تشعر انه سيبتلعها بداخله وهي تريد الهرب ولكنه لا يترك لها فرصة
صمتت تتقبل عناقه وقد لف ذراعه الأخرى حولها متمتما 
اه يا نجمة غازي وروحه اللي ردت بيكي ربي ما يحرمني منك ابدا
بفرحة الأشقاء كانت تضمها ولا تريد تركها معبرة عن غبطتها بذلك الخبر الذي اسعد جميع من في المنزل وقبلهم عائلة عمها والد زوجها والذي لم يكن موجودا حتى الان
يا فرحتي بيكي يا فرحتي بيكي يا احلى روح وربنا ما فرحت بحد من خواتي كد ما فرحت بيكي 
تماسكت الأخرى بصعوبة عن البكاء حتى لاح الغشاء الرقيق بمقلتيها لتردف بصوت بح من فرط ما ينتابها من الداخل
اقسم بالله ما كنت مصدجة حتى وانا بقرأها بنفسي لحد آخر لحظة عمال اكدب عنيا 
عقبت نادية بمرح وهي تجلسها على طرف التخت بجوارها
وتكدبي نفسك ليه يا بنتي مادا شيء عادي انه يحصل مدام الأمور ماشية بشكل طبيعي بين الراجل وزوجته ومفيش اي موانع والحمد لله 
يا بنتي عارفة والله بس هي الحكاية اني مكنتش متوقعة انها تحصل بالسرعة دي وكأن ربنا بيرطب على جلبي بعد ما رضيت بنصيبي وسيبت حمولي عليه 
قالتها بصدق التمسته نادية مع كل كلمة خرجت من القلب لتتشجع وتسألها بفضول
يعني انتي فعلا رضيتي بعارف طب وحب عمرك وانتظارك بالسنين دا كله جدرتي تنسيه اسفة لو هدخل في اللي مليش فيه 
تبسمت لها متقبله تدخلها وردت تجيبها
لو اجولك اني نسيت ابجى كدابة وبضحك عليكي انتي بنفسك ذكرتي عن عڈاب الانتظار والسنين بس انا كنت بين نارين بين اني اتمسك بحبي وساعتها اتحمل الكلام اللي هيتجال وتبجى خناجر تتغز في ضهري وبين اني ان اثبت للكل اني هامتي عالية وراسي مرفوعة حتى لو على حسابي جلبي انا بجى اخترت التانية وربي الأعلم بحجم الټضحية اللي جومت بيه لكن على كد الصبر بيكون اللطف عارف كل يوم بيثبت لي ان حبه ليا حالة خاصة بعيدة تماما عن اي منطق او أي حسابات وانا دخلت بجلبي وجولت ياربي ساعدني 
طلبتي العون من ربنا وهو فعلا ساعدك وحط في جلبك الرضا انتي بنت حلال وربنا كان كريم وجبر بخاطرك يا روح 
تمتمت بها نادية بحالمية وأعين تخرج قلوبا قبل ان تجفلها الأخرى بقولها
وانتي كمان يا نادية تستاهلي غازي وهو يستاهلك
لاح على ملامحها الشفافة اعترضا تلقفته الأخرى مستطردة
شكلك لسة معرفتيش غازي هو اينعم مندفع وخشن في التعامل عشان دي طبيعته بس انا متأكدة انك يوم ما تعرفيه بجد هتلاجي برا امانك هتلاجي حنان الدنيا كلها على صدره 
تأثرت بالكلمات رغم اعتراضها على الوصف فهي لا تتخيل ابدا هذه الخصال في هذا الرجل الماكر والذي دائما ما ينفذ اليها بطرقه الملتوية حتي لا يعطي لها فرصة للهرب من براثنه يحاصرها بكل الطرق فارضا عليها عشقا لم تكن تعلمه وهي التي تتمسك بذكرى من رحل فتغلق على قلبها من اي هجوم قد يمس الذكرى العطرة 
يا ستي انا بكلمك
سرحتي في ايه بس
هتفت بها روح تخرجها من شرودها لتهديها ابتسامة في الرد عليها
يعني هكون في ايه بس يا ست روح في كلامك طبعا 
يعني كلامي اثر فيكي اها رغم انك رفضاه
قالتها بمرح تزيد مردفة
ولسة كمان لما تدي لنفسك فرصة وتحبيه حتى نص ما بيحبك هتلاجيه عيل صغير معاكي 
لا من الناحية دي اطمني اخوكي بالفعل عجله صغير ولا معتز ابني اللي يشوف الجتة والهيبة ما يتخيل ابدا العمايل اللي بيعملها 
قالتها بعفوية اضحكت الأخرى لتعلق بغموض
لا مدام وصلنا للمرحلة دي يبجى شكلنا كدة جربنا جلب اخته يا ناس
بعدم تصديق تسمر بجلسته في مندرة المنزل الكبير معطيا كامل انتباهه لهذا المچنون الذي فاجئه بحضوره مصدرا كالعادة جلبة بالمزاح والضحكات مع كل من يقابله من بشړ شباب من العائلة صادقهم او حتى رجال عاملين لديه حتى اذا أتى الدور عليه وجه خطابه له بعدما انصرف الجميع
ايه يا عم انت متنح كدة ليه في وشي هي دي برضوا مقابلة بايت في حضنك انا عشان تقابلني ببرودك ده
يوسف
تمتم الأسم ضاغطا بنبرة محذرة لم تؤثر في الاخر ليتابع بمرواغته
مالك بيوسف ما انا واقف في وشك اهو عايز ايه بقى
ضړب بكفيه ليرد بنبرة قلقلة
يا حبيبي بلاش عمايلك دي وفهمني ايه سبب جيتك ليكون في مشكلة في الشغل انا على أخري الله لا يسيئك 
عبس الأخير ليقابله بالرد مستنكرا
يا نهارك اسود يعني انت مكشر في وشي بهيئتك دي عشان بس فاجئتك بحضوري دا بدل ما تفرح بطلتي قدامك مخك يروح للحاجة الۏحشة لا سيدي اطمن مفيش مصېبة انا بس جاي اديك العقد ده عشان تمضيه بنفسك بصفتك شريكي عرفت بقى سبب حضوري
قال الاخيرة يخرج احد الملفات من حقيبته ليضعه امام غازي والذي امسك به يلقي بنظرة على محتواه سريعا قبل ان يعود اليه بعدم فهم 
برضو مش فاهم يا يوسف العجد دا ممكن يستنى على ما اجيلك انا مش شايفه بالأهمية اللي تخليك تجي على ملا وشك من القاهرة 
تاني برضوا هتقولي جاي ليه
هتف بها يفاجئه بالنهوض عن المقعد المقابل لها ليردف متصنعا الڠضب
دا انت غريب والله دا بدل ما تشكرني ان مخلص في عملي وهاممني حاجة زي دي متتأخرش حقيقي انسان جلياط 
توقفت يتناول ثمرة تفاح كبيرة من الطبق المجاور لغازي ليردف بعد قضمه لقطعة كبيرة وهو يلوكها داخل فمه
انا خارج اديها طلة ع البلد ارجع الاقي الرجالة جهزولي الأوضة اللي بنام فيها كل مرة وانت خد وقتك في مراجعة العقد عشان تعرف مدى أهميته وتقدر اهتمامي ياللا بقى ومن غير سلام يا قليل الزوق
راقب غازي انصرافه بعدما ذهب من أمامه ليعود لمطالعة العقد قبل ان يرفع رأسه مغمغما بحيرة وتشتت
فينها أهميته دي عجد زي اي عجد وبتجول عليا انا اللي غريب يا يوسف 
رفعت رأسها عن تنظيف ارضية المنزل على الصوت القوي لصفق الباب قبل ان يدلف اليها عائدا من الخارج بخطوات مسرعة توقف فور ان ابصرها بهيئتها تلك فقد كانت ترتدي عباءة قديمة وتلف رأسها بطرحة قماشية وكأنها 
ايه اللي انتي عملاه في نفسك ده دا منظر
هتف بها مستنكرا يبادرها بانتقاده وجاء ردها العفوي
ماله شكلي ما هو مينفغش البس حاجة زينة وانا بنضف
تجومي تلبسي مجطع زي الشحاتين دا لبس عروسة مفروض انها متجوزة جديد!
صاح پغضب اشعرها بالحرج لتتبلع الغصة فتدافع
بتبرير
والله كنت هتسبح والبس نضيف اول ما اخلص ما انا بعمل كدة كل يوم اخلص حاجتي واتزوق من قبل ما تيجي بس انت النهاردة جيت بدري جوي عن ميعادك 
عض على نواجزه يكبح غيظه بصعوبة ليزفر دفعات من هواء مشحون بما يموج بصدره المحترق الان مسح بكف يده على شعر رأسه بانفعال وصل اليها لتسأله باهتمام
هو انت مضايج ولا في حاجة مزعلاك
وايه هايضجني ولا يزعلني 
صدرت منه بعصبية الجمتها لتطرق برأسها نحو الأرض ثم ما لبثت ان ترفعها مرة أخرى على صوت استفساره
عملتي ايه في التعب اللي صابك من كام يوم
سألته بعدم انتباه
تعب ايه
تحفز يذكرها وهو يقترب منها
لما كنتي بتجولي ملكيش نفس و مش عارف ايه تعباكي هي برضوا مش كانت مغيباكي ما معملتيش تحاليل ليه او حتى كنتي عملتي اختبار ولا روحتي للدكتور
كان قد قرب رأسه منها وهو يتحفها بالأسئلة المتلاحقة حتى توترت في الرد
ولزومو ايه الدكتور هي فعلا كانت مغيباني بس دي بتحصل معايا كتير من جبل ما اتجوز حتى واحيانا كتير بتتعبني بس عادى يعنى 
ايه هو اللي عادي
هدر بها مقاطعا بحدة ليقبض على مرفقها باعين تلونت بالډماء يشدد
الكلام ده مفهوش عادي الإهمال فيها يأخر الحمل يعني كان لازم تنتبهي وتكشفيلها من جبل الجواز أصلا 
تلجلجت تجيبه بصوت مهتز
اه بس انا امي جالتالي دا امر عادي عشان سني صغير ثم احنا كمان لسة يدوب مكملنانش التلات اتشهر 
زادت كلماتها من اشتعاله لتشتد قبضته على مرفقها ېعنفها بقوله
أمك دي مرة جاهلة ومبتفهمش لا تعرف الطور من الطحين وباينك انتي زيها كمان اسمعي يا بت من النهاردة عشية تروحي للدكتورة خليها تشوفك واللي تجوله من تعليمات هيتنفذ بالحرف الواحد فاهمة ولا لا
فاهمة فاهمة 
تمتمت بها تومئ بهز رأسها وصوت لم يخرج من فرط زعرها من هيئته والتي توحشت امامها حتى انها لم تقوى على كبت دموعها لتسيل أمامه فكانت بمثابة المنبه الذي دوى بالصوت المزعج ليستعيد وعيه ليزفر ملتقطا انفاسه قبل ان يضمها اليه ملطفا
يا حبيبتي انا مش جصدي اخوفك مني انا بس بتغلبني عصبيتي احيانا ف انت لازم تجدري يا حبيبتي وتبجي شطورة وتسمعي الكلام 
في ناحية قريبة من المنزل كانت جالسة بكتابها اسفل احدي الشجيرات المعمرة من ناحية تستذكر دورسها ومن ناحية أخرى توزع اهتمامها على الغنم التي كانت تأكل من حشائش الأرض في عمل يومي لا تمل منه حتى اجفلها احد الاصوات 
انا هنا يا زينهم لو راجل تعالي سلم عليا
بابتسامة اشرقت بوجهها رفعت رأسها نحو صاحب الصوت تطالع تقدمه نحوها حتى اذا اقترب استقبلته بقولها
ما بلاش زينهم ليسيب اللي مشغول فيه دلوك ويجي يديك الترحيب اللي انت عارفه 
قهقه لقولها معقبا
عارفه بس ما انا مجربه وهو دا ترحيبه يتنسي
امال ايه طيب
بحب انكشه 
كان قد وصل اليها في الأخيرة ليتأمل البقعة التي جالسة بها

تم نسخ الرابط