رواية ميراث الندم (الجزئين) بقلم أمل نصر
المحتويات
ادعائها التململ والضيق إلا انها لم تقوى على منع نفسها من التطلع اليه ليس بنعومة الراحل ولا برقته في صب كلمات الغزل على اسماعها ليل نهار دول كلل او ملل لكنه يملك وسامة رجولية تميزها الخشونة والقوة يعرف دائما كيف يسرق اهتمامها بأفعاله
يكتنفها دفء غريب حين يغمرها وحتى في نظرته اليها قادر ان يبث اليها الامان به شيء لا تعرفه ولكنه يربكها مما يجعلها دائما في حاجة للهرب منه
سمع منها وقد ارتخت يداه بالفعل وذهب تماسكه أدراج الرياح ينزلها بتأني وبطء شديد مرافقا لمحاصرته لها وقبل ان تلمس قدميها الارض اعادها اليه بعناق قوي ينهل منها ما حرمه على نفسه بالأمس وقد منعه كبريائه من التقرب اليها بعد هجومها عليه دون مبرر اما الان وقد لمس منها استجابة على استحياء في محاولة غير مباشرة منها للصلح معه ببرائة وعفويه زادته جنونا بها فلا يستطيع التوقف ولا يرتوي ابدا من عزوبتها
حبيبي يا غازي وحشتني ووحشتني البلد الجميلة قد ايه مشتاقلك يا غالي
تقدم نحوه باستغراب قارب
الريبة حتى اذا وصل اليه عقب بتساؤل ساخر مضيقا عينيه
ايه يا يوسف المرة دي برضوا جايبلي عجد مهم امضيه ولا ف حاجة تانية أهم
اشرق وجه الأخير ليجيب بمرواغة متصنعا العتاب
قطع بشهقة عاليه خرجت منه معبرا عن ارتياعه بعدما باغته غازي بالقبض على تلباب قميصه يخاطبه بتحذير
بلاش اللف والدوران معايا يا يوسف انا فاهمك وعارف زين انت بتطلع من هنا وتروح على فين في البلد انا مش نايم على وداني واخد بالك منها دي
واخد بالي والله بس انا عملت ايه بالظبط عشان ازعلك يا كبير
واصل غازي هزهزته محذر له بشړ
انا محدش يجدر يزعلني وانت بالذات يا يوسف عشان عارف ڠضبي زين هتتقي شړي بأنك تعجل وترسى من جنانك ده تعمل ايه يا يوسف
اعقل وارسى بس انا برضوا مش فاهم انت قصدك ايه بالظبط وانت تحت أمرك يا حبيبي هو انا اقدر اكسرلك كلمة
يا يوسف بلاش اللوع معايا رجلك اللي استحلت الروحة على شرق البلد مالك انت باخت بسيوني
برقت عيني الأخير يهتف بمظلومية
يا نهارك اسود يا غازي عيب عليك الكلام ده يا جدع يعني هيكون مالي ومالها بس شالله يارب اطفحها لو كنت بكذب
نعم يا نور عيني
كبت غازي ضحكاته بصعوبة ليتركه فجأة بيأس منه ثم تحولت لهجته للجدية والنصح
بلاش تزعلني يا يوسف انا مش عايز اخسر راجلي الامين بسببك بسيوني دا مش أي حد عندي يعني اللي يمسه يمسني
تغضنت ملامح الاخر بتفهم ليرد بصوت خلى من العبث
وانا عمري ما هائذيك ولا ازعلك انت عارف اخلاقي كويس بدليل انك بتكلمني وبتحاول تتفاهم معايا
اومأ غازي ببعض الرضا ليسأله بفضول
حلو جوي الكلام بس برضك انا عايز اعرف السبب اللي يخليك تروح كل شوية هناك
ارتبك الاخر وصمت للحظات بتفكير حتى صدر منه الرد
زينهم يا غازي انا اتعلقت بزينهم أوي من بعد نطحته ليا وانا قلبي اتشعلق بيه ولو سافرت بلاقي نفسي على الفور بشتاقله
بازبهلال شديد وعدم استيعاب سأله غازي
زينهم مين اللي نطحك يا جزين وبتشتاجله كمان!
تسمرت محلها بغيظ يفتك بها تطالع هذه الأجنبية التي احتلت منزلهم وهي تضحك وتلعب مع الأطفال في الحديقة وكأنها واحدة منهم بعدما اجبرتهم على تقبلها بينهم بهذه الورقة التي تمسكها على شقيقها الابله ليرضخ اباها ووالدتها مجبرين خشية الڤضيحة التي قد تتسبب بها لهم ان اعلنت الخبر وانتشر اسم عائلته الشهيرة على افواه البشر ليخلقوا قصة وهمية في الاعلان عن زواجه بها امام افراد العائلة والبلدة
واجفة بتراجبيها ليه ليكون عايزة تتعركي معاها تاني احنا مش ناجصين نصايب
قالتها رئيسة وهي تدلف الغرفة خلفها تحمل بيدها بعض الشراشف المطوية بعد تنظيفها وتجفيفها وكان الرد من فتنة بزفرة حاړقة
ما كله من ولدك بوز الاخص يعني مش مكفيه المشي على كيفه السنين دي كلها عشان يجيبلنا بلوة في الاخر يبلينا بيها هو احنا كنا ناجصين
ايوة والله كنا ناجصين
تمتمت بها رئيسة مبتئسة لما يحدث مع ابناءها دونا عن باقي افراد العائلة نتيجة للتربية
الخطأ من زوجها هو السبب الأول والرئيسي قي الإعوجاج الذي زرعه في نفوس ابناءه بعجرفته ودلاله الدائم لهما وكأنهم مميزين عن باقي البشر بما حباهم الله من مال وجمال وسلطة متوارثة
مالك ياما سرحتي في ايه
سألتها فتنة تفيقها من شرودها لتعتدل مستقيمة بعد ان اغلقت أحد الأدراج التي وضعت بها عدد الشراشف
فردت بضيق
سرحت مطرح ما سرحت انتي مالك على أساس انك هتحسي ولا تفهمي اصلا
غمغمت بالاخيرة تعطيها ظهرها لم تكترث فتنة وهتفت توقفها
طب انا طالعة النهاردة خلي بالك من البنات
استدارت لها بڠضبها
ليه تاني كمان يا برنسيسة هو انتي مبتشبعيش طلوع
رددت خلفها بانفعال
ما انا بجالي يومين مطلعنش ياما والجو في البيت هنا بجى يخنق وانا واحدة دمي حر مبتحملش البت اللي تحت دي ممكن تجيبلي شلل وولدك الأهطل مش عارف يسد معاها ولا يحكمها اكتم في نفسي لحد ما اموت يعني ثم كمان انا خدت موافجة ابويا هو رضي عشان حاسس بحالي
عقبت رئيسة تجر اقدامها لمغادرة الغرفة بقنوط ويأس يكتسحها
لا يا ختي متكتميش في نفسك ولا تزعلي روحك مدام ابوكي مجدر وحاسس بحالك اكتم واتفلق يكش اۏلع حتى
امام البناية التي تحتوي على عدد هائل من العيادات المتخصصة توقفت بسيارته ليميل برأسه للأمام متمعنا النظر باليافطات العديدة قائلا
العمارة فيها مية دكتور فينها عيادة فاطمة دي انا مش جادر احدد في اي جيهة
تبسمت بياس تجيبه وهي تلملم اشيائها
الدكتورة في الدور الخامس ويافطتها صغيرة يا عارف لو ركزت كويس ممكن تجيبها
فينها دي اها خدت بالي بس دي على جنب مش في الوش زي البجية
ضحكت تشاكسه وهي تعدل جلستها للترجل وتذهب
معلش العتب ع اليافطة المشجلبة مش نظرك يا غالي اه
صدر التأوه كرد طبيعي بعدما اوقفها قابضا على رسغها
يقول بتهدبد
شامم ريحة تريجة كديها انتي دي
كبتت بصعوبة ابتسامتها لتعترض بقولها
في ايه يا عارف الناس في الشارع هتاخد بالها مش وجت تهديداتك التافهة دي خالص على فكرة
صدر تأوها مرة أخرى مرافقا لضحكاتها بعدما زاد بضغطه ليعقب
پغضب مصطنع
لسانك طول وشكلك عايزة جرص من جديد مدامتي عارفة ان جوزك تافه يبجى تراعي وتاخدي بالك مش تجلي أدبك اتعدلي واحترميني حتى لو كنت تافه دا واجب الزوجة ناحية جوزها فاهمة ولا لأ
أومأت بمهادنة لا تستطيع توقف عن الضحك المكتوم امام جدية مزيفة يصطنعها
حاضر
ماشي هحترم جوزي التافه في أوامر تاني
لا
قالها مندمجا في الدور ليأمرها
خلاص انزلي هي ربع ساعة بالكتير هروح اوصل للست سليمة اسلم واطمن وبعدها هاجيلك مش هعوج
ماشي وسلملي عليها
قالتها وهي تترجل من السيارة بعدما القى عليها بعض النصائح والتعليمات ثم توقف يطالعها حتى دلفت لداخل المبنى ليتحرك بالسيارة بعد ذلك ذاهبا نحو وجهته غافلا عمن كان يراقبهما منذ قليل داخل المبنى بعدما اوصل زوجته هو الاخر لنفس عيادة الطبيبة الشهيرة ثم انتبه عليهما اثناء مغادرته ليتربص بها من محله حتى ولجت لداخل المصعد ثم تفاجأت به ينضم معها
مساء الخير يا ست الحسن
عمر
تمتمت بالأسم ثم همت للخروج ولكنه باغتها بأن ضغط على الالواح طالبا الطابق الاخير واعترض طريقها حتى لا تخرج فهتفت به غاضبة
انت اټجننت يا عمر ولا واعي أصلا للي بتعمله دلوك دا تطير في رجاب
ردد ببساطة غير ابها
وايه اللي هيخلي الرجاب تتطير هو انا هخطفك مثلا
زفرت پغضب حارق تطالعه بحنق تخفي من خلفه
ارتيابها من فعله وظلت صامتة حتى توقف المصعد على الطابق الأخير الخالي تقريبا من البشر بعدم وجود العيادات الممتلئة بالبشر كباقي الأدوار ليفرد ذراعه امامها قائلا بحركة مسرحية
ممكن لو تسمحي بكام دجيجة من فضلك يا هانم دا لو تتكرمي يعني لاني انا مستعد ابوظ الزراير في الانساسير واجعد معاكي لحد الصبح ومش هيهمني
صكت اسنانها بغيظ متعاظم غير فاجئها بتهديده لتأخذ القرار على الفور وتخرج من المصعد ثم تتوقف في وسط الرواق متكفتة الذراعين تواجهه بقوة سائلة
اديني جدامك اها عايز ايه يا عمر
التف حولها ليقف امامها متمعنا النظر داخلهم وكأنه يريد الغوص بهما يبحث عن فتاته الصغيرة التي كانت هائمة به
تركها بالسنين وظلت على العهد محافظة ثم انقلبت كغدر الزمان الذي يفاجئ اصحابه لتصبح هذه الشخصية الواقفة امامه الان
عايزك تجاوبي عن سؤالي واعرف اللي حصل كيف أجبروكي تتخلي عني وتروحي لواد عمك تتجوزيه عملت ايه فتنة خلاكي تتكسري جدامهم وتنخي
طالعته بارتياع وعدم استيعاب لمعرفته بهذا الأمر الخطېر
مين جاب سيرة فتنة مين اللي جالك الكلام ده من الأساس
رد بعدم اكتراث
المهم اني عرفت وعرفت هي عملت ايه عشان تشوه صورتي وصورتك جدامهم هي السبب بت ال
خلاص يا عمر
هتفت بها تقاطعه بعدم احتمال
مفيش داعي نجلب في اللي راح بعد الحكاية ما فضت وكل واحد راح لحاله مكنش لينا نصيب في بعض انت شوفت حالك واتجوزت وانا ربنا رضاني بجوازى وسعيدة والحمد لله
رضاكي وسعيدة كمان!
تمتم بها پحقد ېحرق فؤاده المعذب بعشقها ليقترب بنظرات ازدادت حدة حتى كانت ترتد للخلف خشية منه
يعني اتخطيتي ونسيتي امال انا ليه مش عارف اعيش ليه مش عارف ابجى زيك كدة وادوس على جلبي اللي عاش يتنفس هواكي جوليلي عرفتي تعمليها ازاي دي ولا هو مكنش حب من الأساس
ازداد خۏفها منه تريد الهرب وابصارها تتجه كل دقيقة نحو الدرج او ألمصعد تتمنى ظهور اي شخص ما ولكنها ايضا لم تقوى على الصمت لتفحمه بقولها
اسأل نفسك يا عمر وحاول متعملش فيها دور الضحېة عشان انت اتخطيت واتخطيت من زمان كمان بدليل الثروة اللي كونتها في الغربة وانا هنا زي المغفلة في انتظارك لو كنت حاططني في أولوياتك مكنتش هتستني وتسيبني على دكة الاحتياط بعد ما تحقق كل أهدافك
تجمد وقد فاجأته بردها الغير متوقع لتواصل هجومها
لو عايز تلوم حد يبجى تلوم نفسك روح الدهشان يمكن تكون حالمية زيادة عن اللزوم بس هي عمرها ما كانت غبية عشان ما تاخدتش بالها من التفاصيل المهمة دي بس انا كنت بفوت بمزاجي زي ما دلوك هفوت غلطتك واعتبرها محصلتش عشان مزيدتش في تعجيد الأمور لو جوزي عرف عن اذنك
تفوهت بالاخيرة وتحركت من أمامه عائدة لنفس المصعد تضغط على اللوح الرقمي حتى وصل اليها وانفتح بابه لتنضم داخله ثم تهبط به امامه وقد تخشب محله فلم يسعفه ذكائه في إيجاد رد مناسب او ان يتجرأ ويجيبها بالحقيقة الصاډمة فتزداد كرها له!
انت متأكد من كلامك دا يا بسيوني
سأله غازي بعدما قص عليها جميع ما جمعه من معلومات طوال الساعات الماضية وتقرير مفصل عن تحركات المشتبه بهما داخل دائرة الشك وقد فاجئه بكم من المعلومات
وجاء رده بتأكيد
ما انت عارفني يا غازي بيه انا مجولش كلمة في الهوا العيال دي ما صدقوا ان الولية بعدت عن البيت عاملين زي المجانين عايزين يلحجوا الوجت ويوصلوا للي هما عايزينه
ردد غازي بتفكير متعمق
انا كنت شاكك فيهم من الاول دور الشهامة اللي كان رسمينوا مكانش لابج عليهم ابدا الطمع في عينهم كان كاشفهم جدامي بكل وضوح
وافقه بسيوني الرأي
هما دلوك دخلوا في الجد والشيخ اللي شوفته معاهم امبارح دا اسمع ان مفيش اعفش منيه في الفلوس سمعته معبيه الدنيا في كاره الزفت لا يعرف حرام ولا حلال وأكيد معشمينه بحاجة كبيرة تخليه يوافج عشان يتعاون معاهم
المهم احنا بجى هنعمل ايه
اجابه غازي بحنكة
هسيبلهم الحبل ع الغارب خليهم يبرطعوا ويعملوا كل اللي عايزينه لحد اما نشوف فعلهم دا هيوصل لإيه
انا كمان وصيت الدكتور ما يصرفش سليمة ع البيت على ما اشوفلها صرفة دي مش حمل أذية تاني
يتبع
الفصل السادس ج
أمام واجهة المحل الشهير وقفت تتأمل الملابس الرائعة موديلات قصيره وخفيفة تصلح للخروج او للسهرة تظهر انوثة المرأة وجمالها تقسم انها ان ارتدت واحدة منهن سوف تصبح حديث المدينة بلفت الانظار اليها هي جميلة وهذه الأشياء صنعت من أجلها ومن اجل مثيلاتها
لكن حظها البائس كتب عليها ان تظل مدفونة اسفل هذه الملابس السوداء القبيحة التي بالكاد تظهر مستواها المادي المرتفع واصلها الحسن وهذا ما يصبرها بعض الشيء ويخفف عنها
هيليق اوي عليكي الفستان البيج
اجفلت تلتف لصاحب العبارة الذي هتف بالقول من خلفها ولكنها تفاجأت به نفس الرجل الذي حاډثها قريبا والذي التف ليقف مقابلا لها مما ساعدها على الرد بحدة
انت تاني يا جدع انت إنت ايه حكايتك بالظبط
تبسم بجاذبية تليق بمظهره الخاطف للأتفاس وهذه الهيئة الراقية يضع كفيه في جيبي بنظاله اسفل السترة في الامام قبل ان يجيبها
اخاڤ اقول ان كنت براقبك صح تطيني عيشتي بجد
برقت عينبها تطالعه بشراسة
انا قصدي ان لما شوفتك مقدرتش اشيل عيتي من عليكي اظن ان دي حاجة ڠصب عني الواحد لما بيشوف ست جميله بيتشد ليها فما بالك لو كانت ملكة جمال كدة زيك
عرف جيدا ان يؤثر بها بتغزله حتى ظهر اضطرابها في الرد عليه وصوتها المهزوز
لاا بجولك ايه انا مش واحدة هاينة ليك ولا لغيرك عشان ارضى بكلامك البارد ده نو متعرقش انا مين ولا مين عيلة مين
رد ببساطة ومراوغة
مش محتاجة تقولي بنات الأصل العالي بيبان عليهم ولا انت شايفاني اعمى ومش هعرف افرق ولا اخد بالي مكنتش اتصور ان مستوى الجمال متقدم كدة هنا
ما اللعنه شديد الوسامة بهيئة تذكرها بنجوم الدراما التركية التي تتابعها يوميا على الشاشات تبا كيف لها الا تتأثر بمدحه
زفرت تظهر امتعاضا زائفا لتشرع في الذهاب وتركه
ماشي يا سيدي متشكرين على زوجك عن اذنك
اوقفها بقوله
استني دقيقة لو سمحتي
عادت لشراستها تحدجه بعسليتيها
افندم عايز ايه
تبسم بهدوء يجيبها
مش حاجة وحشة والله انا بس عايز اعرفك اني بقعد في الكافيه اللي هناك
متابعة القراءة