رواية ظنها دمية بين أصابعه (الجزء الرابع من الفصول) بقلم الكاتبة سهام صادق
المحتويات
وأردف ساخرا.
_ الاستاذه ليلى حلو كده.
تجهمت ملامح عزيز من سخريته وأطرق بقوة على سطح مكتبه قائلا
_ كمل كلامك يا بشمهندس.
دون تردد قال
_ بصراحه مش متقبل وجود البنت دي هنا.
خرجت شهقة خافته من فم العم سعيد وتمتم قائلا بصوت خفيض.
_ ليه يا بني البنت يتيمه تروح فين طيب هي عملت حاجه تزعلك.
استدار سيف نحو العم سعيد حتى يخبره أنه يرحب بوجودهم جميعا ما عدا هي لكن بقية الكلام وقف في حلقه.
أسرعت نيرة بوضع يدها على شفتيها حتى تكتم صوت شهقتها. اشتعلت عينين سيف وانتفخت أوداجه وهو ينظر نحو عمه.
_ معقول غضبك ده كله عشان البنت دي.
ثم أردف صائحا وقد انفرجت شفاة العم سعيد و نيرة في ذهول.
_ أنا عايز أحييها بجد عرفت تلعبها صح وتوصل ل عزيز الزهار نفسه.
_ إخرس.
خرجت شهقة نيرة هذه المرة عالية وهي ترى يد عمها مرفوعة لأعلى ويقبض على كفه بقوة. تعلقت عينين عزيز ببغض نحو كارولين التي وقفت بعيدا تراقبهم ثم أغلق جفنيه لينظر إليه سيف بتحدي.
_ مضربتنيش ليه يا عمي!
أسرعت نيرة بالوقوف بينهم لا تصدق ما حصل وكاد أن يحصل.
بصوت غاضب قال بعدما نظر نحو شقيقته .
_ شايفه وجود البنت دي عمل إيه.
استدار عزيز نحوه بعدما استطاع إلتقاط أنفاسه التي خرجت هادرة من فرط غضبه.
_ اسمعوني يا ولاد سالم كويس واظن إني خلاص كملت رسالتي معاكم وضيعت عمري في تربيتكم ومكنتش في يوم اناني ولا حرمتكم من حاجه...
_ عمو خد نفسك براحه وبعدين نتكلم.
طالعها عزيز ثم طالع الواقف أمامه وقد تأكد اليوم أن الغربة ډمرت ما زرعه بداخله.
_ البنت اللي أنت عمال تتكلم في عرضها وعرضي هتكون مراتي هتكون مرات عمك يا ابن سمية.
اتسعت عينين العم سعيد في دهشة وخرج صوته وهو لا يستوعب ما سمعه للتو.
رفعت نيرة عينيها نحو عمها تتساءل وكأنها لا تصدق ما قاله.
_ عمو أنت تقصد ليلى...ليلى بنت اخو عمو عزيز.
_ اكيد يقصدها هي ما الهانم بتشاغل عمك من زمن وشكل كلام ماما صح والموضوع وصل..
سقط كف عزيز على خد سيف وقد خرجت شهقة
كارولين بقوة واقتربت من سيف تحتضن ذراعه.
_ يا خسارة تربيتي فيك يا خسارة يا ابن اخويا.
_ عمري ما كنت اتخيل إني في يوم همد ايدي عليك ويوم ما اعملها تكون راجل.
كان العم سعيد يقف مذهولا من كل شئ يحدث أمامه لينظر سيف نحو عزيز ثم غادر المنزل وخلفه كارولين.
بتشويش طالعت نيرة عمها ثم تراجعت لتهوى على الأريكة الموجودة ورائها تتمتم پصدمة.
_ أنا مش فاهمة حاجة.
ساد الصمت أرجاء المكان ولم يكن سوى صوت أنفاسهم يسمع وقد تهاوى عزيز هو الآخر بجسده على المقعد الذي ورائه. خرجت أنفاسه مثقلة وهو يقبض على كف يده لا يصدق ما وصل بينه وبين ابن شقيقه.
ازدرد العم سعيد لعابه وهو ينقل عيناه بينهم متنهدا.
_ فهمني يا بني الله يكرمك انا عقلي مش مستوعب ولا فاهم حاجة.
أخذ عزيز نفسا عميقا ثم زفره وهو يحرك يده على وجهه حتى يهدء.
_ مش فاهم إيه يا عم سعيد هو موضوع جوازي صدمكم اوي للدرجادي ولا أنا مش من حقي اقول إني اختارت شريكة حياتي.
طالعته نيرة بنظرة تائهه وقالت بتعلثم
_ إحنا مكناش متوقعين يوم ما تقرر تتجوز تكون يعني...
_ ليه عشان فرق العمر ما بينا...
شعرت نيرة بالحرج وأخفضت رأسها فهي لم تكن تقصد فارق العمر بينهم ولا تقصد شئ أخر لكنها لا تستوعب الأمر حتى الآن.
_ قول أنت يا راجل يا طيب...
طالعة العم سعيد بنظرة حائرة ثم أخفض رأسه فلا كلام لديه يخبره به.. فالصدمة ما زالت تحتل عقله.
شعر عزيز بالخيبة وهو يرى الوجوم محتل وجوههم ليرفع العم سعيد رأسه نحوه قائلا
_ عزيز عايز يمشي من البيت.
....
توقف عزيز بخزي أمام عزيز سائقه الذي قضى سنوات طويلة يخدم العائلة بإخلاص.
_ اتفضل يا عزيز بيه البيت بيتك.
أشار له بأن يدخل المنزل ليرفع عزيز عيناه إليه قائلا
_ خلينا نتكلم هنا يا عزيز.
أغلق عزيز الباب وتحرك معه مبتعدا عن مسكنه. كان الكلام الذي تحدث به ابن شقيقه يدوي صداه في رأسه... ولأول مرة يشعر بصغر حجمه أمام أحد. تنحنح عزيز ليجلي حنجرته متسائلا
_ عايزين تمشوا تروحوا فين يا عزيز.
طالعه عزيز بنظرة تحمل الهم فأمر الرحيل يرق مضجعه لكن لابد من حدوثه.
_ أنت عارف معزتك عندنا يا عزيز بيه بس خلاص مبقاش ينفع.
تنهد بقوة وأطرق رأسه الذي احتله الضجيج.
_ عزيز أنا أول ما عرفت اللي حصل جيتلك على طول وحق ليلى وحقكم كلكم على راسي وابن اخويا هيعتذر منكم وفي بيتكم.
طأطأ عزيز رأسه ف حتى الآن لا يصدق هو و عايدة ما حدث من سيف .. فهل هذا الصغير الذي قاموا برعايته في صغره.
_ بنت اخويا طلع وجودها تقيل يا عزيز بيه والبشمهندس قالها صريحة هي ضيفة والضيف ليه وقت ولازم يمشي.
عادت تلك النيران تشتعل داخل صدره وقد رفع عيناه نحو عزيز سائقه.
_ ليلى مش ضيفة في بيتي يا عزيز وعمري ما اعتبرت وجودها كده... عزيز أنا..
توقف عن الكلام حتى يستطيع ترتيبه ثم أطلق زفيرا طويلا وهو يرفع يده يمررها على خصلات شعره.
_ عزيز أنا بطلب ايد ليلى منك ويشرفني إني اناسبك واحط ايدي في ايدك.
حدجه عزيز السائق بنظرة تحمل الدهشة فواصل عزيز كلامه بعدما أطلق زفرة قوية.
_ أنا لولا العواقب اللي حصلت الفترة اللي فاتت كنت طلبت ايدها منك قولت إيه يا عزيز.
حاول عزيز إخراج الكلمات التي لا تسعفه من فمه فما يسمعه من سيده لا يستوعبه.
_ عزيز أنا عارف إن العمر بيني وبين ليلى كبير وصدقني فكرت كتير قبل ما اخد الخطوة دي لأني مش عايز اظلمها معايا لكن...
تهدجت أنفاس عزيز و استطرد بعدما هرب بعينيه بعيدا.
_ حقيقي مقدرتش يا عزيز ابعد مهما حاولت مقدرتش أنت أكيد فاهمني يا عزيز.
_ عزيز بيه أنا مش قادر استوعب اللي بتقوله الموضوع مفاجئ ليا..
ابتهجت ملامح عزيز عندما فهم صمت عزيز سائقه لم يكن إلا عدم إستعاب للأمر وليس رفضا.
_ اوعدك يا عزيز إني هسعد ليلى وإن فارق العمر مش هيكون عائق بينا!
...
اقتربت عايدة من عزيز تسأله بعدما جلست جواره.
_ قولت ل عزيز بيه إننا قررنا نمشي
لم يجيبها عزيز على تساؤلها بل ألجمها بالرد.
_ عزيز بيه طلب ايد ليلى يا عايدة.
رفرفت عايدة بأهدابها ثم اتسعت عيناها في ذهول.
_ أنت بتقول إيه يا عزيز
تنهد عزيز ونظر إليها وهو مازال في صډمته وذهوله.
آتى المساء واجتمعت عائلة العم سعيد حول مائدة الطعام كانوا يتناولون وجبتهم في صمت وقد تعجبت ليلى من صمتهم منذ أن عادت من عملها.
_ هو في حاجة حصلت
طالعتها شهد التي كانت تأكل طعامها دون شهية بسبب بدأ امتحاناتها بالغد.
_ مش عارفه يا ليلى من ساعة ما رجعت من الدرس وهما على الحال ده.
تعلقت عينين ليلى بالعم سعيد بتوتر بسبب نظراته الغريبة لها اليوم.
_ مالك يا عم سعيد.
أراد سعيد الكلام لكنه تراجع ونظر نحو طبق طعامه ليتمتم بصوت خفيض.
_ معقول حصل وأنا مش عارف.
_ أنا ليه حاسه إن فيه حاجة غريبه النهاردة.
قالتها ليلى وهي تنظر نحو عايدة التي تداركت وضعهم سريعا وابتسمت.
_ كملي أكلك يا بنتي ومتشغليش بالك بحاجة.
عادت ليلى تتناول طعامها وفي عقلها ألف سؤال بسبب نظراتهم لها.
ابتلعت اللقمة التي تلوكها بفمها ورفعت عيناها قائلة
_ عمو هو أنت كلمت عزيز بيه عن موضوع فلوس الشقة...
_ مبقاش له داعي خلاص.
قالها العم سعيد فزجره عزيز بنظرة مستاءةفهو أخبرهم أنه هو من سيتحدث معها. نظرت لهم في حيره وتساؤل.
_ هو أنت يا عمو غيرت رأيك
طالعتهم شهد في دهشة فهي لا تفهم شئ مما يدور حولهم.
_شقة إيه
نظرت عايدة إلى شهد قائلة
_ أنت مش خلصتي أكلك قومي يلا راجعي على المادة بتاعة بكره.
_ هو فيه إيه يا ماما كل حاجة مبترضوش تحكوا عنها قدامي.
رمقتها عايدة بنظرة ضيقة وأشارت إليها بالنهوض لكنها وقفت مكانها بعدما تحركت بضعة خطوات بشفتين منفرجتين من الدهشة وهي تسمع بما يهتف به خالها.
_ عزيز بيه طلب ايدك يا ليلى.
....
نظر عزيز نحو هاتفه ثم ألقاه على طاولة المكتب وزفز أنفاسه بقوة بعدما تملكه الڠضب من إغلاقها لهاتفها.
أزاح ستار الشرفة ووقف يطالع مكان القطة الذي صار خاليا ثم انتقلت عيناه نحو النافذة التي تقابل شرفة غرفة مكتبه.
_ عمو ممكن اتكلم معاك شوية.
استدار عزيز بجسده نحو نيرة التي وقفت في منتصف الحجرة تفرك يديها بتوتر.
_ سيف رجع
هزت رأسها نافية وتلاقت عيناها بعينيه..ليتنهد عزيز قائلا
_ اتكلمي يا نيرة أنا سامعك.. قولي كل اللي نفسك فيه زيه.
لم تتحمل نيرة سماع نبرة صوته الحزينة مما حدث وأسرعت ترتمي بين ذراعيه.
_ أنا الخبر خلاني مش مستوعبه لكن أنا فرحانه إنك قررت تتجوز.
أبعدها عزيز عن حضنه وتساءل وكأنه لا يصدق ما تقوله.
_ فرحانه من قلبك
حركت رأسها له وعادت إلى حضنه.
_ مادام ده قرارك ومبسوط أنا كمان مبسوطة.
ضمھا عزيز له وحرك يده برفق على رأسها ثم أغمض عينيه وقال بحشرجة.
_ كان نفسي اسمع الكلام ده منه هو كمان.
ابتعدت عنه نيرة ورفعت يديها تمررهم على خديه وقد بدأت تشعر بما يعانيه.
_ سيف مش هيستحمل زعلك هو يمكن بس متفاجئ.
_ وكلامه يا نيرة نسيتي كلامه...
أطرقت رأسها فماذا عساها أن تقول وقد قال شقيقها ما لا ينبغي قوله.
_ هيندم يا عمو صدقني سيف بيحبك.
...
قضى عزيز ليلته ساهدا بين حيرته من غلق ليلى لهاتفها وبين ابن شقيقه الذي ترك المنزل بعدما ألقى بكلام مازال عالق برأسه...
دلك جبينه بإرهاق فلم يكن يتوقع ردة فعل سيف بتلك الطريقة لكنه على يقين أن سمية لها يد خفية بما حدث.
أغمض عينيه لعل النوم يرحمه من تفكيره لكن الصباح ها هو يتسلل بخيوطه ليشرق.
_ صباح الخير.
قالها عزيز عندما تقابل مع العم سعيد بالأسفل قبل أن يتجه إلى غرفة مكتبه.
_ صباح الورد والفل والياسمين.
اندهش عزيز من تبدل حال العم سعيد ولكنه أخفي دهشته وقال
_ ممكن فنجان قهوة مع حباية مسكن يا راجل يا طيب.
نفذ له العم سعيد طلبه دون جدال لأول مره ليضع فنجان القهوة أمامه ثم ناوله الحبة.
_ شكرا يا
متابعة القراءة