رواية ظنها دمية بين أصابعه (الجزء الرابع من الفصول) بقلم الكاتبة سهام صادق
المحتويات
اللقاء بها... تلاشت ابتسامة مازن عندما انتبه على مشاعره.
_ انتوا جايين تشتروا زي تنكري زينا.
رغم أن هذا المتجر لم يكن هدفه هو وصغيره إلا أنه قال
_ اه عدي عايز يشتري زي الشرطي.
...
دلف صالح الشقة وهو يدلك جبينه فبسبب قلة نومه صار الصداع لا يرحمه. ضاقت حدقتاه عندما داعبت أنفه رائحة غريبة تشبه رائحة المخبوزات ثم رفع حاجبيه بدهشة عندما وصل لأذنيه صوت لحن أغنية باللغة الفرنسية التي يجيدها.
استمر في تحديقه بهما وقد تواري بجسده حتى لا تراه وتختفي تلك الابتسامة التي تزين شفتيها.
جميلة كالفراشة هي تفرض حضورها دون جهد منها حتى قلب صغيره حصلت عليه دون عناء وكأن معها عصاه سحرية... والديه منذ أول لقاء اجتمعوا به معها رؤها عروس مميزة لكن هو كان كالعمى يتحدى جده وعانده وبالنهاية كان هو الخاسر في لعبة زواج الهدف الحقيقي من ورائها الحصول على طفل آخر.
_ بابي هنا يا زوزو.
قالها الصغير بعدما انتبه على وجوده ثم أسرع إليه حتى يريه زي الطباخ الذي يرتديه.
_زوزو اشترت ليا لبس الطباخ بابي أنا عايز اكون طباخ شاطر.
ابتسم على ما قاله صغيره وعيناه عالقة بها وقد اختفت ابتسامتها كالعادة عند رؤيته.
_ جميل يا حبيبي.
_ أنت كويسة وريني ايدك.
لم يكن الحړق شديد ولم تكن أول مرة لها... هي اعتادت على هذا. كادت أن تخبره أن الأمر هين لكنه التقط يدها وأسرع بوضعها تحت صنبور المياة.
اندهشت من سؤاله فهو يسألها عن حړق بسيط حدث بيدها وقد نسى ذلك الچرح الذي لن يداويه الزمن.
سحبت يدها من يده بعدما شعرت بأنفاسه فوق يدها.
_ أنا كويسه مجرد لسعة بسيطة.
نظر إليها الصغير وتساءل
_ زوزو انفخلك على ايدك.
شقت شفتيها ابتسامة واسعه واقتربت منه تداعب خصلات شعره قائلة
_ زوزو كويسه يا قلب زوزو تعالا يلا نقطع البيتزا وندوق عمايل ايدك.
_ بابي تاكل معانا بيتزا
رغم عدم حبه للبيتزا إلا أنه أماء برأسه وتساءل بصوت مرح
_ هتسمحولي اشارككم الأكل يعني.
هز له الصغير رأسه بسعادة.
_ زوزو فرحانه عشان هتروح الشغل بكرة واكيد هتأكلك معانا.
_ شغل إيه
ابتسامة واسعه ارتسمت على شفتيها بعدما قضمت قطعة من شريحة البيتزا.
_ هشتغل في مركز لتعليم اللغات وهبدء تدريب من بكرة.
صمت صالح لوهلة يحاول إستيعاب ما قالته ثم تساءل وكأنه لم يسمع ردها.
_ قولي تاني شغل إيه
أعادت ما أخبرته به ولم يوقف هذا النقاش إلا رنين هاتفها و تساؤل الصغير عن سبب عدم تناولهم البيتزا معه.
_ انتوا مش هتاكلوا البيتزا بتاعتي.
حاولت زينب رسم ابتسامتها والتقطت هاتفها الموجود على طاولة المطبخ.
_ هروح ارد على طنط سما يا حبيبي ورجعالك.
حرك لها الصغير رأسه بتفهم وقد أسرعت بالتحرك من أمامه.
_ بابي هتاكل معايا.
بصعوبه تمالك صالح غضبه وربت على خده.
_ هغير هدومي يا حبيبي وراجعلك.
غادر صالح المطبخ واقترب من مكان وقوفها وقد وقفت تحادث سما بسعادة وتخبرها عن قبولها بالعمل دون توسط أحد لها.
أنهت مكالمتها مع سما واستدارت بجسدها حتى تعود للمطبخ وتشارك الصغير وجبته.
_ مش شايفه إنك لغياني خالص من حياتك وقرارتك وكأني مش موجود.
كادت أن تجيبه بنفس الجواب الذي يثير حنقه منها.
_ أنت مش مربية ابني أنت مراتي يا زينب...
أرادت أن تجيب عليه لكنه واصل كلامه بعدما تلاشت المسافة بينهم.
_ ورغم ڠضبي منك وإلغائك لوجودي لكن مش هقف قدام حاجة شايفك مبسوطه بسببها.
ضمت حاجبيها في دهشة ورفضت ذلك الشعور الذي شعرت به بسبب كلماته وكاد الكلام يخرج من شفتيها لتخبره أنها ستبتعد يوما عن عالمه لكنه قطع حديثها وأردف قائلا
_ من بكرة هشوف واحدة مؤهلة تكون مربية ل يزيد.
....
نظرت ليلى إلى عمها بنظرة حائرة فهي حتى هذه اللحظة لم تقتنع بما يحدث.
_ امضي يا حببتي وتوكلي على الله.
قالها عمها بسعادة ليطالعها صاحب الشقة قائلا
_ يا استاذه ليه التردد ده بس ده أنت والله بنت حلال وسبحان الله ربنا وقعنا في طريق بعض.
أغمضت ليلى عينيها لوهله ثم مضت على العقود التي وضعها أمامها المحامي.
_ الف مبروك.
قالها المحامي الذي تم التنازل في مكتبه وقد زفر السيد شكري أنفاسه براحة.
_ أنت ليه يا بنت كنتي مترددة في موضوع الشقة دي حقيقي زي ما عزيز بيه قال لقطه.
تنهدت بصوت خاڤت وهي تجاور عمها بسيارة الأجرة فهي تشعر بأن هناك شئ خفي عنها لا تفهمه.
_ سبحان الله كل شئ بيتدبر في يوم وليله بس الإنسان يرمي حموله على الله.
استقبلتهم عايدة عند عودتهم بلهفة وتساءلت.
_ شوفتوا الشقة ومضيتوا العقود
ابتسم عزيز لها ثم اتجه نحو الأريكة ليجلس عليها حتى يرتاح.
_ الحمدلله يا عايدة كل حاجه تمت والراجل كان ملهوف اكتر مننا على موضوع تبادل الشقق لأنه محتاج الشقة جدا بعد ما اتنقل للإسماعيلية.
_ الحمدلله ربنا استجاب لدعائنا.
واتجهت بأنظارها نحو ليلى.
_ أنت بنت حلال يا ليلى وتستاهلي كل خير.
احتضنتها عايدة لتبارك لها ولكن صمتها جعلها تشعر بالقلق.
_ مالك يا لولو أنت مش فرحانه.
دارت عينين ليلى بينهم ثم زفرت أنفاسها بقوة لتخبرهم سبب حيرتها.
_ إزاي قبل بالشقة بتاعتي من غير ما يشوفها غير بالصور.. ده غير إن شقته ما شاء الله جميله وواسعه وفي مكان راقي.
نظرت عايدة نحو عزيز فهو من رأي الشقة وقد أتى العم سعيد هذه اللحظة.
_ إيه يا بنت طمنيني عملتي إيه عزيز بيه عايز يطمن... عجبتك الشقة.
ابتسمت عايدة وعادت لټحتضنها.
_ يا لولو دي تدابير ربنا والناس الطيبه زيك ربنا بيهدي عليهم العباد.
وكان عليها أن تقتنع بما يقولوه.
بعد منتصف الليل غفت شهد بعدما اشتد النعاس عليها وقررت النوم حتى تستطيع الإستيقاظ باكرا ومراجعه دروسها قبل الإمتحان الذي لديها.
إهتز هاتفها الذي تضعه أمامها لتجيب عليه على الفور فابتسم قائلا
_ شهد نامت
اتجهت بعينيها نحو ابنة عمها وأجابت بهمس بالكاد وصل إليه.
_ ايوة.
اسند عزيز رأسه على الوساده وتساءل بجهل وكأن الأمور لم تسير مثلما خطط.
_ عم سعيد قالي إنك مستغربة موضوع قبول المشتري بشقتك رغم إن ما شاء الله موقع شقة الإسماعيلية جميل وتعتبر لقطه بالنسبه له.
أسبلت جفنيها بحيره ثم تنهدت.
_ هو ليه كل حاجة حصلت بسرعه من بعد كلامنا وإزاي الراجل وافق من غير ما يشوف الشقة غير مجرد صور.
زفر عزيز أنفاسه بقوة وصمت لثواني.
_ ليلى أنت ليه بتدوري على أي حجة توقف جوازنا أنت عايزانا نوصل لإيه قوليلي...
ترددت فيما تريد إخباره به ليعيد تساؤله وقد صار يحفظ أجوبتها.
_ هو أحنا ممكن نخليها خطوبه بس من غير كتب كتاب.
أتاها رده على الفور منهيا سخافة الأمر.
_ لأ يا ليلى مش هقبل تأجيل تاني وعلى فكرة من بكره هبدأ تجهيز الڤيلا لأننا هنعمل الفرح بعد شهر .
ظنها دمية بين أصابعه.
الفصل الأربعون
داعبت شفتي عزيز ابتسامة عريضة أعقبها زفرة ارتياح خرجت طويلة بعدما أنهى مكالمته.
نهض من وراء مكتبه حتى يخرج من الغرفة ويتناول طعام الإفطار مع أولاد شقيقه.
دلفت نيرة غرفة مكتبه وابتسمت وهي تراه انتهى من مكالمته الهامة.
_ الفطار جاهز يا عمو وعملت ليك احلى طبق بيض أومليت.
إحتضنها عزيز ثم طبع قبلة على رأسها.
_ تسلميلي يا حبيبتي.
_ قولي بقى النهاردة أنت مبسوط أوي كده ليه لأ وكمان طلبت مني اعملك طبق الأومليت وطلبت من عم سعيد يعملك طبق الفول.
قالتها نيرة بمشاغبة ليتوقف عزيز مكانه وينظر إليها بجبين مقطب.
_ هو أنا مينفعش أكون مبسوط ولا نفسي مفتوحة على الأكل.
مازحته نيرة وهي ترفع أحد حاجبيها ثم رفعت يدها لتلمس به خده الأملس.
_ وكمان حالق دقنك لأ كده لازم قاعدة بعد الفطار عشان تقر وتعترف يا عزيز بيه.
قهقه عزيز بقوة وخرج من غرفة المكتب وهو يحتضنها لتقع عينين عايدة عليهما وعلى وجهها البشوش ارتسمت ابتسامة صغيرة.
_ صباح الخير يا عايدة.
أجابته عايدة على الفور.
_ صباح الخير الفطار جاهز.
أماء عزيز برأسه وتساءل وهو يبحث بعينيه عن العم سعيد.
_ فين الراجل العجوز من ساعة ما قولتله عايز اكل طبق فول من ايده زي زمان واختفي.
آتى العم سعيد هذه اللحظة وهو يحمل طبق الفول بين يديه وقد فاحت رائحته.
_ أنا جيت اهو.
اقترب عزيز منه ومال قليلا حتى يشتم رائحة الفول التي داعبت معدته.
_ يا سلام عليك يا عم سعيد لأ وكمان غرقان بالزيت.
اتسعت ابتسامة سعيد وتحرك بالطبق نحو طاولة الطعام.
_ زي ما طلبت بالظبط.
كانت نظرات عايدة و نيرة تنتقل بينهما لتسرع نيرة قائلة
_ على فكرة طبق البيض بتاعي هيكون أحلى.
استنكر سعيد ما قالته ونظر إليها بنظرة جعلت صوت ضحكاتها ترتفع.
_ وطبق البيض بتاعك الماسخ يقارن بطبق الفول بتاعي الڠرقان بالزيت الحار والليمون.
مطت نيرة شفتيها بعبوس مصطنع ونظرت نحو عزيز الذي كان يطالعهما.
_ دوق واحكم يا عمو.
أسرعت نيرة نحو طبق البيض خاصتها ووضعته قرب طبق الفول وقد تحركت عايدة عائدة إلى المطبخ بعدما وجدت سيف يهبط الدرج.
شعر سيف بالضيق فهو يحب عايدة والعم عزيز لكنه لا يتقبل تلك الدخيلة التي أتت منزلهم وأغوت عمه بجمالها وسيظل يراها بهذه الصورة.
_ صباح الخير.
تمتم بها سيف فردت نيرة والعم سعيد على تحيته لكن عيناهم كانت مع عزيز الذي أخذ يمضغ لقمة الفول ببطئ.
ترقب العم سعيد رأيه وكأنه ينتظر نتيجة مباراة.
_ عشرة على عشرة يا راجل يا عجوز.
ارتفعت صيحة العم سعيد وقد أتت كارولين على أثرها واقتربت من سيف تسأله بهمس.
_ ماذا يحدث حبيبي
لم يجيب سيف عليها فهو وقف يطالع ما يحدث بغرابة دون فهم لكنه ابتسم عندما وجد العم سعيد يخرج لسانه لشقيقته وهي تعقد ذراعيها أمام صدرها في عبوس طفولي.
_ قول بقى رأيك في طبق الأومليت بتاعي.
ضحك عزيز والتقط لقمة أخرى حتى يتذوق طعم البيض. ترقبت
متابعة القراءة