رواية ظنها دمية بين أصابعه (الجزء الرابع من الفصول) بقلم الكاتبة سهام صادق
المحتويات
راجل يا طيب.
أغلق عزيز جفنيه وقد ظن للحظة أن العم سعيد غادر الغرفة لكنه شعر بوجوده.
_ اتكلم يا راجل يا طيب عايز تقول إيه.
لم يتردد العم سعيد فى سؤاله بذلك السؤال الذي وجد له إجابة ليلة أمس بعدما ربط الخيوط ببعضها لكنه أراد أن يسمعها منه.
_ أنت بتحب ليلى يا عزيز بيه!.
...
تهاوت زينب بجسدها على الفراش وهي تحاول إلتقاط أنفاسها ببطء ثم رفعت يدها لترتب بها خصلات شعرها التي تهدلت حول وجهها. تنهدت وهي تطالع مرآة الزينة التي وضعت عليها عطورها بجانب قنينات عطره التي ينتقيها بذوق خاص وفريد.
تمتمت بها زينب وهي تنظر حولها فهي رتبت الغرفة ونقلت أغراضها إليها بعدما أخبرتها سما ابنه عمها أنها ستأتي اليوم لها فهي قررت تناول طعام الغذاء لديها وقضاء بعض الوقت حتى يثرثروا عن أمر خطبة أشرقت ابنة عمهم هشام.
كادت أن تنهض من فوق الفراش لكن عيناها أخذتها بحسرة نحو الوسادة التي لم تضبط وضيعتها. ضبطت وضعها وقد داهمتها الذكريات عندما كانت تنتقي كل شئ من أثاث حتى تفرش الشقة على ذوقها. كانت ترغب بمشاركته لكنه أخبرها أنه ترك الأمر لها.
ابتلعت غصتها بمرارة وهي تحدق بالفراش وسرعان ما كانت تمسح دموعها العالقة بأهدابها.
غادرت الغرفة سريعا وأغلقت الباب ورائها واستندت بظهرها عليه وهي تمرر يدها على موضع قلبها حتى تستطيع إخماد ذلك الۏجع الذي ينهش روحها.
_ وحشتيني يا زوزو يا وحشه.
هتفت بها سما وهي ټحتضنها فتساءلت زينب ضاحكة بعدما أغلقت الباب.
_ وحشه!! طب ليه يا حضرت المضيفة.
رمقتها سما وهي تمط شفتيها ثم انحنت قليلا لتخلع حذائها.
_ من ساعة ما اتجوزتي وأنا مش عارفه اشوفك حتى لما بروح عند جدو يقولي كانت عندي امبارح.
_ الأيام اللي بتروحي فيها عند جدو للأسف باخد يزيد كورس الرسم بتاعه.
هزت سما رأسها لها وأخذت تزيل عن قميصها تلك السترة التي ترتديها عليه لكن يديها توقفت عن إستكمال الأمر ونظرت حولها متسائلة
_ الكابتن هنا
اقتربت منها زينب وسحبت السترة من عليها قائلة وهي تتحرك من أمامها.
تحركت سما ورائها وتساءلت بدهشة.
_ وأنت مروحتيش ليه معاهم اوعي تقوليلي إن أنا السبب اخد بعضي وامشي.
استدارت زينب إليها وزجرتها بنظرة شرسة.
_ تمشي تروحي فين ده أنا من الصبح بروق في الشقة وبحضر الأكل..
انكمشت ملامح سما بعبوس مصطنع لترفع زينب السترة التي بيدها حتى تلقيها عليها لكن سما مدت يدها له بالهدية التي تحملها.
التوت شفتي زينب بإستنكار والتقطت منها الكيس الذي تحمله دون أن تفتحه.
_ كده اخدمك خدمة خمسة نجوم.
ارتفعت قهقهة سما عاليا واتجهت نحو غرفة الضيافة لتجلس بها.
_ أنا النهاردة في اليوم الفري بتاعي عايزاكي تبدعي في المطبخ.
....
نظرت حورية بسعادة نحو صالح الذي يرتشف الشاي معهم بحديقة المنزل ويشاركهم الحديث الذي يدور حول أحوال العائلة.
_ وأنت يا صالح مش هتقولنا الخبر اللي إحنا منتظرينوا.
ابتلعت حورية ما في حلقها وتلاشت تلك البسمة التي تزين شفتيها.
_ بابا ممكن لو سمحت مندخلش في حياتهم.
قالها صفوان حتى ينهي نقاش هم في غنى عنه ليطرق شاكر بعصاه أرضا قائلا پحده.
_ وليه متدخلش في الموضوع الهدف من جواز صالح كان عشان الحفيد وهو الحمدلله معندهوش حاجة تمنع لكن لو زينب محتاجه....
توقف شاكر عن الكلام وهو ينظر نحو كوب الشاي الذي وضعه صالح علي الطاولة پعنف.
_ خلصت كل اللي عندك يا شاكر بيه... عموما ياريت حياتي متدخلش فيها.. وأنا ومراتى الحمدلله مش محتاجين نصايح من حد وياريت تنسى هدفك الأساسي من جوازي ب زينب بدل ما اكشف ألاعيبك قدمهم.
ارتبك شاكر من كلامه الأخير ونهض وهو يستند على عصاه.
_ أنت بتعلي صوتك عليا يا ولد.
_ لا سمح الله يا باشا.
اتجه صفوان نحو والده ينظر إليه راجيا.
_ يا بابا أرجوك كفايه وقت ما ربنا هيأذن لينا بحفيد من زينب هنشوفه.
_ ابنك شكله بايع الجوازة ومش عايز يخلف من البنت.
_ أنت إيه! قولي بالظبط أنت بتعمل كل ده ليه عشان اسم العيلة والفلوس.. انا کرهت الفلوس وکرهت اسم العيله.
بصعوبة التقط شاكر أنفاسه وهتف بصوت متهدج.
_ لولا فلوسي واسمي مكنتش وصلت للمكانه اللي أنت فيها دلوقت.
_ صالح أرجوك اهدي... الولد واقف بيبص علينا وخاېف.
استدار صالح بجسده ليجد صغيره يضع كلتا يديه على أذنيه حتى لا يسمع شجارهم.
_ شوفت بتوصل ابنك لإيه.
قالها شاكر مما جعل صفوان يقترب منه ويمسك ذراعه ليحثه على التحرك معه إلى الداخل.
_ سيبه يا دكتور صفوان سيب شاكر باشا يقول كل اللي هو عايزه.
_ خلاص يا صالح ده برضو جدك يا بني.
تمتمت بها حورية وقد وضع شاكر بيده على قلبه قائلا بصوت خرج ضعيف.
_ اطلب الدكتور يا صفوان ابنك عايز يموتني.
زفرت حورية أنفاسها بأسى فالجلسة العائلية انقلبت في لحظة.
_ دادة نعمات هاتي حاجة يا يزيد.
نفذت المرأة ما أمرها به تحت نظرات حورية التي اقتربت منه بقلة حيلة.
_ سيب الولد معايا النهاردة.
طالعها صالح بنظرة لم تفهمها لكنه عندما مرر كفيه على خديها سقطت دموعها تتمتم بندم.
_ أنا السبب كنت سلبيه طول عمري وسيبته يتحكم فيك وفي حياتك.. لو كنت قولت لاء على حاجات كتير زمان مكناش وصلنا لكده.
...
_ تسلم ايدك يا زوزو الأكل طعم بشكل.
نظرت زينب لها بسعادة وهي تراها تمسح على بطنها وداعبتها بمزاح.
_ ياريت نقدر ونكتب جواب شكر.
رفعت سما حاجبيها ثم كشرت بعبوس وهي ترفع الشوكة وتحركها أمامها كټهديد منها.
_ على فكرة أنا جايه بهدية قيمة وهتدعيلي لما تفتحيها.
حملت زينب الأطباق بإستياء دون أن تنظر إليها وهي تتذكر الهدية الأخيرة التي أتت بها وكان مصيرها ملقاه وسط ملابسها.
_ اوعي تقوليلي إنك ملبستيش حاجة منهم.
حاولت زينب تجاهل حديثها فرمقتها سما بنظرة عابثة.
_ الكابتن زي جوزك برضو وعادي لما تلبسي الحاجات دي...
_ سما ممكن تقومي تغسلي الأطباق لحد ما اخد حمام بدل ريحة الأكل اللي بقت في هدومي.
تلاعبت سما بحاجبيها وحدجتها بنظرة ماكرة.
_ أنت بتكسفي يا زوزو!.
لم تتحمل زينب سخافة سما واتجهت نحوها لتضع الأطباق بين يديها.
_ عايزه اطلع من الحمام ألاقيكي نضفتي السفرة وغسلتي الأطباق.
_ ماشي يا زوزو دي معاملة الضيوف برضو.
قالتها سما وهو تتحرك بضعة خطوات حتى تتأكد من دخول زينب إلى غرفة النوم الرئيسية. نظفت سما طاولة الطعام ووضعت الأطباق جانبا حتى تنظفها من بواقي الطعام أولا لكنها لم تتحمل تلك الشكوك التي تطرق رأسها.
_ أنا حاسه فيه حاجة غلط زينب مش مرياحني.
لم تكن سما من الأشخاص المتطفلين على خصوصيات الغير لكن شعورها بوجود شئ تخفيه ابنة عمها جعلها تتجه نحو غرفة النوم حتى تتأكد.
بخطوات بطيئة وحذرة دخلت غرفة النوم تنظر إلى باب الحمام المغلق. صوت تدفق المياة جعلها تتأكد أن زينب شرعت في استحمامها لتتجه سريعا نحو خزانة الملابس لتفتحها.
مدت يدها نحو قميص النوم الذي يبدو عليه من طريقة تعليقه أنها كانت ترتديه هذا الصباح أو ربما كانت تفكر في ارتدائه ليلة أمس. مررت يدها على أثواب النوم التي يبدو أنها اشترتها بمفردها ومن شدة توترها وحرجها أغلقت خزانة الملابس سريعا وأخذت تفتح الأدراج لتتأكد من بضعة أشياء...
تنهيدة مطمئنة خرجت من شفتيها وهي تنظر في أرجاء الغرفة ثم غادرتها وهي تلوم حالها على فعلتها.
فتحت زينب باب الحمام ببطء بعدما انغلق باب الغرفة تكتم صوت بكائها. ليتها تستطيع الكلام وإخبارهم بأنها تمثل الدور عليهم ببراعة حتى لا ترى الشماته في أعين أقرب الناس إليها.
وضعت سما الأطباق في آلة جلي الأواني ووقفت تعد لهم مشروب بارد ولطيف. تركت خفق المحتوى الذي تضعه بالكوب وضاقت حدقتاها بحيره وهي تسمع قرع جرس الباب.
تعلقت عيناها بالواقف بدهشة بعدما فتحت الباب وسرعان ما تحركت من أمامه.
_ كابتن صالح.
أطرق صالح رأسه وهو يتمتم بإعتذار.
_ أسف إني رنيت الجرس.
إبتسمت سما عندما فهمت سبب فعلته.
_ ده بيتك يا كابتن تعمل اللي أنت عايزه.
_ أنا هحط يزيد في سريره وهخرج على طول.
وسرعان ما خرج تساؤله بعدما لم يلمح طيفها.
_ هي فين زينب.
اتسعت ابتسامة سما وهي تراه يبحث عن زينب وقد ضجت عيناه باللهفة.
_ زوزو بتاخد حمام.
إنتبهت سما على يزيد الغافي بين ذراعيه وتقدمت منه تعرض عليه المساعدة.
_ هات اشيله عنك.
ابتسم صالح لها وتحرك بعدما رمقها بطرف عينه.
_ مفيش داعي شكرا يا سما.
اتجه صالح نحو غرفة صغيره النائم حتي يضعه في فراشه لتقف سما لوهله تنظر أمامها.
_ جينتل أوي كابتن صالح اومال ليه مصدر لينا وش الخشب في المطار.
...
أنهت زينب استحمامها ووقفت أمام المرآة تنظر إلى وجهها الذي توهج إحمرارا بسبب بكائها أسفل المياة.
أغمضت عيناها بقوة ثم زفرت أنفاسها. ثواني مرت وهي هكذا حتى استجمعت شتات نفسها وأحكمت لف المنشفة عليها.
عندما غادر صالح غرفة صغيره تعجب من سماع غلق باب الشقة... تحرك إلى الأمام ثم تنهد بعدما تأكد من مغادرة سما.
بحث عن زينب بالمطبخ لكن انتبه على ما أخبرته به سما عند سؤاله عنها عندما أتى.
زفرة طويلة وعميقة خرجت منه ثم اتجه نحو غرفته.
عيناه تعلقت بالغرفة ثم ابتسم عندما لاحظ تغيرها فأدرك أنها نقلت حاجتها بها حتى لا تنتبه سما على شئ.
ابتسامة واسعة احتلت شفتيه فقد أتته الفرصة ولن يجعلها تنقل حاجتها إلى الغرفة الأخرى.
ضاقت حدقتاه عندما وجد كيس هدايا على الفراش. تقدم بضعة خطوات والتقط الكيس ليلقي بنظره نحو الشئ الذي بداخله.
انفتح باب الحمام في نفس اللحظة التي كان يخرج هو قنينة العطر من العلبة. شهقتها القوية جعلته يستدير بجسده سريعا لينظر إليها.
_ أنت بتعمل إيه هنا
نظر إليها في صمت ف مازال أمر قنينة العطر النسائي
الذي يستخدم في أمور خاصة يسيطر على فكره.
أجلى حنجرته حتى يستطيع إخراج صوته.
_ كنت فاكرك بتاخدي حمام في الأوضة التانيه.
تنهدت بقوة فهي عليها السيطرة على انفعالاتها قليلا حتى لا تشعر سما بشئ.
_ طيب ممكن تخرج لحد ما اخد هدومي.
_ بنت عمك علي فكرة بره.
كڈب عليها ولأول مرة يكون متلاعب في أمور
متابعة القراءة