رواية ظنها دمية بين أصابعه (الجزء الرابع من الفصول) بقلم الكاتبة سهام صادق

موقع أيام نيوز

عليه ويعلم متى سيسمح له بمغادرة المشفى. 
....
إبتسمت عندما وجدت الخالة صفية تنتظرها أسفل البناية. ترجلت من السيارة وأسرعت إليها لتحضنها صفية بأسف.
_ سامحيني يا ليلى معرفتش اجيلك زي ما وعدتك.
_ كفاية اتصالك بيا كل يوم يا أبله صفية.
ربتت صفية على خدها وقد تلاقت عيناها بعينين
عزيز الذي تقدم منهما.
_ معلش تعبناكي معانا.
ردت صفية على فور وهي تنظر إليه.
_ معقول اتعب من حاجة تخص ليلى انا لولا الظروف اللي عندي مكنتش سيبتها لوحدها والحمدلله ربنا بعتك ليها في الوقت المناسب يا عزيز بيه.
قالتها صفية فانفرجت شفتي ليلى بابتسامة خفيفة.
_ ربنا يخليكي ليا يا أبله صفية.
لم تكن السيدة صفية بامرأة قليلة الخبرة حتى لا تفهم نظرات عزيز نحو ليلى وحتى أفعاله لا توحي بأنه يفعل ذلك إكراما لعمها الذي يعمل لديه.
وفي غفلة من ليلى التي إنهمكت في البحث عن بعض الأوراق التي لا تتذكر أين وضعتها..اقتربت صفية من عزيز.
_ حطها في عينك لأنها تستحق تتصان وتتحب.
طالعها عزيز وقد اندهش من كلامها.
_ عينك ڤضحاك اتمنى تحافظ عليها.
كاد عزيز أن يتحدث لكن اقتراب ليلى منهم جعل السيدة صفية تغير الكلام وتهتف قائلة
_ لقيتي الورق الضايع يا ليلى.! 
....
لطمت عايدة على فخذيها وهي لا تصدق أن عزيز زوجها كڈب عليها وأخفى عنها أمر الطعڼة التي ربما أودت بحياته.
_ كان قلبي حاسس إن فيه حاجة ومخبيها عليا لا أنا هروحله مش هستني لحد ما يجوا بكره.
قالتها عايدة وهي تزيح شهد عن حضنها وكادت أن تنهض ليقاطعها سعيد وهو يمد يده لها بكأس الماء.
_ اقعدي يا عايدة واستهدي بالله.
التقطت عايدة منه كأس الماء ورمقته بنظرة ممتعضه لاستهانته بشعورها بالقلق على زوجها.
_ ما أنت مش حاسس بيا يا سعيد.
بشفاة ملتويه حدجها سعيد ونظر نحو شهد القابعة داخل أحضانها.
_ بطلوا نواح يا ساتر عليكم تحبوا الندب زي عينيكم.
ثم أردف وهو يتحرك إلى غرفته.
_ الحمدلله إن عزيز بيه معاهم هناك. 
....
دار سيف حول نفسه بملامح متجهمة لا يستوعب حتى الآن أن رحلة العمل التي ذهب إليها عمه الأيام الماضيه لم تكن إلا من أجل عزيز السائق وابنة شقيقه.
_ أنت مضايق ليه يا سيف أنت عارف إن عمي بيعتبر عيلة العم سعيد جزء مننا إزاي هيعرف إن عمو عزيز في المستشفى ومش هيروحله.
احتقنت ملامح سيف من تبرير شقيقته لفعلة عمهم ومعرفتها منذ البدايه بما حدث لكنها لم تخبره.
_ ما هو راح عشان خاطر عيونها هي مش عشان الواجب.
احتلت الدهشة ملامح نيرة فما الذي يلمح إليه شقيقها.
_ تقصد إيه يا سيف أنت من ساعة ما عرفت بوجود عمو هناك وأنت بتقول كلام مش مفهوم.
أشاح سيف بعينيه عنها وزفز أنفاسه بضيق وهو يمرر يده على وجهه.
_ أنت مش واخده بالك ولا إيه!
بضيق تساءلت وقد ضجرت من ألغاز شقيقها.
_ سيف لو سمحت قول كلامك من غير لف...
_ عمك مغرم بالهانم.
ضاقت حدقتي نيرة ليواصل كلامه وهو ينظر نحو كارولين التي اقتربت منهم.
_ ياريت يكون ظني مش في محله لأني استحاله اسمح بحاجة زي دي..
_ أنا مش فاهمه حاجه.
ازدادت ملامح سيف احتقانا وهتف بصوت صارخ.
_ افهمي بقى يا نيرة عمك شكله مغرم ب ليلى... ومش بعيد نتفاجئ بإنه عايز يتجوزها. 
....
عبرت سيارة عزيز بوابة الڤيلا بعد غياب دام خمسة أيام...ألقى بنظرة خاطفة نحو المقعد الخلفي حيث جلست هي لتخفض عيناها بتوتر هاربة من نظراته التي صارت تربكها.
_ حمدلله على السلامة.
فتح عزيز العم عينيه ونظر حوله وسرعان ما كانت ترتسم السعاده على محياه وهو يرى نفسه داخل أسوار الڤيلا.
توقفت السيارة وقد هرولت كلا من عايدة و شهد إتجاههم.
ترقرقت الدموع في عينين عايدة وهي تراه يقف أمامها على قدميه وقد ارتمت شهد في حضڼ والدها ليصدر أنين خاڤت منه.
_ خلي بالك يا شهد عشان الچرح ميتفتحش.
هتفت بها ليلى بقلق بعدما استمعت لتأوه عمها.
_ كده يا عزيز كده متقوليش عن اللي حصلك.
ثم نظرت نحو ليلى بعتاب.
_ تخبي عني برضو يا ليلى.
أطرقت ليلى رأسها ليتدخل عزيز قائلا بعدما لم يتحمل رؤيتها منكسة الرأس.
_ليلى ملهاش ذنب يا عايدة.. ده كان رأي عزيز عشان متقلقيش.
أكد عزيز العم على كلام سيده ونظر إلى زوجته.
_ متلوميش على ليلى يا عايدة أنا اللي طلبت منها كده حتى عزيز بيه طلبت منه ميقولش ليكم حاجه.
_ كان قلبي حاسس والله إن فيه حاجة وحشة حصلت.
قالتها عايدة بصوت متحشرج لتسرع ليلى نحوها واحتضنتها.
_ أنا آسفة.
ضمتها عايدة بحنان إليها.
_ مش زعلانه منك ليلى أنا زعلانه من عمك.
أتت نيرة بلهفة لترتمي في حضڼ عمها.
_ حمدلله على السلامة.
وأردفت بعدما رمقت ليلى بنظرة خالطها الشك.
_ الف سلامه عليك يا عمو عزيز.
بصوت مرهق تمتم عزيز.
_ الله يسلمك يا ست البنات.
_ انتوا هتسيبوه واقف كده تعالا يا عزيز اسند عليا.
تمتم بها العم سعيد الذي آتي مهرولا ليبتسم عزيز له فأردف سعيد بمزاح بعدما فحص هيئته.
_ ما أنت زي الحصان اهو يا راجل.
ضحكوا جميعهم على مزحة العم سعيد لتنتبه عايدة على تحامل زوجها على حاله من أجل الوقوف أمامهم.
_ اسند عليا يا عزيز عشان ندخل جوه وترتاح.
استجاب عزيز لها وقد أسرعت ليلى لإسناده من الجهة الأخرى.
....
ربتت عايدة على ظهر ليلى بحنان فاستدارت ليلى جهتها بعدما تركت تقليب حساء الخضار.
_ اوعي تزعلي مني يا لولو عشان لومت عليك أنا من ساعة ما عرفت اللي حصل ليكم وانا على اعصابي... الحمدلله اطمنت عليكم.
هزت ليلى برأسها نافية أي شعور بالحزن يحتل قلبها من عتاب زوجة عمها لها.
_ كان عندك حق تلوميني..
توقف بقية الكلام على طرفي شفتيها ثم استطردت بندم ظهر في نبرة صوتها.
_ كل اللي حصل بسببي من حقكم تزعلوا مني.
أسرعت عايدة قائله بعدما رأت الدموع تترقرق من مقلتيها.
_ ده قدر ومكتوب يا ليلى والحمدلله ربنا لطف بينا... يارب ما اشوف فيكم حاجة وحشة.
_ وحشني اكلك يا لولو.
قالها العم سعيد وهو يدلف المطبخ لينتبه عليها وهي تمسح دموعها التي خانتها.
_ أنت كنت بټعيطي يا لولو... أنت عملتي فيها إيه يا
عايدة.
تراجعت عايدة إلى الوراء ونظرت نحو ليلى ضاحكة.
_ آهو هيتهمني اټهامات باطله ويطلعني مرات العم الشريرة.
أزاحها سعيد من أمامه قائلا
_ روحي عند جوزك خليكي جمبه...تعالي يا لولو احكيلي عملتلك إيه.
اتسعت ابتسامة ليلى وهي ترى زوجة عمها تغادر المطبخ.
_ دافعي عني يا لولو الله يكرمك.
زجرها سعيد بنظرة حانقة.
_ خليها تروح تقعد جمب عمك وتدلع فيه ده أنا كنت عيان ومحدش اهتم بيا.
كتمت ليلى صوت ضحكاتها فطالعها العم سعيد بعبوس يشكو إليها.
_ لما كنت تعبان قولتهم لو ليلى كانت هنا كانت اهتمت بيا لكن عايدة وبنتها مش بيطمر فيهم حاجة.
_ يالهووي يا خالو كل اللي كنت بعمله معاك الأيام اللي فاتت وبرضوه مش بيطمر.
اندفعت شهد إلى داخل المطبخ بعدما استمعت إلى شكوى خالها ونظرت له.
_ ده أنا كنت الممرضة بتاعتك وفي الاخر تقول عليا مش بيطمر فيا.
هرب العم سعيد بعينيه بعيدا والتف حوله قائلا
_ هو انتوا عاملين أكل إيه ل عزيز.
لم تتحمل ليلى كبت ضحكاتها فرمقها العم سعيد بنظراته البريئة.
_ متصدقيش يا لولو دي كانت بتاكل الاكل بتاعي.
رفعت شهد حاجبيها پصدمة.
_ باكل اكلك كمان...
لم تتوقف مناكفة العم سعيد و شهد إلا عندما ارتفع صوت العم مسعد بالخارج يخبرهم عن مجئ السيارة المحمله ببعض الآثاث.
الدهشة ارتسمت على ملامح نيرة وهي ترى عمها يقف بالخارج مع العمال ويتحدث معهم.
تعلقت عينين نيرة بالعم سعيد و ليلى التي كانت تسير جواره وفور أن اقتربت ليلى من السيارة التي حملت بعض الآثاث وبعض الأغراض الخاصة بها هتفت بخجل.
_ عزيز بيه ممكن تقولهم ياخدوا الصالون على البيت هناك.
استعجب العم سعيد مما قالته وتساءل
_ هناخد ليه الصالون هناك يا ليلى.
بصوت خاڤت أجابته بعدما تحاشت النظر نحو عزيز الذي التمعت عيناه وتبسم عند رؤيتها.
_ تجديد يا عم سعيد.
اماء العم سعيد برأسه بعدما أبصر شكله. نفذ عزيز ما طلبته لكنه شعر بالغيره عندما وجدها تتحدث مع أحد العمال وتطلب منه أن ينقل برفق تلك العلبة الضخمة التي يحملها بعدما أمرهم عزيز بنقل بقية الأغراض نحو المستودع الذي يقبع جوار الجراچ.
اقترب عزيز منها وبصوت خفيض قال
_ ليلى من فضلك ارجعي البيت.
بغرابة نظرت له فكبت ضيقه وهو ينظر للأمام دون النظر إليها.
_ قولت ارجعي البيت وانا ههتم بكل حاجة.
استعجبت من نبرة صوته ودون اعتراض تحركت من أمامه وقد انشغل العم سعيد بمتابعة العمال.
طالعت نيرة الأمر بنظرات ثاقبة لتنفض رأسها من تلك الأفكار التي وضعها شقيقها برأسها فهل تظن بعمها السوء وحتى ليلى لم ترى منها شئ سئ حتى تصدق ما قاله سيف عنها.
اقتربت من عمها تتساءل.
_ هي ليه الحاجات دي بتتنقل هنا.
التف عزيز نحوها بعدما استطاع السيطرة على مشاعر الغيرة داخله.
_ فيه حاجات من جهاز ليلى وحاجات تانية عايزة تحتفظ بيها.
ثم أردف بنبرة متأنية.
_ الموضوع صعب يا نيرة. فجأة تلاقي نفسك مجبره على بيع الحاجات اللي فيها ذكرياتك وريحة الغاليين.
تأثرت نيرة بكلام عمها وحركت رأسها بتفهم.
_ عندك حق يا عمو. 
...
باليوم التالي من عودتها ذهبت ليلى إلى عملها الذي تغيبت عنه لأسبوعين... أسبوع كان لمرضها والآخر بسبب ذهابها لمدينتها.
استقلبتها سلوى وهي تفتح ذراعيها لها بشوق.
_ أخيرا.
حضنتها ليلى بشوق وابتسمت.
_ اتمنى اكون وحشتكم فعلا.
ابتسم بسام ونظر لها بنظرة حملت السعادة لعودتها إلى العمل.
_ فعلا وحشتينا يا ليلى.
شعرت ليلى بالحرج خاصة عندما رفعت سلوى كلا حاجبيها ليسرع قائلا بعدما ازدرد لعابه.
_ كنت أنا و سلوى عايزين نجيلك بس أنت اغلب الوقت تليفونك مقفول ده غير معرفناش نوصل لعنوان عمك.
_ صح يا ليلى هو عنوان عمك إيه... تخيلي كل ده إحنا صحاب ومعرفش العنوان.
تساءلت سلوى فأشاحت ليلى عيناها حتى لا تنتبه على توترها.
ثقل لسان ليلى فواصلت سلوى كلامها بمزاح ثقيل.
_ يا بنت أنت مكسوفه من بيت عمك... ما إحنا كلنا على الله حكايتنا.
لقد وضعتها سلوى في مأزق و لولا قدوم السيد عادل وترحيبه بعودتها ما خرجت منه.
_ اهلا بموظفتنا المجتهدة حقيقي الشغل كان ناقصك يا ليلى.
قالها السيد عادل بصدق مما جعل ملامح سلوى تمتقع وقالت
_ يعني إحنا مكناش سادين مكانها يا استاذ عادل.
شعرت ليلى بالحرج فابتسم السيد عادل قائلا بلطف.
_ هتقوليني كلام مقولتوش يا سلوى... يلا كل واحد على شغله.
تحرك السيد عادل نحو غرفة مكتبه لتمط سلوى شفتيها بحنق.
_ بجد المكتب نور يا ليلى طمنيني عليكي بقيتي دلوقتي احسن.
ركزت سلوى أنظارها نحو بسام والتمعت عيناها بمكر فعلى ما يبدو أن مكتبهم سيشهد بقصة حب جديدة... خاصة أن بسام انفصل عن
تم نسخ الرابط