رواية ظنها دمية بين أصابعه (الجزء الرابع من الفصول) بقلم الكاتبة سهام صادق
المحتويات
نيرة رأيه إلى أن حسم النتيجة وقال
_ عشرة على عشرة برضو.
بطفولة صاحت نيرة.
_ لا خليني مميزة عنه يا عمو شايف بيطلع لسانه ليا إزاي.
قهقه عزيز عاليا وضحك سيف أيضا على أفعال شقيقته وكذلك فعلت كارولين التي بدأت تفهم ما يحدث.
_ خلاص بقى يا نيرو بلاش شغل عيال وكمان عم
سعيد طول عمره بيتفوق عليكي ويغيظك.
قالها سيف وهو ينظر إلى العم سعيد الذي وضع يده على صدره في امتنان قائلا
رمقتهم نيرة ومطت شفتيها بإستنكار.
_ شايف يا عمو.
ضحك عزيز ثم قال وهو يفتح لها ذراعيه.
_ عشرة على عشرة وتلت نجوم كمان.
ارتفعت صيحة سعيدة من شفتي نيرة ونظرت لكلا من شقيقها والعم سعيد.
كانت عينين كارولين عالقة نحو نيرة التي فور أن فتح لها عزيز ذراعيه أسرعت نحوه كالعادة واحتضنته بحب ثم قبلت خده...خفق قلب كارولين بحاجة لتلك المشاعر التي تراها لأول مرة.
تعالت ضحكاتهم التي وصلت لأذني عايدة التي كانت تتحدث بالهاتف مع ليلى وتسألها.
_ شهد دخلت الامتحان واطمنتي عليها يا ليلى!
أتاها صوت ليلى التي كانت تتحرك بعجالة حتى تجد سيارة أجرة تقلها إلى المصنع بعدما فاتتها حافلة العمل.
_ أه واطمنت عليها كمان.
تنهدت عايدة وتمنت داخلها أن تنصفها ابنتها وتراها في مكانة عالية.
مسحت عايدة على وجهها وقالت بقلق.
_ قلقانه عليها يا ليلى أنت شوفتي الصبح بطنها كانت ۏجعاها جامد وبتعيط.
استقلت ليلى سيارة الأجرة فاستمعت عايدة إلى صوتها وهي تخبر السائق أن يتجه بها إلى مكان المصنع.
_ بس الأجرة هتكون عالية يا آنسة عشان المصنع بعيد.
شعرت عايدة بالضيق من حالها لأنها بسبب عدم قدرتها هي و عزيز على الذهاب مع شهد إلى المدرسة جعلت ليلى تذهب معها وقد ضاعت عليها الحافلة.
بابتسامة واسعة ردت ليلى.
_ حاضر.
أغلقت عايدة جفنيها لثواني تدعو من قلبها لابنتها و
ليلى التي صارت مكانتها بقلبها وكأنها ابنة لها.
_ ست عايدة عملت الشاي...
قالتها الفتاة التي تساعدها بالمطبخ فالټفت عايدة إليها والتقطت منها الصنية وابتسمت لها.
غادرت عايدة المطبخ واتجهت إلى غرفة الطعام لكنها توقفت مكانها وقد انتقلت جميع الأنظار إليها ثم إلى عزيز الذي اندهش من نظراتهم إليه لكنه واصل كلامه قائلا
_ بس الڤيلا مش محتاجة تعديل.
تمتم بها سيف بوجه تلاشى عنه الإسترخاء بعدما فهم سبب قرار عمه لكن عزيز لم يهتم برأيه ونظر نحو نيرة ثم إلى عايدة التي انتبه على وجودها بالغرفة.
_ نيرة اهتمي بالموضوع مع ليلى وأنت يا ست عايدة خليك معاهم وأي حاجة ليلى عايزة تغيرها خصوصا في جناحي الخاص ليها مطلق الحرية وباقي الڤيلا المهندسة أكيد هيكون ليها وجهة نظر.
_ حاضر.
نهض سيف بعدما فقد شهيته وحاول إخفاء ضيقه الذي كان واضح.
_ اتأخرت على الجامعه.
اتبعته كارولين واتجهت ورائه فتنهد عزيز قائلا
_ نيرة ممكن تكلمي ليلى وتتوصلوا سوا عشان تساعديها يا حببتي.
هذه المرة كانت نيرة تبتسم بفرحة حقيقية بعدما تمالكت ذلك الشعور الذي سيطر عليها رغما عنها وهزت رأسها قائلة
_ حاضر يا عمو متقلقش...
تلاقت عينين سعيد و عايدة وقد ارتسم القليل من الإرتياح على وجوههم.
....
حاولت ليلى إلتقاط أنفاسها وهي تدلف إلى الغرفة التي تشارك بها زملائها لتنظر لها سلوى قائلة
_ كويس إنك جيتي لسا الاستاذ عادل كان بيسأل عنك.
اندهشت ليلى من سؤال السيد عادل عنها فهي هاتفته بالصباح لتستأذن منه وتخبره أنها ستتأخر قليلا عن موعد دوامها.
غادر بسام مكتب السيد عادل ونظر إليها وقد أشرقت ملامحه عند رؤيتها.
_ صباح الخير اتأخرتي يعني يا ليلى النهاردة.
أسرعت ليلى بوضع حقيبتها على طاولة مكتبها قائلة
_ صباح الخير.
وكادت أن تخبره عن سبب تأخرها إلا أن سلوى قاطعتها وتحدثت بدلا عنها.
_ اتأخرت عشان كانت بتوصل بنت عمها للمدرسة ثانوية عامة بقى يا سيدي وأنت فاهم.
حرك بسام رأسه بتفهم واقترب من ليلى.
_ إن شاء الله خير أنا برضو ابن اخويا ثانوية عامه وعامل لاخويا قلق.
_ متعرفش استاذ عادل عايزني في إيه يا بسام.
تساءلت ليلى بعدما راودها شعور بالقلق عن طلبه لها.
_ معرفش والله يا ليلى بس خير... ادخلي شوفيه.
دخلت ليلى غرفة مكتب السيد عادل الذي أغلق للتو مكالمته مع أحدهم.
_ كويس إنك جيتي يا ليلى لسا استاذ رفعت كان بيسأل عنك لأنه عايزك في مكتبه.
أصاب الذعر ملامح ليلى فالسيد رفعت هو رئيس مديرها.. لما يطلبها لغرفة مكتبه.
_ هو فيه حاجة حصلت يا استاذ عادل.
ابتسم السيد عادل ونهض عن المقعد الجالس عليه وقال بنبرة مطمئنة.
_ أنت قلقانه كده ليه متقلقيش أنت بقيتي من الموظفين الكفء عندنا يا ليلى.
زال توترها وابتسمت فأشار إليها عادل بالتحرك قائلا
_ بلاش نتأخر على استاذ رفعت ليقول عني مدير مش منضبط مع الموظفين عندي.
اتسعت ابتسامة ليلى وحركت له رأسها قائلة
_ هروح مكتبه فورا يا فندم.
تحركت ليلى نحو مكتب السيد رفعت الذي دخلته مرات قليلة وعندما أبلغته سكرتيرته بوجودها أخبرها أن تدخلها في الحال.
دون أن ينتظر السيد رفعت كلمة منها قال
_ السواق مستنيكي بره هتروحي ل عزيز بيه.
زوت ما بين حاجبيها بحيرة وتساءلت بتوتر
_ أنا !!...
أشار لها السيد رفعت أن لا تقاطع كلامه وتنتظر سماع بقية حديثه.
_ عمك كان مسئول عن الموضوع ده لأن عزيز بيه بيستأمنه على الأوراق المهمة ودلوقتي أنت حلقة الوصل وهو طلب إني ابعتك عشان تاخدي منه الأوراق لأنه مش فاضي عشان يجي المصنع.
كادت أن تقاطعه ليلى وتسأله عن تلك الأوراق الهامة لكنه واصل كلامه الذي لا يحب أن يقاطعه أحد فيه.
_ السواق هيوديكي ويجيبك اتفضلي يا استاذة ليلى.
استدارت ليلى لتغادر مكتبه حتى تنفذ المطلوب منها..
عندما علمت سلوى سبب استدعاء ليلى خرج الحديث منها بنبرة متهكمة تخللتها الغيرة.
_ ايوة يا عم مين قدك ما أنت عمك سواق البيه ودلوقتي واخد اجازه عشان مريض فأنت حلقة الوصل بين المصنع والبيه.
وأردفت وهو ترى علامات الضيق على ملامح ليلى.
_ ياريت عمي كان سواق البيه كان بقى ليا امتيازات كتيرة في المصنع زيك.
_ على فكرة يا سلوى...ليلى مش بيميزها في المصنع غير شغلها مش عشان عمها سواق عزيز بيه.
التقطت ليلى حقيبتها بعدما وضعت داخلها بعض متعلقاتها الشخصية وطالعت بسام بإمتنان.
_ قولها يا بسام لأنها فاكرة إنهم بيميزوني عشان عمي.
غادرت ليلى الغرفة بوجه محتقن دون الإلتفاف ورائها وقد استمعت إلى صوت سلوى.
_ هو أنا قولت إيه عشان تزعل ما الكل بقى عارف في المصنع إن عمها السواق الخاص ب عزيز بيه.
...
صعدت ليلى السيارة التي تنتظرها ومازال حديث سلوى يتردد داخل أذنيها.
لم تشعر بالسيارة التي انطلقت فور صعودها فعقلها كان بين تلك النظرة التي رمقها بها سيف في آخر مرة التقت به وبين كلام سلوى الذي صار ېطعنها بحقيقة ستجعل الجميع يلوكها في أفواههم عند علمهم بخبر زواجها منه.
كان عزيز ينتظرها بلهفة في أحد معارضه دلف أحد العاملين إليه قائلا
_ دي كل الكتالوجات الحديثة يا فندم.
_ حطها هنا يا استاذ سمير.
وضعها السيد سمير بالمكان الذي أشار إليه وتراجع متسائلا
_ فيه حاجة مطلوبة مني تاني يا فندم
أسرع عزيز قائلا بعدما نظر في ساعة يده.
_ زي ما نبهت عليك يا سمير أي اوضة تنزل في تمنها النص وده عرض خاص النهاردة وبس.
أماء سمير برأسه و رغم علمه أن قرار سيده به خسارة لكن عليه عدم الإعتراض.
_ تمام يا عزيز بيه أنا بلغت العمال زي ما حضرتك أمرت.
توقفت السيارة أمام المعرض الذي لم تأتيه من قبل اندهشت قليلا لكن سرعان ما غادرتها الدهشة عندما استمعت إلى صوت السائق.
_ وصلنا يا أستاذة.
ترجلت ليلى من السيارة ونظرت إلى واجهة المعرض الذي يقبع في حي حيوي. بتوتر تحركت بخطواتها وقبل دلوفها للداخل أخذت نفسا عميقا تخبر نفسها أنها في مهمة رسمية لا غير.
عند دخولها غرفة مكتبه اتسعت ابتسامته واقترب منها.
_ اتأخرتي كده ليه
ضاقت حدقتي ليلى بغرابة من سؤاله وردت عليه بعدما أطرقت رأسها بخجل.
_ أول ما استاذ رفعت طلب مني اجي جيت لحضرتك على طول.
استنكر عزيز سماع تلك الكلمة الرسمية التي تحادثه بها.
_ عزيز بيه و حضرتك!!! ماشي يا ليلى هحاول اعدي الرسميات الأيام دي واصبر.
ارتبكت ليلى فهي لا تتخيل أن تنادي اسمه مجردا... فكلما حاول معها نطق أحرف اسمه دون لقب استصعبت الأمر.
_ فين الورق يا فندم
رمقها عزيز بنظرة طويلة وكاد أن يتحدث لكن دخول العامل بأكواب العصير جعله يصمت.
انصرف العامل فتنهد عزيز قائلا
_ تعالي اقعدي واشربي العصير الأول.
بارتباك ردت بعدما تحاشت النظر إليه من شدة خجلها.
_ مش عايزة اتأخر يا فندم.
بضيق تمتم بعدما اتجه نحو كوب العصير والتقطه.
_ معلش اتأخري النهاردة شوية عن الشغل ومتقلقيش أنا عارف صاحب المصنع كويس وهوصي عليكي.
شق ثغرها ابتسامة صغيرة ومد لها يده بكوب العصير.
_ اشربي بقى العصير يا ليلي ولا هتكسفي ايدي.
ازداد خجلها من طريقة حديثه التي لم تعتادها بعد وبحرج أخذت منه الكوب.
_ تعالي اقعدي عشان عايز اخد رأيك في حاجة.
طالعته بحيره ثم جلست على المقعد الذي أشار عليه وقد جلس قبالتها.
_ إيه هي الحاجه دي
تساءلت وهي تقبض على كوب العصير بقوة فابتسم عزيز وهو يلتقط كوب العصير الأخر ويرتشف منه القليل.
_ نشرب العصير الأول و بعدين نتكلم.
ببطئ رفعت كوب العصير نحو شفتيها ترتشف منه وقد ظهر الإرتباك بوضوح على ملامحها.
حاول عزيز تجنب النظر إليها لكنه كالعادة كان معها شخصا آخر.
تعمق بالنظر إلى شفتيها التي وضعتها على حافة الكوب الزجاجي ثم إلى أهدابها الكثيفة التي تسدلها على عينيها فتمنع عن عينيه رؤية سحرهما شامتها الصغيرة التي اكتشف وجودها عند ذقتها... كل شئ بها يجعل فؤاده يخفق بقوة بشعور جديد عليه شعور يحمل براءة صاحبة ويحمل أيضا دنائته كلما خانه عقله وتخيل ما لا حق له فيه حتى الآن.
أغلق عزيز جفنيه بلحظة سريعة ثم نهض من أمامها وتنحنح بخشونة ليجلي حنجرته قائلا بعدما أعطاها ظهره.
_ أنا جبتلك كل الكتالوجات اللي فيها الأوض المناسبة عشان فرش الشقة.
بصوت خاڤت تساءلت حتى تفهم مقصده.
_ شقة إيه
استدار عزيز بجسده ثم التقط أحد المغلفات ومد يده إليها.
_ الشقة بتاعتك يا ليلى مش لازم تتفرش عشان كتب الكتاب.
لوهلة شعرت بالغباء وسرعان ما كانت تستوعب حديثه.
_ ما أنا هفرشها بعفش مستعمل مش لازم اشتري عفش جديد.
ولأنه صار
متابعة القراءة