رواية ظنها دمية بين أصابعه (الجزء الرابع من الفصول) بقلم الكاتبة سهام صادق
المحتويات
كهذه.
أغلقت جفنيها لثواني ثم قالت بعدما زفرت أنفاسها ببطء.
_ طيب ممكن تلف ضهرك.
أطاعها صالح بالفعل وابتسم وهو ينظر إلى زجاجة العطر الأخرى.
شعر بحركتها وهي تلتقط ملابسها فاستدار نصف إستدارة بجسده متسائلا
_ هي دي هدية من سما.
تيبست قدميها عن الحركة والټفت إليه تطالعه وسرعان ما كانت تنتبه على قنينة العطر التي يحركها بيده.
أسرعت جهته تلتقط منه قنينة العطر ثم كيس الهدايا الذي سقط من يدها.
_ المفروض متفتحتش حاجة متخصكش.
انحنت لتلقط الكيس دون أن تنتبه على وضعها أمامه.
تحركت من أمامه لتغلق الباب خلفها پعنف وهي تتمتم.
_ ماشي يا سما.
....
ألقت نيرة نظرة سريعة حولها ثم اتجهت إلى المكان المخصص بردهة الفندق لتنتظره. جلست ثم أخذت نفس عميق وأخدت تتلاعب بأصابعها.
توقف للحظة ثم استكمل خطواته إلى أن وقف قبالتها ثم جلس.
لم ينبس ببنت شفة ولم تتحدث هي الأخرى. دام الصمت بينهم للحظات إلى أن قالت
_ عمو فرحان يا سيف بس فرحته مكسوره بسبب غيابك.
طالعها سيف ولم ينطق بشئ لتبتلع لعابها واستطردت بحزن.
_ فاكر يا سيف يوم ما ماما سبتنا ومشيت ...
_ عمو حضنك جامد بعد ما سألته أنت كمان هتسبنا... وعدك إنه هيفضل دايما معانا.
سقطت دموع نيرة عندما عادت ذكرى ذلك اليوم تطرق رأسها.
_ وعدنا هنفضل طول عمرنا سوا.. ليه دلوقتي أنت سيبت ايده ومشيت.
اهتز قلب سيف من كلامها أخفض رأسه بخزي فهل نسى ذكرى ذلك اليوم يوما.
_ سيف
ازدرد لعابه دون النظر إليها لتشعر بتخبطه قائلة
_ متناسبهوش يا نيرة البنت دي عرفت تلعب على عمك ببرائتها صح واوعي تقوليلي ما كارولين كمان مكنتش تناسبك أنا عارف ده كويس.
قڈف الكلام دفعه واحدة ثم رفع يده يمررها على وجهه قائلا
_ أنا عمري ما اقدر أقف قصاده لأن هو مش عمي بس ده أبويا كمان وما دام هو عايز ده فكلامي مش هيفيد.
جلست ليلى شاردة فيما حدث ليلة أمس ومجئ سيف إلى مسكنهم واعتذاره منهم جميعا.
عمها تقبل اعتذاره وصرف أمر رحيله من الڤيلا ولن تستطيع لومه على قراره فهو عاش سنوات طويلة بينهم قبل أن تأتي هي وتخبره بوجودها.
الكل تغيرت أرائه بعدما تقدم السيد عزيز بطلب يدها وكأن بعرض الزواج نسوا كل ما حدث.
أغمضت عيناها لوهلة وابتلعت غصتها وهي تتذكر نظرة سيف لها أمس رغم إعتذاره منها... لم يرى أحد تلك النظرة التي رمقها بها... نظرة بغض اخترق سهمها فؤادها.
تنهدت بصوت خفيض وهي ترتب الأوراق التي أمامها.
_ ليلى هو أنت فيكي حاجة
تخلي بسام عن صمته فاتجهت بعينيها نحوه وكادت أن تخبره أنها بخير لكن قدوم السيد عادل رئيسهم بالقسم جعلها هي و بسام متأهبين لأوامره.
طالعهم السيد عادل بنظرة خاطفة ثم قال
_ عزيز بيه عايزك في مكتبه يا ليلى.
اندهشت كما اندهش بسام ليهتف السيد عادل قائلا
_ خدي نسخة من ملف جرد الحسابات الأخير معاك.
....
طلب قدومها لمكتبه كانت حجة اختلقها حتى يراها فمنذ عودته وهو لم يلمح طيفها حتى أمر الخطبة تؤجلها حتى تباع شقتها بالإسماعيلية وتشتري أخرى هنا.
زفر أنفاسه بقوة فهو لا يفهم وجهة نظرها العجيبة.... هي ستصبح زوجته قريبا فما الحاجة للتعجل بشراء شقة الآن.
نهض على الفور من فوق مقعده وتحرك من وراء مكتبه عندما انتبه على الطرقة الخاڤتة. انتظر دخولها بلهفة لتتعلق عيناه بها بشوق وهو يراها أمامه.
_ جبت نسخه من الورق اللي حضرتك طلبته يا عزيز بيه.
تنهيدة طويلة خرجت من شفتي عزيز واقترب منها.
_ اقفلي الباب يا ليلى ممكن.
نظرت إليه ثم للباب ورائها وترددت في غلقه... لم ينتظرها عزيز لتتخذ القرار الذي سيطول وتجاوز مكان وفوقها وأغلق الباب غير عابئ بشئ.
بصوت اقرب للهمس هتفت.
_ الورق يا فندم.
التقط عزيز منها الورق حتى يريحها وقال
_ سيبك من الورق دلوقتي لأنه مجرد حجة.
أخفضت رأسها بعدما علمت نيته من استدعائها لغرفة مكتبه.
_ ممكن تبصيلي.
لم تنظر له مما جعله يرفع يده يحركها على خصلات شعره ويزفر أنفاسه بقوة.
_ قافله تليفونك ليه وليه مش عايزة تشوفيني...
ضجر من صمتها فاقترب منها متسائلا
_ ليه يا ليلى قوليلي بتهربي دلوقتي مني ليه.
رفعت رأسها له وقد تلاقت عيناهم نظراتها البريئة آسرته وأضاعت أي ڠضب يحتل كيانه هذه اللحظة من تصرفها العجيب بالأيام الماضية وبصوت رخيم أعاد تساؤله.
_ ريحيني يا ليلى وقوليلي رافضه ليه إني اتقدم ليكي في بيت عمك..
لم تنتظر أن يواصل كلامه وقد اندهش من ردها.
_ ده مش بيت عمي ولا بيت أنا عايشة ضيفه فيه.
_ ضيفه!!
تمتم بإستنكار للكلمة التي نطقتها فأردفت قائلة
_ ده بيتك أنت.
لم يعجبه كلامها لكنه تمالك ذلك الشعور الذي أحدثته داخله.
_ إزاي شايفه نفسك ضيفة وأنت هتكوني مراتي يا ليلى.
ظنها دمية بين أصابعه.
الفصل التاسع والثلاثين
ربما كان وقوع الكلمة عليها كلحن جميل لمس أوتار قلبها الذي ضاعت فرحته.
أن تصبح زوجته حلم كانت تراه مستحيلا وصار الآن حقيقة تشوهت منذ تلك الليلة التي رأت فيها بغض ابن شقيقه الواضح لها.
سيف جعلها تفيق على واقع تناسته بعدما انجرفت مع أمواج الحب.
تنهد عزيز وهو يرى التخبط مرتسم على ملامحها وقد تحاشت النظر إليه تماما.
_ طيب ممكن نتكلم بهدوء وتفهميني وجهة نظرك.
صوته الرخيم جعلها ترفع عيناها وتنظر إليه بحيره لتداعب شفتيه ابتسامة صغيرة ثم أردف وهو يشير نحو المقعد.
_ خلينا نقعد ونتكلم يا ليلى
انصاعت لطلبه في صمت وجلست على المقعد الذي أشار إليه وقد ظنت أنه سيجلس خلف مكتبه لكن وجدته يجلس قبالتها.
ارتبكت وهي تراه جالس أمامها ولا يفصل بينهم سوى تلك الطاولة الصغيرة الموجوده في المنتصف.
_ تعرفي إن كان جوايا مشاعر ڠضب بسبب تجاهلك وأنا كراجل متعودتش على التجاهل الموضوع بالنسبالي صعب وقولت لنفسي اول ما هشوفها هعاتبها واصدر ليها الوش الخشب.
عندما تفوه بكلمته الأخيرة تعلقت عيناها به لتجد ابتسامته قد اتسعتفاستطرد قائلا
_ لكن معرفتش قلبي مقدرش يقسى عليك.
ارتجف قلبها عقب كلامه لتفرك يديها ببعضهما بارتباك فهي لا تستطيع مجاراته بالكلام والتعبير عن مشاعرها رغم عشقها له.
تعمق بالنظر في ملامحها التي اشتاقها وكان ينتظر أن تعبر عن شوقها له لكنه صار يعرف طبيعة شخصيتها الخجولة التي زادته سقوط في عشقها وتمنيها كزوجة له.
ازدادت ربكتها عندما طالت نظرته لها هي تعلم أنه يريد سماع كلمة منها تروي ظمأه لكن لسانها يعجز عن الكلام.
_ نفسي ألاقي رد لكلامي.
تلاقت عيناها بعينيه بنظرة خاطفة فابتسم وهو يميل قليلا جهتها.
_ ليه بخيله معايا حتى في الكلام يا ليلى!
ارتفعت أنفاسها وهي تراه يحاول كسر الحواجز بينهما ثم واصل كلامه بعبث رجولي لا يعلم متى صار يجيده.
_ امتى عقدة لسانك تنفك.
توترت وقد غادرت الأحرف لسانها ثم أخدت تتلاعب بأصابعها تلك العادة تجعله يشعر وكأنه أمام طفلة صغيرة وليست فتاة اقتربت من إتمام منتصف العقد الثالث من عمرها.
تنهد بقوة ثم أسبل جفنيه فڪل شئ بها يزيده رغبه فيها وهي تحرمه من تعجيل الأمر لتصبح زوجته.
أصابته الدهشة وهو يسمع ما نطقته شفتيها.
_عزيز بيه أنت قولتلي إن بفلوس الشقة بتاعتي هشتري واحدة هنا..
خرج الكلام منها دفعة واحدة فهي استطاعت أخيرا سؤاله عن بيع شقتها.
شعر بالضيق من نطقها لاسمه غير مجرد مرة أخرى رغم جلوسهم بمفردهم فأردفت بتساؤل أذهله.
_ هي ليه الشقة متباعتش لحد دلوقتي
حدجها عزيز بنظرة جعلتها تشعر بالحرج فتمتمت بخفوت.
_ أنا مقصدش حاجه من سؤالي..
وبخجل استطردت دون أن تعي ما تقول.
_ بسام زميلي في المصنع هنا عنده شقة سعرها حلو وانا قولتله...
احتدت عيناه عندما استمع إلى اسم رجل آخر منها وقد باغتها بنهوضه المفاجئ وبنبرة صوته التي خرجت قوية.
_ وأنت مستنيه الفلوس عشان زميلك يشتري ليك الشقة يعني محددة كل حاجه.
شعرت ليلى بالفزع من حدته ونظرت إليه بغرابة وسرعان ما كانت تواصل كلامها حتى توضح له الأمر.
_ هو قالي إن الشقة لقطه وخاېف تضيع مني..
احتقنت ملامح عزيز واستدار بجسده ينظر إليها.
_ يعني موقفة خطوة جوازنا عشان خاطر الشقة اللقطه.. أنت عارفه أنا ممكن اشتريلك كام شقة.
لم ينتبه عزيز على ما نطقه وقد تملكته الغيرة لوهله.
_ اختاري الشقة اللي أنت عايزاها وأنا اشتريهالك.
ضغط بحديثه على ذلك الچرح الذي أحدثه ابن شقيقه داخلها وهل هي كانت بغافله عن ذلك الحقد الذي رأته في عينين سيف.
_ أنا عايزه اشتري الشقة بفلوسي.
أغلق جفنيه بقوة فهو لم يعتاد بعد على تلك المشاعر التي تقتحمه وتسيطر عليه...حاول التحكم بغضبه.
_ وبعد ما هتشتري الشقة بفلوسك طبعا...
قال كلمته الأخيرة بتهكم لا يقصده لكنه حانق الآن منها ثم أردف متسائلا
_ محدده قرارك في علاقتنا يا ليلى
أطرقت رأسها بعدما شعرت بأنه يلوم عليها بقرار تحفظ به كرامتها.
_ أنا كنت فاكرة إن يوم ما هكون عروسه بيتنا هيتملي زغاريط و ماما هتكون معايا والفرحه مش هتكون سيعاها مكنتش فاكره إن الدنيا هتفضي فجأة حواليا وهي كمان هتسيبني... أنا عارفه إنهم مكنوش اهلي الحقيقين لكن عمري ما حسيت باليتم غير لما سبوني ومشيوا.
لم تشعر بحالها إلا وهي تخبره بكسرة فؤادها وذلك الشعور الذي أحياه ابن شقيقه وجعلها تفيق من وهم الأحلام.
ارتجف قلب عزيز وهو يرى دموعها ټغرق خديها واقترب منها وكاد أن يمد يديه حتى يجتذبها إلى حضنه لكنه لم يستطع هي ليست امرأته حتى يدنسها.
_ قصرك جميل لكنه مش بيت أنا ضيفة عندك وعند عمي..
قبض عزيز على يديه بقوة فالعجز يسيطر عليه وهي من تحرمه من ضمھ لها.
_ كانوا بسببي عايزين يمشوا وهما مش متخيلين حياتهم بعيد عن قصرك واول ما عرضت طلب الجواز حسوا إن الأمل رجع تاني ليهم وبقى لوجودهم سبب قوي...
تنهيدة قوية خرجت منه وقد ازداد غضبه من سيف فلولا ما فعله ما كان ذلك الشعور أوجعها وفتح جرحها الغائر.
اتجه نحو طاوله مكتبه يلتقط المحارم الورقية وتقدم إليها يمد يده قائلا بلين.
_ امسحى دموعك يا ليلى وانا هعملك اللي أنت عايزاه.
استمرت في بكائها وهي تنظر إليه وقد عاد حديث سيف يدوي داخلها.
_ لو بصتيلي بالطريقة دي صدقيني يا ليلى هاخدك في حضڼي ومش هخرجك منه إلا وعمك جايب المأذون معاه.
ابتسمت ثم أسرعت في جذب المحارم الورقية من يده لتمسح دموعها.
_ من حقك طبعا كل اللي أنت عايزاه
متابعة القراءة