رواية مهمة زواج (الجزء الخامس من الفصول) بقلم دعاء فؤاد
هي مالهاش اي علاقات و غالبا من البيت للشغل و من الشغل للبيت..
أومأ و هو يقول
أنا تحت أمرك يافندم.. فهمت اللي حضرتك عايزه.
هز رأسه عدة مرات ثم قال
هبعتلك اسمها و مكان شغلها و كل اللي اعرفه عنها في رسالة... بس عايزك تعرفلي بالظبط عنوان بيتها لان دا بقى اللي معرفهوش... هي ساكنة في كومباوند في التجمع الخامس بس معرفش مكان البيت بالظبط... و أهم حاجة مش عايزها تحس انك بتراقبها... مفهوم!
مفهوم طبعا يافندم حضرتك مش محتاج تنبه عليا في حاجة زي دي.
تمام... مهمتك هتبدأ من بكرة الصبح... هتستناها قدام المستشفى قبل معاد حضور الموظفين عشان تشوفها و تتعرف عليها...
فتح هاتفه على صورتها و أعطاه الهاتف لكي يراها و يعرفها فتمعن عمر فيها النظر ليطبع صورتها بذاكرته ثم أعاده لمعتصم و هو يقول
هز رأسه عدة مرات ثم قال
لو نفذت أوامري بالحرف و اتبسطت منك هيكون ليك مني مكافأة بخلاف مرتبك من فريد بيه.
اتسعت ابتسامته و هو يقول
ان شاء الله يافندم اكون عند حسن ظن سيادتك.
ان شاء الله... دا الكارت بتاعي يا ريت تبعتلي رسالة برقمك
أخذ منه الكارت ثم نهض من مكانه و هو يقول
نهض معتصم ثم مد يده يسلم عليه ليقول مبتسما
متشكر جدا يا عمر... فرصة سعيدة.. مع السلامه..
خرج عمر من المكتب مغلقا الباب خلفه فعاد معتصم لكرسيه مسترخيا عليه و هو يتنهد بارتياح... فعلى الأقل سيعرف ان كانت تتلاعب به أم أنها جادة فيما يخص خطبتها من آخر..
عودة لحمد بمحافظة سوهاج...
صافية انتي مبتصليش ولا ايه!
أطرقت رأسها بخذي و هي تقول
لاه.
ليه!.. عندك عذر يعني يمنعك من الصلاة!
رفعت رأسها له لترد بعفوية
لاه.. بس أمي...
ايه!.. اوعي تقوليلي ان امك قالتلك متصليش!
أسرعت تصحح بعفوية
لاه.. اني كنت هجول امي معلمتنيش الصلاة... يعني بصلي اكده كل فين و فين.
هز رأسه بعدم رضا ليقول بنبرة لينة
طاب ينفع بنوتة كبيرة زيك كدا متصليش!
مخبراش...بس بدي اشوف حد بيصلي و اني راح اصلي زييه.
قصدك حد يشجعك يعني!
هزت رأسها بايجاب فابتسم لها و هو يقول
و أنا روحت فين!.. من النهاردة نشجع بعض و نصلي سوا... تمام!
ابتسمت و هي تومئ بموافقة فشعر بكثير من الارتياح على الأقل بدأت تستجيب.
حمد
اممم..
عايزة أجولك على حاچة بس سايج عليك النبي ماتزعج عليا.
قولي مټخافيش..
أخذت تفرك كفيها بتوتر و هي تقول
أمي اااااا.....
حثها بقوله
كملي.. قالتلك ايه!
سألتني على الجماشة البيضا.
انتفخت اوداجه پغضب و لكنه كظم غيظه و هو يسألها
و قولتلها ايه!
ردت بعفوية
جولتلها انك لجحتهارميتها في الژبالة..
اممم و قالتلك ايه!
زعجت عليا و جالت أبصر شرفك ولا مدري كيف... مفهمتش من كلامها حاچة واصل.
ضحك حمد بملئ فمه و هو يقرص وجنتيها و يقول
طفلة يا ربي... و الله طفلة.
انزلت يده پغضب و هي تقول بضيق
لاه اني مش طفلة يا حمد...اني زملاتي اتچوزوا و خلفوا قمان..
سكت مليا يتأمل ملامحها المتذمرة پغضب طفولي ثم احتضن كفيها بين كفيه و هو يقول
أنا خاېف عليكي يا صافية... انتي صغيرة اوي على الجواز و مسؤلياته... انتي اللي قدك لسة بيلعبو و بيتعلموا و بيخرجوا و بيتفسحوا.. لسة بدري على الخطوة دي.
ردت عليه ببراءة و هي تضحك
الكلام اللي عتجوله ده بيحصل في الافلام بس يا واد عمي... خيتي كريمة عنديها عشرين سنة و معاها اربع عيال ربنا يخليلها.
ضحك حمد من تلك العقيدة المترسخة في ذهنها كما لقنها والديها و الناس من حولها ثم سألها و هو يرفع حاجبيه بمكر
طاب انتي عارفة الناس بتخلف العيال ازاي!
اقتربت برأسها من أذنه فقام بدوره بتقريب رأسه منها و هو في حالة من الدهشة ثم تحدثت بهمس و كأن أحدهم سيسمعها
اني سألت كريمة خيتي كتير... بس مراضياش تجولي... طوالي تزعج عليا و تجولي اتحشمي يا بت.. هتعرفي لما تتچوزي.
رفع حاجبيه و كأنه متفاجئ يسألها بذات الهمس
بجد!
هزت رأسها بايجاب و هي تقول بثقة هامسة
ايوة... زي ما بجولك اكده.
ضحك للمرة التي لم يعرف عددها و هو يجذبها الى حضنه و يحيطها بذراعيه و يقول بخفوت
و الله يا ربي متجوز طفلة.
سمعته لټضرب صدره بكفها الصغير بتذمر و هي تتمتم پغضب
سمعاك يا واد عمي.
أي ايدك تقيلة يا طفلة..
أخذت تزيد في ضربه كلما نعتها بتلك الكلمة و هو لا يتوقف عن ترديد تلك الكلمة عنادا لها و لكي يرى ڠضبها الطفولي الذي أحبه منها و وجهها المرح الذي يراه لأول مرة.
ترك أدهم شقيقته بتخبطها ثم سار نحو غرفة ندى و حين دخل الغرفة وجد أمه تجلس معها في انتظاره لتسأله بقلق
ايه يا أدهم... ريم كانت عايزاك ليه.. انا سيبتكو تتكلمو براحتكم عشان هي بتضايق لما بتدخل بينكم..
قبل كفها بحب
حبيبتي انتي تتدخلي زي ما انتي عايزة...دا انتي الخير و البركة يا ست الكل.
يابني قول قلقتني.
تنهد بعمق ثم قال
مش هتصدقي يا ماما...بتكلمني على واحد زميلها في المستشفى عايز يتقدملها.
اتسعت عينيها بدهشة
نعم!..هي اټجننت دي ولا ايه!
و دا بالظبط كان رد فعلي.
طاب و بعدين...انت عارف انها بتتصرف كدا من صډمتها..و اكيد هي مش واعية للي بتعمله دا..اه يا ريم هتجننيني.
أنا عارف يا ماما ان تفكيرها في الوقت الحالي مشوش بس للأسف هي مصممة تخوض التجربة...انتي عارفاها عنيدة قد ايه..و مبتقتنعش غير لما تنفذ اللي في دماغها.
اه انت هتقولي...فاكر لما صممت تستلم شغلها في الصعيد!..مع انك كنت هتنقلها في لحظة بس هي صممت و في الآخر مكملتش هناك شهر و رجعت تقول يا ريتني.
هز رأسه بقلة حيلة
أنا بحاول مزعلهاش عشان حالتها النفسية مش مظبوطة و بسيبها تجرب بنفسها عشان تتعلم... بس الظاهر اني كنت غلطان... و كان لازم أشد عليها شوية..
تدخلت ندى في الحديث قائلة
اسمحلي يا أدهم...ريم شخصيتها قوية جدا و في نفس الوقت هشة جدا و اقل حاجة بتدمرها... فخليها تكتشف بنفسها ايه القرار الصح و ايه الغلط ساعتها هتكون مقتنعة أكتر... و في الاول و الاخر دي هتكون مجرد خطوبة.. لو ليهم نصيب في بعض هيكملو.. و العكس صحيح.
هز رأسه عدة مرات ثم قال بجدية
انا للأسف مضطر أسايرها المرادي كمان لحد مانشوف آخرتها ايه!
ربتت أمه على فخذه تطمئنه
خير يا حبيبي ان شاء الله... خير.
توالت الأيام على الأبطال دون جديد يذكر سوى أن عمر يراقب ريم كما أمره معتصم و قد عرف عنوانها تفصيليا و أرسله اليه كما أنه التقط لها صورا مع خالد أثناء خروجهما من المشفى و أرسلها أيضا الى معتصم..
علم عمر مؤخرا من رجال الأمن بقسم الاستقبال أن حفل خطبة خالد و ريم ستقام يوم الخميس المقبل و هو آخر يوم لندى في أيام عزلها بسبب الكورونا.
بالطبع أصابته صدمة بالغة و شعر أن الدنيا تهيم به و أحس بالعجز التام... فحبيبته التي يحلم ليل نهار باقتران اسمها باسمه ستكون ملكا لغيره.
و بالطبع نرمين تلك الأفعى مازالت تراقب محادثات معتصم و رأت محادثته مع عمر و ما يرسله له من صور لريم الأمر الذي جعلها تكاد تفقد عقلها... ألهذا الحد قد هوس بها معتصم!.. لدرجة أن يراقبها و ينتظر أخبارها!
كانت ريم تتزين في غرفتها و معها ندى و قد تحسنت كثيرا و لكن لاتزال ترتدي الكمامة و شقيقتها روان استعدادا لحفل خطبتها على خالد.
و لكن رغم أنه كان من محض اختيارها الا أنها لم تكن سعيدة أبدا كانت تغتصب الابتسامة على شفتيها... فقد سيطرت صورة معتصم بوسامته و هيبته على عقلها تماما خاصة في هذا اليوم بالذات و لكن لا مجال للعودة و التراجع.
طرقت وفاء الخادمة الباب لتفتح لها ندى فاعطتها باقة رائعة من زهور الاورجانزا ثم قالت
في واحد جاب البوكيه دا للدكتورة ريم.
التقطته منها و هي تتأمله باعجاب بالغ
متعرفيش مين دا!
لا يا هانم.. تقريبا واحد من عمال المحل..
هزت رأسها بايجاب ثم شكرتها و أغلقت الباب ثم سارت نحو ريم و أعطتها الباقة
ريم حد باعتلك البوكيه دا.
مين يا ترى!
التقطت الباقة ثم لمحت تلك البطاقة الحمراء المدون عليها بعض الكلمات فقامت بقرائتها حيث كتب فيها
مبارك الخطوبة ... بتمنالك السعادة من كل قلبي.. و بتمنى انك تكوني مبسوطة بحياتك الجديدة.. بس للأسف عارف انك مش مبسوطة.... معتصم
حين انتهت من قرائتها بدأت يديها ترتجفان و عينيها تتساقط منها العبرات ثم ضاقت أنفاسها قليلا و علت شهقاتها فاحتضنتها روان و هي تصيح بها
ريم... مالك يا حبيبتي.. اهدي.. اهدي يا ريم.. ايه اللي حصل بس... ندى بسرعة نادي أدهم.
خرجت ندى و هي تركض لتستدعي أدهم لغرفة شقيقته فدلف الغرفة مذعورا ليصعق بمظهر ريم المذري ليبعد روان عنها و يحتضنها و هو يقول بحنو
اهدي.. اهدي يا حبيبتي خلاص انا معاكي.. ايه اللي حصل يا روان!
أعطته تلك البطاقة التي قرأتها ريم للتو فأخذها منها ليقرأها فانتفخت اوداجه پغضب و هو يسب و يلعن به بخفوت و ألقى بها على مد ذراعه ثم عاد يشدد من احتضان أخته المذعورة و هو يتمتم بهمس حاني
ريم اسمعيني... لو عايزاني اطلع دلوقتي أنهي كل حاجة و اعتذر لخالد هعمل كدا لو دا هيريحك... انتي قلبك مش معاكي يا ريم... اسمعيني يا حبيبتي متضغطيش على نفسك أكتر من كدا..
بدأت شهقاتها تقل رويدا رويدا الى أن هدأت تماما ثم ابتعدت عن حضنه و قالت بجدية تامة
لا يا أدهم...في الأول و الآخر استحالة هرجعله بعد اللي عمله.. مفيش داعي للي انت بتقوله.. انا بس كانت اعصابي تعبانة شوية فعيطت ڠصب عني.. بس الحمد لله انا بقيت أحسن دلوقتي.. هغسل وشي و هظبط الميكاب و اخرج... زمان خالد و عيلته على وصول..
نظر لها مطولا ثم سألها بتوجس
متأكدة انك كويسة يا ريم!
هزت رأسها و هي تبتسم له حتى لا تثير ريبته و قلقه فتركها
و هو يتوعد في نفسه لمعتصم أن أحزن شقيقته و أوصلها لتلك الحالة السيئة.
لم يكن أحد سعيدا في ذلك الحفل سوى خالد و عائلته بينما ريم كانت تتظاهر بالسعادة و أدهم لم يستطع أن يغض الطرف عنها و لو لحظة فقد كان قلقا عليها للغاية و يشعر بها تماما و ما يموج بقلبها من تخبط.
انتظر أدهم بزوغ شمس اليوم التالي بفارغ الصبر ليلقن ذلك الأرعن درسا نظير فعلته بأخته بالأمس..
من حسن حظ أدهم أن معتصم بات تلك الليلة العصيبة بمكتبه بالشركة فقد كانت حالته سيئة لدرجة لا تسمح له بمواجهة أي شخص ما.
استقل سيارته في الصباح الباكر ليأخذ طريقه الى شركة معتصم و هو يتوعد له.
وصل الى الشركة و صعد الى الطابق الذي يقطن به مكتبه فتخطى السكرتيرة و دلف مباشرة اليه دون أن ينبس ببنت شفه و حين انفتح الباب فجأة وقف معتصم ليتفاجئ بمثول أدهم أمامه و شرارات الڠضب تتطاير من عينيه فأدرك أنه جاء ليحاسبه على فعلته بالأمس..
مش عيب يا أدهم بيه لما ظابط محترم زي حضرتك ېتهجم على واحد في محل عمله..
سار اليه بخطى واسعة حتى أمسكه من تلابيبه و هو يصيح پغضب
هو انت لسة شوفت عيب يا ابن ال...
نفض معتصم ذراعيه و هو يرد بانفعال
احترم نفسك و متشتمش... متنساش انك في مكتبي.
تصدق خۏفت يلا...انت عايز ايه بالظبط من اختي... هو انا مش حذرتك متقربش منها يا حيوان.
رد معتصم و هو يصيح پغضب
قولتلك متشتمش...
ثم تحولت نبرته للبرود و هو يضع يديه في جيبي بنطاله
و بعدين حبيت ابارك للدكتورة ريم.... مغلطتش يعني.
صاح به پغضب بالغ
و تباركلها بصفتك ايه!.. ها!.. و بالنسبة للي كتبته على الزفت!
رد عليه بنبرة باردة
أنا مكتبتش حاجة عيب ولا غلط... انا كتبت الحقيقة.. اه معلش اصل هي دايما كدا الحقيقة بتوجع..
أخذ أدهم يصتك فكيه بتغيظ شديد فإنه يذكره بكلماته التي قالها له آنفا..
اقترب أدهم برأسه الى رأسه للغاية ثم قال بصوت كالفحيح
و غلاوة ريم عندي لو فكرت تقربلها او تضايقها لكون حابسك في تأبيدة يا.. يا معتصم بيه.
رفع حاجبيه و هو يرد عليه بنبرة تمثيلية
لا بجد خوفتني...
ثم علت نبرته ليقول بانفعال بالغ
اسمع يا أدهم باشا...ريم هتفضل حبيبتي لاخر يوم في عمري شئت ام أبيت..و اوعى تفتكر اني خاېف منك.. أنا قادر اغلط فيك زي ما بتغلط فيا و اضربك كمان لو لزم الأمر...بس انا عامل خاطر لريم لأنك اخوها اللي بتحبه و بتحترمه... و لولا ريم بينا لكنت شوفت مني وش ربنا مايوريهولك..
حانت من أدهم بسمة ساخرة ليقول بوعيد
هدد براحتك يا سي معتصم... و على چثتي ان ريم تكون ليك
بالكاد سيطر معتصم على أنفاسه المتسارعة ثم وضع يديه في جيبي بنطاله و هو يقول بنبرة غليظة
شرفت يا أدهم بيه.
ألقى عليه أدهم نظرة حاړقة ثم تركه و عاد الى سيارته و هو يستشيط ڠضبا من ردود فعل معتصم الباردة المستفزة فقرر العودة للمنزل ليرتدي ملابسه الميري ليستكمل عمله على أية حال
يتبع
بقلم دعاء فؤاد