رواية مهمة زواج (الجزء الخامس من الفصول) بقلم دعاء فؤاد

موقع أيام نيوز

انا متأسف جدا على تقصيري الأيام اللي فاتت. 
لا يا حبيبي ولا يهمك... انتي غالي عندي اوي يا آسر.. غلاوتك من غلاوة ميري الله يرحمها... كفاية انك من ريحتها و أكتر واحد كانت بتحبه. 
اغرورقت عينا آسر بالعبرات من كلمات حماه المؤثرة ثم قال و هو بالكاد يتمالك نفسه 
سلملي على مودة لما تصحى. 
هخليك تكلمها فيديو المرة الجاية ان شاء الله.. 
تمام يا عمو في الانتظار... في رعاية الله يا حبيبي.. 
أغلق المكالمة ثم استند بظهره الى الوسادة و هو يشعر بالضياع و الحزن الشديد... يا الله متى يأني لهذا الحزن أن يزول!!...
بقي أدهم في غرفته شاردا بحزن بعدما أخبر شقيقته بما عرفه عن معتصم ... 
كان يفكر بريم و كيف سينكسر قلبها بعدما تعلقت به و هامت به الأفكار من هنا لهناك حتى أنه مرت عليه أكثر من ساعة و لم يتذكر حتى أن يطمئن على ندى منذ مجيئه من الخارج. 
بعد تفكير طويل استقر أن يتفقد ريم أولا ربما تسوء حالتها النفسية و هي لا ينقصها... فهي أساسا غير متزنة نفسيا منذ تلك الحاډثة الأليمة التي تعرضت لها في طفولتها و جعلت أعصابها تتلف من أقل شيئ.
بدل ملابسه لأخرى بيتية ثم خرج من غرفته و سار باتجاه غرفة ريم ثم طرق الباب عدة مرات و لكنها لا ترد الأمر الذي أقلقه للغاية ففتح الباب فورا و دلف ليجدها متمددة على الأريكة الكبيرة بالغرفة و يبدو أنها شاردة للغاية حتى أنها لم تسمع طرقاته. 
اقترب منها ثم برك أمامها على ركبتيه ثم أخذ يهزها من كتفها برفق 
ريم.... مالك يا حبيبتي! 
نظرت له بملامح ذابلة و تبدو آثار البكاء عليها فآلمه قلبه للغاية لأجلها فاسترسل بجدية و هو يمسد على شعرها بحنو 
صدقيني يا حبيبتي ميستاهلش دمعة واحدة من عيونك الحلوين دول.. ارميه ورا ضهرك يا ريم و كأنك معرفتهوش. 
بدأت ملامحها تنكمش و كأنها توشك على البكاء ثم تحدثت بنبرة شبه باكية و هي تضع يدها على موضع قلبها 
قلبي بيوجعني أوي يا أدهم... مش قادرة أصدق ان... ان معتصم يبقى كدا...
أطبق جفنيه پغضب من مجرد ذكر اسمه... ثم سيطر على غضبه متسائلا بترقب 
انتي بتحبيه يا ريم! 
اعتدلت لتجلس فنهض أدهم و جلس بجوارها فسكتت قليلا تفكر ثم رفعت كتفيها لأعلى و هي تقول بذات النبرة الباكية 
مش عارفه... يعني متكلمناش كتير... و كنت دايما بكلمه بحدود.. بس أكيد كنت معجبة بيه مش هكدب عليك... بس هل حبيته.. مش قادرة أقول اه و مش قادره اقول لأ.. 
استرسل يسألها بحنو 
طاب ايه اللي عجبك فيه! 
سكتت مليا تتذكر بعض المواقف التي مرت بهما سويا ثم حانت منها نصف ابتسامة و هي تقول 
عجبني فيه شخصيته المختلفة... كان قوي و في نفس الوقت هادي و رزين... شديد و في نفس الوقت حنين و رقيق... كنت بشوفك فيه يا أدهم... يعني بشوف فيه السند اللي اعتمد عليه و اللي ممكن ارمي نفسي في الڼار و مخافش طالما هو معايا.. هو بالنسبالي كان نسخة تانية من أدهم حبيبي. 
اممممم... و ايه تاني اللي عجبك فيه! 
أطرقت رأسها بخجل ثم نظرت بعينيه و هي تقول بجدية 
انت عارف اني مش بحب أخبي عليك حاجة.. و بتكلم معاك كأني بتكلم مع نفسي.. 
هز رأسه عدة مرات و هو يحثها برفق 
اتكلمي يا ريم متتكسفيش مني. 
ابتلعت ريقها بتوتر ثم قالت 
أنا أعجبت بشكله كمان...يعني هي مين أصلا اللي ممكن تشوفه و متعجبش بيه... دا حتى مارتينا صحبتي الصيدلانية اللي عرفتك عليها في فرح حمد امبارح... فاكرها! 
اه اه فاكرها.. 
رغم انها مسيحية بس هي كمان كانت كل يوم تقعد تقولي اشعار في شكله و جسمه و شعره و و... كانت بتقولي لو مكنتش مسيحية كنت اتجوزته.. ههه.. قولتلها يجوز تتجوزيه على فكرة... قالتلي هو يستاهل اني أضحي عشانه بكل حاجة بس مش لدرجة اني أضحي بعمري يا حبيبتي... دا أهلي يدبحوني قبل ما اعملها... هههه.. 
ضحك أدهم ضحكة بسيطة فاسترسلت ريم بجدية 
يعني ممكن اكون انجذبت لشكله الحلو شوية... او كتير ممكن.. كل حركة بشوفها منه كانت بتشدني ليه أكتر... طريقة كلامه... وقفته.. ابتسامته... ضحكته.. كل حاجة فيه حلوة... اه سبحان من صوره يا أدهم. 
حانت منه نصف ابتسامة ليقول بسخرية 
انتي في لحظة كدا نسيتي اللي عمله و عمالة تتغزلي فيه و كأنك ما صدقتي اني أسألك عنه. 
تنهدت بعمق ثم قالت 
أنا بس بفضفض معاك.. يمكن اهدى شوية و انسى الۏجع اللي جوايا. 
قبض على كفها المستقر بجوارها ثم قال بجدية تامة 
انتي عارفة يا ريم!... ساعات الجمال بيبقى لعڼة على صاحبه..و فتنة للي حواليه.. يعني سيدنا يوسف عليه السلام جمال خلقته خلى زوجة العزيز تفتتن بيه و كانت سبب في دخوله السچن كام سنة لحد ما ربنا أذن بخروجه.. يعني لو مكانش جميل مكانش اتعرض للكرب دا.. و معتصم شكله هو اللي خلى واحدة زي الست اللي اتجوزها دي انها تعرض نفسها عليه مقابل انها تأسسله شركة ضخمة زي اللي بيديرها حاليا... يعني انا مش ببررله بس طبعا كان عرض لا يقاوم.. 
اتسعت عيني ريم پصدمة لتسأله باستنكار 
هي اللي طلبته للجواز!.. انت قصدك انها اشترته بفلوسها!.. يعني معتصم باع نفسه ليها!!.. معتصم!! 
رفع كتفيه لأعلى و هو يقول 
مش بقولك الجمال احيانا بيبقى لعڼة لصاحبه. 
تنهد بعمق ثم استرسل بجدية و حنو في آن واحد 
عايزك تنسيه و تلتفتي لشغلك و مستقبلك... و صدقيني يا ريم لو كان ليكي نصيب فيه لو الناس كلها اجتمعت عشان ميكونش ليكي.. هيكون لو مهما حصل.. انتي مش صغيرة و فاهمة اللي بقوله كويس. 
ردت بنبرة حزينة 
متقلقش يا أدهم...هو أصلا نزل من نظري بعد ما كان حاجة كبيرة اوي في عنيا... و اللي حصل دا درس اتعلمت منه ان الشكل مش كل حاجة... و ان الجمال جمال الروح. 
مسد على شعرها و هو يبتسم لها بفخر و يقول 
و هي دي ريم بنتي اللي ربيتها و فخور انها اختي. 
ابتسمت له ثم احتضنته بحب أخوي و هي تغتصب ابتسامة على شفتيها لعلها تخرج من حالة الاكتئاب التي أصابتها..
خرج من عندها و هو يشعر بالارتياح قليلا متمنيا في نفسه أن تتخطى تلك الأزمة بأقصى سرعة ثم سار باتجاه حبيبته الثانية ليطرق باب غرفتها فسمعها تأذن له بالدخول ففتح الباب ليجدها تجلس بمنتصف الفراش و تنظر له بعتاب فدلف الغرفة مغلقا الباب خلفه ثم وقف أمامها يتأمل ملامحها الغاضبة و حركة صدرها السريعة ليقول من مكانه 
أنا عارف انك زعلانة مني عشان مسألتش عليكي النهاردة ولا شوفتك... بس لو عرفتي انا كنت مشغول قد ايه هتعذريني.. 
سار نحوها و لكنها استوقفته سريعا لينظر لها بعتاب فأسرعت باستخراج كمامة مغلفة من أسفل الوسادة ثم أعطتها له و هي تقول 
عشان خاطري متقربش مني غير لما تلبس الكمامة الأول. 
تنهد بنفاذ صبر ثم أخذها منها و ارتداها ثم سار نحوها حتى جلس بجوارها بالفراش و التقط كفيها يحتضنهما بين كفيه و ينظر لها بهيام 
عاملة ايه النهاردة!...في تحسن يعني! 
الحمد لله أحسن كتير. 
أومال لسة بتنهجي ليه 
متقلقش يا أدهم النهجان دا طبيعي... هياخد فترة كدا و هيعدي ان شاء الله. 
هز رأسه عدة مرات و هو يتأملها بعشق فقد افتقدها كثيرا الأمر الذي أثار خجلها من نظراته المصوبة عليها تماما... فهي لا ترى سوى عينيه بسبب تلك الكمامة و لكنها حمحمت بتوتر ثم سألته لتتهرب من نظراته 
احم.. قولي بقى ايه اللي كان شاغلك! 
تنهد بحزن ثم قال 
قابلت معتصم النهاردة. 
سألته بحماس 
أكيد طبعا بلغته موافقتك. 
هز رأسه بنفي ثم قال بشجن 
كان نفسي أوافق خاصة لما حسيت ان ريم مبسوطة بيه و بتحبه... بس للأسف عرفت انه متجوز من فترة و مخبي.. و لولا اني كلفت حد يجيبلي اخباره مكنتش عرفت. 
حزنت ندى كثيرا لأجل ريم ثم قالت بخيبة أمل 
أوف ليه كدا بس... دي ريم كانت فرحانة اوي و كلمتني و هي هناك حسيتها طايرة من الفرحة...ليه يخبي عليها حاجة مهمة زي دي. 
مفيش نصيب.. الحمدلله اننا عرفنا بدري قبل ما كانت تتعلق بيه أكتر من كدا... ساعتها الصدمة كانت هتكون شديدة. 
قدر الله و ما شاء فعل. 
سكتا قليلا بشرود ثم عاد أدهم ينظر لها بهيام 
المهم عايزك تخفي بسرعة بقى عشان محضرلك مفاجأة.. 
مفاجأة ايه... قول دلوقتي.. 
ضحك و هو يقول 
و دي هتبقى مفاجأة ازاي... و بعدين مفاجأتي عايزاكي تبقي كويسة و صحتك بمب. 
تبسمت ضاحكة و هي تقول 
شوقتني يا أدهم قول بقى. 
تؤتؤ... مش هقول دلوقتي.. متحاوليش... أخدتي علاجك! 
أيوة أخدته.
طيب نامي بقى عشان ترتاحي و تخفي بسرعة. 
تزمرت ملامحها بضيق و هي تقول 
أوف انا زهقت من النوم و الحبسة في القوضة. 
ضحك و هو يقرصها من وجنتها 
لاحظي ان معداش غير يومين من الاسبوعين... خلي نفسك طويل يا روحي. 
هزت رأسها و هي تتنهد بقلة حيلة فعدل الوسادة خلفها ثم ساعدها على الاستلقاء و دثرها جيدا بغطاء خفيف ثم نظر بعينيها بعشق مخللا أصابعه بين خصلات شعرها الناعمة و هو يقول برقة بالغة 
تصبحي على خير.. 
بالكاد خرج صوتها و هي تقول 
وانت من أهل الخير. 
ابتسم لها بسمته الجذابة التى انعكست على عينيه ثم تركها و سار نحو الباب بخطى بطيئة للغاية و كأنه لا يريد تركها و لكن حسنا... فليصبر الى أن تشفى تماما.
عاد معتصم الى شقته في ساعة متأخرة بحالة يرثى لها فقد كان شعره أشعث من كثرة عبثه به من فرط غضبه و أزرار قميصه العلوية مفتوحة من شدة ما جثم على صدره حتى جعل تنفسه بحرية أمرا عسيرا و چاكت بدلته يمسكه باهمال و بمجرد ان دلف الشقة ألقى بالچاكت على أقرب كرسي ثم سار الى الغرفة و فتحها ليتفاجئ بنرمين نائمة بالفراش و كأنه قد نسيها تماما فدلف الغرفة بهدوء و فتح خزانته ليستخرج منها ملابس للنوم ثم خرج بهدوء حتى لا يوقظها ثم اتجه الى غرفة أخرى و أخذ حماما باردا و بدل ملابسه ثم استلقى بفراشه. 
شرد قليلا بما حدث في ذلك اليوم الصعب ثم التقط هاتفه ليفتحه على تلك الصورة الوحيدة التي التقطها لها دون أن تشعر حين كانت تصفق بسعادة في حفل خطبة حمد حين ارتدت ذلك الفستان الأبيض
تم نسخ الرابط