رواية مهمة زواج (الجزء الخامس من الفصول) بقلم دعاء فؤاد
المحتويات
المزرقش بالزهور الحمراء.. كانت رقيقة و بريئة حقا... وجهها يشع ببراءة لم يراها من قبل...
رغم الموقف البغيض الذي اتخذه من شقيقها الا أنه يشعر نحوه بالامتنان أن قام بتربيتها على أحسن ما يكون.
أخذ يتأمل الصورة طويلا و هو يتحسسها بأنامله و كأنها أمامه الآن حتى آلمه قلبه بشدة حين خطړ بباله أنه من الممكن أن يخسرها للأبد..
أما حمد أيضا لم يكن يومه الأول مع زوجته على خير ما يرام بل أبدا لم يستطع التعامل معها بطبيعته فمازال متخذا منها موقف بسبب غبائها في ليلتهما الأولى... كان يتعامل معها بصمت تام فقط يطلب الطلب ولا يطيل.
ليس حبا فيه و لكن خوفا من بطشه الذي لاقته منه في أول ليلة لهما... تلك البريئة لم تفهم بعد قيمة زوج كحمد... مازالت تعيش بقوقعة أمها المتسلطة.. لم تفهم معنى الزواج ولا عش الزوجية و ما به من أسراره الخاصة... لم تذق طعم الحب بعد.. و لكن هل سيستطيع حمد أن يستخرجها من شرنقة أمها لتتحول الى فراشة حرة تحلق في سماء حياته!
كانت ليلة سيئة حقا على الجميع...
ريم نامت باكية على أطلال حبها لمعتصم..
معتصم نام و الهاتف مفتوح على صورتها بيديه.. نام بعدما تألم قلبه و احترق من شدة الألم..
ندى نامت و قلبها يتحرق شوقا لقرب حبيبها.
آسر نام بعدما أثارت مكالمة محمد بداخله براكين الأحزان حتى أدمعت عيناه و هو يتذكر حبيبته الراحلة... لوهلة تمنى لو يلحق بها لعله يتخلص من هذا العڈاب.
بينما محمد نام و هو حزينا على ابنته التي تخطو نحو حياة جديدة و لا ينفك لسانها عن ذكر آسر حبيب شقيقتها في نومها و يقظتها... يبدو أن القلب يدق و يحن لحبيبه و ان لم يكن بداخل أحشاء صاحبته الحقيقية......
بقلم دعاء فؤاد
بسم الله الرحمن الرحيم
الخامسة و العشرون
مهمة زواج
استيقظ معتصم قبيل الفجر بنصف ساعة فكان نومه متقطعا لم يخلو من الكوابيس.
لم ينقطع دعائه حتى صدح أذان الفجر في الأرجاء فقام بأدائها و جلس يدعو الله مجددا الى أن أشرقت الشمس فنهض و دلف غرفته التي تشاركه فيها نرمين و بمنتهى الحذر التقط بنطال چينز أسود و قميص رصاصي و بليزر أسود كاچوال و أخذ حذائه و جواربه و خرج على أطراف أصابعه حتى لا تستيقظ نرمين و تبدأ معه استجوابا هو في غنى عنه.
عاد الى الغرفة و أخذ حماما سريعا ثم ارتدى ملابسه و مشط شعره و نثر عطره ثم ارتدى حذائه و ساعة اليد و بعدها وقف أمام المرآة يتأمل نفسه قليلا فأخذ يتحدث اليها بشجن
ايه اللي انت عملته في نفسك دا يا معتصم!... يا ترى انت كنت صح لما قبلت تتجوز نرمين!.. ولا كانت غلطة و انت بتدفع تمنها دلوقتي!... أقول ايه.. أقول يا ريتني ما كنت قابلت ريم ولا حبيتها!.. بس متنكرش ان هي اللي نورت حياتك و خلت فيها روح بعد ما كانت فاضية و باردة و مالهاش طعم... بس يا خسارة أخدت روحي معاها و مشيت..
تنهد بحزن شديد و هو ينظر الى السقف و يضع يديه في جيبي بنطاله لعله يهون من عاصفة الأفكار التي ټضرب رأسه ثم استجمع حاله مرة أخرى و التقط مفتاح سيارته من على الكومود و خرج من الشقة بهدوء ثم استقل سيارته و انطلق في ساعة مبكرة جدا الى الشركة.
بعد حوالي ربع ساعة كان جالسا بغرفة مكتبه بالشركة و الموظفون لم يحضروا بعد فشغل نفسه في العمل لعله يتناسى ما به من حزن و كآبة فأخذ يراجع بعض الملفات و ينظم بعض المواعيد و يفحص العقود و ما الى ذلك حتى بدأت ساعة الحضور و بدأ الموظفون في التوافد على الشركة.
دلفت السكرتيرة ترحب به فطلب منها وجبة خفيفة مع فنجان القهوة خاصته و أخبرها بادخال هشام له فور مجيئه...
بعد نصف ساعة دخل إليه هشام زوج عائشة شقيقته و جلس بالكرسي المقابل له بعدما ألقى عليه تحية الصباح فتحدث معتصم بجدية و ملامحه عابسة
عملت ايه مع موظفين الأمن و الاستقبال!
تنهد هشام بضيق ثم قال
موظفين الاستقبال اديتهم قرصة ودن مع خصم خمس ايام.
ضړب سطح المكتب بانفعال
يترفدوا يا هشام... انا قولت يغوروا من هنا..
رد هشام بعقلانية
صعب يا معتصم نلاقي غيرهم دلوقتي... و بعدين الشباب معذورين انضغط عليهم من شوية مخبرين و هددوهم بتلفيق قضايا مخډرات ليهم لو مقالوش على كل اللي يعرفوه عنك و عن نرمين... و نفس الحكاية مع البودي جارد.. بس دول بقى غيرتهم.. الشركة اللي بنتعامل معاها بعتتلنا ناس جديدة النهاردة.
زفر معتصم بضيق بالغ ثم استرسل بجدية
هشام انا مش عايز نرمين تعرف اي حاجة عن ريم... ولا حتى اسمها... استسلامها بسهولة لموضوع الطلاق دا مش مريحني... انت عارف ان الأذية بتجري في ډمها و ممكن تنسف أي حد يفكر ياخد منها حاجة... و انت شوفت بنفسك كانت بتعمل ايه مع الشركات المنافسة اثناء المناقصات.. بس كنت سايبها بمزاجي لأنه في الآخر كان بيصب في مصلحة الشركة... انما انها تفكر ټأذي ريم فدا اللي مش هسمح بيه أبدا.
لوى شفتيه ببسمة ساخرة و هو يقول
و الله لو رجعتلها مش هتفكر حتى تعرف اسمها... نصيحة مني يا معتصم طالما جوازك من ريم بقى صعب.. انساها و كمل حياتك زي ما كانت ماشية مع نرمين... انت كنت مرتاح أكتر قبل ما تقابلها..
تنهد معتصم بعمق و لم يبدي أي ردة فعل فظن هشام أنه قد اقتنع بكلامه و لكن هيهات... لقد أقسم أن يفعل ما بوسعه لربما تعود له و لكنه أسر ذلك الأمر لنفسه و لم يبده له.
استيقظت ريم أيضا مبكرا و ترددت كثيرا أتذهب لعملها اليوم أم لا.. فهي ليس لديها طاقة للعمل و بعد تفكير طويل أقرت أن تذهب لعلها تلهي نفسها عن التفكير في أحداث الأمس..
وصلت المشفى في الوقت ثم ارتدت المعطف الطبي خاصتها و بدأت عملها بعدما أقرت في قرارة نفسها ألا تفكر بمعتصم أبدا بعد ذلك لا بالخير و لا بالشړ... تريد أن تمحي صورته الجميلة من عقلها و كأنها لم تراه من قبل و ان كان ذلك الأمر صعبا و لكنها ستصر على ذلك.
بعد الكشف على بعض الحالات عادت لتأخذ استراحة قصيرة بمكتب الأطباء بقسم الاستقبال و الطوارئ الذي تعمل به ليدخل اليها خالد فجلس بالاريكة المقابلة لها و تبدو على ملامحه الارهاق
صباح الخير يا ريم.
صباح النور.. ازيك يا خالد.
بخير الحمد لله... انتي اللي اخبارك ايه.
أنا تمام.
تأملها قليلا باعجاب بالغ ثم حمحم ليتحدث بتردد
ريم... احم.. أنا كنت مستني فرصة مناسبة عشان أكلمك في موضوع كدا بس بصراحه مش لاقي أي فرصة... تسمحيلي نتكلم دلوقتي بما ان مفيش حد قاعد غيرنا!
ردت بعفوية
اه اه طبعا انا سامعاك..
حمحم ثم استرسل بجدية تامة
أنا معجب بيكي و عايز أتقدملك و اطلبك للجواز.
تجمدت ملامحها پصدمة فلم تتوقع ذلك أبدا منه لم تشعر ناحيته سوى بأنه زميل فقط و حتى لم تلحظ اعجابه بها و حين طال سكوتها تجهمت ملامحه بحزن ليقول
واضح ان طلبي مرفوض..
عادت لتستجمع حالها ثم ابتلعت ريقها و هي تقول بتوتر
لا أبدا أنا... أنا بس اتفاجئت..
حانت منه نصف ابتسامة
الحقيقية أنا مش معجب بيكي بس... لا دا أنا بحبك يا ريم... بحبك من أيام ما كنا مع بعض في الكلية بس مكانش ينفع اتكلم معاكي في اي حاجة و احنا لسة بندرس خاصة اني كنت حاسس و ما زلت انه حب من طرف واحد... بس اتمنى تفكري مع نفسك و تحاولي تغيري نظرتك ليا كزميل مهنة و تشوفيني خالد اللي بيحبك و بيتمناكي من زمان أوي.
توترت حالتها للغاية و لم تدري بما يجب عليها أن ترد الآن لقد وضعها في مأزق صعب... كيف ذلك و قلبها مازال متعلقا بآخر... و لكن لا.. فقد قررت نسيانه للأبد و يبدو أن ما حدث من خالد الآن ما هو الا اختبار لها أتكون صادقة مع نفسها أم أن قراراتها ستكون هباءا منثورا.
لمس خالد توترها الشديد فأراد أن يقلل من وطأة ارتباكها فنهض و استأذن منها بالخروج قائلا
أنا هخرج دلوقتي اكمل شغلي و انتي فكري و اتكلمي مع عيلتك و هستنى رأيك... و أيا كان هو ايه مش هيقلل من حبي و احترامي ليكي يا ريم.
هزت رأسها عدة مرات بارتباك و هي تتحاشى النظر بعينيه الى أن خرج من الغرفة فتنفست الصعداء و تشوش تفكيرها أكثر... و لكنها آثرت عدم التفكير في أي أمر الآن و لتتحدث مع أدهم لاحقا... فهو أكثر من يعلم خباياها و أكثر شخص سيساعدها في تخطي أمور كهذه.
عودة لشركة معتصم..
حين ثقل عليه حمل العمل أخذ يدلك جانبي جبهته بأصابعه لعله يستعيد تركيزه و يشعر بالارتخاء قليلا
و اذا به يفتح هاتفه ليأتي بصورتها و يتأملها بروح معذبة و لكن يكفيه النظر لملامحها التي يعشقها فهي كفيلة بأن تنسيه همومه و لو قليلا
بدون سابق تخطيط منه وجد نفسه يرسل لها رسالة عبر الواتساب كتب فيها
عمري ما ندمت في حياتي على حاجة عملتها قد ندمي على جوازي من غيرك... بس و الله العظيم لو كنت
متابعة القراءة