رواية مهمة زواج (الجزء الخامس من الفصول) بقلم دعاء فؤاد

موقع أيام نيوز

اعرف اني هحبك ما كنت اتجوزت قبلك أبدا.. انا عارف اني غلطت اني خبيت عليكي من الأول بس كنت خاېف تكرهيني و تبعدي عني.. عايزك تسمعيني لو مرة واحدة بس و بعدين قرري.. و أيا كان قرارك هقبله يا ريم مهما كان 
تردد كثيرا أيرسل لها تلك الرسالة أم يمحوها و بعد تردد كبير قام بلمس أيقونة الارسال ثم وضع الهاتف على سطح المكتب و هو يزفر پعنف... فهو أبدا لم يكن لزجا و لم يحدث من قبل أن توسل لفتاة.. و لكنها ليست أي فتاة... لأجلها يفعل المستحيل.
في تلك الأثناء تماما دلفت اليه نرمين و ألقت عليه تحية الصباح و سارت باتجاه مكتبه لتجلس أمامه و تضع ساقا فوق الأخرى ثم تحدثت بدلال 
مالك يا حبيبي قاعد زعلان كدا ليه!.. هي العروسة قافشة عليك ولا ايه 
ضړب سطح المكتب بقبضة يده بعصبية ليصيح بانفعال 
الزمي حدودك و مسمعكيش تتكلمي عنها تاني..مفهوم!
لم تعير كلامه اهتماما و استرسلت بمزيد من الاستفزاز
ليه!..مش ناوي تعرفني عليها!..ولا هتستنى بقى ليوم الخطوبة...امممم..طاب اسمها ايه!..مش معقول كمان مش هتقولي على اسمها. 
كان يستمع اليها و هو يحاول السيطرة على تلف أعصابه فهو يدرك جيدا أنها تريد الوصول الى ذلك فأجابها ببرود 
متقلقيش هتعرفيها قريب... قريب أوي كمان. 
هزت رأسها و هي تحاول كبت غيظها بصعوبة فاسترسلت حديثها و لكن تلك المرة بجدية 
أنا بعت هدومي و حاجاتي على الفيلا الصبح قبل ما اجي الشركة... تقدر تنام في قوضتك براحتك.
هز رأسه بايجاب دون أن يتكلم فسكتت قليلا ثم نظرت اليه مجددا و هي تقول باستعطاف 
أنا هعتبر ان طلاقنا دا مجرد هدنة ليك عشان تفكر اذا كنت فعلا واثق من قرارك دا ولا لأ... و أنا زي ما قولتلك هفضل احبك مهما حصل و باب قلبي مفتوحلك في أي وقت.. مهما حصل يا معتصم مش هلومك ابدا لو حبيت ترجعلي و هفتحلك دراعاتي و مش هسألك رجعت ليه.. صدقني.. مش هتلاقي حد يحبك قدي. 
تنهد معتصم و هو ينظر للجهة الأخرى ثم عاد ينظر اليها ليقول بجدية تتخللها نبرة سخرية 
تمام...و أنا طبعا مش هنسالك وقفتك جنبي.. و مقدر قد ايه انتي بتحبيني... بس زي ما قولتي اديني هدنة و سيبيني أجرب.. يمكن اكون غلطان فعلا... بس من هنا لحد ما أعرف غلطي يا ريت تحاولي تفتكري دايما ان احنا مجرد شركا و بس... اتفقنا يا نرمين! 
أصابتها حالة من الاحباط و لكنها على أية حال أومأت بموافقة ثم استأذنت منه بالخروج.. 
زفر أنفاسه پعنف فقد استطاعت اتلاف أعصابه للغاية و هو بالكاد يسيطر عليها. 
تفقد هاتفه ليرى اذا ما كانت ريم قد رأت رسالته فوجد أنها قرأتها و لكن لم ترد فاغتاظ كثيرا و تلفت أعصابه أكثر و بدون وعي منه وجد نفسه يتصل بها...
على الناحية الأخرى بعدما قرأت رسالته شعرت بالبغض الشديد تجاهه و لم تهتز مشاعرها نحوه قيد أنملة بل ازداد سخطها عليه أكثر و اعادت الهاتف الى جيب معطفها مرة أخرى و تابعت طريقها نحو غرفة سكن الطبيبات. 
بعد دقائق رن هاتفها برقمه فقررت أن ترد عليه الرد الأخير و الذي ستنهي به على ما تبقى بينهما.... 
ألو... ريم اظن انتي شوفتي رسالتي.. يعني مجاش على بالك تردي عليا!
أجابته ببرود تام
معادش فيه بينا كلام يتقال..
أجابها باصرار
لأ في..لازم تسمعيني..لازم نتقابل و تفهمي كل حاجة و بعدها قرري.
ردت بنبرة موجعة
صدقني مش هتفرق كتير...قراري مش هيتغير..
بس على الأقل متسبينيش و أنا صغير في نظرك.
أجابته و هي تشعر بوخذات أليمة بقلبها 
صغير او كبير..مفيش بينا حاجة تستاهل اللي انت بتعمله دا كله..
اجابها بانفعال 
لا في يا ريم... في بينا حب يستاهل أعافر عشانه.. انا بحبك و انتي بتحبيني و... 
قاطعته بقولها 
لحظة كدا... انا امتى قولتلك اني بحبك
سكت و كأنها سكبت دلوا من الثلج على رأسه و لكن سرعان ما عاد ليقول بنبرة أليمة 
مقولتيش بس حسيت منك كدا.. شوفتها في عنيكي.. في كلامك.. في ابتسامتك.. يعني اكيد احساسي مش غلط. 
ردت بسخرية 
لا تقريبا كدا انت محتاج تكشف على نظرك.. مش معنى اني وافقت اننا نرتبط يبقى انا حبيتك.. بدليل اني اتخطيتك و هتخطب لواحد تاني عادي جدا.
سكت معتصم مصډوما مما تقوله و علت وتيرة تنفسه للغاية من فرط الصدمة فاسترسلت ريم بمزيد من الضغط و كأنها تضربه بقبضتيها على چرح عميق في قلبه ېنزف بضراوة حتى كاد أن يودي بحياته
يا ريت بقى تنسى انك عرفتني و متحاولش تتصل بيا تاني لاني هكون ملك واحد تاني يا معتصم بيه.
أغلقت الخط ثم بدأ صدرها يعلو و يهبط بشدة و عبراتها تهطل بغزارة من عينيها لا تدري كيف خطړ ببالها أن ټنتقم منه بهذه الطريقة و تخبره بأمر خطبتها لغيره و لو بالكذب! 
و حين علت وتيرة تنفسها و زاد ارتجاف جسدها احتضنته بذراعيها ربما تنتظم أنفاسها و لكن هيهات...انها تحتاجه الآن أكثر من أي وقت مضى..انها تريده أمامها الآن ليحتضنها و ينتشلها من تلك الحالة التي أزهقت روحها...رباه ماذا فعلت بنفسها!...انها تعاقب نفسها أكثر مما تعاقبه...
حمدت الله أنها الآن بغرفة السكن بمفردها و الا كانت الأعين ستنظر اليها بالفضول..
بقيت قرابة النصف ساعة تحتضن جسدها و تحاول تهدئة نفسها الى أن غفت بمكانها على الكرسي دون أن تشعر..
بينما معتصم هامت به الدنيا حتى شعر بالاختناق فنهض ليخلع سترته ثم فك أزرار قميصه العلوية ربما يستطيع التنفس بعدما خنقته بكلماتها القاسېة و غرست سکينا ملتهبا في عمق قلبه...
مساءا عاد آسر الي منزله و تناول العشاء مع والده ثم دلف غرفته ليأخذ قسطا من الراحة فخطړ بباله أن يتصل بعمه محمد ليطمئن على موده كما وعده أمس 
و لحسن الحظ كانت مودة في ذلك الوقت مستيقظة و حين أتى محمد اتصال آسر انفرجت أساريره و راح يقول لابنته 
اهو يا ستي آسر بيتصل على السيرة... انا هكلمه كلمتين و بعدين هديكي الفون تكلميه فيديو.. تمام! 
ردت بصوت مجهد قليلا 
تمام يا بابا. 
فتح المكالمة ليظهر أمامه آسر على شاشة الهاتف فابتسم محمد بحبور 
و الله فيك الخير يابني.. مخلفتش بوعدك. 
ضحك آسر 
مقدرش أخلف وعدي معاك يا عمو... عامل ايه يا حبيبي و صحتك اخبارها ايه! 
و الله يابني أنا كويس طول ما انتو كويسين. 
و ميري أخبارها ايه! 
سكت محمد و هو يبتلع ريقه فقد أخطأ في ذكر اسم مودة ليحمحم مصححا له 
مودة بخير يا حبيبي... عايزة تكلمك
حمحم آسر بحرج بعدما أدرك خطأه و دعى بألا تلحظ مودة ذلك فالتقطت الهاتف لتظهر أمام آسر بوجه مستدير تغطي شعرها بغطاء طبي أزرق مظهرا رقبتها الطويلة البيضاء و ترتدي أيضا مريلة طبية زرقاء فاخذ آسر يتأملها بتعحب.. انه يراها و كأنه يرى ميريهان أمامه فدق قلبه پعنف و أخذ يبتلع ريقه بتوتر من تلك الحالة الغريبة التي انتابته و لم يكن حالها أقل منه بل أيضا دق قلبها بشدة حين تمثلت صورته أمامها و كأنها تراه لأول مرة اختلفت نظرتها له كثيرا فأخرجته من تلك الحالة بصوتها الرقيق 
ازيك يا آسر عامل ايه
عاد لوعيه حينها ليرد عليها بابتسامة صافية 
انا تمام يا مير... يا مودة بخير الحمد لله.. انتي اللي عاملة ايه
ابتسمت له برقة فاختطفت قلبه ببسمتها 
انا الحمد لله بقيت كويسة
زادت بسمته اتساعا ليقول و الدهشة بادية على وجهه 
سبحان الله كأني شايف ميري قدامي دلوقتي
ضحكت ضحكة بسيطة لتقول 
ما هي ميري اصلا فيها شبه كبير مني.. بس انت اللي مكنتش واخد بالك
رفع كتفيه لأعلى 
يمكن.. بس أول مرة فعلا أحسن انها شبهك اوي كدا
تحولت ملامحها بحزن لتسأله بترقب 
هي عاملة ايه يا آسر... تفتكر ممكن تعدي من الغيبوبة دي! 
احتلت الصدمة ملامحه فلم يخبره ابيها بما قاله لها بالضبط فتدخل محمد سريعا يقاطعهما 
بقولك ايه يا آسر يا حبيبي.. أنا هروح اشوف الدكتور رؤف و هرجعلك تاني.. سلام يا حبيبي.. 
تمام يا عمو مع السلامة... في رعاية الله. 
تنفس آسر الصعداء و حاول لملمة شتات نفسه بعدما اخطأ في نطق اسمها و ارتباكه حين سألته عنها و حالة التشوش التي انتابته حين رآها و كأنه رأى حبيبته... حقا لا يدري ماذا حل به.. و لكنه لا ينكر أن رؤيتها هونت من حزنه على ميريهان و كأنها حية و تعيش بدنياه..
بينما محمد غادر من أمام مودة سريعا قبل أن تستجوبه بخصوص شقيقتها و اتجه الى مكتب الدكتور رؤف... 
انت فعلا كان عندك حق يا رؤف... مكالمة مودة مع آسر خلتها واحدة تانية خالص.. و صوتها فجأة بقى طبيعي بعد ما كان علطول تعبان. 
ابتسم رؤف بسعادة ليقول بجدية 
يبقى توقعي طلع صحيح... رغم ان الدراسات و الابحاث اللي اتعملت على مرضى زراعة القلب اثبتت ان القلب المزروع مالهوش علاقة بالمشاعر بس مرضى كتير حكوا تجربتهم ان فعلا مشاعرهم و طباعهم اتغيرت بنسبة ما بعد الزرع.. و بقى بيحبوا حاجات مكنوش بيحبوها قبل الزرع و دا بيرجع لقلب المتبرع و حبه و كرهه للحاجات دي.. 
أخذ محمد يهز رأسه بتعحب و هو يقول 
سبحان الله... له في خلقه شؤون. 
استند رؤف بذراعيه الى سطح المكتب ليقترب برأسه من محمد ثم قال 
أنا رأيي انها ترجع مصر بقى و التواصل بينها و بين آسر يزيد.. دا هيحسن نفسيتها جدا و هنضمن ان العملية نجحت بنسبة مية في المية. 
تنهد محمد بقلق 
لو شوفتهم و هما بيتكلمو مع بعض من شوية هتحس فعلا انهم اتنين حبيبة ... بس آسر بطبيعته شخصية عاطفية و رومانسي و أسلوبه كدا في الكلام...دا العادي بتاعه... يعني خاېف ميتقبلش ان مودة تحل محل ميري في قلبه.. مش عارف اعمل ايه..
دي مهمتك بقى يا محمد... حاول تخترع حجج عشان يقربوا من بعض و اديله انطباع انك مش ممانع ارتباطهم و ان ميري مش عائق بينهم أبدا.
أومأ عدة مرات و هو يفكر بشرود فاڼفجر رؤف في الضحك فجأة ليرمقه باستنكار و هو يسأله 
ايه يا رؤف!.. بتضحك على ايه! 
رد و هو يضحك 
يا أخي انت خلتني اسيب الطب و اشتغل خاطبة عشان خاطر سيادتك.. 
ضحك محمد على كلامه و هو يهز رأسه بسخرية ثم قال من بين ضحكاته 
بس يارب نصايحك تيجي بفايدة...
بسم الله الرحمن الرحيم 
الحلقة السادسة و العشرون
مهمة زواج 
مساءا عادت نرمين من الشركة الى فيلاتها
تم نسخ الرابط