رواية ظنها دمية بين أصابعه (الجزء الثالث من الفصول) بقلم الكاتبة سهام صادق
المحتويات
كريم مساعده الأمر متسائلا
_ ننهي الإجتماع يا كابتن!
نهض صالح من مقعده وأشار لهم بالمغادرة.
_ نكمل كلامنا مرة تانية يا شباب.
غادر الجميع ليبقى هو وحده وقد زاد الضجيج برأسه... يتذكر نظرتها اللامبالية له بالصباح.
استند بكلا ذراعيه على سطح مكتبه وفي داخله يتساءل متى أصبحت تشغل حيز كبير من عقله.
...
وقف عزيز بسيارته بجانب الطريق الخالي من المارة منتظرا سيرها منه.
عندما لمح قدومها من مرآة سيارته خفق قلبه وعادت الغيرة التي أحدثتها اليوم بقربها من ذلك الشاب تسري بأوردته.
خرج من سيارته بعدما أطلق أنفاسه المحپوسة من صدره.
كانت شاردة أثناء سيرها ولم تنتبه على وقوفه.
اخترق هتافه باسمها أذنيها لتتوقف عن السير.
رفعت عيناها قليلا لتجده أمامها يقف جوار سيارته.
_ ليلى إحنا لازم نتكلم... لازم أوضح ليكي اللي حصل قبل ما اطلب ايدك من عمك.
الضياع الذي كانت تشعر به جعلها في حالة من عدم الوعي... نظرت له وتحركت من أمامه.
ليغمض عيناه ويتنهد وهو يظن أنها ترفض أن تسمعه لكنها كانت غارقة في أفكارها والسخونة تغزو سائر جسدها.
وقفت مكانها وقد زاد دوار رأسها... فرفعت يدها تتحسس جبينها الذي اشتدت حرارته.
أخيرا تحرر الكلام من شفتيه ومازالت عيناه مصوبة نحوها بعدما ابتعدت عنه بضعة خطوات.
_ أنا عايز اتجوزك عشان ب
يتبع......
سهام_صادق
ظنها دمية بين أصابعه.
الفصل الواحد والثلاثين.
سقطت أمامه كورقة خريف ذابلة لينتفض قلبه ړعبا عليها وقد غادرت الډماء وجهه وارتجفت أطرافه كحال شفتيه التي عجزت عن النطق للحظة.
_ ليلى.
نطق اسمها بفزع وهو يجثو على ركبتيه جوارها رفع جسدها ليسندها على ذراعه حتى تفيق وسرعان ما كان ينتبه على حرارة جسدها
_ هي كانت بتشكي من حاجة.
كان عزيز مازال في حالة صدمة واخذ يهز رأسه لها بأنه لا يعلم شيء
أخذت الطبيبة تقوم باللازم فبدأت ليلى تستعيد وعيها شيئا فشيء. بدت اللهفة في عينيه وهو يراها تفتح عينيها
تساءلت الطبيبة ثم زفرت أنفاسها بقوة لتواصل عمل اللازم لم تجيب عن سؤاله عندما سألها إذا كانت بخير ليخفض عيناه أرضا وسرعان ما كان يتذكر ما تغافل عنه عليه إخبار عمها
تحرك من الغرفة لكنه وقف مكانه عندما أستمع لآنينها الخاڤت وحديث الطبيبة للممرضة المرافقة لها بإحضار محلول وريدي. أغلق عينيه بقوة فهو لا يتحمل سماع آنينها ما فعله بها بالتأكيد أوصلها لتلك الحالة غادر الغرفة هاربا يستند على الجدار الذي ورائه وطأطأ رأسه
_ عزيز بيه في حاجة محتاجها مني.
هتف بها عزيز العم فور أن أجاب على مكالمة رب عمله
_ ليلى في المستشفى يا عزيز.
تحرك عزيز عائدا إلى الغرفة دون تفكير لكن عندما وجدها ممددة على الفراش والطبيبة تتحدث معها لتتأكد من إفاقتها انتبه للتو على وضعه. الا يكفي كل ما اباحت له نفسه. خروج الطبيبة من الغرفة جعله يفيق من الحالة التي هو عليها الأن ونظر لها وتساءل بقلق
_ طمنيني عليها يا دكتورة هي كويسة.
_ متقلقش يا حضرت تخلص المحلول بتاعها وتقدر تمشي وأنا كتبت لها العلاج اللازم اهتموا بس بيها شوية لأن ضغطها كمان كان واطي جدا.
اماء برأسه لكن حديث الطبيبة الأخير أصاب قلبه الذي خفق على الفور من سماع عبارتها
_ تقدر تدخل للمدام تطمن عليها.
معها اختبر مشاعر عده لم يعيشها من قبل رغم زواجه من سمية لم يظن إنه سيعيش تلك المشاعر يوما
وقف أمام مسكن العم سعيد وعائلته ينظر إليها وهي مستنده على كل من ذراع عمها وعايدة وخلفهم سارت شهد. اقترب منه العم سعيد الذي اطمئن أخيرا قلبه عند عودتها
_ تعالا يا عزيز بيه اتفضل البيت بيتك.
مد عزيز الأدوية التي بيده له بعدما سحب عيناه عنها بصعوبة وقد اختفت عن أنظاره
_ ده العلاج بتاعها يا راجل يا طيب ياريت تشرب سوائل كتير واغصبوا عليها تأكل.
التقط العم سعيد منه الأدوية
_ الحمد لله أنك كنت معدي بعربيتك في الوقت اللي وقعت فيه أنا قولتلها بلاش تروحي الشغل لكن صممت وقالت أنها كويسة أنا مش عارف إيه اللي جرالها فجأة من يوم ما روحنا المزرعة!.
اجتاح الألم قلب عزيز عند ذكر العم سعيد أمر ذهابهم للمزرعة لو كان يستطيع إخراج تلك التنهيدة المؤلمة لكان حررها أمام مرأى الجميع وطرد معها ما يعيش فيه مؤخرا من لوعة الحب وتأنيب الضمير. ربت عزيز على كتف العم سعيد
_ خلي عزيز ياخد لها أجازه من المصنع واهتموا بأكلها شوية يا راجل يا طيب.
حاول أن يجعل كلامه لا يفسر بالخطأ إلى أن يعلن رغبته بالزواج منها. كاد أن يتحرك عزيز إلا إنه وجد نيرة تتسأل وراءه عن حال ليلى بعدما علمت ما حدث لها
_ مالها ليلى يا عمو سمعت أنك لقيتها واقعة في الشارع!.
تولى العم سعيد أمر الإجابة عنه وأخذ يخبرها بما أصابها
_ بصراحة من تاني يوم لينا في المزرعة وهي حالها بقى عجيب.
وكأن كان ينقصه المزيد من الۏجع عن ذلك اليوم ووجود تلك العروس المقترحة هي وعائلتها
_ البنت وكأن عين وصابتها.
قالها العم سعيد وهو يلطم كفيه ببعضهما لتبتسم نيرة وتنظر نحو عمها الذي انسحب من بينهم حتى يستطيع الاختلاء بنفسه
_ هي شكلها تعبان اكيد دلوقتي بكرة الصبح هاجي أطمن عليها يا راجل يا طيب.
تحركت نيرة جوار عزيز ثم تأبطت ذراعه.
_ تفتكر يا عمو ليلى في حد في حياتها أنا حاسة أن اللي حصلها بسبب شخص بتحبه.
توقف عزيز عن السير وارتفعت نبضات قلبه ولولا معرفته بعدم وجود أحد بحياتها لكان ظن....
_ هي حتى اتهربت مني لما سألتها في حد حياتك ليلى جميلة واكيد ليها معجب ولهان.
حديث ابنة شقيقة جعل صورة ذلك الشاب تطرق رأسه بلا هوادة. توقف عقله لوهلة عن العمل واشتعلت عيناه كالجمر الملتهب عندما صار بغرفته أخذ يتحرك بها كالأمواج الهائجة في ليلة شتوية عاصفة. أغمض عينيه ثم فتحهما ورفع يده يخللها في خصلات شعره الكثيفة ما يشعر به الأن ما هو إلا هاجس من وجود راجل آخر يفكر فيها
_ هتعملي فيا إيه تاني يا ليلى بقيت مچنون بيك.
...
عاد في ساعة متأخرة من عمله فاليوم كان يوجد أحدى الرحلات الجوية العالقة في مطار أحد البلدان. سار بإرهاق نحو غرفة صغيرة لكن عينيه تحركت دون شعور منه نحو باب غرفتها. اطرق رأسه وهو يسترجع تلك الليلة التي رحلت فيها عائلتها بعد زيارتهم لهم وقد اخذت تنقل حاجتها من غرفته بعدما رثت حالها جوار الأثواب التي مزقتها. اضاع فرحتها تلك الليلة كعروس من أجل عناده مع جده ما أخبرته به أمس كان حقيقة هو يرفض كل شيء يقدمه شاكر الزيني حتى هي رفضها في لحظة تحدي وعناد دون التفكير في النتائج الوخيمة التي ستحدث والنتائج ها هو صار يعيش بها أصبح معذب الضمير ضائع الفكر ممزق الروح. مشاعر عدة مختلطة لا يستطيع ترجمتها تنهد بصوت مسموع ثم فتح باب غرفة صغيرة الذي كان مواربا. هل من الممكن أن يقف الزمن لوهلة وتنحبس الأنفاس في الصدر
هي وصغيره يغفيان بجانب بعضهم على الفراش الصغير قريران العين وكل منهم يضم دمية لحضنه.
اقترب منهم بخطوات هادئة إلى أن صار جوار الفراش. ابتسامة طفيفة ارتسمت على شفتيه وهو يراهم بمظهر برئ. وجدها تحاول أن تتقلب في نومتها بالفراش الضيق وقد ظهر على ملامحها الألم بسبب وضعها الغير مريح بالنوم.
بتردد مال جهتها ثم مد يديه حتى يستطيع رفع رأسها لأعلى قليلا.
انتفضت من نومتها بفزع تنظر إليه بعدم استيعاب لقربه منها ووجودها هنا.
ابتعد عنها بعدما رأى فزعتها منه ليتمتم بصوت خرج متقطعا.
_ كنت منزعجة من نومتك
استردت وعيها وقد غادر الفزع ملامحها لتنظر جهت الصغير النائم فهي سقطت في النوم جواره دون شعور منها.
رفعت شعرها لتعقده في ربطته ونهضت من على الفراش تبحث عن خفها المنزلي.
كادت أن تتعثر بسبب ثقل جفنيها ليقترب منها بلهفة.
_ حاسبي لتقعي
تعلقت عينيها الناعستين به فلم يعد عقلها يستطيع ترجمة أي شيء منه كمشاعر.
أخيرا استقرت قدميها في خفها الناعم وتحركت من أمامه. غادر غرفة صغيرة بعدما دثره بالغطاء الخفيف وطبع قبلة فوق رأسه.
ظنها اتجهت لغرفتها لكن حركتها بالمطبخ نبهته لوجودها.
وجدها تسكب الماء في الكأس ثم رفعته نحوه شفتيها ترتشف منه القليل.
انتبهت على وقوفه عندما ملئت كأس الماء مجددا والتقطته لتتجه نحو غرفتها.
_ زينب أنا موافق على شغلك
قالها بعدما وجدها تمر من جانبه دون كلمة.
اتجهت بعينيها نحوه ليبتلع ريقه وهو يستحضر الكلام الذي رتبه.
_ أنا معنديش مشكله مع شغلك ولا إن يكون ليك كيان خاص بيك أنا كل مشكلتي...
_ جدك
هتفت بها دون انتظار سماع ما تعرفه واصبحت على دراية به.
توتر قليلا وهرب بعينيه بعيدا عنها.
_ قرار شغلك كان لازم أنا وأنت نتكلم في الأول
_ بصفتك إيه
الجمته بحديثها الذي كان كالصڤعة.
_ زينب أنا جوزك حتى لو...
ابتسمت وهو تقطع حديثه وتخبره بزواجهم الذي يندرج تحت مسمى واحد.
_ جواز من أجل المصلحة. أنت تستفاد من خدمتي وأنا استفاد من كرمك
تركته كحال أمس يقف دون قدرة على الحديث...
....
ليلة أخرى قضاها عزيز ساهدا لا يستطيع النوم الذي صار يجافيه.
أرخى رأسه للوراء مستندا على المقعد الجالس عليه ثم أغلق جفنيه بعدما رحم ضجيج أفكاره أخيرا رأسه.
_ سيد عزيز
بصوت خاڤت مثل طرقتها على باب غرفة مكتبه قالتها كارولين. فتح عينيه وقد ضاقت حدقتاه في غرابة من وجودها في غرفة مكتبه وتحمل صينية وضعت عليه فنجان قهوة.
_ احضرت لك القهوة واسبرين لصداع الرأس
اقتربت منه وعلى محياها ارتسم التوتر لتضع القهوة أمامه مسترده.
_ أنت لم تغفو طيلة الليل وعلى ما يبدو أن عقلك مشغول بشيء هام
لم يطيل في أمر ذهوله وصرف عيناه عنها.
_ شكرا يا كارولين بس أنا مش محتاج أشرب قهوة دلوقتي تقدري تروحي ل سيف
استاءت ملامحها من رفضه الذي فهمته من لكنته. عاد لغلق عينيه لكنها استمرت في وقفتها تنظر إليه بنظرة تعلم إنها لا تنبغي أن تنظر بها إليه وفي داخلها كانت تردد هذا الرجل فاتن لماذا لم يرث سيف من طباعه
وسرعان ما كانت تخرج
متابعة القراءة