رواية ظنها دمية بين أصابعه (الجزء الثالث من الفصول) بقلم الكاتبة سهام صادق
المحتويات
تجهز طعام الإفطار.
_ عزيز بيه و نيرة هانم خرجوا يفطروا بره والباشمهندس راح شغله والأجنبية لسا نايمة.
ضحكت عايدة على طريقة شقيقها التي تتحول عندما يذكر كارولين.
_ حيث كده اروح اصحى ليلى و شهد عشان نفطر كلنا سوا من غير ما السفرة تكون ناقصة حد فينا.
_ هي ليلى مش رايحة الشغل.
تساءل العم سعيد وكادت أن تخبره بأنها أخبرتها أمس بعدم ذهابها إلى العمل لحاجتها للراحة لكن دلوف ليلى جعل عايدة تنظر لها بدهشة.
استطاعت ليلى رسم ابتسامة خفيفة على شفتيها ونظرت لهم.
_ حاسه نفسي كويسه قولت اروح الشغل.
_ يا بنت شكلك تعبان.
قالها العم سعيد ونظر نحو يدها التي أزالت عنها اللاصق الطبي.
_ أنا كويسه يا عم سعيد ده كان شوية تعب وراح لحاله لما ارتحت ونمت كويس.
نظرت لها عايدة ثم تحركت نحو البراد لتخرج حبات البيض منه قائلة
_ لا متعملوش حسابي أنا هخرج دلوقتي.
حدجتها عايدة بحيرة بعدما أغلقت البراد ليهتف العم سعيد متسائلا
_ لسا في وقت يا بنت ليه تروحي شغلك على لحم بطنك.
بحثت عن كڈبة سريعة داخل عقلها حتى يقتنعوا بها.
_ اصل هقابل سلوى زميلتي ونروح مشوار قبل الشغل يعني مشوار خاص بيها.
_ استنى طيب هعملك حاجه سريعة تاخديها معاكي أنت متعشتيش امبارح.
أصرت عايدة عليها بأن تنتظرها حتى تعد لها بعض الشطائر السريعة تلك الرعاية التي يحاوطوها بها جعلتها تريد البكاء بعد إتخاذها قرار الرحيل دون رجعة.
....
بدون شهية تناول عزيز إفطاره مع ابنة شقيقه في أحد المطاعم المطلة على النيل.
قالتها نيرة وقد داعب الهواء خديها ليرفع عزيز كوب الشاي نحو شفتيه ويرتشف منه القليل.
ظلت نيرة تتحدث في أمور عدة من بينها ذكرياتهم ولأول مرة يكون عزيز معها بذهن شارد فهناك أخرى كانت تحتل كامل عقله يتساءل هل ذهبت اليوم إلى المصنع
ارتفع رنين هاتف نيرة لتنظر إلى رقم والدتها.
نهضت نيرة ليزفر عزيز أنفاسه بقوة عليه التحدث معها لتوضيح الأمر لها وأن ما حدث لم يخطط له.
التقط هاتفه وأرسل رسالة إلى نيهان يخبره إذا أتت المصنع اليوم يهاتفه.
_ كلام إيه اللي عمي كان هيقوله لينا.
تساءلت نيرة بعدما سألتها سمية إذا كان أخبرهم عزيز بشئ هذا الصباح.
_ لا يا ماما أنا وعمي بنفطر سوا بره البيت حبيبي مهونتش عليه وصالحني.
ابتسمت سمية لكن صورة تلك الفتاة مع عزيز بالغرفة عادت تطرق رأسها.
_ طيب وموضوع الجواز.
اتسعت ابتسامة نيرة ونظرت نحو عمها الذي أشار للنادل حتى يتقدم منه ويقوم بدفع الحساب.
_ لا أنا خلاص قررت مش هفتح معاه الموضوع ده تاني أنت عارفه هو رافض فكرة الجواز من زمان.
أطلقت سمية زفيرا طويلا يحمل بعض الإرتياح فبالتأكيد ما رأته وسمعته لم يكن إلا نزوة خاضها عزيز مع تلك الفتاة... هي شابة وجميلة وتعيش في منزل رجل غني مازال في شبابه هي لا تشك ب عزيز... فهي تعلم طباعه لكن تلك الفتاة هي بالطبع من أغوته.
التمعت عيني سمية پحقد وهي تتخيل إلى أي مدى وصلت علاقتهم... لكن الفراش كان مرتب.
تفاصيل كانت تدق رأس سمية وقد أصابها الصداع بسبب ما عانته ليلة أمس لتضيق حدقتي نيرة وهي تسمع بيسان تحادث والدتها.
_ ماما هو عمو هارون في المستشفى.
لتخرج زفرة سمية بقوة قائلة
_ أنا مسافره لندن مع عمك هارون لأن لازم يعمل عملية في القلب..
ثم تبدلت نبرة صوتها لتصبح أكثر لين.
_ نيرو حببتي بلاش تسافري قبل ما ارجع تمام اجلي سفرك يا حببتي وأي حاجه تحصل عندك بلغيني على طول.
أنهت سمية المكالمة في الحال لتنظر نيرة إلى هاتفها بدهشة من حديث والدتها.
اقترب عزيز منها ونظر إليها.
_ فيه حاجة حصلت.
_ عمو هارون تعبان ومسافر لندن.
تنهد عزيز وأعطاها حقيبتها وتحرك قائلا
_ لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ربنا يشفيه... لما تكلمي سمية تاني وصليلها سلامي ليه.
....
شعرت بأن الأرض تميد تحتها وقد ارتفع صوت السيدة صفية تردد اسمها لتتأكد من أنها مازالت معها على الهاتف.
_ ليلىليلى أنت سمعاني.
استندت ليلى على جذع الشجرة التي كانت ورائها وابتلعت لعابها وتساءلت.
_ يعني هما عاوزين ورثهم من شقة ماما و بابا.
تنهدت السيدة صفية وأغلقت جفنيها لوهلة.
_ أنا خاېفة عليكي يا بنتي ترجعي حاليا الإسماعيلية لأن لطفي وابنه مصممين على اخذ ورثهم منك... وبيطلبوا بحقهم... أنا قولتلهم عائشة وحامد كتبوا الشقة ليكي وأي حاجة تخصهم باسمك لكن أنت عارفه شړ أخوات حامد الله يرحمه.
تمتمت بالرحمة عليهم وقد غامت عيناها بالحزن لإفتقادها لهم.
_ ده لولا الجيران الله يكرمهم كانوا هيكسروا باب الشقة ويدخلوا يقعدوا فيها.. أنا كنت هبلغك بكل اللي حصل بس انشغلت في تعب جميلة بنتي.
_ أنا كنت عايزه ارجع الإسماعيلية طيب قوليلي اعمل إيه يا ابلة صفية.
_ تيجي تاخدي كل ورقك وحاجتك من الشقة وفي أسرع وقت تبيعيها... هما أصلا زمانهم رفعوا قضية عليكي لكن أنت يا بنت في السليم كل حاجة متسجله قانوني باسمك.
أخفضت ليلى رأسها وقد شعرت باليتم في هذه اللحظة.
_ ليلى هو عمك يا حببتي زعلك في حاجه عشان كده عايزه ترجعي تاني الإسماعيلية.
أجابتها على الفور حتى تعطي عائلة عمها حقهم في كل ما يفعلوه معها.
_ ابدا عمي حنين أوي وطنط عايدة وعم سعيد و شهد كلهم بيحبوني بس أنا...
_ بس إيه يا ليلى.
تساءلت السيدة صفية بعدما شعرت بالقلق عليها.
_ أنا وحشتني ذكرياتي في الاسماعيليه جيراني وصحابي.
ابتسمت صفية بعدما وصلها شجن الحنين وتفهمته.
_ يا بنت الوحدة وحشة وأنت بنت مينفعش تيجي تعيشي في شقة لوحدك ده غير دلوقتي بقى في شړ محاوطك وطمعانين في الشقة اللي معاكي..
ذهبت ليلى إلى عملها بالمصنع متأخرة ساعة على غير عادتها وقد اندهشت سلوى و بسام من تأخرها.
_ أتأخرتى كده ليه يا ليلى.
تساءل بسام وقد اقتربت منها سلوى.
_ مالك فيك إيه و وشك مخطۏف كده ليه يا بنتي.
_ مفيش حاجه يا سلوى دوخت بس في الطريق وكان هيغمى عليا.
حدجها بسام بلهفة وقلق.
_ طيب أنت كويسة دلوقتي اروح اخدلك أذن من استاذ عادل.
رمقته سلوى وهي تمط شفتيها.
_ يا حنين ولما تخرج معاك من المصنع يقولوا عليها إيه.
أشاح بسام عيناه عنها فسألتها سلوى بإهتمام حقيقي.
_ ليلى لو تعبانه تعالي أروحك.
حركت رأسها برفض وأخرجت أحد الأقراص من حقيبتها لتتناولها.
_ أنا كويسة لو حسيت بحاجة هستأذن وأمشي
...
وقع عزيز على بعض الفواتير التي تحتاج إمضائه وقد غادر السيد جابر المكتب وأغلق الباب ورائه.
نظرت له أميمة ثم تساءلت.
_ اعمله قهوته.
رمقها السيد جابر وهو يضع الفواتير في مغلفها ثم غادر الغرفة.
_ هو مطلبهاش بس اعمليها ودخليها ليه.
قامت أميمة بعمل القهوة له ثم سكبتها في الفنجان وأسرعت بهندمت ملابسها المحتشمة كادت أن تلتقط فنجان القهوة لكن تذكرت ما أخبرتها به شقيقتها.
أخرجت طلاء الشفاه الوردي من حقيبتها لتزيد من وضعه على شفتيها.
تنهدت وهي تنظر إلى مظهرها بالمرآة... فهي بسببه عادت لتهتم بنفسها على أمل أن ينظر إليها.
طرقت باب غرفة المكتب بخفة ثم دلفت وبصوت خاڤت تمتمت.
_ عملتلك القهوة يا عزيز بيه.
رفع عزيز عيناه عن هاتفه ثم نهض من مقعد ونظر إلى الصينية التي تحملها بنظرة سريعة قبل أن يتحرك ويغادر.
_ شكرا يا أميمة أنا ماشي وبلغي استاذ جابر تصميمات الأثاث اللي طلبتها منه تكون على مكتبي بكره.
توقفت أميمة مكانها مشدوها من مغادرته بتلك السرعة حتى أنه لم ينظر إليها.
.....
داعبت شفتي نيهان ابتسامة وهو يرى عزيز أمامه.
_ مازالت إستراحة العاملين لم تبدأ بعد.
رمقه عزيز بنظرة ماقتة دون أن يتحدث وجلس على المقعد المقابل له.
_ الحب جعلك تفقد عقلك يا رجل.
_ نيهان.
تلاعب نيهان بحاجبيه حتى يثير حنقه.
_ نيهان سيترك لك الملعب بعد بضعة أيام وسيغادر مصر اتمنى المرة القادمة أتى لأحضر حفل زفافك.
احتقنت ملامح عزيز ونظر له بنظرة قاتمة يلومه على ما حدث بالمزرعة.
_ لولا عملتك كنت زماني مصارحها بمشاعري مش قاعد دلوقتي بفكر اعتذرلها الأول إزاي.
قهقه نيهان عاليا ثم تحرك من وراء طاولة المكتب ليجلس أمامه قائلا بعبث.
_ لولا فعلتي يا عزيز... ما كنت تحركت... أنت تفكر بعقلك كثيرا أما قلبك صاحب القرار الأخير.
صوب عزيز عيناه نحو ساعة يده ليميل نيهان للأمام قليلا وغمز له بإحدى عينيه.
_ عندما تذوقت حلاوة القرب... أدركت بأن الفتاة سړقت قلبك.
وجه عزيز أنظاره نحوه لتخرج زفرة طويلة منه فهو لا يستطيع إنكار هذا.. هو ذاق حلاوة قربها..
عندما رأي نيهان صمته لم يرغب بزيادة الأمر عليه فالعشق صار بعينيه.
أتى وقت إستراحة العاملين وقد تحرك عزيز و نيهان ليكونوا لأول مرة بينهم وقد انتقلت أنظار الجميع عليهم غير مصدقين وجودهم.
بحث عزيز بعينيه عنها ليجدها تسير بجانب إحدى زميلاتها و ورائهم كان يسير بسام.
احتدت نظرات عزيز ولولا جذب نيهان لذراعه لكان ظل واقفا مكانه.
جلست ليلى على الطاولة التي اعتادت الجلوس عليها وعندما جلست سلوى نهضت على الفور وقد خرجت شقتها بذهول.
_ عزيز بيه و نيهان بيه هنا.
التف بسام كما الټفت هي وسرعان ما أشاحت عيناها عنه عندما تقابلت نظراتهم.
تحركت سلوى وقالت وهي تبحث بعينيها عن طاولة قريبة منهم.
_ أنا هروح اقعد على أي ترابيزة قريبة منهم... بدل قاعدتنا هنا...مجاورة صحاب الشغل مطلوبة برضو.
ابتعدت سلوى عنهم وقد ابتسم بسام على أفعالها وقال
_ مجنونه.
نظر إلى ليلى التي استندت بذقنها على قبضة يدها وزفرت أنفاسها بثقل ليتساءل
_ شكل فيه حاجة مضايقاكي يا ليلى مش مجرد تعب.
كادت أن تخبره أن لا شئ بها لينهض قائلا
_ هروح اجيب وجبة الغدا بتاعتنا وكوبايتين الشاي وهاجي اخليكي تعترفي.
ابتسمت على ما قاله ليلتقط عزيز بنظراته التي يختلسها نحوها تلك الابتسامة.
اشتعلت النيران داخل عينيه وكاد أن ينهض ويتجه إليها إلا أن نيهان قبض على يده ونظر له.
_ انتبه يا عزيز أنت هنا صاحب العمل وهي مجرد موظفة لديك أين عقلك
_ ضاع يا نيهان ليلى استحالة تكون لراجل غيري.
تلك النبرة التملكية التي سمعها نيهان منه جعلته يشفق على حاله صديقه ويربت على يده.
_ لابد أن تصارحها بمشاعرك اليوم قبل أن تتقدم بطلب الزواج من عمها.
تنهد عزيز بقوة وسرعان ما كان يزجره نيهان بنظرة منه لكي يعود إلى رشده عندما تقدم رؤساء الأقسام من طاولتهم.
....
لم ينتبه صالح اليوم على أي شئ يقوم فريقه بمناقشته أمامه فعقله كان مع ما حدث بينهم ليلة أمس.
زفرة حارة خرجت من شفتيه ليلاحظ
متابعة القراءة