رواية ظنها دمية بين أصابعه (الجزء الثالث من الفصول) بقلم الكاتبة سهام صادق
المحتويات
تنظر لهم وعلى محياها ارتسم العبث.
_ ليكون فيه قصة حب في حياتها لاء أنا لازم اروح افهم منها.
ضحكت عايدة ونظرت إليها وهي تغادر المطبخ بخطوات سريعة.
_ الله يحزك يا ست نيرة ضحكتيني والواحد مهموم.
نهضت عايدة من مكانها لتغسل الأكواب وترتب المطبخ قبل رحيلهم لتجد سعيد ينظر إليها بترقب.
_ تفتكري يا عايدة ممكن يكون فيه حد في حياة ليلى.
_ ليلى عاقلة ولو فيه حد في حياتها هنعرف أكيد منها والله يوم المنى يا سعيد لما نسلمها لعريسها أنت مش نفسك تفرح بيها.
تبدلت ملامح سعيد على الفور وابتهجت ملامحه وأخذ يحرك لها رأسه بسعادة.
اتجهت نيرة إلى الغرفة التي تجلس بها ليلى وطرقت الباب بخفة ثم دلفت.
أخفضت ليلى رأسها لتهرب من نظراتها.
_ لا الموضوع شكله كبير.
شعرت ليلى بالتوتر ولم تملك قدرة على رفع عيناها فهي تشعر بإن أمرها صار مفضوح للجميع.
اقتربت نيرة منها وتساءلت
_ أنتوا زعلانين من بعض ولا انفصلتوا.
اتسعت حدقتي ليلى ورفعت عيناها وتساءلت بنبرة مهزوزة.
ابتسمت نيرة وجذبت يدها لتجلسها على الفراش وجلست جوارها.
_ اقصد إيه معقول يا لولو تخبي عني... يلا قولي مين هو بقى.. أنا بحب حكايات الحب أوي احكيلي.
رمشت ليلى بأهدابها عدة مرات وهي لا تستوعب ما تقوله نيرة التي واصلت كلامها بفضول.
_ ما هي حالتك دي متدلش غير عن صدمة حب خصام... فراق... بصي أنا عندي خبرة حلوة.. ما أنا حكتلك عن قصة حبي أنا و معتز وكل اللي مرينا بيه.
_ مفيش حاجة من اللي أنت بتقوليها أنا بس تعبانه شوية.
قاطعت نيرة كلامها ومسكت يديها لتحثها على الحديث دون خجل.
_ كده برضو يا لولو يا بنتي في الأمور دي لازم تتكلمي مع حد هو بيشتغل طيب معاكي في المصنع...
ارتبكت ليلى من حصار نيرة لها بالحديث فهي مازالت لا تستوعب ما حدث لها منذ ساعات.
_ أنت و عمي مبتريحوش حد في الكلام هو امبارح رفض العروسة مع إن فيها كل المميزات اللي تبهر أي راجل يا ليلى.
كان حديث نيرة عن العروس ېمزق روحها فلم تجد إلا الهرب بعينيها بعيدا والضغط على چرح يدها لعل بذلك تستطيع صرف عقلها عما يخصه.
ارتفع رنين هاتف نيرة في نفس اللحظة التي دلفت فيها نارفين الغرفة ونظرت لها بنظرة نادمة بعدما استوعبت سبب خروج ليلى من بوابة مزرعتهم باكية دون أن تجيب على ندائها..
_ أيوة يا ماما أنت مشيتي فجأة ليه.
مرت نيرة بجوار نارفين التي مازالت واقفة مكانها لتهمس لها نيرة قبل أن تغادر الغرفة.
_ تحدثي معها نارفين.
ثم عادت تنظر نحو ليلى.
_ رجعالك تاني يا لولو.
في هذه اللحظة تأججت نيران الغيرة وظهرت في عينين سمية عندما استمعت لهتاف ابنتها باسم تلك الفتاة.
توقفت سمية بجانب الطريق تقبض بقوة على عجلة القيادة.
_ ماما أنت معايا
....
انقضى الوقت وقد جاء وقت مغادرتهم المزرعة شعر نيهان بالضيق من نفسه بسبب فعلته حتى أن نارفين لم تستطيع توضيح الصورة لها وإزالة سوء الفهم.
طيلة طريق العودة كان عزيز شارد في أفكاره وقد تولى سيف أمر القيادة... أما نيرة ظنت صمته بسبب غضبه منها.
تنهيدة حملت شعور بالراحة أطلقها العم سعيد فور دلوفه إلى المسكن.
_ كأننا غيبنا شهور.
قالها ثم اتجه نحو الأريكة ليجلس عليها فجاوره عزيز قائلا
_ أه والله يا سعيد الواحد لما بيبعد عن البيت بيحس إنه عامل زي السمك.
حديثهم كان يطرق حصون ليلى التي انسحبت من بينهم وسبقت شهد نحو الغرفة.
....
كانت السعادة تشع من عينين السيدة حورية وهي ترى صالح ينضم لتناول وجبة العشاء معهم وقد صارت الأمور بينهم تعود إلى طبيعتها كالسابق.
نظرة امتنان ألقت بها السيدة حورية نحو زينب فلولا وجودها بحياتهم ما كان صالح صار قريبا منهم هكذا.
ساد الصمت أثناء تناول الطعام وكل منهم كان مشغول بأفكاره إلى أن قطع الجد ذلك الصمت.
_ زينب قررت تشتغل في مدرسة يزيد.
ألقى شاكر بحديثه الذي جعل والدي صالح يتوقفوا عن مضغ الطعام ونظروا نحو صالح بترقب.
_ بيتهيألي ده أفضل ل يزيد ولا إيه يا زينب.
كانت زينب منشغلة بوضع الطعام في طبق الصغير لتنظر نحو الجد ثم ألقت بنظرة خاطفة نحو صالح الذي قبض على يده بقوة.
_ ما دام حضرتك شايف إن ده صح يا جدو أنا كمان شايفه كده.
ابتسم الجد عندما استمع إلى كلامها ونظر نحو صالح الذي مازال على صمته.
ضاقت حدقتي صالح واشټعل الڠضب فيهما ثم ألقى بنظرة سريعة نحو زينب التي أخذت تسأل صغيره إذا كان قد شبع أم يريد المزيد من الطعام.
_ مقولتش رأيك يعني يا صالح.
تساءل الجد بعدما عاد لتناول طعامه أما السيدة
حورية والسيد صفوان استمروا بالنظر له منتظرين ثورته.
_ موضوع الشغل ده هتناقش فيه مع زينب لوحدنا.
حملقت به زينب وقد اندهشت من حديثه الهادئ لكن تلك النظرة التي رأتها في عينيه جعلتها تعلم ما ينتظرها عندما يكونوا بمفردهم.
حالة من الإنتشاء تملكتها وهي ترى أول إنتقام لها هو تحدى بها جده واتخذوها لعبة في أيديهم وهي كالحمقاء اندفعت كالفراشة نحو عالمه.
لن تثأر لكرامتها إلا منه وها هي اليوم عرفت بداية الطريق.
_ خلينا ناكل يا ولاد وبعدين نتكلم.
تمتمت بها السيدة حورية حتى تنهي ذلك النقاش الذي سينتهي حتما بکاړثة إذا واصلوا الكلام به.
انتهوا من تناول وجبة العشاء لينهض صالح قائلا
_ جهزوا نفسكم عشان نمشي.
هزت حورية رأسها بيأس من أفعال حماها ونظرت نحو زوجها الذي نظر لها بقلة حيلة فوالده لن يتغير.
أخرج صالح غضبه بالقيادة إلى أن صړخت به قائلة
_ هدي السرعة شوية أنا و يزيد خايفين...
قالتها وهي تلتف للوراء نحو الصغير الذي ضم دميته القديمة إلى حضنه.
انتبه على مقدار السرعة التي تتحرك بها السيارة وأطلق زفيرا قويا وهو يبطئ من السرعة.
تمالك نفسه بصعوبة عند دلوفهم إلى الشقة وقد أخذت يد الصغير واتجهت به لغرفته.
أخذ يدور حول نفسه والڠضب يتأجج داخله كلما تذكر أمر عملها الذي اتخذت قراره مع جده وكأن معرفته بالأمر مجرد للعلم دون إكتراث برأيه..
غادرت غرفة الصغير واتجهت لغرفتها دون الإلتفاف ناحيته لتزداد قتامة عيناه.
_ زينب.
توقفت مكانها وببطئ استدارت جهته..
أطلق تنهيدة طويلة ثم تقدم منها.
_ المفروض نتكلم ولا أنت شايفه اللي حصل في الڤيلا هناك أمر عادي.
تثاءبت بنعاس لتضع يدها على فمها.
_ ممكن نأجل الكلام لبكره.
تركته واتجهت نحو غرفتها دون النظر له لتحتد عيناه وتحرك ورائها.
_ لا معلش هنتكلم دلوقتي.
ابتعدت عنه واتجهت نحو خزانه ملابسها تعبث بها.
ذلك البرود اللعېن الذي صارت عليه فجأة جعله يجتذب ذراعها بقوة ويتحرك بها نحو الأريكة التي تحتل ركن من أركان الغرفة.
خرجت شهقتها عندما ألقى بقطع الثياب التي التقطتها من خزانة ملابسها أرضا ثم أجلسها عنوة على الأريكة قائلا
_ قرار الشغل مش موافق عليه ومفيش مناقشة في الموضوع.
بتحدي رفعت عيناها نحوه بعدما ألقى عليها حديثه دفعة واحدة.
_ بس أنا موافقه وعايزه اشتغل.
رمقها بنظرة طويلة وكاد أن يتحدث لكنه وقف مبهوتا بعدما صعقته بكلامها.
_ أنت مش موافق على الشغل عشان القرار قرار جدك لكن أنا موافقة على قراره وهوافق على أي قرار يقوله... عارف ليه عشان عارفة أنت پتكره إنه يفرض رأيه عليك ويتحكم بحياتك لكن أنا هخليه يتحكم بحياتنا.
توحشت نظراته وقبل أن يتقدم منها خطوه كانت تنهض وتقترب منه.
_ أنت اللي عملت في حياتنا كده يبقى ادفع تمن اللي عملته.
غادرت الغرفة تحت أنظاره التي كانت جاحظة من الصدمة.
أخذت أنفاسه تعلو وتهبط وهو ينظر لنقطة ما شاخص البصر.
انعقد لسانه عن الكلام من شدة صډمته لقد صارحته بهدفها الأساسي من وراء عملها أخبرته بأنها ستتمرد عليه وتعانده وستجعل لجده الكلمة الأولى في حياتهم.
لا يعرف كيف تمالك نفسه وغادر الغرفة بهذا الثبات لكن توقف عندما رأي حركتها بالمطبخ وقد وقفت تعد لها شطيرة من حلوى المربي.
تلاقت عيناها معه بنظرة سريعة ثم استدارت بجسدها واتجهت نحو البراد لتخرج أي شئ يجعلها تتحاشا النظر إليه.
تنهيدة طويلة خرجت معها حړقة قلبها بعدما استمعت إلى صوت باب غرفته يغلق پعنف.
لقد بدأت لعبتها معه وكل شئ أتى لها دون تخطيط وكأن الحياة تعطيها الفرصة أخيرا لتتمرد.
....
لم يستطيع عزيز النوم هذه الليلة فكل ما حدث يطرق رأسه بقسۏة غادر غرفته بعدما علم أن النوم جفاه وهبط الدرج متجها نحو غرفة مكتبه.
وكما غادره النوم غادرته الراحة هذه الليلة فعيناه ظلت عالقة بمكان القطة يتمنى لو غادرت مسكنها وذهبت لإطعامها كعادتها.
أجفله صوت ابنة شقيقه بعدما فتحت باب الغرفة وتساءلت
_ شوفت نور أوضة المكتب قولت اكيد أنت هنا.
سحب عزيز ستار الشرفة وتمالك حاله ثم استدار نحوها.
_ أنت لسا منمتيش.
حركت له رأسها بحزن واقتربت منه.
_ مش عارفة أنام وأنت زعلان مني.
أغمض عيناه لوهلة ثم أخذ نفسا عميقا وفتح لها ذراعيه.
أسرعت إليه بعدما دعاها إلى حضنه.
_ أنا عارفه إني غلطانه وحطيتك في موقف محرج أنا آسفه بجد.
ابتسم عزيز وهو يمسح على شعرها ثم وضع قبلة على رأسها.
_ مش زعلان منك يا حببتي معلش أنا مضغوط شوية الفترة دي.
ابتعدت عنه تسأله بقلق.
_ في مشاكل عندك في الشغل
نظر لها ثم احتوى وجهها بحب بين راحتي كفيه يومئ لها برأسه.
_ مشاكل الشغل كتير متشغليش بالك أنت... كلها فترة وهتسافري فمش عايزك تزعلي من حاجه واتبسطي بأجازتك.
عادت تلك اللمعة التي غادرت عيناها منذ الأمس تتوهج مرة أخرى.
وضعت رأسها على صدره تستمد منه حنانه الذي عوضها به عن فقد أباها.
_أنا بكون مبسوطة وأنا شيفاك مرتاح ومبسوط أنا بحبك اووي يا عمو.
ترقرقت الدموع في عينيه وشد من ضمھ لها لترفع عيناها له قائلة
_ أنا لما قعدت مع نفسي قولت إزاي عايزه واحده تيجي تاخدك مني ويكون ليها الحضن وكل الدلع اللي ليا أنا لوحدي.
ثم أردفت بعدما ابتعدت عن حضنه.
_ لا خلاص مش هقولك تتجوز تاني.
انشقت شفتي عزيز بابتسامة متوتره لتنظر له ثم عادت تستكين داخل أحضانه.
_ إيه رأيك نخرج الصبح نفطر سوا لوحدنا من غير سيف و كارولين.
....
خرجت من غرفتها بعدما ارتدت ملابسها وقد قررت الذهاب اليوم إلى عملها حتى تستطيع مهاتفة الخالة
صفية ابن خالة والدتها التي ستظل دائما تراها والدتها حتى لو لم تنجبها من رحمها.
توقفت عند المطبخ عندما استمعت إلى صوت العم سعيد يخبر زوجة عمها بأن لا داعي لتذهب إلى الڤيلا حتى
متابعة القراءة