رواية ظنها دمية بين أصابعه (الجزء الثالث من الفصول) بقلم الكاتبة سهام صادق

موقع أيام نيوز

إن ابنه طفل مش ريبورت هنحط ليه قوائم الممنوع والمقبول. 
احتدت عيني صالح عندما أتت بذكر هذا الرجل. 
_ أنا مش بعامل ابني ك ريبورت أنا خاېف على صحته. 
ثم أردف پغضب طغى على بحة صوته. 
_ وكمان ليه هنفضل نتكلم عن الدكتور وابنه ونحطهم في سياق حديثنا.
رمقته بنظرة مستنكره ثم ارتفعت إحدى زوايا فمها بابتسامة ساخرة. 
_ على فكرة الكورس ده هدفه... الولاد يتعاملوا مع بعض وطبيعي إننا نذكر اسم دكتور مازن و عدي. 
زفرة قوية وطويلة خرجت من شفتي صالح ثم نظر إليها بعد أن توقف بالسيارة أسفل البناية. 
فور أن دلفوا إلى الشقة اتجهت بالصغير نحو غرفته غير مهتمه بذلك الذي ألقى مفاتيحه بقوة بعدما غلت الډماء في عروقه. 
اتجه ورائهم لكن توقف مكانه متنهدا بقوة واتجه نحو الأريكة في غرفة الجلوس وجلس عليها. 
وضع رأسه بين راحتي كفيه وأخذ يخرج أنفاسه رويدا رويدا لعل تلك النيران المشتعله تهدء داخله. 
تنهد بصوت مسموع فتلك التي صارت أمامه الآن ليست الفتاة هادئة الطباع التي تزوجها إنه يرى امرأه متمرده تناطحه وكأنه في حرب معها. 
هل جاء بۏجع الرأس لنفسه عندما قرر الزواج... 
نهض پغضب وتحرك نحو غرفة صغيره ليتحدث معها ويجدوا طريقة لوضع بعض النقاط بحياتهم لكنه وقف مشدوها وهو يراها تنحني قليلا برأسها ثم رفعتها فجأة حتى تحرر خصلات شعرها الأسود الثائر وقد وقفت أمام الحمام تنتظر يزيد إلى أن ينتهي من غسل يديه. 
خرج الصغير من الحمام يقول 
_ أنا جعان يا زينب. 
أسرع نحو غرفته يدور بها بدون هوادة...فقد صار كل شئ يحدث معه لا يفهمه.. أغلق جفنيه بقوة لا يصدق أن قلبه صار يخفق كلما وقعت عيناه عليها. 
.... 
لا يعرف كيف وصل إلى هنا كل ما يعلمه أنه وجد نفسه يقطع تلك المسافة بسرعة قصوى بعدما أتاه صوتها الباكي. 
أصدرت إطارات سيارته صريرا مترفعا عند بوابة المشفى وقد التف البعض نحو السيارة بفزع. 
خرج من السيارة دون اهتمام بصفها بالمكان المسموح به وركض إلى داخل المشفى و الذعر يحتل ملامحه. 
بأنفاس لاهثة متقطعة وقف يتساءل عن اسم عزيز لتعطيه الموظفة كافة المعلومات عن المړيض الذي أتى اليوم بطعڼة أثر شجار.
بخطوات أشبه بالركض صعد إلى الطابق الذي أرشدته إليه الموظفة بعدما وجد المصعد معطل. 
عيناه بحثت عنها في الرواق ليتيبس جسده وهو يراها تحتضن سيدة كبيرة بالسن وتبكي داخل أحضانها.
انحبست أنفاسه التي كانت للتو هادرة وحرك ساقيه بصعوبة نحوها وبنبرة مهزوز خرج صوته باسمها. 
_ليلى.
ابتعدت ليلى عن أحضان الخالة صفية ورفعت عينيها نحوه وهي لا تصدق أنه أتى بالفعل. 
_عزيز بيه أنت هنا فعلا  
قالتها بصوت ضعيف خاڤت وأعين ترقرقت بهما الدموع فابتسم وهو يهز رأسه لها... فهل ظنت أنه سيتركها وحدها...هي لا تستوعب ما فعلته به عندما اخترق صوتها الباكي أذنيه. 
تبسمت السيدة صفية ونظرت نحو عزيز. 
_ بعد ما ډخلتي الحمام يا حببتي .. التليفون رن وأنا رديت عليه واديته عنوان المستشفى.
اماءت ليلى برأسها ليتساءل هو عن حالة عزيز وقد بشره ذلك الإرتياح الذي يراه على ملامحهم. 
_ عزيز أخباره إيه 
نظر إليها وقد استطاع لملمت شتات نفسه. 
_ الحمدلله الدكتور طمنا إن الإصابة مجتش في أجزاء حيوية. 
حاولت التقاط أنفاسها التي خرجت سريعة فاستكملت السيدة صفية الكلام. 
_ لسا خارج من العمليات واخدوه على العناية عشان يكون تحت الملاحظة. 
عندما لمحت ليلى الطبيب الذي أجرى الجراحة لعمها أسرعت نحوه. تحفزت ملامح وجه عزيز بغيره و اتبعها بعدما اعتذر بنبرة سريعة من السيدة صفية التي كانت تخبره بما حدث. 
اندهشت السيدة صفية من فعلته لكن سرعان ما كانت تحرك رأسها وعلى شفتيها ارتسمت ابتسامة خفيفة. 
انصرف الطبيب بعدما طمئنهم وأكد لهم ما قاله لمرات. 
زفرة ارتياح خرجت من شفتي ليلى وأخذت تحمد الله على لطفه بهم. 
_ عايدة عرفت 
تساءل عزيز فأسرعت بتحريك رأسها له فأردف قائلا 
_ يبقى بلاش تبلغيها حاجة... هيحصل قلق جامد هناك. 
نظرت له بحيره وقالت 
_ طيب اقولها إيه أنا اضطريت اقفل التليفون بتاعه بعد ما حست إن صوتي متغير.
عندما أتت بذكر غلق الهاتف امتقعت ملامحه من تصرفها وخرج صوته پحده طفيفه. 
_ كويس إن الست الطيبه ردت عليا وبلغتني بمكان المستشفى قبل ما حضرتك تقفلي التليفون.
شعرت ليلى بغضبه الذي أصابها بالغرابة ليزفر أنفاسه بقوة قائلا 
_ هروح اشوف بقية الإجراءات عشان المحضر وحساب المستشفى. 
_ هنزل أنا أنا معايا فلوس.
لأول مرة كانت ترهبها نظراته هربت بعينيها نحو الخالة صفية التي انشغلت في مكالمة هاتفيه و قالت بتوتر 
_ أنا هروح اشوف أبلة صفية.
ابتعدت عنه فأحاطتها عينيه بنظرة ارتياح ثم رفع يده يدلك بها جبينه. 
ابتسمت الخالة صفية لها عندما وجدتها تقف قربها وعلى ملامحها ارتسم الخجل. أنهت الخالة صفية مكالمتها مع السائق الذي سيأتي لأخذها وتساءلت 
_ راح فين الاستاذ عزيز! 
ابتلعت ليلى لعابها من شدة توترها. 
_ راح يكمل إجراءات المستشفى ويدفع الحساب. 
اتسعت ابتسامة صفية واقتربت منها تربت على كتفها. 
_ راجل ابن حلال وشكله بيحب عمك اوي.
تلاقت عيناها بعينين الخالة صفية لتحرك أهدابها بتوتر هاربة من النظر إليها بعدما فهمت كلامها المبطن. 
غادرت الخالة صفية المشفى بعدما أتى السائق الذي سيقلها إلى المدينة التي تعيش بها حاليا وقد تأسفت مرارا على عدم قدرتها على البقاء بسبب حاجتها لتناول أدويتها على وعد أنها ستأتي بعد غد للإطمئنان عليها. 
بنظرة احتلها الحنان والحب حدجها عزيز. 
_ليلى أنا شايف أنت كمان لازم ترتاحي وتغيري هدومك.
عندما أشار بكلامه نحو ملابسها الملطخة ببقع الډماء أخفضت عينيها نحو فستانها.
_ هروح الصبح أغير.
_ لا يا ليلى أنت لازم تروحي عشان تقدري بكره تكوني معاه.. 
ثم استطرد ليحاول إقناعها بلين.
_ الزيارة مش مسموح بيها دلوقتي ل عزيز وجودك ملهوش داعي.
طالعته بنظرة تحمل حيرتها ليتنهد قائلا 
_ تعالي عشان اروحك. 
أقنعها بعدما أصرت أن تسأل عن حالة عمها قبل مغادرتها. 
تحرك بالسيارة بعدما أملته العنوان وحدد الموقع عبر هاتفه. 
استرخت بالمقعد لحاجتها لهذا الوضع وأغمضت عينيها حتى تهرب قليلا من ذلك الضجيج الذي يدق رأسها. 
_ لو فيه مطعم قريب قوليلي عليه انزل اشتري ليكي أكل شكلك مأكلتيش حاجة من ساعات. 
بالفعل هي جائعة لكنها تفقد الشهية... فشعور الذنب ېقتلها لما حدث لعمها بسببها. سقطت دموعها رغما وخرج صوتها مكتوم بخنقة. 
_ أنا السبب لو كان مجاش معايا مكنش حصله حاجة.
انتفض قلبه عند رؤيتها تبكي و أوقف سيارته سريعا بجانب الطريق. 
_ليلى بصيلي. 
لم تنظر إليه بل وضعت وجهها بين راحتي كفيها وارتفعت شهقاتها. 
_ كان ممكن ېموت لولا ستر ربنا... أنا سامحته والله على اللي عمله فيا زمان... هو مكنش بأيده حاجه عشان يحطني في الملجأ الظروف حكمت عليه. 
اڼهارت بالبكاء واڼهارت حصونه الواهية معها. سحب حزام الأمان عنه حتى يتمكن من أخذها بين ذراعيه وتهدأتها. كاد أن يمد ذراعيه ويجتذبها إلى صدره لكن سرعان ما فاق على حاله ليغمض عينيه بقوة... ألا يكفيه أنه لمسها بالمزرعة ألا يكفيه عدم غض بصره عنها رغم أنه يفعل ذلك مع جميع النساء إلا هي...
فتح عيناه وقال پضياع ورجاء. 
_ أرجوك بصيلي يا ليلى لو اقدر اخدك في حضڼي كنت عملت كده. 
استمرت بالبكاء الذي فطر قلبه ثم زفر أنفاسه بقوة. 
_ متصعبيهاش عليا أرجوك لو اخدتك في حضڼي هيكون ذنبي في رقبتك أنت. 
انخفض صوت بكائها شيئا فشئ إلى أن توقفت تماما عن البكاء واحتلت الصدمة ملامحها بعدما قال 
_ كفايه عليا يوم المزرعة اللي معذبني ليل ونهار. 
حركت كفيها ببطئ عن عينيها تنظر إليه بنظرة خجلة أفقدته صوابه ولولا رنين هاتفه لكان جذبها إليه دون تردد. 
تنهد بقوة ثم أشاح عينيه عنها ليستعيد ثباته. 
_ دي نيرة اكيد قلقانه إني مرجعتش البيت. 
بحيره تساءلت بعدما نظرت إلى الهاتف الذي استمر بالرنين. 
_ هتقولها على اللي حصل وإنك هنا معانا 
أغلق جفنيه بإرهاق ليفكر لثواني حتى يحسم قراره. 
_ هبلغها إني في مشوار شغل وبكره الصبح هقولها يكون عزيز فاق وعرفنا قراره لو عايز عايدة تعرف.
انقطع الرنين ثم عاد يصدح مجددا فتح المكالمة وأجاب بصوت ثابت.
_ ايوة يا نيرة. 
بلهفة تساءلت نيرة وقد تعلقت بها نظرات سيف و
كارولين بتوجس. 
_ أنت فين يا عمي اتأخرت كده ليه قلقانين عليك.
_ أنا برة القاهرة يا حببتي جاتلي سفرية شغل لميناء بورسعيد.
تنهدت نيرة وهي تنظر لكلا من شقيقها و زوجته. 
_ هو مكنش ينفع تبعت حد بدالك خلاص يا حبيبي اهم حاجة إنك بخير. 
اختصر عزيز الكلام حتى لا تتساءل كثيرا وينكشف أمر سفره. 
زفرت نيرة بإرتياح بعدما أغلقت المكالمه معه تخبرهم بما أخبرها به. 
_ هو مبلغناش ليه طيب... عموما ده أكيد شغل مهم ما دام سافر بنفسه.
قالها سيف ثم التقط الريموت ليرفع من صوت التلفاز مرة أخرى. 
_ أهم حاجه إنه بخير واطمنا عليه. 
تمتمت بها ردا على شقيقها وسرعان ما كانت تواصل كلامها بقلق. 
_ ده مأخدش هدوم معاه وبيقول ميعرفش هيقعد هناك قد إيه. 
كانت كارولين تتابع القلق الظاهر على ملامح نيرة التي نهضت وصعدت لغرفتها. تعلقت عيني كارولين نحو سيف المندمج في مطالعة برنامج رياضي وقد أخدت تعبث بخصلات شعرها بعدما ربطت سفر العم اليوم بعد سفر ليلى. 
تحركت من المقعد الذي كانت تجلس عليه وقد تفاجأ سيف بيدها التي أخذت تتحرك على صدره وسرعان ما كانت تباغته بقبلتها. لم يتجاوب سيف معها بل دفعها عنه قائلا وهو ينظر حوله 
_ لسنا بغرفتنا كارولين.
عبست بملامحها وهي ترى المكان فارغ حولهما. 
_ عمك ليس هنا.
_ و شقيقتي أنسيتي وجودها بالأعلى. 
زفرت أنفاسها بقوة وأشاحت عيناها عنه بضجر. 
_ أنت منذ أن فقدنا الطفل واصبحت بعيدا عني..أنت تغيرت كثيرا معي سيف. 
تأفف بصوت مسموع ثم رفع يده ليمرر أصابعه بين خصلات شعره. 
_ أنا مشغول برسالة الدكتوراه... يجب أن أحقق ما فقدته بأمريكا. 
_ وأين أنا سيف انسيت شغفك بي... 
أطلق زفيرا قويا. 
_ اشغلي نفسك بأي شئ بعيدا عني قليلا كارولين فأنا لست متفرغ بأن نقضي الوقت في ممارسة الحب... 
نظرت إليه وغمغمت بمرارة. 
_ أنت لا تلمسني إلا عندما اقترب أنا منك.
بضجر نهض من جوارها. 
_ أصبح عقلك لا يفكر إلا في نقطة واحدة أين تلك الفتاة التي كانت تأتي إلي حتى أدرسها بعض المواد. 
تركها وصعد لأعلى تحت نظراتها التي اتبعته في صدمة فأين ذهب الرجل الشغوف بها و بجسدها. 
... 
وقف عزيز أسفل البناية لينظر إليها فوجدها تنظر إلى مقبض باب السيارة الداخلي بحيره. 
أخذت نفسا عميقا ثم زفرته لتلتف إليه وعلى ملامحها ارتسم الخۏف. 
_ لو كان ينفع كنت طلعت معاك أنا هفضل قاعد جوه العربيه صاحي متقلقيش. 
_ هما قبضوا عليه 
تمتمت بصوت مرتجف ليطلق زفيرا عميقا. 
_ متقلقيش البوليس هيجيبوه... 
أغمضت عينيها لوهله حتى تسيطر على ضربات قلبها وتغادر السيارة. 
كادت أن تفتح باب السيارة إلا أن صوته أوقفها وجعلها تلتف له مجددا.
_ أول ما
تم نسخ الرابط