رواية ظنها دمية بين أصابعه (الجزء الثالث من الفصول) بقلم الكاتبة سهام صادق
المحتويات
المنظفات اللي أنت عايزاها عشان انزل اشتريها.
دونت له ليلى ما ستحتاجه ليتجه نحو الباب قائلا
_ حطي الاكل في التلاجة وأوعي تفتحي باب الشقة لحد متعرفيهوش.
أغلق عمها الباب ورائه ووقفت هي تنظر إلى الشقة التي عبئتها الأتربة ولا تعرف من أين تبدأ.
_ أشغل التلاجة واحط الاكل فيها وبعدين افتح الشبابيك وابدأ أنفض.
فتحت الخطأ لتستعجب من صمت المتصل.. فضاقت حدقتاها بحيرة وهي تبعد الهاتف عن أذنيها حتى تعرف هوية المتصل.
تسارعت دقات قلبها عندما رأت رقمه على شاشة هاتفها وقد خرج صوته أخيرا بعدما تنحنح بخشونة.
بصعوبة خرج صوتها الذي ظنته انحبس بين شفتيها.
_ الحمدلله.
ثم أردفت بصوت خاڤت مهزوز من شدة ربكتها.
_ عمي نزل يشتري شوية حاجات.
ابتسم عزيز فهو يعلم بعدم وجود عمها لأنه منذ دقائق كان يحادثه وعلم منه أنه يشتري بعض الأغراض.
_ عارف إن عزيز مش موجود لأني لسا قافل معاه وقالي إنك لوحدك.
_ ليلى.
أجابته بصوت أقرب للهمس.
_ نعم.
تسلل صوتها الناعم إلى قلبه العطش الذي اختبر معها كل ما سمع عنه يوما.
_ هكلمك بالليل اطمن عليكي قصدي اطمن عليكم.
أغلق معها المكالمة ونظر إلى هاتفه لا يصدق أنه فعلها.
_ عزيز بيه الإيصالات دي محتاجه امضتك.
مد عزيز يده إليها حتى تعطيهم له ويوقعهم وعلى ثغره انفرجت ابتسامة صغيرة.
_ فيه حاجة تانيه يا استاذة أميمة.
قالها بعدما وضع توقيعه عليهم ثم أعطاهم لها... لتهز
_ لا يا فندم.
استدارت بجسدها حتى تغادر لكن وقفت مكانها للحظة بعدما استطاعت السيطرة على مشاعرها.
_ اعملك قهوة يا فندم.
سؤالها صار معتاد بالنسبه له ليبتسم قائلا بمزاح
_ أنا بقيت مدمن قهوة على ايدك.
تهللت أساريرها وارتسمت ابتسامة واسعة على وجهها.
_ يا خبر يا فندم لا خلاص مش هعملها ليك تاني.
استرخي عزيز في مقعده ولم يرفع بطرف عينيه نحوها.
_ لا طبعا أنا محتاج حاليا فنجان قهوة من ايدك.
رفرف قلبها من طلبه وأسرعت قائلة
_ من عنيا هعملها لحضرتك على طول واحلى فنجان قهوة كمان.
غادرت أميمة غرفة مكتبه بوجنتين مشتعلتين ومن حسن حظها أن السيد جابر كان بالطابق الأرضي للمعرض.
وضعت بيدها على قلبها الذي استمر في خفقانه لتتنهد بصوت مسموع.
....
وقف صالح مع أحد المهندسين في مبنى حظيرة الطائرات يتحدث معه عن صيانة إحدى الطائرات التي تم إيقافها من عمل أي رحلة جوية.
صافحه صالح بعدما انتهى الحديث بينهم وتحرك مغادرا المكان وبحانبه سار مساعده كريم يخبره عن السياسة الجديدة التي يريد المسئول الجديد تطبيقها.
عاد إلى مكتبه يحمل بعض التقارير ثم ارتفع رنين هاتفه الموجود على طاولة مكتبه. أصاب قلبه لهفة لم يختبرها يوما وهو يرى اسمها على شاشة هاتفه أجاب على الفور بعدما استطاع إخراج صوته بنبرة رجولية خشنة.
_ ايوة يا زينب.
آتاه صوتها في رقة فجعله لوهلة يشعر بخفقان قلبه.
_ أنا و يزيد رايحين كورس الرسم قولت افكرك عشان تطمن على الولد إنه معايا...
أغمض عيناه بقوة بعدما فهم مغزى كلامها.
_ أنت مش محتاجة تأكدي عليا حاجة شيفاها مناسبة لابني يا زينب.
تحركت زينب نحو يزيد لتساعده في ارتداء سترته الخفيفة.
_ لا مينفعش لازم أكد عليك خروجي معاه.. أنا برضو روحت ولا جيت مجرد مربية.
زفر أنفاسه بقوة بعدما باغتته بتلك العبارة التي صار يسمعها في كل حديث بينهما.
_ أنت مش مربية في حياتي يا زينب... أنت مراتي.
احتلت شفتيها ابتسامة ساخرة وأسرعت في إنهاء المكالمة.
_ أنا لازم اخرج أنا و يزيد دلوقتي عشان منتأخرش على الكورس.
نظرت إلى هاتفها بعدما أنهت المكالمة معه وقد عاد شعور الكسرة يخترق فؤادها.... فقد وقع الإختيار عليها لأن بها المميزات التي تؤهلها لتكون مربية لصغيره و مهما حاول ترديد كلمة زوجته لن يمحي تلك الحقيقة التي سمعتها تلك الليلة التي وقف يحادث فيها والدته.
شعرت بيد الصغير فوق يدها وقد رفع عيناه إليها... ابتسمت له بصدق وقالت بحماس بعدما نحت أحزانها جانبا.
_ مستعد يا بطل
هز الصغير لها رأسه وتحركوا سويا نحو المركز المختص بتعليم الرسم.
وصلت المركز الذي يعد قريبا من المنزل لتتفاجأ عند دخولها بوجوده وقد أتم تسجيل عدي بالدورة.
_ مساء الخير.
قالتها وقد استدار مازن نحوها بعدما ميز صوتها.
....
ارتسم الفزع على ملامح الرجل والمرأة وقد أتوا اليوم لرؤية الشقة المعروضة للبيع.
نظرت ليلى نحو الخالة صفية بعدما أصابها الفزع هي الأخرى من وجود الرجل الذي لم تراه بحياتها إلا ثلاث مرات.
_ كمان بتبيعي الشقة يعني اخويا يربيكي ويعلمك وفي الاخر تورثيه.
صدح صوت لطفي العالي ونظر إليهم وقد اقترب منهم ابنه ناصر بالسکين الذي يحمله.
_ أي حد هيشتري الشقة دي هتكون نهايته.
تراجع الرجل والمرأة وأسرعوا في مغادرة الشقة.
_ أنت عايز إيه يا لطفي!.
قالتها صفية پحده بعدما رحلوا المشتريين ليرفع
لطفي أحد حاجبيه بمكر.
_ عايز حقي يا استاذة في مال اخويا يعني مش كفايه رباها كمان تاخد فلوسه.
واتجه بأنظاره نحو عزيز الذي علقت عيناه بالسکين.
_ عايزه تبيع الشقة وتدي فلوسها للغرب مش كفايه بسببها قاطعنا اخونا بعد ما بنت خالتك اقنعته يتبنوا بنت من الملجأ...
ثم أردف بصوت عالي حتى يسمعه الجيران.
_ اخويا عشان بنت خالتك اتبنى بنت لا نعرف ليها اصل ولا افصل ويمكن من نبته حرام.
وضعت ليلى يدها على شفتيها من قسۏة كلامه فاسمها مسجل بأسماء أهلها الحقيقيين.
_ أخرس يا راجل أنت بنت اخويا الله يرحمه مش من نبته حرام.
_ ده باينها احلوت يا حج لطفي و العصفورة رجعت لأهلها اللي لسا فاكرين إن ليهم بنت.
صاح بها ناصر ثم أردف وهو يحرك السکين أمامهم.
_ يلا بقي يا حلوين من غير مطرود من الشقة وحلال عليكي الفلوس اللي في البنك.
_ الشقة دي بتاعة ماما و بابا ومش هسيبها ليكم.
خرج صوت ليلى أخيرا بعدما تمالكت حالها ونظرت لهم بقوة واهية.
_ القطة طلع ليها صوت يا ناس اشهدوا عايزه تاكل حقنا في مال اخويا وهي مجرد بنت بالتبني.
اندفع عزيز نحوه بعدما فارت الډماء في عروقه وقد اشتد العراك بينهم.
ارتفع صوت صفية بالهتاف على الجيران حتى يساعدوهم ولكن فجأة انغرزت السکين في بطن عزيز.
_ عمي.
صدح صړاخ ليلى وهي ترى عمها يضع يده على بطنه وانبطح أرضا.
الذعر ارتسم على ملامح لطفي وابنه.. ليفروا من الشقة بعدما لوح ناصر بالسکين حتى لا يقترب منهم أحد.
كل شئ مر في لحظة تحت نظرات صفية المصډومة وليلى التي وضعت بيدها على بطن عمها تنادي باسمه.
انتقل عزيز إلى المشفى بعد مساعدة الجيران وذهبت
ليلى ورائه ويديها ملطخة بهما الډماء.
أعطتها الممرضة جميع متعلقات عمها وقد ارتفع رنين الهاتف القابع بين يديها.
فتحت المكالمة دون قدره على الحديث.
_عزيز أنت معايا على الخط... إيه الدوشة اللي حواليك دي.
أصاب القلق وجه عزيز لينتبه على صوت آنين خاڤت ميز صاحبته. توقف بسيارته جانبا بعدما انتفض قلبه فزعا وتساءل بأنفاس متقطعة.
_ ليلى ردي عليا إيه اللي حصل
استمر عزيز بالهتاف باسمها دون رد منها حتى كاد أن يجن.
_ عمي... عمي في المستشفى... ضړبوه بالسکينة.
....
لا يعلم كيف اتخذ قراره فجأة وقرر الذهاب إلى المركز الذي سيأخذ به صغيره دورة الرسم.
أخبرته بالعنوان في رساله بعدما سألها أين المكان واسم المركز وظنت سؤاله فضول منه لكن لم تتوقع قدومه.
صف سيارته جانبا ثم ترجل منها ليتوقف مكانه بعدما علقت عيناه بها وهي تغادر المركز وفي يدها يزيد وعلى محياها ارتسمت ابتسامة واسعة وجوارها يسير ذلك الرجل الذي علم بهويته على الفور بعدما رأي طفل في يده...
يتبع...
ظنها_دمية_بين_أصابعه
ظنها دمية بين أصابعه.
الفصل الثالث والثلاثين
اختفت ابتسامتها شيئا فشئ وهي تراه يتقدم منها بملامح مبهمة. أشاحت بعينيها بعيدا بعدما تمالكت ذلك الشعور اللعېن الذي مر على قلبها فجعله هائم لوهلة.
مدت يدها نحو خد الصغير عدي تداعبه برفق.
_ أشوفك السيشن اللي جاي يا بطل.
ابتسم الصغير كما ابتسم مازن وهو يداعب خصلات صغيره.
_ قولها شكرا يا طنط زينب على الهدية الحلوه.
رد الصغير مذعنا.
_ شكرا يا طنط زينب.
ابتسمت زينب للطفل الذي أظهر لها العداء في البداية لكن الآن صار وديعا و لطيفا ثم نظرت نحو يزيد الذي أخذ يشد يدها لينبهها على اقتراب والده منهم.
_ خلصتوا خلاص
قالها صالح دون النظر نحو مازن الذي رفع حاجبيه باستغراب من تجاهله لوجوده.
تنحنحت زينب في حرج وهى تراه غير عابئ بوجود والد عدي.
_ دكتور مازن والد عدي.
ثم واصلت حديثها.
_ كابتن صالح والد يزيد.
تجهمت ملامح صالح بعد تعريفها الناقص واستدار بجسده نصف إستداره وهو يمد يده له للمصافحة.
_ و زوج مدام زينب.
ابتسم مازن وهو ينظر إلى يد صالح التي تقبض على كفه بقوة.
_ اهلا وسهلا يا كابتن صالح.
_ اهلا يا دكتور.
بتهذيب أفلت مازن يده من يد صالح وقد شعر من نظراته له بعداء لا يفهمه.
_ فرصة سعيدة يا كابتن صالح.
اتجه مازن نحو سيارته وهو يمسك حقيبة صغيره وقد اعتلت ملامحه الدهشة من تصرف صالح رمقه
صالح بإمعان بعدما ابتعد عنهم ثم أشاح عيناه عنه.
_ على فكرة أسلوبك مكنش لطيف مع دكتور مازن ياريت تحسن اسلوبك شوية لأن محدش مجبر يتقبل حد بيتعامل معاه من طراطيف مناخيره.
تحركت من أمامه بعدما قذفت حديثها بوجهه لينظر إليها مصعوقا.
صعد السيارة بعدما استقرت هي و صغيره داخلها ثم نظر لها ليجدها عابسة الوجه... تنهد بضيق ثم شرع بالقيادة متسائلا
_ عملت إيه يا يزيد النهاردة الكورس كان حلو.
هز الصغير رأسه وقد التقط فعلته من المرآه.
_ مش هتحكي ل بابي كل اللي حصل معاك النهاردة.
ولأن الصغير كان سعيد ومنطلق اليوم... أخذ يخبره عن يومه.
أصاب صالح الحنق عندما أتت سيرة ذلك الرجل الذي قدم لصغيره بعض الحلوى.
_ أنا مش قولت مفيش اكل حلويات من بره.
طأطأ الصغير رأسه وانكمش على حاله وقد استدارت زينب جهته بعدما رمقت صالح بنظرة ممتقعة.
_ أنا سمحت للولد ومش كل حاجة هنقول عليها لاء... وعلى فكرة مازن دكتور واكيد مهتم بصحة ابنه بزياده لكن كأب فاهم
متابعة القراءة