رواية ظنها دمية بين أصابعه (الجزء الثالث من الفصول) بقلم الكاتبة سهام صادق

موقع أيام نيوز

التي تعود لوالدته.
أملت لها حورية ما تريده ثم نظرت نحو زينب متسائلة
_ تشربي إيه يا زوزو.
_ أي عصير فريش وياريت يكون متلج يا دادة من فضلك.
ابتسمت نعمات وحركت رأسها قائلة
_ من عنيا يا بنت.
_ ها يا زوزو احكيلي اخبار الكورس مع يزيد إيه.
اتجهت أنظار زينب نحو الصغير.
_ هما سيشنين بس اللي اخدهم أنا روحت معاه مره و صالح راح مره.
ارتفعت زاوية شفتي السيدة حورية بتعجب وقد ارتسمت الدهشة على ملامحها.
_ صالح راح مع يزيد كورس الرسم غريبة.
وسرعان ما كانت تبتسم السيدة حورية قائلة بغبطة
_ ده واضح في تطور ملحوظ مع يزيد و صالح.
تقوست شفتي زينب بإستنكار فهي هنا لتقوم بإصلاح الصغير و والده.
تعلقت عينيها نحو يزيد الملتهي بألعابه دون ندم على ما تقدمه له من رعاية حتى حبها له نابع من قلبها.
ارتفع رنين هاتف السيدة حورية لتنهض على الفور معتذرة منها.
_ البيت بيتك يا زوزو... هخلص مكالمتي ورجعالك.
زفرة طويلة خرجت من شفتي زينب وهي تطلق لبصرها حرية النظر حولها وقد تعجبت من عدم وجود الجد.
ضاقت حدقتاها عندما وقعت عيناها على الشئ الموجود على الطاولة التي أمامها ولم تنتبه عليه إلا للتو.
ازدردت لعابها ومدت يدها لتلتقط ذلك الشئ بيدين مرتعشتين وسرعان ما كانت تختنق أنفاسها وتتدفق الدموع من مقلتيها وهي ترى صور عرسها.
بأصابع مرتجفة أخدت تمرر الصور التي كانت جميعها تضج بسعادتها وفرحتها...
يتبع.... 
ظنها_دمية_بين_أصابعه 
سهام_صادق
ظنها دمية بين أصابعه.
الفصل الرابع والثلاثين
اندفعت الذكريات إلى رأسها نحو ذلك اليوم الذي كانت تطير به من السعادة في تلك الصورة احتضن خصرها وفي تلك كان جبينه فوق جبينها... هنا كانت ابتسامتها واسعة وهنا التمعت عيناها بشعور الفرح.
مع كل صورة كانت تمررها كانت تسمع معها صوته وهو يخبرها أنه نقل حاجتها إلى غرفة أخرى.. يخبرها بما تساءلت به عينيها وهي تجر ثوب زفافها ورائها.
أسرعت بمسح دموعها التي خانتها لتقترب منها الخادمة بالعصير.
_ العصير يا ست زينب.
لم تنتبه زينب أثناء نهوضها بتلك السرعة من قرب الخادمة منها فانسكب العصير على الأرض.
_ أنا آسفة.

طالعتها زينب بعينين أغشتهما الدموع تريد إخبارها أنه خطأها هي لكنها لا تستطيع إخراج صوتها.
التقطت حقيبتها دون كلمة تحت أنظار الخادمة التي استعجبت من مغادرتها بتلك السرعة دون أن تتفوه بكلمة.
اندهشت السيدة حورية وهي تراها تغادر حتى أنها لم تلتفت إليها عندما نادتها.
وجدت الصغير أمامها يخبرها وهو يحمل دمية الحصان خاصته.
_ زوزو مشيت أنا عايز زوزو.
داعبت حورية شعر الصغير لتلاطفه ثم اتجهت بخطواتها نحو الخادمة التي چثت على ركبتيها لتنظف المكان.
_ إيه اللي حصل يا ماجدة
نهضت الخادمة بأدب ونظرت نحو مكان العصير.
_ معرفش يا ست حورية أنا جبت العصير زي ما دادة نعمات امرتني وفجأة لقيت الهانم بتقوم وبتاخد شنطتها.
ازدردت الخادمة لعابها عندما نظرات السيدة حورية إلى بقعة العصير واستطردت وهي تنظر نحو الطاولة.
_ هي كانت بتتفرج على صور الفرح.
لم تكن حورية تنتظر مواصلة كلامها فعينيها حدجت بالفعل نحو ألبوم الصور المفتوح.
أغلقت حورية جفنيها وقد استمر الصغير بجذب يدها وسؤالها..
_ ليه كانت زوزو بټعيط.
فتحت حورية عينيها ونظرت إلى الخادمة التي وقفت في حيرة من أمرها.
_ روحي شوفي شغلك يا ماجدة.
غادرت بوابة المنزل وقد تعجب الحارس من مغادرتها بتلك الحالة. وقفت مكانها تنظر نحو كلا الطريقين ثم استكملت خطواتها الأشبه بالركض.
إنها تختنق ولا تستطيع إخراج أنفاسها..وكلما انسابت دموعها على خديها أسرعت بمسحها.
كانت في حالة مٹيرة للشفقة وكأن جرحها الغائر يعود من جديد. سارت بالطريق وهي لا تعي إلى أين هي ذاهبة. 
...
أغمضت عيناها بقوة تنتظر تلك الصڤعة التي ستهبط على خدها من ذلك الرجل الذي نادته يوما بعمها عندما كان يأتي بزيارته القليلة لهم.
_ كنت هندمك على عمرك لو ايدك كانت اتمدت عليها.
فتحت عينيها عندما اخترقت نبرة صوته الخشنة أذنيها لتجده يقف أمامها كحائل بينها وبين ذلك الرجل.
تجمدت ملامح لطفي من الصدمة كحال لسانه عندما دفعه عزيز من أمامها.
_ كمال بيه ياريت يكون في محضر كمان بالسب والقڈف.
ألقى السيد كمال أمره على العسكري الواقف وقد قام بالفعل بسحب لطفي من ذراعه.
_ خده يا عسكري على الحبس.
أغمض عزيز عيناه لوهله ليتحكم في أنفاسه الثائرة ثم استدار نحوها.
_ أنت كويسة
قاومت ذرف دموعها وهي ترفع عينيها إليه. تمنى لو سحق ذلك الرجل بين يديه بعدما رأى الحزن قد غلف ملامحها.
هزت رأسها نافية الأمر فهي تود الهرب من أمام الجميع وخاصة هو.
_ هنخلص كل حاجة بسرعه وهنمشي اطمني أنا معاك.
قالها بنبرة حانية لعله يستطيع طمئنتها وسوف يتكفل بعد خروجهم من قسم الشرطة بإزالة حزنها الذي يعلم سببه.
_ عزيز بيه اتفضل معايا على المكتب. 
....
لا تعرف لما قادتها روحها إلى هذا الحي الذي عاشت به لسنوات سنوات قضتها به كطفلة مدللة
في أحضان والدها وجدتها قبل أن تنقلب الحياة فجأة ويخسر والدها كل شئ.
_ وصلنا يا استاذة حي النرجس.
قالها سائق الأجرة حتى ينبهها ويعرف منها اسم الشارع الذي عليه السير به. طالعت الطريق لتنظر إلى الحي الذي لم يختلف كثيرا.
أرشدت السائق نحو الطريق الذي عليه أن يسلكه وما من ثواني حتى توقفت بها سيارة الأجرة عند البناية السكنية التي مازالت تحفظ اسمها.
ترجلت من سيارة الأجرة ثم أغلقت جفنيها بحنين لتستجمع قواها. تنهدت بأنفاس أثقلها الألم ورفعت رأسها لأعلى حيث الطابق الرابع الذي كانت تسكن به.
مرت دقائق وهي تقف هكذا شاردة بالماضي وذكرياته..
_ معقول يا أسامة بعد السنين دي كلها جاي تتجوز وتجيب لبنتك مرات أب.
قالتها والدته التي لم تعجبها تلك المرأة التي أتى بها وأخبرهم أنه تزوجها.
_ زينب كبرت يا ماما ودلوقتي تقدر تفهم...
هزت والدته رأسها بقلة حيلة فماذا عساها أن تقول له بعدما فاجئهم بزواجه.
_ بس من حقها يا بني تعرف قبل ما تفاجئنا كده سيبك مني أنا...البنت مش بسهولة هتقدر تستوعب ده.
ابتسم أسامة واقترب من والدته يقبل رأسها.
_ أنا عارف هراضيها إزاي يا ست الكل.. اهم حاجة دلوقتي اسمع منك كلمة مبروك واعرف إنك راضية عني يا غالية.
تنهدت ونظرت له ثم رفعت كفها تمسح به على خده.
_ راضية عنك يا بني بس روح راضي الأول البنت بكلمتين وفهمها براحة وأنا بعدين هتكلم معاها.
بابتسامة واسعة غادر أسامة غرفة والدته ثم اتجه إلى غرفة صغيرته التي بدأت للتو تدخل مرحلة المراهقة.
_ زوزو أنت نايمة
كانت ټدفن رأسها أسفل وسادتها حتى تكتم صوت شهقاتها فعقلها الصغير لا يستوعب زواج والدها الذي كان يخبرها دائما بأنها كل شئ بحياته.
شعر أسامة بالحيره عندما وصله صوت بكائها ليسرع نحوها ويلتقطها من على الفراش متسائلا پصدمة وهو يرى دموعها ټغرق خديها.
_ أنت بټعيطي يا حببتي ليه الدموع دي كلها بس.
أخذ يمسح دموعها لا يصدق أن زواجه جعلها تبكي بتلك الطريقة التي مزقت قلبه.
_ أنا آسف يا حببتي آسف بجد كان المفروض ابلغك بهدوء... سامحيني.
ضمھا إليه بعدما مسح دموعها التي عادت تنساب على خديها.
_ أنت قولتلي إنك عمرك ما هتتجوز بعد ماما وإنى كل حياتك.
أغمض عينيه بقوه فصغيرته تتذكر كل وعد وعدها به لكنه رغما عنه أحب أميرة.
_ مش كل الوعود بنقدر نوفي بيها يا حببتي.
أبعدها عنه فأسبلت أهدابها وقالت بصوت مخټنق من البكاء.
_ أنت دايما تقولي الوعود مينفعش نخونها.
زفرة طويلة خرجت منه ثم ابتلع لعابه ونظر لها.
_ أنت أغلى حاجه عندي يا زوزو ومش معنى إني اتجوزت تقدر ست تاخد مكانك فى قلبي.
استمر بمسح دموعها وابتسم قائلا
_ على فكرة حجزت لينا رحلة جميلة هتعجبك وكان نفسك تروحيها.
لم تسأل عن الرحلة ليهتف قائلا على أمل أن تسعدها تلك الرحلة.
_ مش أنت كان نفسك تروحي أسوان يا زوزو.
مرت الأيام وتقبلت مع الوقت أمر زواج والدها وكانت تلك المرأة تعاملها بلطف تتصنعه. ... لم تكن جدتها بقليلة الخبرة حتى لا تفهم تصنع تلك المرأة الدخليه على حياتهم ولم يظهر سؤها إلا عندما سافرت لقضاء مناسك العمرة.
جدتها لاحظت عند عودتها انطفائها فحفيدتها الغالية المسماه على اسمها ليست قليلة الحركة أو منطوية بل هي كثيرة الحركة والمرح.
_ قوليلي عملت إيه ليكي في غيابي...ردي يا بنت
أسامة!.
هربت بعينيها بعيدا حتى لا ترى جدتها تدفق الدموع من مقلتيها.
_زوزو بصيلي من أمتي بتخبي حاجة عني.
لم تتحمل كبت حزنها وارتمت في حضڼ جدتها تخبرها بكل ما حدث معها بغيابها.
كانت تحرمها من أكل الطعام إذا جادلتها بشئ تستيقظ باكرا لتجهز أغراضها قبل ذهابها إلى المدرسة وتحضر فطورها... استمعت إليها جدتها وتساءلت.
_ و أسامة كل ده فين.
أطرقت رأسها وفركت يديها ببعضهما.
_ بابا بيجي متأخر من الشغل ولما بروح المدرسة بيكون هو لسا نايم.
نهضت جدتها من جوارها وزفرت أنفاسها بقوة فقد بدأ ما خشيت حدوثه.
_ لما يرجع من الشغل ليا حساب معاه.
غادرت جدتها الغرفة لترفع يديها وتداري وجهها ثم انخرطت بالبكاء فلم تستطيع إخبارها بذلك الرجل الذي تراه يغادر شقتهم في موعد عودتها من المدرسة...
فاقت من شرودها على صوت حارس البناية الذي تعجب من وقفتها واقترب منها متسائلا
_ أنت مستنية حد يا أستاذة
نفس عميق أخذته حتى تستطيع إخراج صوتها.
_ هو هنا عيادة دكتوره إيمان.
تساءلت عن اسم أي طبيبه وسرعان ما أجابها الواقف.
_ لا يا استاذة مفيش حد من الدكاتره هنا بالاسم ده بس في دكتور أيمن.
_ شكلي اتلخبطت في العنوان.
ابتعدت زينب عنه وقد وقف ينظر لها بتعجب وهو يضرب كفوفه ببعضهما.
أكملت سيرها إلى أن تهاوت بجسدها على أقرب مقعد خشبي وجدته بتلك الحديقة التي تزين الحي. الماضي مازال محفور داخلها والحاضر طعنته كانت أقوى.
رثت حالها بالبكاء حتى انتفخت جفونها ولا تعلم كم مضى من الوقت وهي تجلس هكذا وكلما مر أحد من أمامها نظر لها بدهشة. 
...
سارت جواره بعدما غادروا مركز الشرطة ولم يتفوه بكلمة بعد ذلك الهراء الذي فعلته بالداخل...تنهد بقوة وهو يفتح لها باب السيارة ثم اتجه إلى مقعده خلف عجلة القيادة.
_ ممكن تقوليلي على مكان هادي نتغدا فيه قبل ما نرجع المستشفى.
أرشدته على مكان لطيف فتحرك بسيارته بعدما حدد الموقع ليستطيع الوصول إليه.
طيلة الطريق لم يتحدث بكلمة فغضبه من فعلتها كان ظاهرا على ملامحه.
استقروا على إحدى الطاولات التي تطل على الشاطئ بمكان مفتوح وقد املى النادل ما يرغبون بتناوله بعدما سألها عن نوع الأسماك الذي ترغب بتناوله.
أطرقت رأسها نحو أصابعها المتشابكة على الطاولة وأخدت تتلاعب بهما بتوتر لفت نظره.
فرك عزيز جفنيه من شدة الإرهاق ثم أرخاهم ليأخذ نفسا عميقا.
_ ليه اتنازلتي عن المحضر
رفعت عينيها إليه وبصوت خرج متحشرجا قالت
_ أنا متنزلتش عن محضر عمي... أنا..
قبل أن تواصل حديثها قال بنبرة خرجت
تم نسخ الرابط