رواية ظنها دمية بين أصابعه (الجزء الثالث من الفصول) بقلم الكاتبة سهام صادق

موقع أيام نيوز

مش مهتميه بالأمر لأني استنيت اتصالك لكن حضرتك متكلمتيش. 
_ أنا قدمت ليزيد ف مركز مختص وبصراحه زي ما حضرتك يا دكتور افتكرت إني مش مهتميه أنا أفتكرتك كمان كده 
ابتسم مازن عندما أخبرته بسبب عدم مهاتفتها له. 
_ طيب أنا اتصلت وكنت محضر كشف بأسماء مراكز كويسه تناسب الاولاد لكن ما دام أنت قدمتي ل يزيد ممكن تقوليلي على اسم المركز عشان أقدم ل عدي.
.... 
استردت ليلى عافيتها بعد اسبوع كامل قضته بالمنزل لا تحصل فيه إلا على إهتمام ورعاية الجميع. 
أمس هاتفتها السيدة صفية لتطمئن عليها وتخبرها أن تتعجل في أمر بيع الشقة...
لم يكن إتخاذ القرار سهل عليها لكن عندما أخبرت عمها.. شجعها على الأمر واخبرها أن بالمال تستطيع شراء شقة هنا.
_ أجازة يومين هو في حاجة يا عزيز. 
تساءل بها عزيز بعدما طلب منه عزيز سائقه بأخذ يومين اجازة لحل بعض الأمور. 
_ مسافر يومين الإسماعيلية مع ليلى أصلها عايزه تجيب اوراقها من هناك وتبيع الشقة. 
نزل هذا الخبر على قلبه ليطربه فخوفه من عودتها لتلك المدينة قد انتهى...
نظر له عزيز وهو يفكر هل يعرض عليه طلب الزواج الآن أم ينتظر عودتهم.
يتبع...
ظنها_دمية_بين_أصابعه
ظنها دمية بين أصابعه. 
الفصل الثاني والثلاثين.
في تمام الساعة السادسة صباحا... 
كان عزيز يغادر غرفته بعجالة حتى يستطيع رؤيتها قبل ذهابها إلى الإسماعيلية. 
التمعت عيناه عندما وجدها تقف وحيدة جوار السيارة عند المرآب وتعبث بهاتفها. 
تحرك نحوها بخطوات تحمل لهفة فؤاده وقد شقت ثغره ابتسامة واسعة لكنه استطاع إخفائها. 
أجلي حنجرته وقال بصوت أجش. 
_ صباح الخير.
رفعت رأسها عن شاشة هاتفها وقد أربكتها صدمة وجوده بتوتر دارت بعينيها تبحث عن عمها وتمتمت بصوت خفيض. 
_ صباح النور.
ابتسم عندما تغلغل صوتها الناعم إلى آذنيه وما زاده ۏلعا عندما رأها تتلفت حولها كطفلة صغيرة. 
_ عمي راح يجيب البطاقة بتاعته أصله نسيها. 
قالتها بصوت متقطع وهربت بعينيها بعيدا وهي تقبض على كفيها من شدة حرجها. 
_ هتتحركوا دلوقتي
أماءت برأسها فازدادت حيرته من تهربها بالنظر إليه. 
_ ليلى هو أنت سمعتيني اقصد يعني يوم... 
بتعلثم تساءل عزيز فرفعت عيناها نحوه. 
أشاح بصره عنها ليستجمع شتات نفسه. يديه تحركت بتلقائية على خصلات شعره ثم عاد ينظر إليها ليجدها تخفض رأسها و تفرك يديها ببعضهما. 
تنهيدة قوية خرجت منه فعلى ما يبدو أنها سمعته تلك الليلة. 
كاد أن يقترب منها خطوة لكن قدوم عزيز العم نحوهم جعله يتوقف متيبسا. 
_ عزيز بيه!! أنت هنا
خرج صوت عزيز العم في تساؤل ودهشة من وجوده. 
ببطئ استدار عزيز جهته بعدما أخفى تلك المشاعر التي تجتاح عينيه. 
_ استغربت من وقوف ليلى لوحدها لما جيت ادخل الجراچ. 
هز عزيز العم رأسه بتفهم وأخرج جزدانه ليضع به بطاقة هويته الشخصية. 
_ ربنا ستر واخدت بالي قبل ما نتحرك إن البطاقة مش موجوده.
ابتسم عزيز ونظر نظرة خاطفة نحو ليلى التي انشغلت بالنظر إلى هاتفها. 
_ تروحوا وترجعوا بالسلامة يا عزيز لو احتاجت حاجة بلغني على طول أنا ليا حبايب هناك ومش هيتأخروا في خدمتي.
_ عارف والله يا بيه إنك مش هتتأخر لو طلبنا منك حاجة.
تحرك عزيز العم نحو السيارة التي أصر عزيز عليه أن يسافر بها. 
اتبعت ليلى عمها لكنه باغتها بطلبه الغريب. 
_ ليلى ممكن رقم تليفونك بعد إذن عزيز طبعا. 
لم ينتظر عزيز أن يرى دهشتهم من طلبه فأسرع قائلا 
_ يعني عشان لو لا قدر الله حصل أي ظرف يكون رقمي مع ليلى.
أجاب عزيز العم على الفور وهو ينظر نحو ليلى. 
_ عندك حق يا عزيز بيه. 
لأول مرة يكون جرئ بأمور كتلك حتى أنه لم يستوعب ما نطقه. 
بتوتر أعطته ليلى رقم هاتفها وقد غزت حمرة الخجل وجهها. 
ارتفعت زاوية فمه لأعلى بابتسامه ونظر إليها بعدما أسرعت بالدخول إلى السيارة. 
أتت عايدة مهرولة وهي تحمل علب الطعام. 
_ أنت كنت هتمشي يا عزيز من غير ما تاخد الأكل.
_ يعني إحنا هنجوع يا عايدة هناك. 
رمقته عايدة بنظرة غاضبة ووضعت علب الطعام في حقيبة السيارة. 
_ خدوا بالكم من بعض... وحاولوا تخلصوا بيع الشقة بسرعة.
تحركت السيارة تحت أنظار كلا من عايدة و عزيز الذي تدارك حاله واتجه نحو المرآب لإخراج سيارتة. 
_ صباح الخير يا عزيز بيه. 
هتفت بها عايدة وهي تشعر بالحرج من عدم إلقاء التحية عليه عند قدومها ثم أردفت بعدما استعجبت وجوده بالمرآب بهذا الوقت. 
_ هو حضرتك خارج دلوقتي طيب اديني بس ربع ساعه احضر ليك الفطار... 
استدار عزيز جهتها بعدما ارتفع تنبيه صوت السيارة التي قام بفتحها من جهاز الإنذار.
_ ورايا مشوار مهم شكرا يا عايدة.
غادر عزيز أيضا تحت أنظار عايدة وقد اندهش العم سعيد من مغادرته بوقت باكر بعدما لمح سيارته تمر من بوابة المنزل. 
.... 
في طريق رحلتهم استندت ليلى برأسها إلى نافذة السيارة لتغمض عينيها بعدما عادت جميع اللقطات التي سجلها قلبها تدق حصونها الواهية. 
خفق قلبها لأول مرة دون خوف... فاليوم تأكدت مما سمعته تلك الليلة التي تملك منها المړض وفقدت وعيها أمامه. 
انفلتت من شفتيها تنهيدة جعلت عمها يسترق النظر إليها خلسة متسائلا
_ مالك يا لولو قلقانه ليه كل حاجه هتكون بخير. 
استوعبت ليلى حالتها لتعتدل في جلوسها سريعا وتنفض رأسها من أفكارها التي صارت منصبة نحو عزيز الزهار. 
نظرت إلى الطريق وازدردت لعابها قائلة 
_ مش قلقانه... 
خرج صوتها بنبرة متوتره ثم اتبعت كلامها بشجن. 
_ مش مصدقه إني رايحة الإسماعيلية.. كل حاجه فيها وحشتني.
ابتسم عمها وهو يركز أنظاره على الطريق. 
_ ده حال الدنيا بنفارق الأماكن بناسها. 
فرت من عينيها دمعة وضمت حقيبتها إلى حضنها وسرعان ما كانت تضج ذكريات الحنين برأسها. 
_ ربنا يكرمه عزيز بيه ريحنا من المواصلات. 
قالها عمها لينتشلها من حزنها وما كان منها إلا أن ابتسمت بعدما ارتفعت دقات قلبها مرة أخرى.
.... 
نهض موظف الأمن عند رؤيته وحدق به بغرابة بعدما نظر إلى ساعة يده احتلت عينين عاملين المعرض
الذين يقومون بتنظيف المكان وترتيبه نفس النظرة. 
دخل غرفة مكتبه وعلى محياه ارتسمت ابتسامة واسعة عندما تذكر ما قام به. 
_ بقيت فعلا مراهق يا عزيز لا وكمان مبسوط إنك عرفت تاخد رقمها. 
اتسعت ابتسامته وهو يجلس على المقعد خلف طاولة مكتبه ثم أخذ يدور بالمقعد وهو لا يصدق فعلته. 
بلهفة أخرج هاتفه حتى ينظر إلى رقم هاتفها الذي سجله. 
_ معقول الحاجات البسيطة دي بتخلي الواحد طاير من الفرحه يااه يا عزيز قلبك دق وجربت الحب. 
أغمض عينيه وترك قلبه يعزف سيمفونيتة لتخرج تنهيدة طويلة من شفتيه مع خروج أحرف اسمها. 
_ لما يرجع عزيز إن شاء الله هطلب ايدها منه... كفايه تأجيل لحد كده..
.... 
وصلوا إلى مدينة الإسماعيلية لينظر عمها إليها بعدما ترجلوا من السيارة أسفل البناية التي عاشت بها سنوات عمرها الماضية. 
كانت البناية في حي هادئ وراقي بعض الشئ. 
_ ده المكان اللي اتربيت فيه.
قالتها وهي تنظر إلى عمها ثم اتجهت بعينيها نحو الطابق الذي تقبع به الشقة بشوق لذكرياتها. 
ترقرقت الدموع في عينين عمها وأخفض رأسه پألم... لقد منح من رحلوا ابنة شقيقه حياة كريمة بعدما تخلى عنها وألقى بها بالملجأ... ليت الزمن يعود به للوراء ليكفر عن ذنب لن يغفره لنفسه. 
_ آنسة ليلى.
هتف بها صاحب محل البقالة الذي يحتل دكانه الطابق الأرضي وقد غادر للتو دكانه. 
_ عم مجدي.
ابتهجت ملامح الرجل لرؤيتها واقترب منها وهو لا يصدق عودتها.
_ روحتي و قولتي عدولي يا بنتي. 
أشرقت ملامح ليلى وقد وقف عمها يتابع حديثها مع الرجل الذي يماثله بالعمر. 
_ النصيب يا عم مجدي.
هز الرجل رأسه بحزن على حالها ثم انتبه على عزيز الذي تقدم منهم بعدما أغلق السيارة. 
_ ده عمك اللي روحتي تشوفيه.
أماءت برأسها ونظرت إلى عمها. 
_ عمو عزيز. 
توتر عزيز عندما مد الرجل يده نحوه ليصافحه بحفاوة أدهشته لكن سرعان ما اتضحت له الصورة لا أحد يعلم بجرمه بالماضي وأنه من تركها وتخلى عنها... الرجل يظن أنه فقدها ف حاډث ويواسيه على تلك السنوات التي ظل يبحث فيها عنها. 
_ الله يكون بعونك يا اخي.. الحمدلله الشمل اتلم.. والأستاذ حامد ومدام عائشة الله يرحمهم ربوها احسن تربية. 
انتبهت ليلى على نظرة عمها لها بعدما غادر الخزي ملامحه والتمعت عينيه بالدموع من ذكر اسم ذلك الرجل وتلك المرأة. 
_ مش هطول معاكم في الكلام واسيبكم تطلعوا ترتاحوا ولو احتاجتي حاجه يا استاذه انتي عارفه هتعملي إيه. 
ابتسمت عندنا تذكرت تلك الأيام التي عاشتها هنا وقالت 
_ شكرا يا عم مجدي.
تتبعتهم أعين العم مجدي ليلطم رأسه فجأة على نسيانه. 
_ إزاي نسيت اقولها عن الراجل اللي كان عايز يكسر باب الشقة هو وابنه. 
ثم أردف معنفا نفسه. 
_ دايما عقلك مش فيك يا مجدي ما هو اللي يخيب عقله و يتجوز اتنين لازم يحصله كده. 
دلفت ليلى الشقة التي غابت عنها لأشهر واتبعها عمها وهو يذكر اسم الله. 
خانتها دموعها لتغزو وجنتيها وهي تتذكر ما عاشته بين جدارن هذا المنزل. 
لم يتحدث عمها بشئ وانزوي على حاله صامتا بعدما عادت الذكريات تطرق رأسه. 
رفعت ليلى الصور التي بها والديها والتمعت عيناها بالدموع. 
_ الصورة دي كان عندي فيها سبع سنين.
نظرت إلى الصورة وقد طأطأ عزيز رأسه وانسابت دموعه... أكرمها الغريب وهو تخلى عنها لأنه في شبابه كان معدم ومدمن. 
_ والصورة دي كنا في رحلة للاقصر... 
أخذت تتنقل بين صورة وأخرى وتسرد له الذكريات التي عاشتها بها. أسرعت بمسح دموعها ثم تحركت نحو الغرفة التي كانت يوما لوالديها. 
مر الوقت و عزيز العم جالس مكانه وهي في الغرفة تنظر لألبوم الصور الذي جمع الذكريات ومراحل العمر. 
ارتفع رنين هاتفها فأجابت على الفور بعدما وجدت رقم الخالة صفية. 
_ ايوة يا أبلة صفية أنا وصلت هتيجي بعد العصر... إن شاء الله هحاول ارتب الشقة بسرعة.
كادت أن تغلق صفية معها المكالمه لتتساءل ليلى بأمل. 
_ هو مفيش حل تاني غير إني ابيع الشقة.
تنهيدة الخالة صفية اخترقت أذنيها. 
_ يعز عليا يا بنتي اقولك بيعي شقة حامد و عائشة بس هنقول إيه غير منه لله لطفي لسا فاكر انه كان لي أخ ومرات أخ. 
وهل يوجد حل أمامها إلا أن تستمع إلى نصيحة الخالة صفية. 
غادرت ليلى الغرفة بعدما أبدلت فستانها بعباءة بيتيه من عباءات والدتها ليرفع عمها عينيه بعدما أزال دموعه وتساءل 
_ الناس هيجوا يتفرجوا على الشقة النهاردة
اماءت ليلى برأسها واتجهت لتزيل الأغطية عن بعض الأثاث قائلة 
_ قالتلي هتجيبهم ويجوا بعد العصر. 
_ ست بنت حلال يا بنتي رغم إنها مش من المدينة هنا وعايشه فى مدينة تانية إلا إنها مش سيباكي لوحدك... الله يكرمها. 
_ دايما ماما كانت تقولي لو ليا اخت مكنتش هتعمل معايا زي صفية.
_ أصلها طيب وبنت حلال والست اللي ربيتك ست بنت حلال ومن بيت طيب... ربنا يرحمها. 
آمنت ليلى بالدعاء فتساءل عمها وهو يراها تنفض الملاءة التي رفعتها. 
_ ايه
تم نسخ الرابط