رواية مهمة زواج(الجزء الثالث من الفصول) بقلم دعاء فؤاد

موقع أيام نيوز

و سار باتجاه غرفته. 
نزع ملابسه الميري ثم جلس على حافة الفراش حين داهمه صداع قوي فتمدد بجسده على الفراش بملابسه الداخلية لعل الصداع يقل... 
و لكنه غفى دون أن يشعر من فرط التعب. 
بعد قليل دلفت ندى و بيدها طبق به شطيرتين فوجدته هكذا نائم بتلك الملابس فاقتربت منه تقف بجواره و هي في حيرة من أمرها... أتوقظه ليأكل و يذهب الى حيث أخبرها أم تتركه يكمل نومه... 
أدهم... أدهم.. 
أخدت تهزه برفق و لكنه لم يصدر عنه أي حركة و كأنه مقتول. 
هزت رأسها باشفاق و وضعت الطبق جانبا ثم جلست بجواره على حافة الفراش تأملته مليا تريد أن تتحسس ملامحه التي تعشقها و لكنها مترددة...تخشى أن يستيقظ من لمستها تلك...و لكنها أقنعت نفسها أنه لا ضرر من الاستمتاع و لو ثواني برائحته التي أدمنتها و كأنها مادة مخدرة لم تعد تستغنى عنها....
فأمالت برأسها عليه تستنشق عبير عطره مستندة بكفها الأيمن على كتفه الأيسر فتذكرت ذلك الحلم الذي راودها في الصباح حين كانت في حلمها بين ذراعيه ټدفن رأسها بين رأسه و كتفه و تتنفس رائحته فابتسمت بحالمية و هي تأخذ نفسا عميقا تملأ بعبيره رئتيها و لكن لحظها العثر سقط شعرها الناعم القصير على عينه ليفتحهما بغتة و كأنه لم ينم لحظة ليجدها مائلة عليه هكذا و أنفاسها تلفح عنقه فامتدت يده اليمنى الحرة البعيدة عنها لتقبض على ذراعها المستند على كتفه فانتفضت مڤزوعة و قامت سريعا فنهض هو الآخر من نومته ليجلس و هو يمسح وجهه من أثر النوم بينما هي أصابها التوتر البالغ و تجمد الډم في عروقها و وقفت أمامه كالمذنب ثم أخذت تفرك كفيها بتوتر و هي تقول بنبرة مهتزة 
أنا... أنا كنت بصحيك عشان... عشان تاكل و تخرج. 
نظر لها باستنكار و هو يتأمل ارتباكها ثم هتف بدهشة 
في ايه يا ندى ايه اللي حصل يعني.. اهدي كدا... ليه التوتر دا كله.. 
ها!.. 
أشفق على خجلها فقام بتغيير مجرى الحديث 
أنا فعلا جوعت اوي... فين السندوتشات! 
انحنت سريعا لتعطيه الطبق فأخذه منها ثم قضم قطعة من احداهما و سألها و هو يلوك الطعام بفمه 
هو انا نمت كتير! 
هزت رأسها بالنفي 
لا.. انا عملت السندوتشات بسرعة و دخلت لقيتك نايم. 
هز رأسه عدة مرات و هو يتطلع اليها بسرحان فقد حقا أفقدته عقله بقربها الزائد منه...ترى هل حقا كانت توقظه أم انها فعلت معه ما فعله معها ذلك الصباح...
نفض تلك الأفكار عن رأسه ثم نهض من الفراش و هو يقول بجدية 
انا كدا هتأخر على الميعاد.. 
حمحمت ثم قالت بتهرب 
طاب انا هروح اشوف ماما تيسير.. 
أومأ و لم يعقب فهو أراد ايضا أن يهرب من أمامها بعدما بعثرت كيانه خلال تلك اللحظات و أصبح مشتتا للغاية... هل أحبته أيضا كما أحبها!.... 
بينما هي فرت الي غرفتها و هي تعض على اناملها من الندم... ما كان ينبغي أن تبادر هي بالقرب...ما كان ينبغي أن تلمسه...فهي المطلوبة و لا بد ألا تكون سهلة المنال هكذا..
ظلت تجلد ذاتها و هي تدور بغرفتها ذهابا و ايابا و لم تجرؤ على الخروج منها حتى لا تواجه بعد فعلتها تلك.
و في تلك الأثناء تماما ... 
وصلت دارين الى المقهى مبكرا عن موعدها مع أدهم لتراقب ذلك النادل الذي يدور بصينية المشروبات هنا و هناك فنادته بأدب ليقبل عليها.. 
أي خدمة يافندم! 
ايوة.. انا فعلا عايزة منك خدمة و اللي تطلبه انا تحت امرك. 
التمعت عيناه بطمع فأومأ يحثها على قول طلبها فاستخرجت تلك الزجاجة الصغيرة من حقيبتها ثم قالت له بصوت اقرب الى الهمس 
بص.. انا جوزي جاي يقابلني كمان شوية عشان في مشاكل بينا كدا هنحاول نحلها... اصل في واحدة حيوانة عملتله عمل و خطفته مني و انا عايزاه يرجعلى تاني بأي طريقة.. فأرجوك عايزاك تساعدني و كوبابة العصير بتاعته تحطله فيها من العمل دا عشان يرجعلي.. 
اتسعت عيني النادل باستنكار و اخذ يردد برفض 
لا لا طبعا.. انا مستحيل اعمل كدا.. افرض دا سم يبقى انا كدا قټلته بايدي.. 
اسرعت تقول بلهفة 
لا و الله ماهو سم... انا عندي استعداد اشرب منه قدامك عشان تتأكد... دا مجرد عمل او سحر يعني عشان يرجعلي.. و للأسف لو كان رضي نتقابل في بيتنا كنت اكيد مش هلجأ لحضرتك بس هو مش عايز يرجع البيت حتى نتقابل فيه و نحل مشاكلنا.. الله يخليك يا استاذ ساعدني و المبلغ اللي تطلبه انا تحت امرك... ايه رأيك تاخد ألفين جنيه! 
ألفين جنيه! 
قالها بذهول و هو يحك مؤخرة رأسه بتفكير فحركة كهذه لن تكلفه شيئ و لن تأخذ من وقته ثوان ستدر عليه نصف راتبه تقريبا.. 
حضرتك متأكدة ان دا مش سم... و ان دا مش هيضره ولا يشيلني ذنبه! 
لا لا لا اطلاقا... و الله ما هيجراله اي حاجة.. دا جوزي و انا هخاف عليه اكتر من اي حد في الدنيا. 
مد يده أخذ الزجاجة بتردد ثم قال بقلة حيلة 
ماشي... بس هاخد الفلوس دلوقتي. 
فتحت حقيبتها لتستخرج المال الذي اعدته مسبقا و ناولته اياه و هي ترسم على شفتيها ابتسامة الانتصار فأخذ منها الأموال و دسها سريعا في جيب سترته قبل أن يراه أحد ثم دس الزجاجة في جيب بنطاله.. 
العصير بتاعه هتحطه قدامه ناحيته بالظبط و انا بسرعة هاخد كوبيتي قبل ما الكوبايات تتبدل. 
أومأ موافقا و هو يرتعش من الخۏف ثم انصرف الى زبون آخر...
في محافظة سوهاج.. 
كانت الأجواء احتفالية و الزينة و الأضواء الملونة منتشرة على امتداد الدوار و صوت الطبل و المزمار يغطي على أي صوت و قد انقسمت حديقة الدوار الكبيرة الى قسمين... قسم للرجال و قسم للسيدات تفصلهما حاجز كبير من قماش الخيام المزخرفة بالنقوش الاسلامية .. 
و قد كان قسم الرجال مكتظ على آخره بأعيان البلدة و البلاد المجاورة و كان حمد يجلس بين الحضور بالجلباب الصعيدي فهو الزي الرسمي لتلك المناسبات. 
كان يجلس و بجواره شقيقه الأكبر يستقبلان الضيوف تارة و يرقصان بالخيول تارة أخرى في اجواء حماسية للغاية.
بينما في الجهة الأخرى تجلس العروس بفستانها الذهبي و طرحتها البيضاء المزرقشة بين السيدات تراقبهن و حسب..و كانت عائشة تحثها على الرقص و لكنها لم تستجب أبدا بحجة الخجل...بينما هي في الحقيقة كانت تنتظر الاشارة من أمها..
و كانت ريم تجلس بين السيدات تصفق على تلك الاغاني الفلكلورية الخاصة بالصعيد وحده و تتابع رقص الفتيات و مستمتعة للغاية بتلك الاجواء الجديدة التي تراها لأول مرة و بالطبع رافقتها مارتينا في التصفيق و الضحك.
على الجهة الأخرى...
همس معتصم بأذن أخيه ببضع كلمات ثم استأذن من الحضور و ذهب باتجاه خيمة النساء و قبل أن يحمحم بصوت عال ليعلمن بقدومه وقف منبهرا تغمره حالة من الاعجاب حين وجد ريم تتمايل مع مارتينا و تضحك بسعادة غامرة و تصفق مرتدية فستان أبيض قصير مزين بزهور حمراء صغيرة يظهر كاحليها و لكن تغطيهما ب "ليج ان" طويل ابيض و تنتعل حذاء ابيض و حجاب قصير احمر فكانت مميزة و جميلة بتلك الضحكات التي زينت ملامحها المريحة... كما أنه لأول مرة يراها ترتدي شيئا آخر بخلاف البناطيل الضيقة و القمصان الطويلة... يا الهي لقد كاد يفقد عقله من فرط انبهاره بها. 
سرق من الزمن لحظات يتأملها بإبتسامة حالمة و كأنه لم يكن هو...هو حقا بدأ ينسى أنه الكبير في حضرتها...
ثم سرعان ما عاد لرشده مستعيدا هيبته و وقاره و من ثم حمحم بصوت عال حتي تنتبه لهن النساء و يتوقفن عن الرقص وبالفعل قد فعلن... 
أقبل على العروس التي كانت تجلس بين أمه و أمها ثم قال بصوته الغليظ 
مبارك يا عروستنا.... حمد عيدخل دلوق يلبسك الشبكة...ربنا يتمم بخير ان شاء الله. 
أومأت بخجل و هي تنظر أرضا و بعد قليل دلف اليهم حمد و تقدم منهن فنهضت أم صافية لتحضر علبة الذهب فجلس حمد مكانها و هو ينظر بطرف عينه الي عروسه الخجلى فقد كانت جميلة حقا و لكن آه لو اكتمل جمال وجهها بجمال عقلها.. و لكن ليس كل ما يتمناه المرء يناله. 
وقف معتصم خلف شقيقه ثم قام بالباسها الذهب و قامت بالباسه خاتم الخطبة الرجالي ثم علت الزغاريد من قبل النساء و انطلقت الطلقات الڼارية تدوي في السماء.. 
مبارك يا صافية.. 
قالها حمد برقة فابتسمت تلك البسمة التي اظهرت غمزتها الوحيدة فحاول تناسي لقائه الاخير بها و ركز أكثر على تلك الابتسامة الساحرة التي سلبت عقله. 
تقدمت منهما ريم لتبارك لهما فراقبها معتصم بنظرة معجبة لم تخفى عليها و لكنها تجاهلت نظراته و لم تعيره اهتماما ثم قالت برقتها المعهودة 
مبروك يا عروسة.. مبروك يا استاذ حمد... ما شاء الله عروستك زي القمر.. 
الله يبارك فيكي يا دكتورة... عقبالك. 
اتسعت بسمة السيدة ام معتصم لتقول بسعادة 
عجبالك يا بتي... و الله نورتي الجعدة الزينة دي.. 
شكرا يا حاجة.. انا مبسوطة اوي اني في وسطكم النهاردة.. 
أتاها صوت معتصم الغليظ 
عجبالك يا ضكتورة... 
كتمت ريم ضحكتها بشق الأنفس فهناك فارق كبير بين وجهه الآن و وجهه الآخر الخفي و أجابته و هي تكتم ضحكتها بصعوبة 
ميرسي يا معتصم بيه.. عقبالك انت كمان. 
بالطبع لاحظ ضحكتها التي تحاول اخفائها و قد فهم سبب تلك الضحكة فابتسم هو الآخر محاولا كبت ضحكته... فلولا ذلك الجمع من الناس لاڼفجرا سويا في الضحك. 
عادت ريم لمجلسها بجوار مارتينا و هي تتحاشى النظر تجاهه بينما هو غادر مجلس النساء سريعا قبل أن تفضحه نظراته لها بينهن.
رن هاتف ريم التي كانت تحمله بيدها طيلة الوقت و قد كانت أمها هي المتصل... 
مارتينا انا هخرج برا اكلم ماما اصل الصوت هنا عالي اوي و مش هنسمع بعض.. 
أومأت لها ثم تابعت التصفيق و الغناء بينما ريم فتحت الخط بعدما ابتعدت كثيرا عن محيط الحفل حتى يتثنى لها سماع أمها... 
استمرت المكالمة بينهما دقائق قليلة اطمئنت خلالها تيسير على ابنتها المغتربة ثم انتهى الاتصال.. 
و لم تكد ريم تخطو خطوة واحدة في طريق عودتها للدوار حتى سمعت نباح الكلاب يأتيها من الاتجاه الذي من المفترض أن تسير ناحيته انقبض قلبها و تجمدت الډماء في عروقها حين ظهرت لها من العدم مجموعة من الكلاب تنبح بقوة و كأنها تنتظر اشارة الھجوم عليها... 
ازدادت ضربات قلبها بالتزامن مع زيادة معدل التنفس من فرط الخۏف و لم تجد بدا من الركض من أمامهم لعلها تنجو بنفسها فركضت في الجهة الأخرى بعيدا عن الدوار لتركض الكلاب بدورها خلفها و يا ليتها ما فعلت... 
أدركت انها أخطأت حين ركضت فقد ازدادت الكلاب شراسة و ازداد ركضهم خلفها و لكنها استمرت في الركض على ايه حال و هي تبكي من الخۏف و تكاد تسقط في أي لحظة... 
و لكن لسوء حظها لحقها أحد الكلاب لينهش كاحلها فصړخت بعلو صوتها من شدة الألم و الخۏف بذات الوقت و لكن من سيسمعها في هذا الطريق الزراعي الغير مأهول بالسكان.. 
يبدو أن الكلاب قد خاڤت فتركتها مسجية على الأرض و انسحبت بعيدا عنها... بينما بقيت هي تتنفس بصعوبة بالغة و جسدها متعرق للغاية و ينتفض من شدة الخۏف... فان نجت من الكلاب.. فهل ستنجو من الظلام الدامس الذي يحيطها!.. ثم من أين لها طريق العودة! 
انكمشت على نفسها على جانب الطريق الترابي تنتظر النجاة و هي تحاول السيطرة على حالة الهلع التي أصابتها و لكن الأمر قد خرج عن السيطرة.. تبا لتلك الحالة التي ستفقدها حياتها يوما.. 
اوشك الحفل على الانتهاء و قد انتاب القلق مارتينا فريم لم تعد بعد.. 
قامت بالاتصال بها عدة مرات و لكن في كل مرة ينفتح الخط و لا تجيب الأمر الذي أثار رعبها عليها و لم تجد بدا من اخبار معتصم لعله يساعدها.. 
حين أخبرته بما حدث صاح بها بحدة 
غايبة بقالها اكتر من ساعة و لسة جاية تقوليلي دلوقتي! 
ردت پبكاء 
انا انا اتلهيت في الفرح و... 
قاطعها بزمجرة عالية ينادي بها على سمعان 
سمعااااان.. 
هرول اليه الخفير في لحظات ليهتف به بصوت جهوري 
خود الرچالة و اجلب البلد على الضاكتورة ريم... و لو لاجيتها رن عليا طوالي.. 
أوامرك يا كبير. 
عيشة.. 
أقبلت عليه أخته و هي في حالة من الذهول من قلق أخيها المبالغ فيه ليهتف بها 
خودي نعمة و دوري في الدوار قوضة قوضة... و المضيفة قمان.. 
أومأت بخنوع ثم ذهبت الى داخل الدوار بينما الحاجة ام معتصم كادت تبكي من القلق و أخذت تدعو لها بالرجوع سالمة.. 
وينه حمد! 
أجابته أمه 
حمد ادلى يوصل عروسته و خواتها لدارهم يا ولدي.. 
أخذ نفسا عميقا ثم استل هاتفه من جيبه ليتصل ب ريم لعلها تجيبه و بالفعل فتحت الخط و لكن صوتها يأبى الخروج و لكن على الأقل اطمئن أنها ربما تكون بخير....... 
ركض خارج الدوار و الهاتف على أذنه ليحثها بقوة على الرد 
ريم... انتي فين... ردي عليا يا ريم أنا معتصم.. 
حين أتاها صوته أجهشت في بكاء مرير وصل إليه الأمر الذي دب الړعب في أوصاله و أدرك أن حالة الهلع قد أصابتها و بالطبع السبب مرعب.
ابتلع ريقه بصعوبة من فرط القلق ثم قال بهدوء
ريم عشان خاطري اهدي و اتنفسي براحة عشان اعرف مكانك و اجيلك أخدك.
أيضا لا رد...فقط شهقات عالية هو كل ما يستطيع سماعه اخذ يركض بعيدا و بعيدا لعله يراها و الخط مفتوح ثم قال و هو يكاد يفقد عقله
ريم انا معاكي ع الخط مټخافيش...انا معاكي يا حبيبتي مش هسيبك..اهدي عشان خاطري..حاولي تتنفسي براحة عشان صوتك يطلع...قوليلي انتي فين!
بالكاد استطاعت ان تقول
معرفش..
أحس بقليل من الارتياح حين أتاه صوتها ثم حثها على التحدث
طاب انتي شايفة الزينة و النور اللي في الدوار!
لأ..انا...بعيد..
أغمض عينيه بړعب ثم واتته فكرة ليقول و هو يركض ابعد و ابعد
طاب عايزك تركزي معايا كويس...افتحي ال من تليفونك و ابعتيلي مكانك..
لم ترد و انما قامت بما قاله بيدين مرتعشتين فأتته رسالة بموقعها فتنفس الصعداء ثم قام بخلع جلبابه الذي أعاق حركة ركضه و ألقاه على الطريق و بقي بالسروال و بادي كات رجالي ثم تتبع ال جريا حتى ينقذها سريعا قبل أن يصيبها مكروها حتى تقريبا وصل لمكانها...
قد انقبض قلبه حين تبين
تم نسخ الرابط