رواية ظنها دمية بين أصابعه (الفصل السادس والأربعون إلى التاسع والأربعون) بقلم الكاتبة سهام صادق

موقع أيام نيوز

بالأسفل نظره له بنظرة سريعة لأئمة.
تنهد شاكر بقوة فقد فهم الآن سبب مغادرة زينب بتلك الطريقة وتأكدت شكوكه... لا علاقة زوجية قد تمت بينها وبين حفيده. 
....
وقف صفوان خارج المشفى يبحث عنها بعدما أرشده السائق إسماعيل نحو الطريق الذي سارت فيه.
زفرة إرتياح خرجت من بين شفتي صفوان عندما وجدها تجلس بحديقة المشفى على أحد الأرائك.
_ زينب.
ابتلعت زينب ريقها ثم نظرت إليه ليشعر صفوان بالألم من رؤية دموعها التي جفت على خديها.
_ تسمحيلي اقعد جمبك.
لم تتحدث بل أشاحت عيناها بعيدا عنه وأغلقت جفنيها.
_ محدش فينا كان يعرف اللي هيعمله بابا.
فتحت عيناها وكاد أن يستطرد صفوان بحديثه حتى يوضح لها الأمور.
_ ممكن تخلي صالح يطلقني يا عمو. 
...
لم تفكر إلا به بعدما حلت تلك المصېبة فوق رأسها وجعلتها سلوى توافق مجبرة على تلك العزيمة التي دعت فيها جميع زملائها. حاولت سلوى أن تتحدث معها عن عزومة الغد إلا أن ليلى كانت ترد على حديثها بكلمات مقتضبة.
_ هبعتلك بكره الصبح عنوان البيت يا سلوى ابقى بلغي أنت زمايلنا بالمكان.
قالتها ليلى قبل أن تطلب من سائق الحافلة بأدب أن يتوقف بأقرب مكان تستطيع النزول به.
عندما غادرت الحافلة تنفست الصعداء ولم تهتم بنداء سلوى لها التي اندهشت من ترجلها بهذا المكان.
تابعت سلوى بعينيها تحركها إلى أن اختفت ليلى عن أنظارها.
_ بكره نعرف أنت ساكنه فين يا ليلى هانم.
ثم ابتسمت بخبث ونظرت إلى بقية زملائها الجالسين بالحافلة.
_ عمها سواق هيكون ساكن فين غير في العشوائيات.
توقف عزيز فجأة مما جعل إطارات سيارته تصدر صريرا. استدارت ليلى بجسدها بقلق بعدما استمعت إلى الصوت.
عادت الډماء إلى وجهها عندما رأته يخرج من السيارة ويتجه إليها بلهفة.
_ مقولتيش ليا ليه اجي اخدك من المصنع.
ثم أردف بعدما وجد عينيها تخبره بأن هناك شئ يحزنها.
_ مالك يا ليلى.. صوتك كان مخڼوق وأنت بتكلميني.
نظرت إليه ثم حاولت أن تبتسم حتى لا تزيد من قلقه.
_ خلينا نقعد في مكان عشان اعرف احكيلك.
ابتسم وتساءل بعد أن اطمئن قلبه قليلا.
_ أنت كويسه
هزت رأسها إليه فأردف وهو يمرر يده على خدها برفق.
_ يعني الحكاية كلها إنك عايزه تتكلمي معايا وتحكيلي عن حاجة شاغله بالك
عادت تومئ برأسها لتتسع ابتسامته شيئا فشئ ثم زفر أنفاسه بقوة.
_ حرام عليك وقعتي قلبي... بس عارفه أنا مسامحك على الخضة دي عشان أول حد فكرتي تحكيله همك هو أنا.
ارتبكت ثم أخفضت رأسها بخجل.
_ إحنا هنفضل واقفين كده
نظر حوله وتنحنح بصوت خشن.
_ أعمل إيه من خضتي عليك نسيت إننا واقفين في الشارع.
ازداد توهج عينيها وتحركت معه وفور أن وضعت قدميها داخل السيارة أردفت بفزع.
_ نسيت اكلم عمو اقوله إني هتأخر وهكون معاك.
رمقها عزيز بنظرة لائمة وهز رأسه بيأس منها.
_ ولازمتها إيه الفزعة دي كلها.
وبضيق أردف وقد لاحظت ضيقه.
_ هكلم عزيز وابلغه إنك معايا وهنتغدا سوا.
أشار إليها بأن لا تتحدث وانتظر رد عزيز على مكالمته.
شعرت ليلى بالسوء من حالها وتصرفاتها عندما أبلغ عمها بأنه فاجئها بدعوته لها أثناء خروجها من دوامها لتناول الطعام معه.
توقفت السيارة عند أحد المطاعم وبعدما ترجل من السيارة أزال تلك التقطيبة التي كانت تحتل جبينه وابتسم.
سارت معه وهما متشابكين الأيدي وهمس لها بخفوت.
_ على فكرة أنا لسا زعلان منك.
كادت أن تتحدث لكنه قاطعها قائلا
_ فكري بقى بحاجة تصالحيني بيها.
ساعدها بالجلوس على أحد مقاعد الطاولة التى اختار موقعها بإهتمام ثم جلس قبالتها وألقى نظرة سريعة حوله.
_ أول مره أدخله لاني مش من هواه الاكل بره.
بصوت خفيض ردت.
_ عم سعيد قالي إنك مبتحبش تاكل بره البيت.
داعبت شفتيه ابتسامة خفيفة واستند بكلا ذراعيه على الطاولة.
_ احفظي بقى اللى بيقولك عليه العم سعيد صم وركزي معاه.
توهجت وجنتيها بحمرة الخجل وهربت بعينيها بعيدا عن نظراته التي صارت تربكها.
إلتقط يدها حتى تنظر إليه.
_ هنتغدا الأول وبعدين تحكيلي الحاجة اللي أنت شايله همها.
وضعت يدها أمامه حتى لا يحرك طبق طعام آخر نحوها.
_ أنا شبعت خلاص.
وضع عزيز الطبق أمامها مصرا على تناوله.
_ لو أكلت أزيد من كده مش هقدر.
نظر لها بشك لتومئ له برأسها مؤكده ما تقوله.
أصبحت الطاولة أخيرا فارغة من أطباق الطعام انتظر عزيز إلى ابتعد النادل عن الطاولة بعدما وضع أمام كل واحد منهم مشروبه.
_ احكيلي وخليكي واثقة إني افضل شخص ممكن يسمع اللي قدامه كويس.
وضع يده على يدها عقب كلامه فخفق قلبها ونظرت له بحب لا تستطيع وصفه بالكلام.
_ قوليلي بقي إيه اللي شاغلك عشان قلبي يطمن اكتر.
تنهدت بقوة ثم بدأت تسرد له كل ما حدث معها اليوم من حديث سلوى وسط زملائها وإحراجها أمام الجميع وإقاحمها دون وجه حق في أمر كهذا.
_ وأنت زعلانه ليه وقلقانه... هتعزميها يا حبيبتي وتكديها كمان.
طالعته بنظرة حائرة فأردف عزيز بعدما إعتدل في جلوسه.
_ ليلى أنا عارف أنت خاېفة من إيه كويس ومن غير كلام كتير في النقطة دي لاني عايزك أنت تتجاوزيها بنفسك. لكن بطلي خۏفك من الناس ونظرتهم ليكي ارفعي راسك دايما ولو كنتي فاكرة الناس بتقلل من الواحد عشان وضعه الاجتماعي وحياته ف للأسف هقولك إنك مغفله.
اتسعت حدقتاها وانفرجت شفتيها ليبتسم على مظهرها.
_ آه مغفلة يا ليلى لأن إحنا اللي بنصنع صورتنا في عيون الناس... لو ظهرتي للناس ضعفك هيشوفوكي ضعيفه... ولو ظهرتي قوتك حتى لو قوة زي القش هيعملوا ليكي ألف حساب.
تعلقت عيناها به ثم سحبت نفسا عميقا وزفرته.
_ أنا مش عارفة هي بتعمل كده ليه.
بهدوء رد عزيز بعدما ارتشف من المشروب الذي أمامه.
_ عشان هي إنسانه حقودة يا حبيبتي وبتغير منك.
أطلقت زفرة طويلة لينظر إلى كوب العصير الذي لم ترتشف منه.
_ أشربي عصيرك الأول.
بحيره تساءلت
_ وهي بتغير مني ليه أنا دايما كويسه معاها ومعملتش ليها حاجة وحشه.
حيرتها في فهم الناس تذكره بأولاد شقيقه عندما كانوا صغار.
_ عشان أنت فيكي حاجات كتير حلوه تتحب يا ليلى وأولهم قلبك.
أخجلها بكلامه الذي جعل نبضات قلبها تخفق پجنون.
_ أنا محظوظ بيكي يا ليلى. 
....
لم تتحدث معه بكلمة واحدة منذ أتى إليها بالمشفى ورأها تجلس جوار والده. حاول مرارا أن يجعلها تتحدث وتثور عليه لكنها عاقبته بصمتها.
دلفوا إلى شقتهم وقبل أن تتحرك نحو غرفتها إلتقط ذراعها راجيا.
_ قولي أي حاجة اصړخي عليا من تاني يا زينب بس بلاش سكوتك ممكن.
أشاحت عيناها عنه وبنبرة متحشرجة قالت
_ أنا عايزه أنام.
لم يترك ذراعها رغم محاولتها التخلص من قبضة يده.
_ لأ مش هسيبك تنامي خليني أفهمك إني معرفش حاجة عن اللي عمله جدي...
ابتسمت بۏجع وتساءلت
_ هو ده الدور التاني اللي انتوا كنتوا عايزيني فيه اكون مربية واخلف.
ارتخت قبضة صالح عن ذراعها وأشاح هو عينيه عنها بعدما انكشف ذلك السر.
_ أنا طلبت من عمو صفوان يطلقني منك بكره هاخد شنطة هدومي وهرجع لجدو. 
....
وضعت عايدة قائمة الحلويات التي عليهم صنعها بالغد من أجل زميلاتها.
_ تفتكري هنلحق نعمل كل ده وبعدين ناخد الحاجة ونروح الشقة ونجهز المكان.
ابتسمت عايدة حتى تطمئنها.
_ الحمدلله شهد خلصت النهاردة الامتحانات ومعانا ضحى بنت لطيفة بتيجي من بدري الڤيلا تبدأ شغلها ده غير سعيد احسن شيف فيكي يا مصر ..
قالت عايدة عبارتها الأخيرة ثم ضحكت فضحكت ليلى معها.
_ إن شاء الله مع بعض هنقدر نعمل كل حاجة والحاجات الصعبة في تجهيزها نشتريها من محل الحلويات.
أسرعت ليلى بالنهوض من مكانها وارتمت في حضنها.
_ أنا مش عارفة من غيرك كنت هعمل إيه.
_ أنت بنتي يا ليلى ومفيش بنت بتشكر أمها.
قبلتها ليلى على رأسها لتنساب دمعه على خد عايدة.
_ كان نفسي نعزم صحابك في بيتنا يا بنتي لكن..
لم تحتاج عايدة لتوضيح المزيد وتبرير سبب عيشتهم طيلة هذه السنوات هنا فهي تعلم أن عائلة عمها اعتادت العيش بهذا المكان ولن تأتي هي لتجعلهم يغادرون من أجلها.
مدت ليلى يدها نحو خد عايدة لتمسح دموعها.
_ لو فضلتي ټعيطي أنا كمان هعيط وعلى فكرة بقى أنا الشقة دي يوم ما اشترتها شوفتكم معايا فيها عايشين كلنا سوا بس اعمل إيه لا انتوا قادرين تبعدوا عن هنا ولا أنا بقيت قادرة ابعد عنكم.
ابتسمت عايدة من بين دموعها.
_ عننا بس ونسيتي عزيز بيه.
توترت ليلى وتوردت وجنتيها لتربت عايدة على كف يدها.
_ روحي ارتاحي عشان نستعد ليومنا الطويل بكره.
تركتها ليلى واتجهت نحو الغرفة التي تشارك بها شهد منذ قدومها لكن قبل أن تفتح باب الغرفة ارتفع رنين هاتفها.
تعجبت من إتصال عزيز بها لتجيب بصوت خاڤت.
_ على فكره إحنا كنا لسا مع بعض وأنا داخله أنام عشان بكره يوم طويل وهنصحي من بدري نجهز الحلويات ونروح الشقة.
هز عزيز رأسه وهو يتحرك نحو إحدي غرف الڤيلا التي كانت قديما مكان مخصص لابن شقيقه حتى يستقبل بها أصدقائه وقد جهزها له بأفضل وسائل الترفيه.
_ وليه تتعبوا نفسكم كفايه تشرفوا على الحاجة وتجهزوا انتوا عشان تستقبلوا الضيوف.
إلتوت شفتي ليلى بسخرية.
_ يا سلام ومين بقى هيعمل الحلويات
اتسعت إبتسامة عزيز عندما فتح إضاءة الغرفة الواسعة التي يوجد لها بابين من الداخل والخارج.
_ طلبت كل حاجة بنفسي وعايزك تجيلي الڤيلا عشان تأكدي بنفسك على الأوردر.
وقبل أن تتحدث واصل كلامه بجدية.
_ وحذاري يا ليلى تعترضي.
إلتمعت الدموع بعينيها لتهتف بحب.
_ أنا بحبك أوي يا عزيز.
خفق قلب عزيز وجلس على أحد الأرائك.
_ و عزيز عايز يعمل أي حاجة عشان يشوفك مبسوطه و سعيده ويلا بقى تعالي عشان تأكدي حجز الحاجة.
ارتبكت عندما أتى بذكر هذا الأمر وازدردت لعابها.
_ أكد أنت الحجز بنفسك مش لازم يعني انا.
إلتمعت عيني عزيز وزوي ما بين عينيه فهذا هو الجواب المتوقع من ليلى.
_ و ده ينفع برضو يا حبيبتي.
ثم تابع كلامه بمزاح حتى يجعلها ترى قدومها له بصورة أخرى.
_ يا ليلى مش هكلك أنا هستناكي في الاوضة اللي من ناحية البيسين.
أنهى المكالمه قبل أن تعطيه إعتراض أخر لتتنهد بقوة ثم عادت بأدراجها إلى المطبخ.
اندهشت عايدة من عودتها.
_ فيه حاجة يا حبيبتي افتكرتيها نضيفها.
شعرت ليلى بصعوبة الكلام لتتساءل عايدة بقلق.
_ مالك يا ليلى.
حدقت بها عايدة فأخفضت رأسها بخجل.
_عزيز طلب الحلويات وقال متعملوش غير إنكم تشرفوا على التحضيرات وتجهزوا نفسكم.
تهللت أسارير عايدة وقالت بعدما طوت الورقة التي كانت تدون بها ما سيصنعوه.
_ طول عمره عزيز بيه كريم ومش بيتأخر في إنه يريحنا.
استمرت عايدة بمديحها فهو أزال عنها عبئ الغد.
_ روحي نامي يا حبيبتي وأنت مرتاحة ومطمنة.
تردد ليلى بالكلام جعل عايدة تقطب حاجبيها.
_ فيه حاجة تانيه عايزه تقوليها ليا يا ليلى.
...
توقف عزيز عن التحرك بالغرفة بعدما وجدها تطرق الباب من الخارج أسرع إليها بلهفة مرحبا.
_ نص
تم نسخ الرابط