رواية مهمة زواج (الجزء الرابع من الفصول) بقلم دعاء فؤاد
المحتويات
على موافقة أخيها أولا ثم بعد ذلك لن يتوانى عن اغداقها بوافر عشقه..
بقي يومان على عودة أدهم من الانتداب اللعېن.. فحتى تلك اللحظة لم تتمكن ندى من محادثته سوى مرتين و كانت مدة المكالمة لا تتجاوز الدقيقة او الدقيقتان ثم ينقطع بعدها الاتصال..
استيقظت ندى صباح ذلك اليوم باعياء شديد فاقدة شغفها في كل شيئ لا تدري أمن غيابه عنها تلك المدة و انشغالها به أم لشيئ آخر..
و حين عادت ريم من عملها وجدت أمها تجلس مهمومة بمنتصف الصالة فأقبلت عليها بعدما ألقت التحية ثم جلست قبالتها تسألها بقلق
مالك يا ماما قاعدة زعلانه كدا ليه!.. أدهم حصله حاجة!
ربتت على رأسها و هي تقول
طاب الحمد لله.. اومال مالك!
تنهدت بحزن ثم قالت
ندى مخرجتش من قوضتها خالص النهارده و كل ما ادخل اشوفها الاقيها نايمة.. يادوب تصحي تقولي انا كويسة و ترجع تنام تاني.. مش عارفه مالها.. خاېفة تكون تعبانة و مش عايزة تقلقنا..
سكتت ريم مليا تفكر ثم قالت
أضاء وجه تيسير بسعادة بالغة و هي تقول
بجد يا ريم!..ازاي مخطرش الموضوع دا على بالي.. ايوة فعلا هي همدانة خالص و وشها اصفر.. بس معقول هتخبي علينا!
ما يمكن متعرفش او مخطرش في بالها زيك كدا برضو..
أيوة صح... ياااه أخيرا يا أدهم.. دا هيفرح أوي لما يعرف..
هدخل بس اخد شاور ع السريع و اغير هدومي و بعدين هكشف عليها بنفسي...
ضحكت أمها و هي تقول
طبعا.. في بيتنا دكتورة.
ثم تنهدت بسرور
يا رب يطلع كلامك صحيح يا ريم... يا رب.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحادي و العشرون
مهمة زواج
طرقت ريم باب غرفة ندى و كانت حينئذ تحمل جهاز الضغط خاصتها و السماعة الطبية... و لكن لم يأتيها رد فاضطرت لفتح الباب و الدلوف مباشرة لكي تطمئن عليها.
ندى.. ندى.. اصحي يا ندى عايزة اقيسلك الضغط و اشوف مالك... ماما قلقانة عليكي اوي..
حاولت النهوض و هي تفتح عينيها بصعوبة فأسرعت ريم تسندها لتساعدها في الجلوس..
مدت لها ذراعها بضعف فقامت ريم بدورها بقياس ضغطها لتجده منخفض للغاية فتدخل السيدة تيسير في تلك اللحظة لتسألها بقلق
ها يا ريم!. ضغطها عامل ايه يا حبيبتي..
ضغطها واطي اوي يا ماما..
أكيد من قلة الأكل... ماهي مأكلتش حاجة من الصبح.
و لكن ندى كانت في عالم آخر من فرط الآلام المنتشرة بعظامها و خاصة رأسها كما أن أنفاسها كانت غير منتظمة و تلتقطها بصعوبة..
جلست تيسير بجوارها ثم ربتت على كتفها و هي تسألها بتوجس
هو التعب دا ممكن يكون سببه حمل يا ندى!
انتبهت حواسها حين تفوهت حماتها بتلك الكلمة لتتسع عينيها قليلا پصدمة ثم ابتلعت ريقها بصعوبة لتقول بنبرة واهنة للغاية
لا.. لا يا ماما مفيش حمل ولا حاجة.
متأكدة يابنتي!
تدخلت ريم لتقول
خلاص يا ماما هي أدرى بنفسها.. أكيد لو متأكدة هتقولنا..
تهدل كتفيها بحيرة لتقول
أومال مالك بس يا ندى!
أخذت ريم تفكر قليلا بعدما لاحظت صعوبة تنفسها و احتقان وجهها پالدم ثم سألتها بقلق
اوصفيلي انتي حاسة بايه بالظبط يا ندى.
ابتلعت ريقها ثم قالت بوهن
حاسة ان جسمي كله متكسر و صداع جامد و مش قادرة اخد نفسي كويس و ضربات قلبي سريعة..
أجفلت ريم بقلق شديد حين سمعت شكواها ثم قالت باصرار
قومي يا ندى حالا خودي شاور عشان نروح نكشف عليكي عند دكتور متخصص.
أخذت تهز رأسها برفض
لأ انا هاخد قرصين بانادول و هبقى كويسة متقلقيش..
مش هينفع.. مش هيعملك حاجة.. لازم تتشخصي و تاخدي علاج مظبوط.
ردت عليها باستعطاف
عشان خاطري يا ريم سيبيني انا مش قادرة أتحرك... هاتيلي أي حاجة تريحني دلوقتي و بكرة هكشف.. عشان خاطري..
سكتت ندى و هي تشعر بالعجز لتتدخل تيسير
يابنتي احنا خايفين عليكي و عايزينك تكوني كويسة... و بعدين عايزة أدهم ييجي يلاقيكي تعبانة كدا و يتهمنا بالتقصير!
ردت ندى باصرار
أنا حاسة اني بكرة هكون كويسة ان شاء الله.. بس سيبوني دلوقتي مش قادره اتحرك من مكاني.
تنهدت ريم باحباط ثم قالت باصرار
طالما انتي مش عايزة تقومي تكشفي يبقى تسمعي كلامي و نشوف لو اتحسنتي تمام.. لو لا قدر الله فضلتي تعبانة يبقى هنكشف يعني هنكشف يا ندى.
أومأت ندى بقلة حيلة ثم نهضت معها بصعوبة الى المرحاض لتستحم لعلها تستعيد بعضا من نشاطها ثم طلبت لها ريم مجموعة من أدوية البرد و المسكنات لترى اذا ما ستتحسن بهذه الأدوية أم لا....
في اليوم التالي دلفت ريم الى غرفة ندى لتتفقد حالتها لتجدها نائمة تتنفس بصعوبة و وجهها محمر للغاية من شدة الحرارة فتحسست جبينها لتجده ملتهبا بحرارة بالغة الأمر الذي أصابها بالفزع و نادت أمها على الفور لتساعدها في تبديل ملابسها ثم أسندتها مع وفاء الخادمة لتأخذها بسيارة أجرة الى أقرب مشفى خاص لسكنهم بالتجمع الخامس...
ماما خليكي في البيت عشان أدهم لو رجع و احنا برة ميقلقش...
طيب طمنيني يا ريم كل شوية بالتليفون..
حاضر يا ماما ربنا يستر..
انطلقت السيارة الى المشفى فورا و بقيت تيسير بالمنزل تدور به ذهابا و ايابا من شدة القلق...
في تلك الأثناء تماما كان أدهم يضب أغراضه بحقائبه و هو يدندن بسعادة استعدادا لعودته الى حبيبته التي ټحرق شوقا اليها يصبر نفسه بقرب لقائها و حينها لن يضيع لحظة واحدة ليعترف بعشقه لها حتى يجعلها تندمج مع جسده كعطره.
كان آسر أيضا يضب أغراضه و يراقبه و هو يضحك على أدهم الجديد الذي يراه لأول مرة و لكنه تمنى له السعادة على أية حال وألا يصيبه من الحب ما أصابه.
قاربت الساعة على الثانية بعد الظهر و لم تعد ريم و ندى حتى الآن و كان أدهم قد اتصل بوالدته أخبرها بقرب وصوله و لكنها لم تخبره لألا ينزعج و يقلق في طريق العودة.
بعد نصف ساعة وصل أدهم ليلقي بحقائبه و يرتمي بأحضان والدته و هي تشدد من احتضانه من شدة اشتياقها البالغ و تتمتم بسعادة
الحمدلله يا حبيبي انك رجعت بالسلامة...متعرفش انا كنت قلقانة عليك قد ايه يابني.. الحمد الله.. الحمد لله يا حبيبي..
طال العناق لدقيقة او دقيقتان ثم ابتعد عنها قليلا و هو يبحث بيعينيه عنها في أرجاء الشقة ليتسائل بنفاذ صبر
أومال ندى و ريم فين
لم تكد ترد عليه والدته حتى انفتح الباب لتطل عليهما ريم مرتدية كمامة و تسند ندى التي كانت أيضا ترتدي كمامة و بيدها كانيولا صفراء بلاصق طبي فاتسعت عيني أدهم پصدمة و ركض اليها ناسيا غيابه عنهم و هو يتمتم بقلق بالغ
مالك يا ندى ايه اللي حصل..
قبل أن يصل اليها أسرعت بايقاقه باشارة من يدها و هي تصرخ باعياء
متقربش خليك عندك..
وقف يناظرها باستنكار فأسرعت ريم موضحة
ندى اتشخصت اشتباه كورونا يا أدهم و الدكتور قال لازم تتعزل في قوضة لواحدها لمدة اسبوعين على الأقل و محدش يختلط بيها عشان ميتعديش منها.. و لازم كلنا نلبس كمامات.
وقع قلبه بين قدميه ليسألها بقلق شديد
ازاي!.. و الكورونا هتجيلها منين!
ردت ريم بجدية
الكورونا موجودة يا أدهم مانتهتش... و فعلا اليومين دول بيدخلنا المستشفى حالات اشتباه كتير... بس متقلقش الكورونا معدتش خطېرة زي الأول..
طاب دخلي ندى قوضتها الأول عشان ترتاح و بعدين نبقى نتكلم.
أسندتها ريم حتى دلفت غرفتها فارتدى أدهم كمامة على عجالة ثم لحق بهما و أجلس ندى على حافة الفراش و أسندها جالسا بجوارها حتى استخرجت لها ريم بيچامة بأكمام طويلة ثم قالت
ألبسها ولا تلبسها انت!
نظر لندى بتردد فوجدها تطقطق رأسها بخجل ثم رفعت رأسها لتلتقط الملابس من ريم و هي تقول بتعب
اخرجو انتو و انا هغير هدومي لوحدي... انا بقيت كويسه..
غمز أدهم بعينه لريم لكي تخرج و بالفعل خرجت بهدوء دون أن تتفوه معها بشئ و بمجرد أن انغلق الباب قالت ندى بنبرة شبه باكية
حمد الله على سلامتك يا أدهم.. مكانش نفسي ترجع تلاقيني كدا بس الحمد لله على كل شئ.
اقترب منها قليلا فابتعدت بمجرد أن لمس فخذه فخذها ثم قالت برجاء
عشان خاطري خليك بعيد أنا خاېفة عليك.
رد بحدة طفيفة
ما أنا لابس الكمامة اهو يا ندى.. مټخافيش بقى.. و بعدين هتفضلي قاعدة بهدومك دي لحد امتى!
ما أنا مستنياك تخرج و بعدين هغير.
لم يكترث لكلامها و انما اقترب مجددا حتى التصق بها ثم قام مباشرة بفك الكمامة تحت مقاومتها و اعتراضها و لكنه قبض على كفها بقوة ليوقفها حتى استكانت و استسلمت حين لمست اصراره و عدم تراجعه.
قام بفك حجابها بالكامل و فك أيضا عقدة شعرها و نزع دبابيس غرتها لتنسدل الغرة على جبينها و ينسدل شعرها حول وجهها فتسارعت دقات قلبه شوقا لوجهها الجميل الذي أطفأ ضيه المړض فأخذ يخلل أصابعه بين خصلات شعرها تارة و تارة أخرى يزيح الغرة جانبا لكي تتضح له عينيها الناعستين من أثر المړض و هو يتأملها بشغف بالغ و كأنه غاب عنها لسنوات يلعن ذلك الحظ الذي سيحرمه منها و سيفسد كل مخططاته التي كان ينوي تحقيقها فور عودته سالما اليها.
كانت تنظر اليه بعينين مسبلتين بتيه و تبتلع ريقها بصعوبة من فرط توترها من حركاته الرومانسية المٹيرة فقط لو كانت سليمة لما ترددت في تقبيله الآن و الاستلقاء بين أحضانه الدافئة.
تنهد بثقل و هو يحاول السيطرة على ثورة مشاعره تجاهها فرأسه تنجذب للغاية نحو رأسها يريد تقبيلها و أخذها بين أحضانه لربما يقل اشتياقه لها و لو قليلا... فيعود و يلعن ذلك المړض الذي حال بينهما في وقت قاټل..
وحشتيني أوي...اليوم كان بيعدي عليا كأنه سنة بالذات و أنا مكنتش عارف أكلمك ولا أطمن عليكي.
ردت بصوت متعب
و انت كمان وحشتني و كنت بستنى تكلمني بفارغ الصبر و كنت بضايق اوي لما الشبكة بتفصل.. بس الحمد لله انك رجعت بالسلامة.
ظل يستمع اليها و هو يجاهد نفسه لألا يتجرأ و يعترف
متابعة القراءة