رواية مهمة زواج (الجزء الرابع من الفصول) بقلم دعاء فؤاد
المحتويات
مقدمة رأسها ثم نظر اليها بحزن و هو يقول
مش عارف اذا كنت هعرف اكلمك في التليفون ولا لأ.. لأن الشبكة هناك سيئة و الاتصالات صعبة.. مش عايزك تقلقي و ماما و اخواتي متعودين على كدا و عارفين الكلام دا... خلي بالك من نفسك.. أشوف وشك بخير..
اغرورقت عيناها بالدموع و لكنه لم يستطع أن يصمد واقفا أمامها أكثر من ذلك فحتما ان بقي ثانية اضافية فلن يستطيع تركها بالمرة فذهب من أمامها ليحمل حقيبته على ظهره و يجر الأخرى بيده ثم سار مباشرة الى الباب دون أن يلتفت لها.
يعلم جيدا أنه تأخر و لكنه استصعب تركها و كأنها كانت غائبة عنه لسنوات حتى أتته طرقات عالية متتالية على الباب و ريم تصيح بصوت عال
أدهم العربية مستنياك من بدري و بټضرب كلاكسات بقالها ساعة لما الجيران كلها صحيت.
هتوحشيني..
قالها برقة متناهية أجفلت منها لترد عليه بنفس النبرة
و انت كمان..
قام بتوديع أخته و أمه ثم هبط الى أسفل المنزل ليجد السيارة الخاصة بالعمل تنتظره..
فتح الباب الخلفي ليتفاجئ بآسر يجلس بالخلف فصاح به بحدة
ألقى حقيبته بوجه صديقه ليلتقطها قبل أن ترتطم برأسه ثم ركب بجواره و هو يقول
انت ايه اللي جايبك!
اللي جابك هو اللي جابني... اطلع يابني..
انطلقت السيارة في طريقها الى خارج حدود القاهرة ليسترسل أدهم ببرود
هما عاملين تمويه ولا ايه... محدش بلغني انك معايا في الانتداب..
ولا انا و حياتك.. انا لسة عارف الصبح انك معايا.. بس مال شكلك ع الصبح!
نظر له نظرة مطولة و لسان حاله يقول
الله يكون في عونك يا آسر... بجد عذرتك.. فراق الحبيب صعب أوي.
ايه يابني بتبصلي كدا ليه!.. هو انا لحقت اوحشك.
ابتسم نصف ابتسامه و هو يقول بمزاح
انت علطول واحشني..
أعاد رأسه الى الخلف ثم استرسل و هو مغمض العينين
بقولك ايه.. نقطني بسكاتك بقى عشان عايز أكمل نوم لحد ما نوصل.
فعل آسر كما فعل صديقه ثم قال
و الله يكون احسن.
فعم عليهما صمتا قاټلا و كلا منهما هائما في عالمه أدهم يفكر في حياته الجديدة و مشاعره الدخيلة التي يختبرها لأول مرة مع ندى... و آسر شاردا في حبيبته الراحلة و ذكرياته الجميلة معها و كيف سيكمل حياته بدونها......
رواية مهمة زواج.
بقلم دعاء فؤاد.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحلقة العشرون
مهمة زواج
انتهى معتصم لتوه من أحد جلسات الصلح بين عائلتين متخاصمتين ثم خرج من المضيفة بعدما انفضت الجلسة قاصدا مجلس أمه المعتاد بالدوار..
انحنى يقبل ظهر يدها ثم جلس بجوارها متنهدا بتعب فربتت أمه على فخذه باشفاق
تعبت يا ولدي اني خابرة.. ربنا يچعله في ميزان حسناتك يا حبة جلبي.
ابتسم بحب و هو يقول
اللهم آمين.. ايوة اكده اني ماريدش غير دعوتك الزينة و رضاكي عليا يا امايا..
راضية عليك يا وليدي و دعيالك من كل جلبي.
قبل يدها مرة أخرى ثم أجلى حنجرته ليقول بتردد
أني يا مايا كنت ناوي أتحدت امعاكي ف موضوع اكده مخابرش هيفرحك ولا...
جول يا ولدي و الله بدي افرح..
ابتلع ريقه بصعوبة ثم قال
أني طلبت الضاكتورة ريم للچواز جبلقبل ما تعاود لمصر.
سكتت پصدمة لبرهة تحاول استيعاب ما تفوه به ولدها البكري ثم أطرقت رأسها بحزن لتقول بملامح متجهمة
عتلهيك المصراوية عنيننا كيف ما اتلهيت اف شركتك اللي اف مصر و بجينا نشوفك كيف الرحالة.
رد عليها بلهفة
لاه يا امايا لا عشت ولا كنت...ان حوصل نصيب و اتچوزتها مش هبعد عنيكي واصل.. هنعيش وياكي في الدوار و هاخدها في الكام يوم اللي هشتغل فيهم في مصر.. يعني هتروح و تاچي امعايا.
نظرت له بحيرة ثم تحدثت باستنكار
يعني بنتة البلد كلاتها خلصوا يا ولدي!
شدد من قبضته على يدها و هو يقول بنبرة هائمة
هي اللي الجلب دجلها يا امايا.. هي اللي خلتني أفكر في الچواز بعد ما كنت معفكرش فيه واصل.
أخذت تهز رأسها من اليمين لليسار و هي تقول بجدية
أني خابرة ان البنتة زينة.. چمال.. و أدب..... و نسبها يشرف.... بس كان بدي نسلك يبجى صعيدي أبا عن چد كيف ما بوك الله يرحمه كان بيحلم و بيتمنى يا ولدي.... لأچل ولدك ما يبجى الكبير من بعدك.
رد عليها بجدية
و اني مناويش اخلع چلبابي الصعيدي مهما حوصل.. و كيف ما ابويا رباني راح اربي ولدي.. و وعد يامايا ولدي هيعيش و يكبر في بلدي و هيبجى كبيرها من بعدي باذن الله.
سكتت و مازالت ملامحها واجمة فهي غير قادرة على اعطائه موافقة قاطعة من قلبها لم يكن هذا ما تمنته ولا ما انتظرته منه... رغم حبها الكبير ل ريم كشخص و لكنها لم تريدها كزوجة أبدا لولدها البكري و كبير العائلة..
طول سكوتك يامايا...
ردت بحزن و هي تتحاشى النظر اليه
اعمل اللي فيه الصالح و اللي يسعدك.. اني بدي تكون مرتاح و فرحان.
حانت منه شبه ابتسامة و قام بتقبيل يدها بامتنان يعلم جيدا انها غير راضية تماما عن ذلك الأمر و لكنها ما هي الا لحظات و ستمضي... ثم ستبارك زواجه بالتأكيد..
ربنا يخليكي لينا يامايا و ما يحرمنا من حنيتك علينا واصل... أني كلمت اخوها و عزمتهم على فرح حمد لاچل ما نتعرفوا على بعض و بعدين هيبلغني جراره بعد اكده..
هزت رأسها بموافقة و هي تقول بقلة حيلة
يشرفوا يا ولدي.
قبل مقدمة رأسها و هو يقول بتوسل
ادعيلي يامايا..
نظرت له بتمعن مندهشة من قلقه خشية عدم موافقة أخيها ألهذا الحد يحبها!.. أهذا معتصم ولدها القوي الذي لا يخشى من شيئ بل يخشاه الناس!.. متى أصبح ضعيفا هكذا!.. و لكنها دعت له على أية حال
ربنا يريح جلبك يا معتصم و ينولك اللي في بالك يا ضي عيني.
احتضنها بشدة و هو يمني نفسه بأن يستجيب الله دعائها عاجلا غير آجل...
مرت عدة أيام كانت ثقيلة على المحبين... فالأيام لازالت تفرقهم و القلوب ملتاعة من بعد المسافات...
لم ينفك أدهم عن مهاتفة ندى و لكن كان الأمر صعبا للغاية... فالشبكة سيئة و حين يتمكن من الاتصال بها بالكاد يسمع منها كلمة ألو ثم ينقطع بعدها الاتصال...
ذهب الى كل مكان لعل الهاتف يلتقط الشبكة.. بعيدا في الصحراء.. أعلى مبنى العمل.. أعلى مبنى الاستراحة السكنية.. لم يترك مكان الا و ذهب له حتى كاد أن يجن و آسر يراقبه باندهاش.
مساءا دلف غرفة الاستراحة التي يتشاركها مع صديقه و هو يتأفف و يركل الباب بعصبية و الهاتف بيده فنظر له آسر باستنكار و كان حينها متمددا بالفراش ثم قال مندهشا
مالك يا أدهم بتشاكل دبان وشك ليه!
ذهب و جلس بالفراش المقابل ثم قال بانفعال و هو ينظر للهاتف
مش لاقي شبكة في اي مكان... لا عارف أكلم ماما و لا ندى و لا حتى رسايل الواتس بتوصلهم... انا قرفت..
رفع حاجبيه بتعجب و هو يبتسم نصف ابتسامه ثم سأله بتوجس
ايه الجديد!.. ما انا و انت عارفين الكلام دا كويس.. اول مرة اشوفك متعصب بسبب الشبكة في الكام مرة اللي جينا فيهم هنا..
نظر له أدهم و هو يتنهد بعمق و مازالت ملامحه عابسة فاسترسل آسر بنبرة متهكمة
الأدوار اتبدلت يا أدهم.. زمان كنت انا اللي بتعصب و بنفخ بسبب الشبكة لأني مكنتش عارف أكلم ميري و لا قادر أطمنها عليا لما بتكون قلقانة ولا عارف اكلمها لما بتوحشني... و انت كنت بتتفرج عليا و انت في منتهى البرود لدرجة اني مكنتش مصدق أبدا ان انت ممكن في يوم من الايام تحب زي ما انا حبيت..
أطرق أدهم رأسه و هو شاردا في حديث صديقه فاسترسل آسر بنفس النبرة
دلوقتي بقيت انا اللي بتفرج عليك ببرود و انت اللي شايط من الشبكة..
قالها ثم ضحك بمرارة و لكن أدهم يستمع ولا يعقب على كلامه و كأنه يتمعن به و يديره برأسه فاسترسل آسر بنبرة جادة بها لمحة من الشجن
انت وقعت في حبها يا أدهم.. اعترف لنفسك بكدا.. واضح أوي من عصبيتك قدامي دلوقتي... بس تصدق كنت فاكرك حجر و قفل زي ما محمود دايما بيقول عليك... بس شايف في عنيك حنين و رومانسية مكنتش متوقعها منك أبدا..
أخذ نفسا عميقا و زفره ببطئ ثم قال و هو ينظر أمامه في اللاشيئ
الراجل اللي مش رومانسي هو اللي قلبه مدقش لبنت... و لا عمره حب ولا عرف يعني ايه حب..عشان كدا كنتو كلكم فاكرني قفل... انما بمجرد ما القلب يدق لحبيبه بيلاقي نفسه اتحول تلقائيا لشخص تاني مع حبيبه بس.. مبيعرفش يقسى عليه لو قسي على الدنيا كلها.. الحب بيلين القلب الحجر يا آسر.. بيغير نظرة صاحبه لحاجات كتير.. أي نعم أحيانا مراية الحب عامية.. بس أحلى عمى ممكن يصيبك بالذات لو كان حبيبك يستحق.
ابتسم آسر مشدوها ناظرا اليه باندهاش ثم قال بنبرة مفتخرة
لا والله انا مش مصدق انك أدهم صاحبي..دا انت عشرة ١٢ سنة يلا.. اول مرة اشوفك بتقول حكم و أشعار يخربيتك..
ضحك أدهم بملئ فمه و هو يقول
يخربيت الحب
متابعة القراءة