رواية مهمة زواج (الجزء الثاني من الفصول) بقلم دعاء فؤاد
المحتويات
متطابقة و دا يضمن نجاح العملية ان شاء الله... و القرار دلوقتي في ايدك.. يا بناتك الاتنين يودعوك.. يا تفارق واحدة و تنقذ التانية و تطلع بخسارة واحدة بدل خسارتين.
مازال محمد في ذهوله و صډمته فأدرك رؤف تخبطه فالوضع ليس بالهين.
محمد أنا هروح أشوف حالة و هسيبك هنا تفكر براحتك... بس خليك عارف إن مفيش قدامنا وقت كتير.. و لو وافقت هتحتاج مبلغ كبير لان العملية مش هنعملها هنا.. البنات هتسافر ألمانيا في طيارة فيها اسعاف مجهز و هناك كل حاجة هتتم.. أنا كدا شرحتلك الوضع كله و انت في ايدك القرار.. عن اذنك..
أنا موافق... ابدأ في الاجراءات فورا
الټفت رؤف ليسأله بجدية
هتقدر على مصاريف السفر و العملية!
أجابه بنبرة من الضياع
هبيع كل اللي حيلتي... هبيع الفيلا و الشركة و الكام فدان اللي في البلد... معادش عندي حاجة أبكي عليها يا رؤف...مكانش عندي أغلى من بناتي.. هبقى على ايه من بعدهم..
بس الموضوع دا يفضل سر بينا... مش عايز مخلوق يعرف.. لا مودة و لا مامتها و لا حتى آسر.
اطمن يا محمد محدش هيعرف... بس العملية لو نجحت هنقولهم ايه!
هنقول عملنالها عملية قلب مفتوح..
بس مودة و الكل عارف ان العملية دي مش هتفيدها في حالتها...
يووه يا رؤف.. ساعتها هقنعها بأي حجة... أبوس ايدك أنا مش ناقص.
أومأ رؤف عدة مرات مردفا بجدية
خلاص يا محمد هتدبر ان شاء الله... أنا حالا هكلف فريق يقوم باجراءات التوافق و عمل التحاليل و الأشعة اللازمة.. و هحجز في مستشفى القلب اللي بتعامل معاها في المانيا في أقرب وقت...
و أنا هروح البنك أسحب كل الفلوس اللي في رصيدي و هحولهملك لحد ما اتصرف في بيع الحاجات اللي قولتلك عليها..
أومأ رؤف بأسى على مصاپ صديقه ثم قال
ان شاء الله كله هيبقى تمام..
نظر له باستجداء
أرجوك يا رؤف عايز أشوف بناتي قبل ما أمشي..
ربت على كتفه ليقول بمواساة
هز رأسه عدة مرات و هو يجاهد عبراته لألا تسقط مجددا... يقاوم ذلك الاڼهيار الذي يهز كيانه بضراوة متصبرا بآيات الصبر الذي يرددها في نفسه منذ تلقى صاعقة حاډث ميريهان.
في محافظة سوهاج....
شوف يا عمي ايه طلباتك و ميتى بدك نعمل الخطوبة و الفرح.
حك حمد الكبير ذقنه و السعادة تغمره بهذا النسب الثقيل ليقول بفرحة تنطق بها عينيه
خير البر عاچله يا ولدي... و احنا چاهزين ف أي وجت.. ايه رأيك الخطوبة بكرة و الفرح بعد سبوعين تلاتة اكده.
نعم!
كان ذلك رد حمد الصغير و الذي صډمه تعجل عمه بالزواج و لكن معتصم نهره بنظرة من عينيه ثم تطلع لعمه راسما على محياه بسمة مصطنعة ثم قال
اللي تشوفه يا عمي...مالوهش عاذة التأچيل كيف ما انت خابر...
أخذ حمد يناظره بنظرات حاړقة فهو لم يتوقع أن أخاه سينصاع لطلبات عمه بتلك السهولة و لكن معتصم تجاهل نظراته مسترسلا حديثه بجدية تامة
و طلباتك من حيث الشبكة و المهر يا عمي!
التمعت عيني حمد الكبير بطمع ليقول بعنجهية بعدما بلل شفتيه
شبكة بتي متجلش عن متين ألف چنيه و المهر كدهم مرتين و المؤخر مليون اچنيه.
سكت معتصم يتأمله مليا و هو يضيق عينيه بتفكير فهو يدرك جيدا أن تلك العنجهية الكاذبة و ذلك الطمع الذي يملأ عينيه ما هو إلا صنيع زوجته الجشعة و لكنه أومأ موافقا على كل حال ليقول بغموض
و ماله يا عمي... صافية تستاهل تجلها دهب.
رمقه حمد شقيقه بذهول فكيف لأخيه أن يوافق عمه على هذا الهراء و كأنه سيزوجه مارلين مورلو.
بينما معتصم نظر له بثبات و كأنه يقول له اصبر ليتحدث حمد أخيرا بنفاذ صبر و غيظ شديد
طاب مش هشوف مارلين مو...قصدي العروسة يا عمي ولا ايه!
أومأ عمه بابتسامة سمجة
حالا يا عريس بتي.... يا أم كريمة..يا ام كريمة..
هرولت اليهم زوجته سريعا فيبدو أنها كانت قريبة من مجلسهم تسترق السمع لتقول بفرحة ظاهرة
ايوة يا حاچ!
نادمي صافية لعريسها.
بعد قليل أطلت عليهم بحجاب أبيض صغير و بفستانها الشيفون البنفسجي المبطن من الداخل و لكنه يبدو مبهرجا أكثر من اللازم بسبب الفصوص التي تزينه بالأكمام و على الصدر الشيئ الذي أثار ضحكات حمد و لكنه كتمها بشق الأنفس و وقف يمد يده ليصافحها فمدتها على استحياء ثم نزعتها سريعا بمجرد أن لمسها و هي تطأطئ رأسها للأسفل بخجل بالغ فتنحنح معتصم ثم وقف ليقول
بينا يا عمي احنا نشربو الشاي بالدوار و نسيب العرسان ابراحتهم.
نهض عمه و أخذ معتصم و خرجا من المضيفة تاركين حمد و صافية مازالا واقفين.
اقعدي يا صافية.
انصاعت لأمره و جلست بأقرب أريكة فجلس حمد بجوارها تاركا بينهما مسافة جيدة و رغم ذلك ابتعدت عنه أكثر فنظر لها باستنكار و لكنها لم تبالي له و ظلت ساكنة تنظر الى الأرض و حسب
هي السجادة عاجباكي أوي كدا!
لم تفهم مقصده فرفعت رأسها تنظر له باستفهام
ها!
دقق أكثر في ملامحها عينيها نجلاوتين ذات لون أسود قاتم يعلوهما حاجبين طويلين رسمتهما رغم عدم تدخلها ټخطف الأنظار بشرتها بيضاء متخضبة بالحمرة ذقنها مقسوم بدقة الحسن انها حقا جميلة رغم بساطتها ذات ملامح مريحة و لكنها صغيرة للغاية فمن يراها لن يعطيها أكثر من خمسة عشر عاما... فملامحها تبدو كذلك.
حين أطال النظر اليها ابتسمت رغما عنها من فرط الخجل ثم أطرقت رأسها للأسفل مرة أخرى فلمح تلك الغمازة الوحيدة بخدها الأيمن و التي زادتها جاذبية تلك البسمة أطاحت بعقله و جعلته يبتسم تلقائيا...لا يدري لما يبتسم الآن بعد تلك الابتسامة الرائعة التي أظهرتها له و لكن استطاعت أن تستحوذ على إعجابه.
انتي هتفضلي باصة في الارض كدا كتير!
ردت بخفوت و هي مازالت على ذلك الوضع
و أني هبص فين يعني يا واد عمي!
بصيلي.
دق قلبها پعنف حين أمرها بذلك فذلك الوسيم كيف ستنظر له هكذا دون خجل.
بصيلي يا صافية... مش حرام على فكرة.
بالكاد استطاعت أن ترفع رأسها لتلتقي عينيها النجلاوتين بعينيه المصوبة بهما تماما يتأملها بشغف أكثر من ذي قبل فازداد خجلها و لكنها تلك المرة أخفضت جفنيها تخفي بهما خجل عينيها و ما زالت رأسها مستقيمة ناحيته و كأنها تستجديه أن يرحم خجلها.
اتسعت ابتسامته أكثر مستمتعا بتلك الربكة التي أصابتها بسببه ثم قال باعجاب
انتي طلعتي حلوة أوي يا صافية و أنا شكلي كدا هحبك.
احمرت وجنتيها و أشاحت وجهها بعيدا عنه لتقول بحنق
اتحشم يا واد عمي..
علت ضحكته أكثر الأمر الذي أثار غيظها البالغ فرمقته بتقطيبة ثم قالت
شايفني أراچوز إياك!
سكت عن ضحكه ليقول بجدية ممزوجه ببسمته
لا طبعا دا انتي ست البنات.
عادت لطأطأة رأسها مرة أخرى فسألها
طاب قوليلي طيب ايه رأيك فيا!
ردت باقتضاب
مليح.
بس كدا!
أخذت تفرك كفيها و تقول و هي تنظر لهما
يعني انت من زينة شباب البلد و أي واحدة تتمناك و... اكده.
و انتي عرفتي منين الكلام دا.
أمي جالتلي اكده.
أخذ يهز رأسه بتفهم ليقول
انا عايز أسمع رأيك انتي مش رأي أمك..
ها!........مخبراش.
هز رأسه بإحباط ثم سألها مرة أخرى
طاب انتي مستعدة للجواز!
قطبت جبينها بتفكير ثم سألته بجهل
كيف يعني!
يعني مستعدة انك تكوني مسؤلة عن زوج بكل طلباته و بيت و عيلة هتعيشي في وسطها كزوجة مش طفلة... و احتمال كمان تكوني أم... فكرتي في كل دا!
انفرج ثغرها قليلا تفكر في كلماته ثم قالت بلامبالاة
إيوة...أمي جالتلي ان اني كبرت و اللي في سني معاها عيل و اتنين.
حاول قدر الامكان أن يتحلى بالصبر فهي قد استطاعت أن تستفزه لدرجة أنه يريد كسر رأسها ثم تابع أسئلته
طاب مش ناوية تكملي دراسة بعد الإعدادية!
ردت بعفوية
لاه.. أمي جالتلي كفاية عليكي الاعداديه... البنتة ملهاش الا دار چوزها.
تطلع اليها رافعا حاجبيه باستنكار... أمي قالت... أمي قالت... و ماذا عنها هي!
زفر أنفاسه بضيق فقد ضاق ذرعا باجابتها الغير واعية و أدرك حقيقة كونها مازالت طفلة في شكلها و عقلها أيضا.
أخذ يتمتم بصوت خفيض
الله يسامحك يا معتصم انت و عمي.. هو أنا لسة هربي من اول و جديد.
طاب يا صافية عايزة تعرفي حاجة عني أو تسأليني أي سؤال!
سكتت لبرهة ثم هزت رأسها بنفي
لاه.
لوى شفتيه لجانب فمه باحباط بالغ فهو لم يتوقع أبدا أن تكون أول مقابلة له مع شريكة عمره على هذه الشاكلة المملة و لا أن تكون إجابتها بهذا الغباء و تلك اللامبالاة و كأنها ستذهب معه في نزهة... كيف لا يثير فضولها... كيف لا تهتم بما يفضله و ما لا يفضله.. كيف لا تستفسر عن خططه المستقبلية...ما هذا الهراء!.. حقا بدأ يفقد عقله...في بادئ الأمر أثارت اعحابه و استحسن التأمل في وجهها الجميل و لكنه الآن لا يطيق النظر اليها... فقد استطاعت بغبائها أن تبني بينهما جدارا منيعا حجب عنه ما رآه فيها من حسن الخلقة.
مش مسامحك يا معتصم... مش مسامحك ع اللي بتعمله فيا... بقى دي اخرتها... اتجوز واحدة جاهلة متعرفش أي حاجة في الدنيا... واحدة ماشية بدماغ أمها ولاغية دماغها دي خالص... ايه دا!.. هو في كدا يا أخي.!
كان ذلك صياح حمد أثناء عودته لمنزلهما بسيارة شقيقه و كان معتصم يستمع اليه و هو ظاهريا يركز على الطريق و انما داخليا كان حزينا لحظ أخيه التعيس فهو أيضا لم يتمنى أبدا له عروس ك صافية تلك الفتاة ناقصة العقل فلا تمتلك النضج الكافي لمجاراته و لا الحنكة في الحديث و لا لأي مقوم يجعلها تستحق حمد البدري...هذا الشاب ذو العقل الذهبي الذي يسبق في ذكاء تفكيره و حكمته من هم أكبر منه بكثير انه يراه أفضل حتى من ذاته رغم تلك الهيبة التي
متابعة القراءة