رواية في ظلمة بيجاد بقلم ميادة مأمون

موقع أيام نيوز

الفصل الأول
كان يجلس في غرفة مكتبه المظلم بالكامل داخل فيلا والده القديمة و التي اقام بها منذ خروجه من الملجأ حتي الآن.. 
يتذكر تلك الأيام البائسه منذ ۏفاة والده. 
تدور الاحداث في قريه من قري محافظة الشرقية
في زمن التسعينات. 
دق جرس الفيلا من الخارج و هو يجلس أمام والدته تلك المرأه الحنون الجميلة التي تداري جمالها بأرتداء الاسود حدادا علي مۏت زوجها و هي تطعم صغيرها ذو الثلاث أعوام. 

كان عمره هو لا يتجاوز العاشرة لتنظر اليه بحب و تهتف
قوم يا بيجاد شوف مين اللي جايلنا الساعه دي
ترك الصغير لعبته من يده و هتف. 
حاضر يا ماما
جري الصغير علي هذا الباب الحديدي ذو الخلفية الزجاجية و تشبث في مقبضة ليفتحه و يري وجه من يقبض القلب بهيبته القويه
يرتد الصغير للخلف و هو يقف امامه لا يعلم لماذا يبغضه هكذا. 
لتهتف والدته من مكانها. 
مين يا بيجاد 
رمقه الصغير بنظرة غاضبه ثم الټفت الي والدته. 
دا عمي مهران يا ماما. 
ليدير وجهه اليه مرة اخري و يقول بضجر. 
جاي ليه يا عمي 
رمقه العم مهران بنظرة مشتعله تبث في قلب اي طفل الخۏف لكن هذا الشبل الصغير لا. 
اخرس ياض حد بردو يسأل السؤال ده لعمه و هو جاي يزوره. 
بادله نظرته بأخرى مشمئزة و صاح بصوت طفولي مغلفا ببعض الخشونة. 
عشان انت رجلك خدت علي البيت عندنا قوي قبل ابويا ما ېموت مكناش بنشوفك اصلا. 
صفعه قوية تلقاها الصغير علي وجنته و هو يصيح بصوته الجهور. 
اما صحيح انك عيل قليل الادب فاكر ان عشان ابوك ماټ خلاص مش هيبقي ليكم حد يحكمكم
علي العموم الكلام ده هايخليني اتأكد زيادة من اللي هاعمله 
جميله جميله انتي فين.
كانت تحمل صغيرها و تقف عند باب الغرفة تري ابنها و هو يتلقي تلك الصفعه و لا تقوي ان ترده عنه او تقف أمامه. 
نعم تبغضه لكنها تهابه و ترتعب حين تستمع الي صوته. 
انا هنا يا حج مهران اتفضل
اتفضل ايه بقي بعد اللي قاله ابنك قليل التربيه ده
ليقف الصغير من علي الارض و بعين جامحه كعيون شبل صغير تبدلت بالحقد و الڠضب بدلا من الدموع و صړخ فيه
انت بتضربني ليه انت مش ليك ضړب عليا
نشلته والدته من امامه قبل ان يلقي الصفعه الثانيه
عيب يا بيجاد اتأسف لعمك و اطلع علي اوضتك يلا
لاء يا ماما انا مش غلطت عشان اتأسف
تعالي يا جميله انا عايز اتكلم معاكي شويه و سيبك من لعب العيال ده
حاضر اتفضل يا حج. 
جلس علي الاريكه بكل هيبته و جلست هي و مازلت تحمل صغيرها بين ذراعيها و وقف هذا العنيد يستمع لما يقوله لوالدته 
ها ناويه علي ايه يا جميله
مش فاهمه قصدك يا حج مهران 
قصدي ناويه علي ايه في اللي جاي هاتعملي ايه في حياتك و انتي بقيتي ارمله و في رقبتك عيلين صغار
هاعيش ليهم يا حج هاربيهم و اكبرهم و لحد عودهم ما يشتد و يبقو عوض لأبوهم
الكلام ده لا يودي و لا يجيب ولادك لسه صغيرين و لسه العمر قصادهم ياما و انتي 
مره حلوه و لسه صغيرة مش هاتترهبني عليهم يعني
لاء هاترهبن عليهم و ليه لاء مراد ماكنش اي حد بالنسبة لي عشان انساه و اروح اتجوز غيره
بلاش كلام فارغ مراد ماټ بقاله ٤ شهور دلوقتي و عدتك خلصت خلاص 
حضري نفسك ليوم الخميس عشان هاكتب عليكي مانا مش هاسمح لراجل غريب انه يدخل بيت اخويا و يستباح حرمة بيته و يحط يده علي فلوسه و ارضه كمان
لكن انا رافضة و
عمري ما هاتجوز حد تاني بعد مراد
يبقي تسيبي البيت و الولدين و ترجعي بيت أهلك في مصر و اوعي تفكري في يوم تيجي تسألي عليهم او علي ورثهم انتي سامعه
لكن ده ظلم يا حج مهران حرام عليك
اللي عندي قولته و قدامك الحلين دول يا تحضري نفسك للجواز يا تسيبي الولد و تمشي. 
قال كلامه و هو خارج من عندها و بيجاد يرمقه بكل كره. 
ضمت الصغير داخل ذراعيها جيدا و هي تزرف الدمع و تهمس پخوف. 
منك لله يا ظالم يا مفتري عايز تغصبني علي الجواز منك يا تحرمني من ولادي و تقولي حلين
وقف امامها و بدء يمسح دموعها بيديه الصغيرة. 
مش ټعيطي يا ماما قولي ليه لاء انتي خاېفه منه مش تخافي و انا كل ما يجي هنا هازعق معاه جامد و مش هاخليه يجي هنا تاني. 
مش هاتقدر يا حبيبي دا بيهددني بيكو عايز يحرمني منكم انتو كمان يا بيجاد. 
خلاص بقي انا هاروح القسم و هاقول للظابط انه هو اللي اتسبب في مۏت ابويا. 
اوعي تعمل كده انت لسه صغير مش فاهم حاجه
لاء انا مش صغير قولتلك انا شوفته وهو بيقطع سلك من العربية قبل ما بابا يركبها عشان يسافر 
و لما قولتله بتعمل كده ليه قالي انه بيصلحها و بعد ما بابا ركبها و مشي بيها عمل الحاډثه علي الطريق يبقي قټله ولا لاء يا ماما 
انا هاروح للظابط وأقوله مش هاخاف من مهران تاني زي يوم العزي هاخليهم يمسكوه و يحبسوه
صړخت الام المكلوبه و امسكت بطفلها الباكي من اجل والده وضمته اليها مع اخيه پخوف عليهم. 
اسكت يا بيجاد اوعي تقول الكلام ده تاني انا مش مستعده اخسرك انت كمان. 
يعني هاتجوزيه يا ماما 
ايوه يا بيجاد عشان خاطركم انتو هاتجوز عشان أحافظ ليكم علي مالكم هاتجوزه. 
عشان ابعد شيطانه عنكم هاستحمل كل حاجه و اتجوزه. 
وصل مهران الي فيلته و التي تكمن بداخلها زوجته و ابنتها الوحيده
و دلف اليها بهيأته الغاضبه كلما يراها يزكرها بألامها و انها أصبحت بالنسبة له بدون فائده بعد ان فقدت رحمها اثر هذا الڼزيف بعد ولادتها مباشرة. 
حمدلله علي السلامه يا حج مهران احضرلك العشي يا خويا. 
هتف بسخريه
لاء ياختي مش هاكل
طب مش عايزني اعملك حاجه
وانا هاعوز منك ايه يا امينه انتي بقيتي ست في البطاقه بس خلاص مافيش منك منفعه. 
جلست تبكي و تنتحب مثل كل يوم و لم يهتم هو بها كالعاده و لكنه القي علي مسامعها تلك الجمله التي كانت تخشاها منذ ولادتها و هو يصعد الدرج
اعملي حسابك اني هاتجوز جميلة ارملة اخويا مراد يوم الخميس الجاي
وقفت صاړخه غير متوقعه هل وافقت جميله و لماذا بتلك السرعه 
هاتتجوز عليا و مين سلفتي يا مهران
وقف پغضب و الټفت اليها و هو بالأعلي
ايوه هاتجوزها عليكي حقي يا شيخه و لا انتي مش واخده بالك انك بقالك سبع سنين من يوم ما خلفتي البت و انتي مش عارفه تديني حقوقي 
و جميله ارملة اخويا اصغر منك و احلي منك و فوق ده و ده جابتله بدل الولد اتنين و انتي حتي الخلفه الوحيده اللي جبتيها كانت بت. 
هو يعني كان بخطړي اجيب البت و لاحتى اشيل الرحم ده قدر ربنا نصيبنا هاتعترض علي حكمته كمان. 
حاشا لله انا مش باعترض عليه بس كمان ده حقي اللي ربنا شرع بيه هاتعترضي انتي عليه
حسبي الله و نعم الوكيل فيك يا شيخ انا هاروح عند اهلي واخليهم يطلقوني منك
في ستين داهيه بس عشان
تبقي عارفه هاتخرجي من هنا بطولك بتك جميله اللي هاتربيها ومالكيش عندي حاجه
وارضي اللي اخدتها مني هاخلي ابويا و اخواتي يقفولك و ياخدوها منك. 
سريعا ما كان يقف امامها ويده تنزل بكل قوتها علي وجنتها لتسقط امامه. 
يبقي بتحفري قپرك وقبرهم بأيدك يا أمينه اقصري الشړ يا بت الناس وعيشي زي اي ست في ظروفك ما هي عايشه ماتخليش لغة الډم تدخل بينا. 
عايز تقتلني زي ما قټلت اخوك يا مهران
لمعت عينه بمكر و انحني عليها و هو يجذبها من شعرها
وهادفنك جانبه كمان لو لسانك نطق بالكلام ده تاني سمعاني يا بت العمده الله في سماه لو جبتي السيره دي علي لسانك مره تانيه. 
كل هذا الحديث كان امام تلك الطفله الصغيرة ذات السبعة اعوام. 
والتي استيقظت من نومها عند سماعها صړاخ والدتها فجرت خارج غرفتها منفزعه
ولكنها وقفت اعلي الدرج تستمع الي ما يحدث بينهم وهي تري ابيها وهو يضرب امها كالعاده
تم كل شئ كما يريد في هدوء تام لقد عقد قرانه عليها دون ان يلقي منها اي رفض
وانتقلت جميلة بأبنائها الي فيلته
نعم قرر ان يجمع الدرتان في بيت واحد ولا تقوي واحده منهم علي التصدي له
وحين رأتها امامها جلست بكل حسرة وبجانبها ابنتها تنظر اليها دون ان تتحدث
ولكن الأخري قررت ان تزيح من بينهم اي شئ يعكر صداقتهم. 
امينه
التفتت اليها تقيم اياها من اخمص اصبعها الي رأسها. 
الف مبروك يا عروسه بس مش كنتي قلعتي الاسود ده و خليتي الشايب اللي بره جابلك فستان فرح. 
ليكي حق تزعلي مني بس انتي عارفه كويس اني ماكنتش أقدر أرفض. 
ليه يا جميلة ماسك عليكي ذلة ولا بيهددك
و الله يا اختي هددني انه هايخد مني ولادي وورثهم من ابوهم ويخليني ارجع لأهلي من غيرهم
هههههه و هو انتي فاكره انه مش هايخد ورثهم تبقي عبيطة اوي. 
قصدك ايه لاء مش هيقدر انا الوصيه عليهم و هو مش هيقدر يحط ايده علي حاجه
كان غيرك اشطر هيفضل يدحلب ليكي لحد ما تمضيله علي كل حاجه و اللي مش هايطوله بالرضا هيبقي بالڠصب زي ما عمل و بيعمل معايا لحد دلوقتي. 
نظرت الي طفليها و انحنت اليهم و بالأخص ذلك العنيد الذي ينتبه جيدا الي كل كلمه تقولها زوجة عمه
بيجاد يلا يا حبيبي خد زياد اخوك وفرح بنت عمك وأطلعو العبو شويه فوق. 
بنظرة قاتمه نظر اليها واومئ لها برأسه في هدوء
امسك اخيه بيد وابتسم الي صغيرته لتمسك باليد الاخري ثم صعد بهم الي الأعلى. 
ثم جلست بجوارها تحثها علي التكلم وهمست 
قصدك ايه يا امينه 
قصدي انك جنيتي علي نفسك يا سلفتي لو كنتي جيتي وقولتيلي غرضه من الاول كنت ساعدتك ووقفت معاكي انا وعيلتي كلها ضده لكن انتي خبيتي عليا فاكره انك هاتفوزي اشربي بقي بالهنا والشفا. 
والله ابدا دا هو اللي فاجئني بقراره ده من يومين بس وحتي مش اداني حق الرفض. 
يبقي تخلي بالك كويس من مال عيالك لأن مهران اكيد مش هايتجوزك علي جمالك بس واي حاجه بأسمك انتي هايحاول انه ياخدها منك
انا مافيش بأسمي غير دار الايتام اللي طلبت من مراد الله يرحمه يبنيهالي و المشغل اللي بنات البلد بيشتغلو فيه. 
لاه دول مش هايبصلهم اوي يا جميله لكن هايبص للحاجات التانيه. 
قصدك الارض و مزرعة المواشي و المصنع! 
بالظبط. 
لكن الحاجات دي ورث عيالي و هو مالوش فيهم حاجه. 
طلاما رضيتي بيه يبقي هايحط ايده علي كل حاجه.
حرصي منه وماتديلوش امان لو خاېفة على حاجة ولادك.
يلا
بقي يا بيجاد تعالي عشان نلعب
سوي.
الټفت اليها وهو يقف
 

تم نسخ الرابط