رواية خيوط العنكبوت كاملة بقلم فاطمة الألفي
المحتويات
والزائرين لحي خان الخليلي يتداخل مع ملابس مزركشة رصها أصحاب الحوانيت الدكاكين كنوع من العرض والإغراء والجذب على واجهة المحلات وتتدلى مئات وربما آلاف المسابح داخل فترينات العرض أو في أيدى صبية صغار يعرضون أنواعا شتى من المسابح بعضها مصنوع من بذر الزيتون والبلاستيك وتسمى نور الصباح وبعضها الآخر ينتمي لفصيلة الفيروز والمرجان والكهرمان واليسر ومنها مايصنع من خشب الصندل ويقول أحد الصناع المهرة إن المسبحة تصنع على آلة يدوية صغيرة ودقيقة اسمها المخرطة.
وأهم مايلفت النظر في مشغولات خان الخليلي هو دقة الصناعة اليدوية هناك محلات تعرض قلادة أو أسورة عليها نقوشات ومنمنمات قضى في نقشها صانع ماهر أياما وربما شهور. والذهب هو الذهب مهما مر الزمان أو تغيرت الأوطان والسياح الأجانب يحرصون على شراء المشغولات الفضية لكن السياح العرب يحبون الذهب وقد زحفت محلات من شارع الصاغة الشهير إلى خان الخليلي بحثا عن زبون رفيع الذوق يقدر ما بين يديه من نفائس
تبسم له ألبرت وشكره بأمتنان
اقترب منه الرجل الثاني وجلس على نفس الطاولة التي يجلس عليها ألبرت وقال هامسا بودية
نورت مصر يا خواجة
مد يده يصافحه وقال بلباقة
ألبرت أرثر
صافحه الآخر بمحبة وقال
عبدالله السعدني ثم أشار بكف يده لمحل سكنه ودكانه الذي يبتاع به السلع الغذائية وأخبره أيضا بأنه يمتلك شقة في الطابق الأرضي فارغة أذا أراد أن يستأجرها تلك المدة التي سيقضيها بالمحروسة واستحسنت الفكرة ألبرت وشكره بأمتنان على مساعدته وأصطحبه عبدالله وسار جانبه يأخذه المسكن خاصته ويعطيه الشقه ولم يعترض ألبرت الأمر وجدها فرصة مناسبة للقضاء أكثر فترة ممكنة داخل الخان ريثما ينهي العمل الذي جاء من أجله..
الاناس المتواجدين على مقاعدهم الخشبية كل منها سارح في ملكوته منهم من يحتشي الشاي وبعضهم يلعبون الدومنة وأخرين يلعبون الشطرنج أما على الجانب الاخر يجلس مجموعة من الشباب المثقف مرتدين حلتهم ويضعون الطربوش الأحمر أعلى رؤسهم في مرحلة البكالوريا وشاب منهم يمسك بالجريدة يتحدث عن أخبار الملك فؤاد الأول وحاشيته وانه سوف يقام حفل في قصر عابدين بسبب عيد مولد ولي العهد الامير فاروق الأول.
وفي هذا الاثناء جاءت أحداهما تتبخطر في خطواتها بملابسها المزركشه الكاشفة عن ذراعيها وتضع الملاءة اللف السوداء لتواري جسدها الغض وكلما تحركت كشفت عن ساقيها الجميلتين المرمريتين ملفوفة القوام مرتدي شبشب بكعب عالي باللون الأسود وعليه من كل جانب وردة والخلخال يرن ويصدح صوته كلما سارت خطوة مما جعل العيون تترصد لها وتطالعها پشهوة ورغبة
في ألتهامها.
هتف شابا ينفث في دخان شيشته الارجلة وهو جالسا على المقعد الخشبي داخل المقهى
مافيش نهارك سعيد ولا انا هواء يا ست الحسن والجمال
دارت وجهها ثم رمقته بنظرة شامخة وقالت بلامبالاة وهي تلوي ثغرها الرقيق أسفل اليشمك التي تضعه على وجهها يا سم
عاد يهتف ببسمة طفيفة وهو يهندم من شاربه الرفيع
أموت أنا في الثمنة البلدي
اكملت خطواتها المتهادئة لتصل إلى صانع النحاس وقالت بصوت هادئ
نهارك سعيد يا معلم
رفع الرجل أنظاره عن عمله الذي كان يدقنه بصبر وتفاني ورد باسما
نهارك سعيد يا ست الكل أومريني
ما يؤمرش عليك عدو خلصت الصينية النحاس اللي قولتلك عليها
من بدري يا ست الكل
أخرجت دلاية النقود من داخل صدرها وهي تقول
وهتاخد عليها كام بقى يا معلم
مليمين النقود في تلك الفترة
وضعت بكفه مليما واحدا وقالت بفصال
هو مليم واحد مافيش غيرة
تبسم لها في ود ثم قربه من شفتاه يقبله وهو يقول
من يد ما نعدمها يا ست الكل و عبقال المرة الجاية..
عادت تسير في هوداء لتطالع فتوة الخان شاب اسمراني بجسد ضخم البنية وعريض المنكبين يرتدي جلباب بنية ويحمل النبوة بيدة ويلف العمامة السوداء أعلى رأسه بعيون حادة كالصقر نظر خلسة لمن يتطلع لمحبوبته ملكيته الخاصة فمن يجرؤ على النظر إليها والجميع في حي الخان يعلم بأنها تخصه وحده رفع النبوة وأسقطه بكل قوته أعلى الطاولة التي يجلس عليها الشاب الذي يتغزل معشوقته ويتفرس ملامحها بنظراته وهتف بصوت أجش
عيونك دول هخرجهم في أيدك المرة الجاية لو رفعت
متابعة القراءة