رواية جنتي على الأرض( الفصل الأول إلى الرابع) للكاتبة Angel

موقع أيام نيوز

الفصل الاول.
 الصدمه الأولى ...هي دوما الأشد قساوه
جنه ...قبل سبع سنوات
في إحدى المستشفيات المتواضعه بمحافظة القاهره ترقد علياء الرفاعي و قد أنهكها المړض و بدل ملامحها من امرأه في منتصف الثلاثينيات مليئة بالحيويه و ذات جمال يضاهي جمال نجمات السينما إلى امرأه تبدو في الخمسينات من عمرها و قد نحل جسدها و سقط شعرها البني الجميل لكن ما زالت تحتفظ بتلك العينين الساحرتين بلون الشيوكولا أو كما اعتاد زوجها الراحل أن يصفهما كعيون غزال بري شارد.

كانت ترقد منتظره مجيء ابنتها الحبيبه جنه جنتها الصغيره فوجودها يخفف عنها قليلا من ذلك الملل القاټل على مدار ساعتين و هو مقدار طول جلسة العلاج الكيميائي .
و لكن هذه الجلسه مختلفه عن غيرها فالجلسات الماضيه كان لديها أمل كبير بأن تشفى و تسترد عافيتها أما اليوم و بعد أن أخبرها الطبيب بنتائج الأشعه و التي أظهرت أن المړض تقدم جدا و لم تفلح جلسات العلاج الكيميائي في دحر المړض عن جسدها الشاب.
لذا فاليوم ستخبرابنتها بالحقيقه فلا داعي للتسويف أكثر من ذلك ... جففت دموعها فالحزن ليس له مكان الآن عليها أن تكون قويه من أجل مستقبل جنه فاليوم أيضا ستخبرها بقرارها الذي اتخذته لتضمن لجنه عيشه كريمه بعد ۏفاتها.
فوالدها ټوفي قبل حتى أن يرى ابنته لتعيش يتميه الأب كما عاش والدها يتنقل من منزل لأخر بين أقاربه .. ذائقا مرارة اليتم.
حسنا.. جنتها ستحظي بالبيت الذي تستحقه و هذا ما فعلته.
يأتي صوت جنه من بعيد ليقطع عليها حبل أفكارها ها هي جنتها ذات الثلاثة عشر ربيعا تركض في الرواق باتجاه غرفتها و حالما دلفت جنه داخل الغرفه جلست على المقعد بجوار سريرها لټنفجر في بكاء شديد.
قالت علياء بحزم جنه .. احنا اتفقنا على ايه .. مش عايزه اشوفك بټعيطي .
قالت جنه بصوت حزين سماح ياماما .. خلاص هتسافر الاسبوع الجاي .. مبقاليش حد فالدنيا غيرك يا ماما
سألت علياء باستغراب هتسافر فين و ليه 
ردت جنه بأسى ما هو ده اللي هيقهرني مش عايزه تقولي هتسافر فين و لا ايه السبب سماح اللي لو كحت لازم تقولي ..دي مش بتخبي عني فتفوته بقى لما تسافر مش عايزاني اعرف ليه.
قالت علياء محاولة التخفيف عن ابنتها اهدي يا جنه مش يمكن أهلها محرجين عليها متجبش سيره لحد.
قالت جنه بس أنا مش أي حد و ياما حكتلي عن أهلها و ياما اشتكتلي منهم ..اشمعنى دلوقتي.
تنهدت علياء و قالت و الله مش عارفه أقلك ايه... يمكن ده مقلب من اللي بتعملهم معاكي.
قالت جنه نافيه لا يا ماما مستحيل..دي اتغيرت خالص.. عندك انهارده جيت أسألها هتسافر امتى عشان اجي اودعها قامت اتعصبت عليا و قالتلي ملكيش دعوه.
قالت علياء بعد تفكير ايه رأيك ابقى اكلم مامتها و أفهم ايه أصل الموضوع ده
و قبل أن تنهي حديثها انهالت عليها جنه بالقبلات و الشكر قائلة متشكره اوي ياماما... ميرسي يا أحن أم فالكون.. ربنا ما يحرمني منك و على فكره انا انهارده عملالك أكله من كتر طعامتها هتاكلي صوابعك وراها...اكله تقيله هتاكليها من هنا و مش هتقدري تتحركي من مكانك.
ابتسمت علياء و ربتت على يد أبنتها ..طفلتها الناضجه..فعقلها أكبر من عمرها بسنوات فقد كانت تعرف تماما ما ترمي إليها ابنتها بحديثها عن تلك الاكله فمنذ بدء العلاج الكيميائي فقدت شهيتها تماما و إن غالبت نفسها لتأكل شيئا ينتهي بها المطاف مهرولة إلى دورة المياه لتستفرغ ما أكلته مما جعل جسدها هزيلا جدا.
عادت الابتسامه لشفتي ابنتها و فكرت ربما الوقت ليس مناسب لاخبارها بحالتها الصحيه المتدهوره خاصة بعد رؤيتها لتكدرها بسبب صديقتها سماح ربما ستتخبرها فقط بقرارها العوده للعيش في بيت والدها حسين الرفاعي فقد حادثته الليله الماضيه و أخبرته عن حالتها الصحيه و كما كانت تأمل رق قلب والدها و أخبرها بأنه ينتظر قدومها هي و صغيرتها للعيش في بيته من جديد.
تنهدت علياء و عادت لتصغي إلى ثرثرة ابنتها.
قالت جنه بحماسها الطفولي أنا جبت معايا الكتاب اللي قولتي لازم اقراه .. كتاب لا تحزن ..بقالي اسبوعين مستنيه عشان استعيره مالمكتبه.
قالت علياء مبتسمه طب يلا اقريلي شويه منه.
قالت جنه حاضر يا ماما.
جلست علياء مع ابنتها بعد عودتهن من المشفى لتخبرها عن انتقالهم للعيش في بيت جدها أخبرتها عن سبب القطيعه الذي دام لأكثر من خمسة عشر عاما فوالدها حسين الرفاعي ذو الغنى و الصيت كان معارضا لزواجها من والد جنه و كأي فتاه لم تكمل العشرين من عمرها رضخت لرغبة والدها التي أدت الى ارتباطها بابن شريكه في العمل و الذي أجبرها على ترك دراستها و لم يعترض والدها و للأسف زيجه كما بدأت بالمصالح انتهت أيضا بسبب تلك المصالح بعد خلاف والدها مع والد زوجها قام زوجها بتطليقها و الهجره للخارج حارما إياها من ابنها الذي لم يكمل ثلاث سنوات من عمره... و كم عانت من قسۏة والدها فما زالت تتذكر كلامته المعتاده كلما طالبته بأن يفعل شيئا ما ليعيد إليها ابنها.
حسين الرفاعي ده ابنه و ملزوم منه و بعدين مين اللي هيتقدملك و إنتي مربوطه بعيل من راجل تاني أنا عايزلك جوازه تشرف و تشفي غليلي من الندل ده و أبوه.
لتعيش بعد طلاقها في بيت يخلو من المشاعر فلا أحد يفهمها أو يشعر بحالها.. فزوجة أبيها لا تهمها سوى مصلحة ابنها.. وأخاها قد شرب من والدته كرهها و الحقد عليها دون أن تفهم سببا لذلك.
و في ذلك الوقت عاد والد جنه ليتقدم بطلب يدها من والدها و كما كانت علياء تتوقع رفض والدها مرة أخرى ... و كانت تلك نقطة التحول في حياة علياء فلقد خالفت رأي والدها و تزوجت بوالد جنه دون موافقته على هذا الزواج ..زواج أدى إلى تبرئه منها و قطيعه دامت سنوات ..سنوات حاولت إعادة الوصل بينهما لتلقى مع كل محاولة فشل ذريع إلى أن يأست .. و لكن الله استجاب لدعائها الليله الماضيه عندما حادثت والدها و أخبرته بمرضها...رق قلبه ..لذا عليها انتهاز هذه الفرصه بأسرع وقت.
قالت علياء بتصميم احنا لازم بكره نكون عند جدك فالبيت .
قالت جنه بفتور كده بسرعه و مدرستي و مذاكرتي و سماح ياماما أنا لسه معرفتش هتسافر فين.
قالت علياء جنه حبيبتي إنتي متعرفيش جدك و لا اللي حواليه..أنا خاېفه حد يأثر عليه تاني و يقسي قلبه عليا لكن لما يشوفك أنا متأكده إن قلبه عمره ما يقسى عليكي...عارفه لما حكتله عنك بكى يا جنه عارفه يعني ايه حسين الرفاعي يعيط ..عايز يشوفك ياجنه.. ضروري بكره نكون هناك.
سألت جنه طب و سماح.
قالت علياء مطمئنة ابنتها هاكلم والدتها بكره من بيت جدك متقلقيش احنا مش رايحين حته مقطوعه يلا يا حبيبتي احنا دلوقتي لازم نوضب حاجتنا و الأشياءالمهمه.
و مع إشراقة صباح اليوم التالي كانت علياء و ابنتها جنه على بوابة البنايه ينتظرن السائق الذي كلفه حسين الرفاعي بإحضارهما
تم نسخ الرابط